تمثل معركة الجنرالات المندلعة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان الحاليّ صداعًا مزمنًا في رأس الدولة المصرية، لما تنطوي عليه من ارتدادات قد تهدد الأمن القومي المصري من فنائه الجنوبي، الأمر الذي دفع القاهرة للانخراط مبكرًا في تلك الأزمة، إما ترقبًا لما يمكن أن تسفر عنه تلك المعركة وإما تفاعلًا مع تداعياتها على المستويات الأربع: الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتعد معضلة النزوح السوداني للأراضي المصرية، هربًا من نيران المواجهات التي لا تفرق بين عسكري ومدني، أبرز المسائل التي فرضت نفسها على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، وسط تباين في الرؤى بين مرحب بالنازحين ومعارض لهم، وسط حسابات خاصة للدولة المصرية للتعامل مع تلك الأزمة التي تحمل أكثر من بعد.
وبحسب اللوائح والقوانين المعمول بها بين الدولتين، تسمح مصر لجميع النساء والأطفال الذي تقل أعمارهم عن 16 عامًا، بجانب الرجال الذين تزيد أعمارهم على 50 عامًا، بالدخول دون تأشيرة، لكن من هم في سن الشباب (بين 17 – 49 عامًا) يحتاجون تأشيرة دخول من القنصلية المصرية في وادي حلفا قرب الحدود مع مصر.
واستقبلت مصر منذ اندلاع المعركة وحتى 27 أبريل/نيسان الحاليّ 16 ألف شخص من الأراضي السودانية، 14 ألف منهم من السودانيين و2000 شخص أجنبي من 50 دولة و6 منظمات دولية حسبما صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، فيما يتوقع عبور المزيد من الأعداد خلال الأيام القادمة.
تكدس وفوضى وتضارب في المعلومات
يومًا تلو الآخر تزداد أعداد السودانيين الفارين من ويلات صراع الجنرالات على السلطة، حيث تناقلت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية، مشاهد النزوح الجماعي لسكان العاصمة الخرطوم وأجوارها، للدول المرتبطة حدوديًا ببلادهم، وعلى رأسها مصر وتشاد وإفريقيا الوسطى.
وفي ظل حالة الانفلات الأمني التي تعاني منها بقية الدول المجاورة، كانت مصر المقصد الأكثر إقبالًا من الفارين، وهو ما تسبب في النهاية في تكدس الأعداد على الحدود مع الدولة المصرية، الأمر الذي يهدد بكارثة إنسانية محققة في ظل ندرة توافر المقومات الغذائية واستغلال تجار التأشيرات والسلع لتلك الأزمة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب النازحين ممن تركوا متاعهم وأموالهم هربًا بحياتهم وسلامتهم.
لم تتوافر المعلومات الكافية عن كواليس السماح بدخول السودانيين للأراضي المصرية، والشروط اللازمة لذلك، بجانب ندرة البيانات والتصريحات الصادرة عن الجانب المصري في هذا الشأن، مكتفية بما هو معمول به حتى اليوم بشأن الدخول للنساء والأطفال وكبار السن، ليبقى التساؤل عن مصير الشباب ممن هم في سن 16 – 50 عامًا مجهولًا، ما تسبب في بلبلة كبيرة وفوضى عارمة بين السودانيين، خاصة أن دخول النساء والأطفال والعجزة دون الشباب سيفاقم الوضع الإنساني بالنسبة للسودانيين في مصر في غياب العائل لهم.
رافق ذلك تضارب في المعلومات والأخبار الصادرة عن وسائل الإعلام المختلفة، بينما تتزايد الأعداد على المعابر الحدودية بين الدولتين ساعة تلو الأخرى، وهو ما يمكن أن يعقد المشهد إنسانيًا، ما دفع “منصة اللاجئين في مصر” (مستقلة معنية بشؤون اللاجئين) إلى مناشدة السلطات المصرية وحثها في بيان لها على موقعها الإلكتروني، للإعلان “بشكل واضح عن الإجراءات المتخذة مع الواصلين معابرها الحدودية من حاملي الجنسية السودانية وغيرها، وتوضيح الأشخاص المسموح لهم بالدخول أو العبور إلى الأراضي المصرية دون تأشيرة، والمطلوب منهم تأشيرات، وكيفية وشروط الحصول على التأشيرة”، كما ناشدت “إعلان ساعات العمل لجميع المعابر الحدودية البرية، وتوضيح مدى تمكن الأشخاص من طلب اللجوء على الجانب المصري في حالة الحاجة لذلك”.
