ترجمة حفصة جودة
لا تخطط حكومة المملكة المتحدة حاليًّا لتوفير طرق آمنة إلى البلاد للاجئين الفارين من الصراع في السودان مثلما فعلت مع الأوكرانيين العام الماضي، كان 400 شخص قد قُتلوا منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية نتيجة التخطيط لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة.
أدى العنف إلى فرار عشرات آلاف المدنيين السودانيين خارج البلاد، حيث فرّ الكثيرون إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.
عند سؤال المتحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية عما إذا كان لديهم خطط لاستقبال اللاجئين الفارين من العنف في السودان، قال: “إننا نراقب الوضع عن كثبت لضمان قدرتنا على تقديم الاستجابة المناسبة”.
وأضاف البيان أن مخططات التوطين الحاليّة ساعدت ما يقرب من 500 ألف شخص فارين من مناطق صراع غير مستقرة منذ 2015، قادمين من سوريا وأفغانستان وأوكرانيا.
قال المتحدث أيضًا: “رغم أن طرقنا القانونية والآمنة أكثر سخاءً من أي مكان آخر، فإننا لا نستطيع أن نستقبل كل من يرغب في القدوم إلى المملكة المتحدة، ولا يمكننا توفير طريق مخصص لكل وضع، كما أن المملكة المتحدة لا تقبل طلبات اللجوء من خارج البلاد ولا توجد تأشيرات تسمح للناس بالقدوم للتقديم هنا”.
في بيان طويل أرسله مكتب وزارة الداخلية لموقع ميدل إيست آي يتجاوز 400 كلمة، لم تُذكر كلمة “السودان” ولو لمرة واحدة.
يقول محمد – طالب لجوء عمره 30 عامًا من منطقة دارفور وصل إلى المملكة المتحدة عام 2020 – إنه يأمل في أن توفر الحكومة البريطانية ملاذًا آمنًا للاجئين السودانيين، ويضيف “لا علاقة للشعب السوداني بالحرب الدائرة هناك، كل ما يحتاجونه هو مكان آمن للعيش فيه، لذا يجب أن توفر لهم الحكومة البريطانية طرقًا آمنةً”.
وصل 5467 لاجئًا سودانيًا إلى المملكة المتحدة عن طريق القوارب الصغيرة بين عامي 2018 و2022، لا يشمل ذلك الذين وصولوا إلى الشواطئ البريطانية عبر طرق أخرى غير رسمية
كان محمد قد انهار بعد أن علم بأن خالته قُتلت نتيجة القتال بالخرطوم، وصل محمد إلى المملكة المتحدة من فرنسا في شاحنة خلال محاولته للمرة الثانية بعد أن أمسكت به السلطات الفرنسية واعتقلته في أثناء المحاولة الأولى.
يحكي محمد كيف فرّ من السودان كلاجئ سياسي بعد أن هُدد بالسجن إذا لم يتعاون مع السلطات ويتجسس على النشطاء الديمقراطيين في البلاد، فرّ محمد إلى ليبيا أولًا قبل أن ينطلق في رحلته إلى أوروبا.
تقول كلير موسيلي مؤسسة “Care 4 Calais” إنه من المستحيل عمليًا وصول اللاجئين السودانيين إلى المملكة المتحدة عبر طرق آمنة، وتضيف “عملت المنظمة مع آلاف اللاجئين الذين فروا من رعب لا يمكن تخيله في السودان، كان الدعم الذي قدمه الشعب البريطاني للاجئين الأوكرانيين مذهلًا، ونود أن نرى المثل مع اللاجئين السودانيين”.
مساعدة الرعايا البريطانيين
قالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان بعد يوم من بدء العملية البريطانية لإجلاء الرعايا البريطانيين من الخرطوم: “أولويتنا الآن ودائمًا مساعدة الرعايا البريطانيين”، وعند سؤالها لماذا لا تتوافر طرق آمنة للاجئين السودانيين للوصول إلى المملكة المتحدة مثلما حدث مع الأوكرانيين العام الماضي، قالت: “الوضع مختلف تمامًا بالنسبة لأوكرانيا”.
وأضافت “إننا في مرحلة مبكرة من الوضع في السودان، والمشهد يتغير سريعًا وهناك الكثير من الأشياء المجهولة”، كانت المملكة المتحدة قد استقبلت 117 ألف لاجئ أوكراني منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
اتفق رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مع رأي برافرمان، عندما سُئل في البرلمان عن توضيح الطريق القانوني الآمن المتاح للأطفال اللاجئين الفارين من السودان، حيث قال سوناك: “أولويتنا في السودان إجلاء الدبلوماسيين البريطانيين وعائلاتهم، وأشعر بالرضا لأننا من أوائل الدول التي تتمكن من القيام بذلك”.
أضاف سوناك أن بريطانيا استقبلت نصف مليون لاجئ في السنوات الأخيرة، لكنه لم يقل شيئًا بشأن السودان.
أما وزير الهجرة روبرت جينريك فقد ربط بين الصراع في السودان وقارب صغير عبر إلى المملكة المتحدة قبل يومين، حيث قال في أثناء فعالية بمركز الفكر المحافظ “Policy Exchange”: “من المرجح في هذا الوقت أن يكون هناك آثار متعلقة بالهجرة نتيجة هذه الأزمة، وقد كان السودان دائمًا من ضمن أكثر 10 دول يعبر مواطنوها القنال في قوارب صغيرة”.
يرى جينيرك أنه على الفارين من السودان اللجوء إلى أول بلد آمن يقابلهم، ويضيف “سنفعل ما بوسعنا من خلال الميزانية التنموية وغيرها لدعم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من المنظمات التي تتعامل مع اللاجئين عند وصولهم للدول المجاورة لهم”.
ازدراء اللاجئين السودانيين
وفقًا للأرقام الرسمية للحكومة البريطانية فقد وصل 5467 لاجئًا سودانيًا إلى المملكة المتحدة عن طريق القوارب الصغيرة ما بين عامي 2018 و2022، لا يشمل ذلك الذين وصولوا إلى الشواطئ البريطانية عبر طرق أخرى غير رسمية مثل محمد.
يقول محمد: “يجب أن يكون هناك طرق آمنة لنا، عادة ما توُاجَه قضايا السودانيين بالازدراء”، مشيرًا إلى رفيقه السوري الذي تلقى الموافقة على طلب لجوئه بينما لا يزال محمد منتظرًا الرد حتى الآن.
يضيف محمد “الوضع يزداد سوءًا، فقد أصبح من الصعب الآن على السودانيين التقديم للجوء في المملكة المتحدة”.
تأتي هذه التساؤلات عن اللاجئين السودانيين في اليوم الذي يصوت فيه البرلمان البريطاني على مشروع قانون “الهجرة غير الشرعية” الذي قدمته الحكومة، الذي سيمنع أي شخص يصل البلاد عبر طرق غير شرعية من طلب اللجوء.
كانت منظمات حقوق الإنسان وهيئات المراقبة قد حذرت من خطورة هذا القانون على الأفراد المعرضين للخطر وانتهاكه للقانون الدولي.
المصدر: ميدل إيست آي