تتحرك مجموعة فاغنر بقوة لإنشاء “تحالف” من الدول المعادية للغرب في إفريقيا؛ حيث يقوم المرتزقة الروس بإثارة اضطرابات أثناء استخدام قدراتهم شبه العسكرية والمعلومات المضللة لدعم حلفاء موسكو، وفقًا لوثائق المخابرات الأمريكية السرية المسربة.
أثار التوسع السريع للنفوذ الروسي في إفريقيا قلق مسؤولي المخابرات والجيش الأمريكيين بشكل متزايد، مما دفع على مدار السنة الماضية لإيجاد طرق لضرب شبكة فاغنر من القواعد وجبهات الأعمال من خلال الغارات والعقوبات والهجمات السيبرانية، وفقًا للوثائق المسربة.
في الوقت الذي كان فيه زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين منشغلًا بالاقتتال الداخلي في الكرملين بشأن تورط المجموعة شبه العسكرية المتعمق في الحرب في أوكرانيا، يعتبر المسؤولون الأمريكيون توسع شبكة فاغنر العالمي على أنه نقطة ضعف محتملة.
اكتسبت مجموعة فاغنر موطئ قدم إستراتيجي في ثماني دول أفريقية على الأقل، من بين 13 دولة تنشط فيها
تسريبات ديسكورد
تم تسريب عشرات الوثائق السرية للغاية على الإنترنت، وكشفت معلومات حساسة موجهة إلى كبار القادة العسكريين والاستخباراتيين. وفي تحقيق حصري، استعرضت صحيفة واشنطن بوست أيضًا عشرات الوثائق السرية الإضافية، والتي لم يتم الإعلان عن معظمها.
من سرب الوثائق؟
قُبض على جاك تيكسيرا؛ العضو الشاب في الحرس الوطني الجوي لماساتشوستس، يوم الخميس في التحقيق في تسريبات لمئات الصفحات من المخابرات العسكرية السرية. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الشخص الذي سرب المعلومات شارك المستندات مع دائرة صغيرة من الأصدقاء عبر الإنترنت على منصة الدردشة ديسكورد.
ماذا تكشف الوثائق المسربة عن أوكرانيا؟
تكشف الوثائق عن مخاوف عميقة بشأن مسار الحرب وقدرة كييف على شن هجوم ناجح ضد القوات الروسية. وفقًا لتقييم وكالة استخبارات الدفاع ضمن الوثائق المسربة، “من غير المرجح إجراء مفاوضات لإنهاء الصراع خلال سنة 2023”.
ماذا تكشف الوثائق؟
تتضمن الملفات ملخصات للذكاء البشري حول المحادثات رفيعة المستوى بين قادة العالم، بالإضافة إلى معلومات حول تكنولوجيا الأقمار الصناعية المتقدمة التي تستخدمها الولايات المتحدة للتجسس. وتشمل معلومات استخباراتية عن كل من الحلفاء والخصوم، بما في ذلك إيران وكوريا الشمالية، وكذلك بريطانيا وكندا وكوريا الجنوبية و”إسرائيل”.
ماذا سيحدث الآن؟
سيكون لهذه التسريبات تداعيات بعيدة المدى على الولايات المتحدة وحلفائها. فبالإضافة إلى تحقيق وزارة العدل؛ قال مسؤولون في عدة دول إنهم يقومون بتقييم الضرر الناجم عن التسريبات.
تسرد إحدى الوثائق الموجودة في المجموعة ما يقارب عن اثني عشر خيارًا “حركيًّا” وخيارات أخرى يمكن اتباعها كجزء من “جهود تعطيل الولايات المتحدة والحلفاء المنسقة”. وتقترح الملفات تقديم معلومات الاستهداف لمساعدة القوات الأوكرانية على قتل قادة فاغنر، وتشير إلى استعداد الحلفاء الآخرين لاتخاذ إجراءات قاتلة مماثلة ضد نقاط تمركز فاغنر في إفريقيا.