#متداول.. ظروف صعبة يعيشها السودانيون في معبر أرقين #لا_للحرب #لازم_تقيف #السودان_يواجه_المصير #السودان #الخرطوم #sudan #Khartoum#مصر #القاهرة pic.twitter.com/XcRTCj6r4q
— Musab Elfaky مصعب الفكي (@musabalfaky) April 28, 2023
سيناريوهات
شكل الصراع الجنرالي الدائر الآن في السودان، وتبعاته العاجلة، وعلى رأسها مسألة النزوح، وما يتوقع من أعداد ربما تتجاوز الآلاف، أزمة حقيقية للقاهرة، حيث شكلت السلطات خلية أزمة مكونة من أجهزة الدولة السيادية والأمنية لمتابعة الموقف ودراسته من الجوانب كافة.
وتخيم مخاوف عدة على الجانب المصري إزاء احتمالية تدفق آلاف السودانيين، على رأسها المخاوف الأمنية المحتملة، فدخول هذا العدد من النازحين غير المعروف انتماءاتهم السياسية ولا القبلية، قد يشكل تهديدًا مباشرًا على الأمن المصري، خاصة في تلك المنطقة الحدودية الرخوة بين البلدين، مع الوضع في الاعتبار الأجندات الإقليمية والدولية التي تستهدف إثارة الفوضى في تلك المنطقة التي تضم مصر والسودان والقرن الإفريقي ودول حوض النيل.
وهنا تجد القاهرة نفسها في مأزق حقيقي، إما السماح لهؤلاء بالدخول استجابة لمواثيق القانون الدولي التي تقر بالسماح بدخول الفارين بحياتهم من البلدان التي تشهد الصراعات والنزاعات والحروب، رغم ما يمكن أن يترتب على ذلك من تهديدات أمنية، وإما رفض دخولهم والإبقاء على الوضع الحاليّ الذي يسمح بدخول النساء والأطفال وكبار السن، وهو ما يضع مصر في مرمى الانتقادات الحقوقية الدولية، فضلًا عن توتير الأجواء أكثر وأكثر مع الشعب السوداني الذي رغم أدلجته نسبيًا، فإنه ينظر لمصر على أنها امتداده الشمالي.
تسهيل تفريغ السودان من أهله وسكانه يمهد الطريق أمام الجنرالات لشن حرب مفتوحة بأريحية كاملة، دون أي اعتبارات إنسانية تتعلق بالمدنيين
مبادرات عدة طرحها سودانيون وغيرهم للتعاطي مع هذا المأزق تدور في معظمها حول تدشين منطقة عازلة آمنة على الحدود المصرية السودانية، تكون مجهزة بالخيام واحتياجات الطعام والشراب، وتحت إدارة قوات مشتركة من الأمن المصري والسوداني، وهي المبادرات التي قوبل معظمها بالرفض خشية أن تتحول تلك المخيمات إلى أمر واقع لا يمكن تغييره مستقبلًا، وهو ما ترفضه القاهرة بطبيعة الحال.
بُعد آخر تضعه مصر في الحسبان في تعاطيها مع هذا الملف، وهو البعد الاقتصادي، حيث مخاوف أن تشكل تلك الأعداد الفارة حملًا ثقيلًا على الاقتصاد المصري المتأزم بطبيعة الحال، خاصة أن معظم المسموح لهم بدخول الأراضي المصرية ليسوا من القوة العاملة (نساء وأطفال وعجزة)، وبالتالي قد يشكلون عبئًا إضافيًا على الدولة المصرية.
كما أن تسهيل تفريغ السودان من أهله وسكانه يمهد الطريق أمام الجنرالات لشن حرب مفتوحة بأريحية كاملة، دون أي اعتبارات إنسانية تتعلق بالمدنيين، وهو ما يعني إطالة أمد الحرب وتراجع فرص الحلول السلمية، وما لذلك من مخاطر جمة على الإقليم والدول الحدودية على وجه الخصوص، فالمدنيون يشكلون في الغالب ورقة ضغط قوية في مواجهة المتحاربين، وهو ما لم يكن في حال فتحت مصر وتشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان حدودهم للنازحين السودانيين.
