جاء استشهاد الأسير والقيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، خضر عدنان، ليعكس السلوك الإسرائيلي تجاه الأسرى الإداريين في السجون بشكل خاص والأسرى بشكل عام، خصوصًا أن الشهادة جاءت بعد معركة إضراب استمرت 86 يومًا رفضت فيها مصلحة السجون الإسرائيلية الإفراج عنه.
شرع الأسير عدنان في إضرابه منذ اللحظة الأولى لاعتقاله في 5 فبراير/ شباط الماضي، عندما داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزله في مخيم جنين، حيث حاولت قوات الاحتلال إهانته أمام أبنائه التسعة (5 ذكور و4 إناث، أكبرهم 14 عامًا، وأصغرهم أقل من عامَين).
وبلغ مجموع سنوات الاعتقال للأسير البالغ من العمر 44 عامًا ما يقارب 9 سنوات، اُعتقل خلالها 12 مرة حتى استشهاده، غالبيتها بأوامر اعتقال إداري عدا عن اعتقاله لدى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة على خلفية عمله السياسي.
ورغم تقديم محامي الأسير عدنان عدة طلبات للإفراج عنه بكفالة، إلا أن جميع الطلبات كانت تقابَل بالرفض من المحاكم العسكرية الإسرائيلية دون أسباب مقنعة، فيما يبدو محاولة مسبقة لاغتياله بعد تكرار انتصاره في جميع جولات الإضراب التي خاضها.
ويعتبَر الإضراب المفتوح عن الطعام الوسيلة التي يستخدمها الأسرى عمومًا والمعتقلين إداريًّا لانتزاع حريتهم أو تحقيق بعض المطالب التي من شأنها تحسين ظروف الاعتقال، في المقابل عملَ الاحتلال على اتّباع سياسة جديدة خلال الفترة الأخيرة في التعامل مع الإضرابات.
واتخذ الاحتلال سياسة تقوم على إطالة أمد الإضراب ليصل إلى أوقات طويلة جدًّا، كما حصل مع الأسير خليل عواودة الذي أضرب لنحو 172 يومًا واستغل الاحتلال طوال المدة، ليتخذ في وقت لاحق بحقه حكمًا بالسجن تحت ذريعة تهريب هاتف محمول إلى داخل السجن.
الأسير خضر عدنان في سطور.. تاريخ من التحدي
وُلد الشهيد خضر عدنان موسى في 24 مارس/ آذار 1978 في بلدة عرابة في جنين الواقعة شمالي الضفة الغربية المحتلة، وأنهى مرحلتَي الدراسة الأساسية والثانوية العامة في مسقط رأسه عرابة، واجتاز المرحلة الثانوية بتقدير جيد جدًّا عام 1996.
خلال دراسته الجامعية التحق عدنان بجامعة بيرزيت في مدينة رام الله، وحصل عام 2001 على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية، ثم التحق ببرنامج الماجستير في تخصص الاقتصاد في الجامعة نفسها.
مبكرًا، بدأ خضر عدنان حياته السياسية منتميًا إلى حركة الجهاد الإسلامي، وكان أول اعتقال له من السلطة الفلسطينية بتهمة التحريض على رشق رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان بالحجارة لدى زيارته جامعة بيرزيت عام 1998، وأمضى في الاعتقال 10 أيام مضربًا عن الطعام.
اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي أثناء الدراسة الجامعية، وأمضى في الاعتقال الإداري 4 أشهر، ثم اُعتقل مرة أخرى لمدة عام، واُعتقل مرة أخرى لدى السلطة الفلسطينية في أكتوبر/ تشرين الأول 2010، وأمضى 12 يومًا في السجن أضرب خلالها عن الطعام.
كان أشهر اعتقال بالنسبة إلى عدنان في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2011، وهو الذي خاض فيه أشهَر وأطول إضراب فردي عن الطعام في السجون الإسرائيلية احتجاجًا على اعتقاله الإداري من دون تهمة، واستمرَّ الإضراب 65 يومًا ثم انتهى بتحقيق مطلب الإفراج عنه في 17 أبريل/ نيسان 2012.
محطات متعددة في الإضراب.. معارك ناجحة
المحطة الأولى لمعركة الأمعاء الخاوية بدأها خضر عدنان مع مجموعة من المعتقلين من قطاع غزة عام 2005، واستمرت 25 يومًا ضد عزله انفراديًّا، وكان لهم ما طلبوا حيث تمكّنوا من انتزاع عدد من المطالب في ذاك الوقت.
