سيدني الهادئة تستيقظ على طلقات إيراني

B45KPJQIIAAKqfN

نقل التلفزيون الأسترالي في بث حي ومباشر – حتى لحظة إعداد هذا التقرير – احتجاز مسلحين لـ 20 رهينة في أحد مقاهي مدينة “سيدني”، أكبر مدن ولاية “نيو ساوث ويلز” الأسترالية.

بدورها قامت قوات الشرطة الأسترالية بمحاصرة المكان في “حي الأعمال” المركزي، والذي يقع فيه المقهى وعدد من البنوك الأخرى.

التلفزيون أظهر مشاهد لوحظ فيها علم أسود مرفوعًا أمام إحدى نوافذ المقهى من الداخل، عليه بعض الكتابات التي لم تكن واضحة؛ الأمر الذي أثار بعض التكهنات بأن الخاطفين على ارتباط أو متعاطفين – على أقل تقدير – مع تنظيم داعش قبل أن تكتشق الشرطة لاحقا هوية المهاجم وتعرّفه بأنه رجل دين إيراني ذو تاريخ عنيف يُدعى هارون مؤنس.

وأظهرت الصور القادمة من هناك هرب 5 من المحتجزين أمام الكاميرات وباتجاه رجال الأمن الذين يحاصرون المكان.

رئيس الوزراء الأسترالي “طوني أبوت” تحدث مباشرة للصحافة وقال: “لا نعرف حتى الآن دوافع مرتكبي الجريمة، كما لا نعرف إن كان لذلك دوافع سياسية، رغم وجود بعض المؤشرات على هذا الاحتمال بالطبع”.

وكالة روتيرز نقلت عن شرطة “نيو ساوث ويلز” أن “الشرطة تقوم بعملية في مارتن بليس المنطقة التجارية المركزية بسيدني، طُلب من الناس مغادرة المنطقة”، وقال متحدث باسم الشرطة الأسترالية، إنه لا أنباء عن وقوع مصابين حتى الآن، مشيرًا إلى أن ضباطًا متخصصين يحاولون التواصل مع من بداخل المقهى، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وقامت الشرطة بإخلاء عدد من المباني المجاورة، منها دار الأوبرا ومقر البنك المركزي، كما طالبت بمغادرة المنطقة وحذرت من الاقتراب منها.

وحسب التلفزيون الأسترالي، تم إيقاف خدمة القطارات والحافلات، وإغلاق عدد من شوارع المنطقة التي عادة ما تكون مكتظة بالسياح في مثل هذا الوقت من أعياد الميلاد.

وكانت المخاوف قد تصاعدت خلال الأشهر الماضية بسبب سفر مواطنين أستراليين للقتال في سوريا والعراق؛ مما زاد الشكوك من تأثير ذلك على الأمن الداخلي في أستراليا.

ففي 5 أغسطس الماضي أصدرت السلطات تشريعًا يقضي بمنع المواطنين من السفر للقتال مع “المجموعات الإسلامية”، وفي الـ 11 من أغسطس ظهرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعية تُظهر طفلاً صغيرًا ابن لأحد المقاتلين الأستراليين وهو يمسك رأس أحد الجنود السوريين؛ لتنشر السلطات في الـ 27 من الشهر ذاته قوات خاصة ضمن “مكافحة الإرهاب” لمنع المواطنين من السفر للقتال في سوريا والعراق.

وفي 10 سبتمبر تم مداهمة مركز إسلامي في “بريسبان”، حيث اُعتقل شخصان متهمان بالإرهاب، بينما رفعت أستراليا مستوى التهديد “الإرهابي” في الـ 12 من سبتمبر من المتوسط إلى العالي لأول مرة منذ عام 2003.

وفي الـ 18 من سبتمبر شنت أستراليا ما أسمته أكبر غارة لمكافحة الإرهاب في البلاد، إذ قال رئيس الوزراء إنها مرتبطة بمؤامرة مدبرة لقتل أفراد في أستراليا بشكل عشوائي.

وفي 23 من سبتمبر الماضي قُتل مراهق – قيل أنه مشتبه به ومعروف بالإرهاب – بالرصاص بعد أن حاول طعن ضابطين شرطة في “ملبورن”.