ومن ثم تحاول السلطات المصرية دراسة الموقف من جوانبه كافة، للوقوف على جل تبعاته، ووضع السيناريوهات المختلفة لشتى الارتدادات المتوقعة، بما يحقق التوازن بين اعتبارات الأمن القومي والحالة الاقتصادية المتراجعة، والاعتبارات الإنسانية والقومية العربية والإسلامية، وهو التوازن الذي تجد القاهرة صعوبة بالغة في تحقيقه حتى الساعة.
“هؤلاء الناس أكرموني فأكرموهم من فضلكم”.. رسالة مصري عائد من #السودان يطالب المصريين بحسن استضافة أشقائهم السودانيين pic.twitter.com/4OBkkDxZFA
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) April 25, 2023
بين الترحيب والرفض
انقسام واضح في ردود الفعل المصرية إزاء فتح المعابر أمام الوفود السودانية القادمة، حيث انبرى البعض لشيطنة المسألة برمتها، بدعوى أن مصر لم تعد تتحمل المزيد من الوافدين إليها من مناطق الصراع، وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي العديد من الإحصاءات التي تشير إلى احتضان الأراضي المصرية أكثر من 16 مليون مواطن عربي (5.6 مليون سوري و2.27 مليون عراقي و4.3 مليون سوداني و3 ملايين فلسطيني)، ونسبت تلك الأرقام إلى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) وهي المعلومات التي ثبت كذبها فيما بعد، كما جاء على لسان سفير مصر في روما بسام راضي، في كلمته أمام اجتماع منظمة “الفاو” العالمية للأمم المتحدة، حين أشار إلى أن إجمالي ما تستضيفه مصر من الدول العربية نحو 6 ملايين لاجئ، وتابع “مصر تستضيفهم كضيوف ويعملون بكامل حريتهم ويتمتعون بكل الحقوق مثل المصريين”.
ويستند الرافضون للسودانيين في مصر في مواقفهم تلك إلى البعد الاقتصادي والأمني، لافتين إلى أن الحالة المعيشية لمعظم المصريين وصلت إلى مستويات متدنية، وأن المزيد من اللاجئين أو النازحين سيزيد من تأزم الوضع، هذا بجانب الادعاء بخطورة ذلك أمنيًا، لافتين إلى أن القادمين من الأراضي السودانية قد يكون بينهم منتمون لجماعات مسلحة أو تنظيمية أو مؤدلجون بأجندات إقليمية ممولة لإثارة الفوضى في مصر والسودان معًا.
السودانيون في مصر هم ابناء وطن و اهلنا و اخوتنا و كرامتهم من كرامتنا. لا تحملوهم التبعات السياسيه للاحداث الجاريه. حفظ الله السودان و شعبه. pic.twitter.com/KAPKMOlFEm
— Gouda (@Gouda16m) April 19, 2023
وفي المقابل فقد أعلن قطاع كبير من المصريين ترحيبهم الشديد بالأشقاء السودانيين في بلدهم الثاني، لافتين أن مصر أكبر من أن تلفظ طارقي أبوابها بدعوى الاقتصاد والحالة المعيشية، بل إن منهم من أعربوا عن استعدادهم لفتح منازلهم لاستضافة عائلات سودانية بأكملها من النازحين، فيما دُشنت مبادرات للتخفيف عنهم من خلال جمع تبرعات وتوفير مساكن بإيجارات مخفضة والبحث عن فرص عمل لمساعدتهم على الإقامة في مصر بكرامة وعزة.
وردًا على ادعاءات الرافضين بشأن أعداد اللاجئين وزيادة أعبائهم على الدولة المصرية، فقد أصدرت منظمة الهجرة الدولية في أغسطس/آب 2022 إحصاء لإجمالي عدد الأجانب المقيمين في مصر، حيث تبين وجود 4 ملايين سوداني و1.5 مليون سوري ومليون يمني ومثله ليبي، وتشكل تلك الجنسيات الأربعة (نحو 7.5 مليون شخص) ما يقارب 80% من إجمالي المهاجرين المقيمين في مصر، لاجئين ووافدين ومستثمرين، فيما تقسم الـ20% المتبقية على 129 دولة أخرى.
وقد عرفت المنظمة المهاجر بأنه “أي شخص يتحرك أو ينتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدًا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن الوضع القانوني للشخص؛ ما إذا كانت الحركة طوعية أو غير طوعية؛ وما هي أسباب الحركة أو وما هي مدة الإقامة”، ما يعني أن تلك الأرقام تشمل كل مسببات الإقامة في مصر وليست صفة اللجوء كما يردد البعض.