ومع ذلك؛ توجد دلائل قليلة تشير إلى أن وكالة المخابرات المركزية أو البنتاغون أو الوكالات الأخرى قد تسببت في أكثر من انتكاسات بسيطة لفاغنر على مدى ست سنوات اكتسبت خلالها مجموعة المرتزقة، التي يسيطر عليها بريغوجين، حليف بوتين، موطئ قدم إستراتيجي في ثماني دول أفريقية على الأقل، من بين 13 دولة عمل فيها بريغوجين، وفقًا لإحدى الوثائق.
وتشير الضربة العسكرية المباشرة الوحيدة المذكورة في الملفات إلى “هجوم ناجح غير منسوب في ليبيا” والذي “دمر طائرة لوجستية من شركة فاغنر”. لا يوفر المستند مزيدًا من التفاصيل حول العملية أو سبب استهداف تلك الطائرة الفردية، وهي جزء من أسطول فاغنر الأكبر بكثير .
كان الهجوم الأكثر أهمية الذي شنته الولايات المتحدة على مجموعة فاغنر بالقرب من مدينة دير الزور السورية، في شباط/ فبراير 2018، عندما أسفرت الغارات الجوية الأمريكية عن مقتل عدة مئات من مقاتلي فاغنر الذين كانوا يهاجمون العشرات من جنود دلتا فورس ورينجرز والقوات الكردية بجوار مصنع للغاز.
بشكل عام؛ تُصوّر الوثائق فاغنر كقوة غير مقيدة نسبيًا في إفريقيا، مما يوسع وجودها وطموحاتها في تلك القارة حتى في الوقت الذي أصبحت فيه الحرب في أوكرانيا مشكلة طاحنة، إن لم تكن مشكلة مستهلكة بالكامل، للكرملين.
وخلصت إحدى وثائق المخابرات أنه نتيجة لذلك، من المحتمل أن يزيد بريغوجين من ترسيخ شبكته في بلدان متعددة”، و”يقوض قدرة كل دولة على قطع العلاقات مع خدماته وتعرض الدول المجاورة لأنشطته المثيرة للاضطرابات”.
في هذا السياق، أوضح أنس القماطي، مدير خلية تفكير معهد صادق الذي يتخذ طرابلس مقرًّا لها، إن صعود مجموعة فاغنر ينذر بموجة جديدة من المنافسة بين القوى العظمى في إفريقيا ومعها عودة الاستبداد.
وأضاف المصدر ذاته قائلًا: “توفر مجموعة فاغنر حلًّا لأنواع المشاكل التي يتورط فيها القادة الديكتاتوريون الأفارقة وهي مواجهة الديمقراطيين والتي تساعدهم من خلال التلاعبً بصناديق الاقتراع، أومحاربة نوع وحشي من حركات التمرد على غرار السيناريو الذي حدث في جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب ليبيا”.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه “إذا كنت تكافح لاستخراج مواردك ومعادنك من بلدك” لا يمكننا فقط تقديم تلك الخدمات إليك، ولكننا سنضع تلك الدولارات في البنك الذي تتعامل معه، ويُعزى ذلك لإشرافهم على هذه الشبكات الضخمة من الشركات الوهمية “، في إشارة إلى فاغنر.
وفقًا للتقييمات؛ لم تتسارع وتيرة العمليات التي تجريها كيانات بريغوجين في إفريقيا خلال السنة الماضي فحسب، ولكن يبدو أنها تعمل بطموح وسلطة موسعة، “وحولت نهجها من الاستفادة من الفراغات الأمنية إلى زعزعة استقرار بعض المناطق عمدًا”، وفقًا لأحد المستندات.
يظهر الوصف على شريحة عليها رموز تشير إلى أن الوثائق تم إعدادها للجنرال بالجيش الأمريكي، مارك إيه ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وكبار مستشاريه. وتلخص الحاشية السفلية “أجندة بريغوجين العدوانية”، مستشهدة بخطط لمواجهة النفوذ الأمريكي والفرنسي في بوركينا فاسو وإريتريا وغينيا ومالي ودول أخرى، بالإضافة إلى دعم فاغنر المباشر لمؤامرة انقلاب في تشاد من خلال الإشراف على تدريبات عبر الحدود لمجموعة من المتمردين.