نهاية عام 2011 وبداية عام 2012 كانت معركته الثانية بإضرابه الشهير الذي استمرَّ 66 يومًا ضد اعتقاله الإداري، وتمكّن فيه من انتزاع قرار بالإفراج عنه بعد اعتقاله إداريًّا من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث رضخت مصلحة السجون الإسرائيلية لمطالبه آنذاك.
أما عام 2015 فكانت المحطة الثالثة بإضراب ضد الاعتقال الإداري استمرَّ 58 يومًا، وفي عام 2018 خاض إضرابًا جديدًا مدته 54 يومًا، وفي عام 2021 خاض إضرابًا استمرَّ 25 يومًا، وخرج بعدها بـ 5 أيام، وكان يخوض في الآونة الأخيرة إضرابه السادس منذ 5 فبراير/ شباط الماضي.
وباستشهاد الأسير خضر عدنان يرتفع عدد الأسرى الشهداء من الحركة الأسيرة إلى 237 شهيدًا استشهدوا نتيجة للإهمال الطبي، فيما يعتبَر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي هو الثاني الذي يستشهد نتيجة الإضراب المفتوح عن الطعام ورفضًا للاعتقال الإداري.
أخيرًا، أسفر تعنت الاحتلال عن منح الأسرى المضربين حقوقهم، عن استشهاد عدد منهم، أولهم الأسير عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد في 11 يوليو/ تموز 1970 خلال إضراب في سجن عسقلان، وتدريجيًّا تحوّل الإضراب من معارك جماعية إلى إضرابات فردية خاصة في العقدَين الأخيرَين، وكان من أشهر المضربين: خضر عدنان، محمد القيق، أيمن اطبيش، سامر العيساوي، ووصل إضراب الأخير عام 2013 إلى 265 يومًا.
تاريخ الإضراب.. إضرابات جماعية وفردية
يعود تاريخ الإضرابات إلى عقود طويلة، حيث كان من ضمنها إضرابات في عهد الانتداب البريطاني مرورًا بالإضرابات الجماعية التي خاضها الأسرى في السجون منذ عام 1969، إلى جانب معارك الإضراب الفردي التي خاضها الأسرى رفضًا للاعتقال الإداري.
وفيما يلي أبرز الإضرابات الجماعية في سجون الاحتلال الإسرائيلي:
18 فبراير/ شباط 1969: خاض أسرى سجن الرملة إضرابًا استمرَّ 11 يومًا، وبالتزامن خاض معتقلو سجن كفار يونا في اليوم ذاته إضرابًا استمرَّ 8 أيام.
28 أبريل/ نيسان 1970: خاضت أسيرات سجن نفي ترستا إضرابًا استمرَّ 9 أيام.
5 يوليو/ تموز 1970: خاض معتقلو سجن عسقلان إضرابًا استمرَّ 7 أيام، وفي اليوم السابع استشهد الأسير عبد القادر أبو الفحم، فكان أول شهداء معارك الأمعاء الخاوية.
13 سبتمبر/ أيلول 1973: خاض أسرى سجن عسقلان إضرابًا استمرَّ 22 يومًا.
11 ديسمبر/ كانون الأول 1976: تجدد إضراب عسقلان مرة أخرى واستمرَّ 45 يومًا.
24 فبراير/ شباط 1977: تجدد إضراب عسقلان بسبب تراجع إدارة السجن عن وعودها في إضراب العام السابق، واستمرَّ 20 يومًا.
14 يوليو/ تموز 1980: خاض أسرى سجن نفحة إضرابًا بتاريخ 14يوليو/ تموز، واستمرَّ 32 يومًا.
سبتمبر/ أيلول 1984: نفّذ أسرى سجن جنيد إضرابًا استمرَّ 13 يومًا ثم انضم إليه باقي الأسرى، واُعتبر نقطة تحول استراتيجية بعد انتزاع حقوق كانت شبه محرّمة مثل الراديو والتلفاز، وفيه استشهد الأسير محمود فريتخ.
25 مارس/ آذار 1987: بدأه أسرى سجن جنيد احتجاجًا على سحب عدد من الإنجازات التي تحققت في الإضراب السابق، واتّسع ليشارك فيه 3 آلاف أسير، واستمرَّ 20 يومًا.