أما فيما يتعلق بتحميل هؤلاء المهاجرين لأعباء إضافية على كاهل الدولة المصرية، فقد أشارت المنظمة إلى الدور الإيجابي الملموس الذي يلعبه هؤلاء في دعم الاقتصاد المصري والإسراع من وتيرة نموه، لا سيما في السنوات الأخيرة، مستشهدة بالحالة السورية على سبيل المثال، فهناك أكثر من 30 ألف مستثمر سوري مسجل في مصر رسميًا، ولديهم استثمارات في السوق المصري تتجاوز مليار دولار.
من جانبه يرى أستاذ التاريخ المعاصر والمختص في الشأن السوداني والقيادى الناصري أحمد الصاوي، أن الأوضاع الإنسانية الصعبة الناجمة عن الحرب في السودان، فرضت مستجدات يجب التعاطي معها وفق اعتباراتها الإنسانية البحتة، مضيفًا في تصريحاته لـRT، أن هناك حالة انقسام بين من يطالب بإلغاء العمل بنظام التأشيرة الحاليّ ومن يطالب بمنع دخول السودانيين بالكلية، لافتًا إلى أنه رغم تفهمه للدوافع الاقتصادية والمخاطر الأمنية التي قد تترتب على إلغاء نظام التأشيرة المعمول به حاليًّا، يرى ضرورة “إجراء بعض التعديلات على نظام التأشيرة الحاليّ ولو بصفة مؤقتة فيسمح للذين لديهم أقارب يتمتعون بإقامة مستقرة بمصر أن يلتحقوا بأقاربهم وكذلك للذين يحملون تأشيرات دخول سابقة حتى لو لم تكن سارية وكذلك للذين أقاموا سابقًا بمصر لفترات تتجاوز العام الواحد”.
عنصرية وابتزاز.. لكن أشقاء
يقول عثمان حمدان (60 عامًا) إنه نجح في دخول الأراضي المصرية بعد أن سمحت له سلطات المعبر الحدودي قبل أسبوع دون اشتراط الحصول على تأشيرة، وذلك رفقة ابنته وولدها الذي لم يتجاوز عمره الأعوام الخمس، وكان العبور ميسرًا على حد قوله، وقوبل بترحيب من قوات الأمن الموجودة والمصريين في مدينة أسوان الملاصقة للشمال السوداني.
لكن ما إن وصل القاهرة حتى تعرض للكثير من الصعوبات التي لم يكن يتوقعها، مضيفًا في حديثه لـ”نون بوست”: “حين وصلت إلى منطقة المهندسين بالجيزة حيث يسكن أقارب لنا تعرضت بداية الأمر للعنصرية والسخرية من البعض هناك، لكن اعتدنا هذا الأمر الذي لا يعبر بطبيعة الحال عن حال الشعب المصري المحب للسودانيين في مجمله، فهي حالات فردية تتشابه كثيرًا مع تلك التي يبديها السودانيون تجاه أشقائهم المصريين على منصات السوشيال ميديا”.
وأوضح أنه فوجئ باستغلال بعض أصحاب العقارات والسماسرة للوضع الحاليّ حيث رفعوا قيمة الإيجار بشكل مبالغ فيه، فارتفع إيجار الشقة المكونة من غرفتين وصالة وحمام ومطبخ من 2500 جنيهًا إلى 5000 جنيه، وهو المبلغ الذي لم يكن بحوزته في ذلك الوقت حيث فر من بلدته بالخرطوم وهو لا يحمل في جيبه أكثر من 750 دولارًا، أنفق معظمهم في انتقالات السفر من السودان إلى مصر.