ربما تكون فاغنر من أكثر الجهات الفاعلة المزعزعة للاستقرار التي تنخرط في الوقت الحالي في ليبيا
لطالما كانت تشاد محورًا لعمليات مكافحة التمرد الفرنسية والأمريكية ضد الجماعات الإسلامية المسلحة في منطقة الساحل، وقد أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أهميتها عندما حضر جنازة إدريس ديبي في سنة 2021.
وتشير إحدى الوثائق الموجودة في المجموعة إلى أن فرنسا “أعربت عن استعدادها لضرب فاغنر إذا دعمت المجموعة فاغنر شبه العسكرية انقلابًا في تشاد”. وتجدر الإشارة إلى أن برغوجين لم يرد على طلب للتعليق على الوثائق. في وقت سابق؛ صرح لصحيفة واشنطن بوست ردًّا على أسئلة حول تشاد أن أي تلميح إلى أن له دورًا في زعزعة استقرار الحكومة الانتقالية هناك يعد “هراءً”.
زعم بريغوجين في تعليقات على تليغرام أن عملياته في إفريقيا “نزيهة وشفافة”، ومصممة فقط من أجل “الدفاع عن الشعوب الأفريقية، بما في ذلك الشعوب التي تتعرض للاضطهاد من قبل قطاع الطرق والإرهابيين والجيران غير الموثوق بهم”.
في المقابل؛ أوضح القماطي أن تدخل مجموعة فاغنر في ليبيا تسبب في إثارة الانقسامات في البلاد وتقويض استقرارها، وأضاف قائلًا: “ربما تكون من أكثر الجهات الفاعلة المزعزعة للاستقرار التي تنخرط في الوقت الحالي في ليبيا وغالبًا ما يواصلون هذا النوع من أعمال العنف غير شديدة، لذا سواء كنت تعيش في سلام أو حرب، لن يعيش أي بلد في استقرار في ظل وجودهم”.
وتأكيدًا على إحساسه المتزايد بأهميته، عرض بريغوجين يوم الجمعة نفسه كوسيط سلام في السودان حيث دفع القتال بين الفصائل المتناحرة الدولة الواقعة في شرق إفريقيا إلى شفا حرب أهلية.
وصرّح بريغوجين في بيان نشره مكتبه الصحفي على منصة التواصل الاجتماعي؛ تليغرام: “للمساعدة في حل النزاع الحالي ومن أجل ازدهار السودان في المستقبل، أنا مستعد للتوسط في نزاع بين قائد جيش البلاد وقائد إحدى القوات شبه العسكرية الخاصة القوية”، وادعى أنه مستعد لإرسال طائرات مزودة بالإمدادات الطبية و”كل ما يحتاجه الأشخاص الذين يعيشون في محنة في الوقت الحالي”.
سيكون تقديم تدخل إنساني في صراع كان طرفًا في تأجيجه – من خلال تزويد قوات الأمن بالأسلحة وتدريبها سابقًا – متسقًا مع دليل بريغوجين الموصوف في مجموعة الوثائق.
منظمة روسية مخيفة بشكل خاص
بعد الحرب الباردة – عندما أشعل الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة حروبًا بالوكالة في إفريقيا – انسحبت روسيا من القارة، تاركة الفراغ للصين لتُرسخ بصمتها من خلال عروض البنية التحتية والقروض الرخيصة، دون التعرض للضغوط الغربية المعتادة المتعلقة بإحراز تقدم مجال حقوق الإنسان أو المؤسسات الديمقراطية.
وأعادت عودة روسيا إلى إفريقيا في السنوات الأخيرة إحياء منافسة صاخبة على النفوذ العسكري والسياسي تذكر بالتنافس الاستعماري على الموارد الأفريقية، وهي مسابقة قال مسؤول في غينيا الاستوائية إنها تشير إلى أن إفريقيا كانت مثل “فتاة جميلة” لديها”العديد من الخاطبين” بما في ذلك الولايات المتحدة، وفقًا للوثائق المُسربة.