23 يناير/ كانون الثاني 1988: أعلن الأسرى الفلسطينيون الإضراب عن الطعام، تضامنًا وتزامنًا مع إضرابات القيادة الموحدة للانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال، والتي اشتعلت في ديسمبر/ كانون الأول 1987.
23 يونيو/ حزيران 1991: خاضه أسرى سجن نفحة واستمرَّ 17 يومًا.
25 سبتمبر/ أيلول 1992: شمل الإضراب معظم السجون، وشرع فيه نحو 7 آلاف أسير واستمرَّ 18 يومًا في غالبية السجون و19 يومًا في معتقل نفحة، وفيه استشهد الأسير حسين نمر عبيدات بتاريخ 14 أكتوبر/ تشرين الأول في سجن عسقلان.
يونيو/ حزيران 1994: خاضه الأسرى في كافة السجون لـ 3 أيام إثر توقيع اتفاقية القاهرة (غزة-أريحا أولًا)، احتجاجًا على الآلية التي نُفّذ بها الشق المتعلق بالإفراج عن 5 آلاف أسير فلسطيني.
18 يونيو/ حزيران 1995: خاضته كافة السجون تحت شعار “إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات دون استثناء”، واستمرَّ 18 يومًا.
عام 1996: خاض أسرى عسقلان إضرابًا استمرَّ 18 يومًا إذ لم يتناولوا غير الماء والملح، وتوقف الإضراب بناءً على وعود من مديرية السجون بتحسين الشروط الحياتية.
5 ديسمبر/ كانون الأول 1998: خاضه جميع الأسرى إثر قيام الاحتلال بالإفراج عن 150 سجينًا جنائيًّا ضمن صفقة الإفراج التي شملت 750 أسيرًا، وفق اتفاقية واي ريفر، وعشية زيارة الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلنتون للمنطقة.
1 مايو/ أيار 2000: دخل جميع الأسرى إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على سياسة العزل، والقيود والشروط المذلة على زيارات أهالي المعتقلين الفلسطينيين، واستمرَّ نحو شهر.
26 يونيو/ حزيران 2001: خاضته الأسيرات في سجن نيفي تريستا، واستمرَّ 8 أيام.
15 أغسطس/ آب 2004: نفّذه الأسرى في كافة السجون، واستمرَّ 19 يومًا.
10 يوليو/ تموز 2006: خاضه أسرى سجن شطة، واستمرَّ 6 أيام.
18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007: إضراب الأسرى في كافة السجون والمعتقلات، واستمرَّ يومًا واحدًا.
27 سبتمبر/ أيلول 2011: خاضه أسرى الجبهة الشعبية وبعض المعزولين للمطالبة بوقف سياسة العزل الانفرادي.
17 أبريل/ نيسان 2012: بدأ تدريجيًّا حتى شارك فيه نحو 1500 أسير رفضًا لإقرار حكومة الاحتلال قانونًا سُمّي “قانون شاليط”، نسبة إلى الجندي جلعاد شاليط الذي كان مأسورًا لدى حماس بغزة، ونفّذت بموجبه مصلحة السجون الإسرائيلية سلسلة من الإجراءات العقابية بحقّ الأسرى الفلسطينيين، وفي هذا الإضراب استشهد الأسير محمد الأشقر في قمع الأسرى المضربين يوم 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2007.
24 أبريل/ نيسان 2014: بدأه نحو 120 معتقلًا فلسطينيًّا إداريًّا في سجون مجدو وعوفر والنقب، احتجاجًا على استمرار اعتقالهم الإداري دون تهمة أو محاكمة وانضمَّ إليهم لاحقًا العشرات، واستمرَّ 63 يومًا.
17 أبريل/ نيسان 2017: أُطلق عليه “إضراب الحرية والكرامة 1” للمطالبة بإنهاء سياسة العزل الانفرادي والاعتقال الإداري، وشارك فيه 1500 أسير من حركة “فتح”، واستمرَّ 40 يومًا.
8 أبريل/ نيسان 2019: خاضه جميع الأسرى، وسُمّي “إضراب الكرامة 2” للمطالب ذاتها في الإضراب السابق، وشارك فيه قرابة 150 أسيرًا على أن تدخل دفعات متتالية لاحقًا.