السودانيون أهلنا، ولو في بيتنا لقمة واحدة هنقسمها مع بعض لحد الأزمة ما تعدي
متركزوش مع الأصوات الموتورة اللي بتقول كلام تافه وصغير لأن زي ما هم موجودين في #مصر موجودين في #السودان، صوتهم عالي لكن أقلية، والأغلبية الساحقة في البلدين عارفين إننا شعب واحد ومع بعض على الحلوة والمرة
— تامر أبو عرب (@tamerabuarab) April 25, 2023
وفي تلك الحالة بدأ المسن السوداني في رحلة البحث عن عمل ينفق من عائده على نفسه وابنته وولدها، فيما بحثت ابنته هي الأخرى عن عمل يناسبها، وفي الغالب تنحصر أعمال النساء السودانيات والإفريقيات عمومًا في مصر بمراكز التجميل وفي المنازل حيث أعمال النظافة والطبخ، لكنه حتى الساعة لم يوفق لا هو ولا ابنته في إيجاد فرصة عمل مناسبة، فيما يتكفل بعض السودانيين المقيمين في تلك المنطقة بأعباء إقامته حتى يجد العمل المناسب.
أما المحامي السوداني خالد ميرغني (50 عامًا) والمقيم في الولايات المتحدة منذ أكثر من 15 عامًا، فيشير إلى أنه عرض وحدتين عقاريتين يمتلكهما في منطقة الهرم بالجيزة على الوافدين السودانيين، لافتًا إلى أن الكثير من أبناء السودان ممن لهم وجود قديم في مصر قدموا أوجه الدعم لإخوانهم.
وأشار في حديثه لـ”نون بوست” إلى أن أقاربه ممن وفدوا إلى القاهرة قبل عشرة أيام تقريبًا لاقوا ترحيبًا كبيرًا من المصريين، بل إن بعضهم استضافوهم لعدة أيام، وعرضوا عليهم المساعدة، منوهًا ان ذلك يعكس عمق العلاقات بين الشعبين المصري والسوداني، رغم الخلاف السياسي أحيانًا بين النظامين الذي تغذيه قوى وتيارات تتضرر من إيجابية العلاقة بينهما وتحاول دومًا بث الفرقة والشحناء عبر ملفات أكل عليها الدهر وشرب على حد قوله.
معظم الشهادات الواردة من أبناء وطنه المقيمين في مصر تشير في إجمالها إلى حسن الضيافة والكرم المصري واحتضان الدولة المصرية وشعبها لأشقائهم
وكشف ميرغني أن السودانيين لم يكونوا يومًا عالة على إخوانهم المصريين كما يحاول البعض أن يعزف ويردد على منصات التواصل الاجتماعي لتشويه صورة أبناء وطنه، منوهًا أن كثيرًا منهم لديه أعمال خاصة ويدير استثمارات كبيرة تساعد بشكل أو بآخر في إنعاش الاقتصاد المصري، موضحًا أنه من بين أكثر من 5 ملايين سوداني في مصر لا يوجد إلا 53 ألف لاجئ منهم فقط، معربًا عن أمله في أن يحذو السودانيون حذو أشقائهم السوريين الذين نجحوا في أن يكونوا رقمًا صعبًا في الاقتصاد الوطني المصري من خلال استثماراتهم الناجحة في مجال الأغذية والملابس على وجه التحديد.
كم تمنّيْت أن أكون ف #مصر لأذهب للصعيد ع الحدود أستقبل إخواننا وأهالينا السودانيين،فلطالما استقبلوا عندهم مئات الآلاف من المصريين يدرسون ويعملون ويعيشون ف كرامةبين أهليهم وإخوانهم ف #السودان،
الصعايدة الجدعان ف #أسوان عبروا عن شعب #مصر كله،
اللهم برداًوسلاماً ع السودان الحبيب
— Ayman Azzam (@AymanazzamAja) April 28, 2023
وفي ختام حديثه أكد المحامي السوداني أن معظم الشهادات الواردة من أبناء وطنه المقيمين في مصر تشير في إجمالها إلى حسن الضيافة والكرم المصري واحتضان الدولة المصرية وشعبها للأشقاء من كل الجنسيات العربية، وأن مصر من بين الدول القليلة في المنطقة التي تعامل الوافدين معاملة المواطنين، إلا في بعض الحالات الفردية التي لا يمكن التعميم عليها، وهي الموجودة في معظم البلدان، بما فيها بلدان أوروبا التي ترفع الشعارات الحقوقية ليل نهار.
وفي الأخير.. يقبع الملايين من أبناء السودان أسرى صراع الجنرالات الدامي ومآلاته الممتدة، وحسابات الأمن والاقتصاد لدول الجوار، في انتظار مصيرهم المجهول، بين نيران البقاء داخل الوطن رغم مخاطره الحتمية، ولهيب الانتهاكات والتنكيل المحتمل في الفرار بأرواحهم وحياتهم من ويلات الحرب.