وفي هذا السياق؛ أشارت موريثي موتيغا، مديرة البرامج الإفريقية في مجموعة الأزمات الدولية إلى أن “هناك بالتأكيد تصور في القارة أنه بعد نهاية الحرب الباردة، أصبحت الولايات المتحدة أقل اهتمامًا بالقارة، حيث اعتبرتها مكانًا يمكن أن تتدخل فيه على المستوى الإنساني، وربما تمارس بعض الضغط من أجل التحول إلى مسار ديمقراطي، ولكن لن تقوم بالفعل بالانخراط بطريقة هادفة وهذا ما فسح المجال لانخراط دول أخرى”.
وحسب ما جاء في إحدى الوثائق المسربة، تستخرج فاغنر الموارد في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا والسودان. فبالإضافة إلى كونها مصدرًا للذهب واليورانيوم والموارد الأخرى، فإن القارة هي سوق للأسلحة الروسية وتكنولوجيا الطاقة النووية والعقود الأمنية.؛ حيث استفادت روسيا من نفوذها مع القادة العسكريين السودانيين للاتفاق على استكمال قاعدة بحرية في بورتسودان بحلول نهاية سنة 2023، وفقًا للوثائق.
مع تكثيف موسكو لجهودها الدبلوماسية لمواجهة الانتقادات الموجهة لحربها ضد أوكرانيا، قام وزير الخارجية سيرغي لافروف بزيارة عدة دول أفريقية هذه السنة، بما في ذلك مالي والسودان وجنوب إفريقيا وإسواتيني وأنغولا وإريتريا، قبل انعقاد قمة بوتين في تموز/ يوليو مع القادة الأفارقة في سان بطرسبرج.
وفي كانون الثاني /يناير؛ صنفت وزارة الخارجية فاغنر كمنظمة إجرامية عابرة للحدود، مع نمط من “السلوك الإجرامي الخطير الذي يشمل المضايقات العنيفة للصحفيين وعمال الإغاثة وأفراد الأقليات ومضايقة وعرقلة وترهيب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى، فضلاً عن ارتكابها جرائم اغتصاب وقتل في مالي “.
الروس انتهازيون للغاية وسيدخلون بتكلفة منخفضة ويحاولون إثارة الأمور ومعرفة ما إذا كان بإمكانهم الاستفادة من الأوضاع وخدمة مصالحهم
وألمح مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام جيه بيرنز، إلى جهود الولايات المتحدة السرية لمكافحة عمليات فاغنر في تصريحات عامة في جامعة جورج تاون في شباط/فبراير، واصفًا مجموعة بريغوجين بأنها “منظمة روسية مخيفة بشكل خاص”. وفي الصدد ذاته؛ قال إن فاغنر “توسع نفوذها في… مالي وبوركينا فاسو وفي أماكن أخرى، وهذا تطور غير ملائم للغاية ونحن نعمل بجد لمواجهته لأنه يهدد الأفارقة في جميع أنحاء القارة”.
ويقدم بريغوجين – السجين السابق الذي صعد ليصبح أوليغارشيًّا وحليفًا وثيقًا لبوتين – الدعم الأمني والعسكري والمشورة السياسية واستطلاعات الرأي وتقنيات التلاعب السياسي للقادة الأفارقة الذين يواجهون حركات التمرد أو عدم الاستقرار، مقابل عقود الموارد في المناطق غير المستقرة للغاية لجذب الشركات الغربية الكبرى.
وفي شأن ذي صلة، قال أليكس فاينز، رئيس برنامج إفريقيا في مركز الأبحاث تشتات هاوس “الروس انتهازيون للغاية وسيدخلون بتكلفة منخفضة للغاية ويحاولون إثارة الأمور ومعرفة ما إذا كان بإمكانهم الاستفادة من الأوضاع وخدمة مصالحهم”. وأضاف قائلًا: “هناك ضرر انتهازي يؤثر على أماكن مختلفة”.
ووفقًا لوزارة الخارجية؛ ساعدت قوات فاغنر حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى في طرد المتمردين الذين كانوا يهددون العاصمة في سنة 2020، ووفرت الأمن للرئيس فوستين أرشانج تواديرا، الذي يعمل مستشاره الأمني الروسي، فيتالي بيرفيلوف، موظفًا في فاغنر. والجدير بالذكر أن كيانات بريغوجين تعد مترسخة صناعة التعدين وقطع أخشاب الغابات وغيرها من الأنشطة هناك.