إضراب الأسرى فبراير/ شباط-24 آذار/ مارس 2022: بدأ الإضراب بخوض الأسرى إضرابًا عن الطعام ليوم واحد في 14 فبراير/ شباط 2022، رفضًا لتعسُّف إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بحرمانهم من زيارة الأهل لشهر كامل، ومحاولات إجراء تغيير واسع على نظام الفورة (الفسحة اليومية في ساحة داخل السجون).
إضراب الأسرى أغسطس/ آب 2022: بدأ الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي خطواتهم الاحتجاجية في شهر أغسطس/ آب 2022، بعد ما أسموه بحسب البيان الأول الصادر عن لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الوطنية الأسيرة بـ”النقض للعهود والمواثيق التي تراجعت عنها إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي، والمتمثلة بالتفاهمات التي حصلت معهم في مارس/ آذار 2022، والتي على إثرها أوقف الأسرى حراكهم الاستراتيجي آنذاك، وتقرر العودة إلى قرارها بالتنكيل بالأسرى عمومًا وبالأسرى المؤبّدين خصوصًا”.
إضراب الأسرى الإداريين في سبتمبر/ أيلول 2022: بدأ 30 أسيرًا من الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في 25 سبتمبر/ أيلول 2022 إضرابًا مفتوحًا عن الطعام رفضًا لاستمرار اعتقالهم الإداري، إذ كانوا قد وجّهوا رسالة قبل عدة أيام من شروعهم بالإضراب، أكدوا فيها أن مواجهة الاعتقال الإداري مستمرة، وأن ممارسات إدارة سجون الاحتلال “لم يعد يحكمها الهوس الأمني كمحرك فعلي لدى أجهزة الاحتلال، بل باتت انتقامًا من ماضيهم”.
إضراب بركان الحرية أو الشهادة: بدأ الإضراب الثلاثاء 21 مارس/ آذار 2023 بإعلان قادة الحركة الأسيرة في الإضراب، ممثلين بـ”لجنة الطوارئ الوطنية العليا” للحركة الأسيرة، وهم: عمار مرضي ممثلًا عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، وسلامة القطاوي ممثلًا عن حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وزيد بسيسي ممثلًا عن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ووليد حناتشة ممثلًا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ووجدي جودة ممثلًا عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وباسم خندقجي ممثلًا عن حزب الشعب؛ كما سينضم إليهم عميد الأسرى الفلسطينيين محمد الطوس “أبو شادي” المعتقل منذ العام 1985، على أن يشرع أكثر من 2000 أسير فلسطيني بالإضراب بدءًا من اليوم الأول لشهر رمضان المبارك.
أبرز الإضرابات الفردية
عام 2005: خاض القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر عدنان إضرابًا مفتوحًا عن الطعام لمدة 12 يومًا، نتيجة وضعه في عزل سجن كفار يونا، ولم يوقف إضرابه إلا بعد أن رضخت إدارة السجن لمطلبه المتمثل في نقله إلى أقسام الأسرى العادية.
21 فبراير/ شباط 2012: بعد نحو 66 يومًا، أنهى خضر عدنان إضرابًا آخر عن الطعام، عندما قررت المحكمة العليا الإسرائيلية إطلاق سراحه في أبريل/ نيسان 2012، بعد تدهور حالته الصحية.
16 فبراير/ شباط 2012: بدأت الأسيرة هناء الشلبي إضرابًا عن الطعام وعلقته في 30 مارس/ آذار 2012 مقابل الإفراج عنها إلى قطاع غزة.
1 أغسطس/ آب 2012: بدأ الأسير سامر العيساوي من القدس أطول إضراب حيث استمرَّ 227 يومًا، وعلقه في 23 أبريل/ نيسان 2013 بعد أن وافقت النيابة العسكرية الإسرائيلية على الإفراج عنه بعد 8 أشهر.
8 مايو/ أيار 2015: بدأ إضراب خضر عدنان عن الطعام لمدة 56 يومًا، ما شكّل ضغطًا على السلطات الإسرائيلية للإفراج عنه والتعهد بعدم اعتقاله إداريًّا.
4 مارس/ آذار 2022: بدأ الأسير خليل العواودة من بلدة إذنا غربي الخليل إضرابًا عن الطعام، رفضًا للاعتقال الإداري.
نهاية نيسان/ أبريل: بدأ الأسير مجد عمارنة، وهو أسير كفيف، معركة الإضراب الفردي رفضًا لاعتقاله الإداري، وهو مستمر فيه حتى الآن.