وأعلنت أستراليا انضمامها إلى التحالف الدولي لضرب تنظيم داعش في الـ 3 من أكتوبر، ليعلن رئيس الوزراء في الـ 8 من أكتوبر حظر الأجانب “دعاة الكراهية”.

وفي الـ 29 من أكتوبر قالت السلطات الأسترالية إنها تحاول التأكد من نبأ مقتل “محمد علي” القيادي في داعش، لتحظر أستراليا مجددًا مواطنيها من السفر إلى الرقة، معقل تنظيم داعش.

وفي رد فعل مباشر للحادثة، قال مفتي أستراليا: “إن الإسلام برئ من احتجاز رهائن مدنيين في مقهى بوسط سيدني، تحت راية إسلامية”، ووصف مرتكبي الحادث بأنهم “مجانين”.

“إبراهيم أبو محمد” المفتي العام للقارة الأسترالية، قال إن “ارتكاب جرائم بحق مدنيين، هو عمل مجرم، وغير أخلاقي، وندينه ونعتبره عملاً لا يليق بمسلم لا حضارةً ولا تاريخًا ولا خلقًا، ومن ثم نعتبره عملاً إجراميًا ضد أبرياء لا ذنب لهم”، وأضاف: “المجتمع الإسلامي كله حزين، بسبب وضع الرهائن في مقهى شوكولاتة ليندت في ساحة مارتن، بسيدني”.

وحول رفع راية سوداء تحمل الشهادتين، قال أبو محمد: “لا نعرف دوافع هذا العمل الإجرامي حتى الآن، ولماذا تستر مرتكبوه خلف راية الإسلام بعد أن اختطفوها”، مضيفًا: “رفعهم علم التوحيد، هو اختطاف جديد لعلم المسلمين جميعًا، فراية التوحيد هي ملك لكل المسلمين، وليست لهم وحدهم”.

وتابع: “لا يجوز لأحد أن يستعمل هذه الراية لإثارة قلاقل واضطرابات وجرائم تحت اسم هذا العلم، لأن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده”.

في الوقت ذاته أدان المجتمع الإسلامي في أستراليا “العنف والإرهاب” بعد واقعة احتجاز عدة رهائن تحت تهديد السلاح بمقهى “ليندت” في مدينة سيدني.

جاء ذلك في بيان وقعته أكثر من 40 من المنظمات الإسلامية الأسترالية، قيل فيه إن “المجتمع الإسلامي يشارك مواطني سيدني صدمتهم التامة ورعبهم إزاء المشاهد غير المسبوقة التي تصدر من مقهى ليندت بساحة مارتن هذا الصباح”.

وأضاف: “نحن نرفض أي محاولة لاتخاذ الحياة من أي إنسان، أو لزرع الخوف والرعب في قلوبهم، إن هذا الفعل الدنيء لا يخدم سوى في جداول أعمال أولئك الذين يسعون لتدمير النوايا الحسنة لشعب أستراليا ولمزيد من الضرر والسخرية من الدين الإسلامي والمسلمين في جميع أنحاء أستراليا”.

وقالت المنظمات إن الكتابة العربية على العلم الأسود، هي شهادة إيمان تم “اختلاسها من قبل أفراد مضللين لا يمثلون أحدًا إلا أنفسهم”، متابعين: “نحث الجميع على التزام الهدوء، حيث تواصل الشرطة والسلطات التعامل مع هذا الحادث حتى تخرج الحقائق إلى النور، ونحن نصلي من أجل التوصل إلى حل سريع لهذه الأزمة دون وقوع إصابات أو خسائر في الأرواح”.

على شبكة التواصل الاجتماعي تفاعل العالم مع حصار مقهى سيدني، فقال المتابعون على تويتر:

صورة لإحدى المحتجزات الخمسة التي استطعن الهرب، وكتب: “هذه الصور يجب أن تكون واحدة من أقوى صور العام”

يظهر في هذه التغريدة العلم الذي استخدمه المهاجمون

صور أخرى للموقع والهاربين

هذه ليس (هجوماً) دينياً أو عنصرياً، إنه فرد مجنون يقوم بأفعال مجنونة، لا تجمعوا الناس الطيبين بـ”حصار سيدني” السيء