وفي شأن ذي صلة؛ ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية في شباط/فبراير أن المسؤولين الأمريكيين عرضوا على تواديرا صفقة على هامش القمة الأمريكية الإفريقية في كانون الأول/ ديسمبر للانفصال عن فاغنر، مقابل الحصول على التدريب العسكري الأمريكي وزيادة المساعدات الإنسانية.
وردًّا على ذلك، اقترح برفيلوف حملة تضليل مناهضة لأمريكا في وسائل الإعلام في جمهورية إفريقيا الوسطى ووسائل التواصل الاجتماعي؛ مدعيا أن واشنطن قدمت رشوة لوزراء الحكومة وحاولت نهب الموارد المعدنية لجمهورية إفريقيا الوسطى وفقا للوثائق .
ووفقًا لبعض المحللين، استفادت روسيا من العلاقات السوفيتية السابقة مع القادة الأفارقة، لكنها استغلت أيضًا تضاؤل تدخل الولايات المتحدة في إفريقيا، لا سيما أثناء رئاسة فترة ترامب، فضلاً عن رد الفعل العنيف المناهض لفرنسا على عمليتها لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، التي تركز على مالي وبوركينا فاسو والنيجر والتي عُرفت باسم عملية برخان.
الدعاية الروسية المعادية للفرنسيين والغرب تلقى صدى لدى القادة الأفارقة، الذين سئموا من المغامرات الفاشلة لفرنسا في منطقة الساحل، وضغط القادة الغربيين عليهم بشأن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان
سحبت فرنسا قواتها من مالي في سنة2021، عندما تحركت مرتزقة فاغنر، وسحبت في كانون الأول/ ديسمبر آخر قواتها من جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث يقول بعض المحللين إن فاغنر منخرطة في الاستيلاء على الدولة. وفي شباط/فبراير، أصدرت بوركينا فاسو تعليمات تقضي بمغادرة القوات الفرنسية البلاد.
وفي سياق متصل؛ أوضح فاينز قائلًا: “لقد نجحت روسيا من خلال الشركات المتخصصة ووسائل الإعلام المزيفة في تأليب الرأي العام تجاه تدخل فرنسا في إفريقيا. على الرغم من إستراتيجيتها الدنيئة التي تنتهجها، إلا أنها تمكنت من تغيير مسار الأمور لصالحها”، وأضاف قائلًا: “تعتبر منطقة الساحل مثيرة للقلق بسبب الاضطرابات، فهي تعد النقطة الساخنة العالمية للتطرف على مستوى العالم في الوقت الحالي، وليس الشرق الأوسط. ومن الواضح أن روسيا قد رأت في ذلك فرصة لتعزيز نفوذها”.
وأكد فاينز أن الدعاية الروسية المعادية للفرنسيين والغرب تلقى صدى لدى القادة الأفارقة، الذين سئموا من المغامرات الفاشلة لفرنسا في منطقة الساحل، وضغط القادة الغربيين عليهم بشأن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقالت موتيغا “إنه بالنسبة للنخب في إفريقيا؛ يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها “ما زالت تركز على قواعد اللعب القديمة القائمة على تقديم محاضرات حول التحول الديمقراطي وإرسال المساعدات الإنسانية على الرغم من أن المؤسسات الديمقراطية في واشنطن فقدت بعض بريقها””.
وأضافت قائلة: “ربما تكون سمعة أمريكا قد تعرضت لضربة فيما يتعلق بمصداقية نظامها الديمقراطي في السنوات الأخيرة، ولكن ليس فقط بسبب ترامب، بل بسبب حالة الجمود في الكونجرس والسياسات الفوضوية وبالطبع طعن ترامب في نتائج الانتخابات”.
في المقابل؛ يقول بعض المحللين إن الاستثمار الأمريكي في إفريقيا يتضاءل مقارنة ببرنامج الصين الهائل للبنية التحتية والقروض، في حين يُنظر إلى روسيا على أنها تقدم المزيد من الخيارات للقادة الأفارقة الذين لا يريدون الانحياز إلى واشنطن أو بكين أو موسكو.
المصدر: واشنطن بوست