ترجمة حفصة جودة
بعد اندلاع القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، أُثيرت التساؤلات بشأن تدخل مجموعة “فاغنر”، وهي منظمة المرتزقة الروس القوية التي تنشط في السودان منذ سنوات، إليكم ما يجب معرفته عن المجموعة ودورها في السودان.
ما هي مجموعة فاغنر؟
لاقت المجموعة انتباهًا واسعًا في 2014 عندما شارك مرتزقة فاغنر في ضم روسيا لشبه جزيرة القرم والقتال في شرق أوكرانيا، يُعتقد أيضًا تورطهم في الحرب السورية ودعم القوات المسلحة الروسية التي وقفت بجانب الرئيس السوري بشار الأسد منذ 2015.
يرأس المجموعة يفغيني بريغوزين وهو سجين سابق عمل طباخًا في الكرملين، حتى حصل على لقب “طاهي بوتين”، نمت ثروته وكذلك جيشه الخاص، وسرعان ما ظهرت المجموعة في الدول الإفريقية مثل ليبيا حيث قاتلت في الحرب الأهلية دعمًا للجنرال المنشق خليفة حفتر.
ظهرت المجموعة أيضًا في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، حيث تبحث روسيا عن مصدر مضمون للموارد مثل النفط والذهب في إفريقيا، كما لعبت المجموعة دورًا علنيًا في الغزو الروسي لأوكرانيا، ويُشتبه أنها كانت تجمع الأموال لنفسها ولروسيا في أثناء عملها خارج البلاد.
إلى أي مدى تنشط فاغنر في السودان؟
بدأ انتشارها في السودان خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير الذي أُطيح به من السلطة عام 2019 في احتجاجات ضخمة بالبلاد، كان البشير قد سافر إلى روسيا – خوفًا على حكمه الهش – عام 2017 للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، وقدم إليه السودان كبوابة روسيا إلى إفريقيا مقابل الحصول على الدعم الروسي.
كان هدف مجموعة فاغنر بالأساس حماية الموارد المعدنية خاصة مصادر تعدين الذهب، والعمل كقوة داعمة لحكومة البشير بحمايتها من المعارضة الدولية
بعد فترة قصيرة من ذلك، بدأت شركة التعدين الجديدة “Meroe Gold” المملوكة لشركة “M Invest” الروسية، بجلب خبراء روس إلى السودان، ثالث أكبر دولة إفريقية منتجة للذهب.
في 2020، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على الشركتين، قائلة إن تحقيقاتها كشفت أن “M Invest” مجرد غطاء لمجموعة فاغنر.
يقول صامويل رمادي مؤلف كتاب “روسيا في إفريقيا”: “كان هدف مجموعة فاغنر بالأساس حماية الموارد المعدنية خاصة مصادر تعدين الذهب، والعمل كقوة داعمة لحكومة البشير بحمايتها من المعارضة الدولية”.
يضيف رمادي أنه في أثناء احتجاجات 2019 ضد البشير، تحولت فاغنر من جيش للحراسة إلى لاعب فعلي مباشر في محاولة قمع المظاهرات، وبعد الإطاحة بالبشير من السلطة، حاول بريغوزين الوقوف بصف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
لكن العلاقة تدهورت بعد مذبحة الخرطوم عام 2019 عندما فرّقت قوات الأمن السودانية اعتصامًا بعنف شديد، ما دفع فاغنر إلى العودة لدورها في حماية مصالحها التعدينية.
الجنرال محمد حمدان دقلو، رئيس قوات الدعم السريع شبه العسكرية
قال تقرير لـ”سي إن إن” في يوليو/تموز الماضي مستشهدًا بمصادر من مسؤولين سودانيين وبيانات رحلة جوية، إن طائرة عسكرية تهرب الذهب قامت بـ16 رحلة على الأقل من السودان إلى اللاذقية – مدينة ساحلية سورية تضم قاعدة عسكرية روسية – للمساعدة في الغزو الروسي لأوكرانيا.
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على “Meroe Gold” بعد هذا التقرير، وقال المجلس الأوروبي في بيان له: “من خلال ارتباطها بالجيش السوداني، حصلت مجموعة فاغنر على الحق في تعدين الذهب السوداني وتصديره إلى روسيا”.
لم تتوقف مصالح روسيا في السودان عند الذهب، فمن المقررة أن توقع روسيا اتفاقًا مع السوادن لبناء قاعدة عسكرية في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، وفي المقابل سترسل روسيا أسلحة ومعدات عسكرية للسودان.
فاغنر وقوات الدعم السريع
شكلت فاغنر مؤخرًا علاقة مع قوات الدعم السريع وقائدها الجنرال محمد حمدان دقلو، وقال رمادي إن هدفها الرئيسي من ذلك خلق طريق لتهريب الذهب من السوادن إلى دبي ومنه إلى روسيا لتمويل عمليات فاغنر في أوكرانيا.
في بداية 2022، بعد يوم من غزو روسيا لأوكرانيا، سافر دقلو إلى موسكو لتبدأ مرحلة جديدة من علاقة قوات الدعم السريع بمجموعة فاغنر.
يقول رمادي: “بالتأكيد لم يمنحهم الكرملين الضوء الأخضر للقيام بدور أكثر نشاطًا، والأرجح أنهم في وضع الاستعداد الآن”
- هل شاركت فاغنر في القتال بالسودان؟
ليس معروفًا حتى الآن إذا كانت فاغنر قد شاركت في القتال الحاليّ بالسودان، يقول أشوك سواين – رئيس قسم أبحاث النزاع والسلام في جامعة آبسالا في السويد – إنه يعتقد أن فاغنر متورطة بقوة في القتال الحاليّ للحفاظ على وجودها في البلاد وحماية مصالحها التجارية الضخمة.
ويضيف “ضغطت أمريكا مؤخرًا على مجلس السيادة الحاكم في السودان لإبعاد هؤلاء المرتزقة عن البلاد، لكن مجموعة فاغنر لها مصلحة كبيرة في معرفة من سيفوز في الصراع الحاليّ على السلطة”.
يرى رمادي أنهم يتخذون موقفًا دفاعيًا أكثر، وأضاف أن روسيا انضمت إلى دول أخرى مثل الصين في المطالبة بضبط النفس ووقف التصعيد.
يقول رمادي: “بالتأكيد لم يمنحهم الكرملين الضوء الأخضر للقيام بدور أكثر نشاطًا، والأرجح أنهم في وضع الاستعداد الآن”.
قالت وكالة الإعلام الروسية “RIA” التابعة للدولة إن السفارة الروسية في السودان قلقة بشأن العنف في البلاد ودعت إلى وقف إطلاق النار والتفاوض.
يقول رمادي: “من الواضح أنه إذا تطور الصراع لحرب أهلية وهُددت مصالح بريغوزين التعدينية، سنرى دورًا عسكريًا أكثر فاعلية”، ويضيف أن مجموعة فاغنر تواجه الآن معضلة بشأن إعادة توجيه قواتها بعيدًا عن الحدود السودانية مع جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تسيطر روسيا على عدة مناجم هناك.
المصدر: الجزيرة الإنجليزية