ترجمة وتحرير: نون بوست
في أحد أواخر أيام شهر رمضان خلال نيسان/ أبريل، وقبل غروب الشمس مباشرةً والإفطار، اقتحم العشرات من رجال الشرطة التونسية منزل راشد الغنوشي (81 عامًا)، زعيم أكبر حزب سياسي في البلاد، واقتادوه إلى السجن.
بعد أيام قليلة، اتُهم الغنوشي، الرئيس السابق للبرلمان ورئيس حزب حركة النهضة الإسلامي المعتدل، بالتآمر ضد أمن الدولة ليبقى رهن الاحتجاز في انتظار المحاكمة. سيطرت الأجهزة الأمنية على مقر النهضة في تونس وحظرت عقد الاجتماعات في مكاتب الحزب الأخرى، في حين اعتُقل العديد من كبار مسؤولي الحزب.
هذا الزعيم الإسلامي هو السياسي الأكثر شهرة الذي اعتقل منذ أن استوى قيس سعيّد، رئيس تونس، على السلطة سنة 2021 وبدأ تفكيك الديمقراطية الفتية في البلاد. ففي الأسابيع الأخيرة، قُبض على أكثر من عشرة سياسيين ونشطاء وقضاة ونقابيين ومحرر مستقل بارز فيما وصفته منظمة العفو الدولية بـ “مطاردة الساحرات ذات الدوافع السياسية”. ويخشى الكثير من المراقبين أن تكون هذه الخطوات بمثابة نهاية الديمقراطية في البلاد.
يقول حمزة المؤدّب، الزميل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط: “لقد مررنا بانقلاب بطيء حيث سعى سعيّد إلى تفكيك الديمقراطية على مدى السنتين الماضيتين”، مضيفًا أن “اعتقال الغنوشي دليل واضح على أننا وصلنا إلى نهاية التعدديّة السياسية”.
كانت ثورة تونس ضد النظام الدكتاتوري في سنة 2011 الشرارة التي أطلقت سلسلة من الانتفاضات الشعبية في جميع أنحاء العالم العربي. وخلال معظم العقد التالي، كان يُنظر إلى تونس على أنها مثال نادر للديمقراطية العربية؛ فرغم ما يشوبها من مشاكل معيبة إلا أنها تظل تعددية. ولكنها الآن في طريق العودة إلى الحكم الاستبدادي في عهد سعيّد، أستاذ القانون الدستوري السابق الذي فاز بالانتخابات في سنة 2019 ووعد بالقضاء على الفساد.
غالبًا ما يوصف سعيّد بأنه عنيد “ولا يؤمن بمبدأ المعاملات”، فقد صور نفسه على أنه منقذ تونس في مهمة لإنهاء الكسب غير المشروع وحماية البلاد من “مؤامرات” الأعداء في الداخل والخارج. لم يُخف الرئيس الشعبوي، الذي أوضح أنه يعتقد فقط أنه يدرك ما هو مناسب للبلاد، أبدًا ازدراءه للديمقراطية البرلمانية. لقد كان “خطابه السام”، كما وصفه أحد الدبلوماسيين، بمثابة موسيقى هادئة عندما كان يسعى لتشديد قبضته على جميع أدوات السلطة في السنتين الماضيتين.
في غضون ذلك؛ تدهور الاقتصاد في ظل قيادته وحذّر المسؤولون والمحللون الأوروبيون من انهيار وشيك، كما يتوقّع الاقتصاديون أن تتخلف تونس عن سداد ديونها، ويقول النقاد إن سعيّد يقدم خُطبًا لاذعةً ضد الفساد لكنه لا يستجيب لإستراتيجيات التعامل مع الأزمة المتفاقمة.
في نيسان/أبريل، بدا أنه يرفض شروط خطة الإنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار المقدمة من صندوق النقد الدولي التي طال انتظارها، قائلاً إن “الإملاءات من الخارج” التي من شأنها أن تزيد فقر البلاد “غير مقبولة” وأنه على التونسيين الاعتماد على أنفسهم.
في آذار/ مارس، حذّر جوزيف بوريل، رئيس الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي، من أن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا تتجه نحو انهيار اقتصادي، وهو تقييم ردده وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي أشار إلى أن الاقتصاد التونسي يخاطر “بالسقوط في هوة عميقة” دون مساعدة صندوق النقد الدولي. في الإطار ذاته؛ يقول دبلوماسيون إن الوضع يشكل تهديدًا متزايدًا للاستقرار الاجتماعي.
تثير مشاكل البلاد قلقًا متزايدًا في أوروبا ولا سيما إيطاليا، لأن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية تقع على بعد 113 كيلومترًا فقط من تونس، ويخشى زعماء القارة من تدفق المهاجرين إذا غرق الاقتصاد التونسي في أزمة أعمق. وقد أوضح دبلوماسي غربي يعمل في تونس: “إذا لم يوافقوا على خطة صندوق النقد الدولي، فأنا لا أعرف ما هو البديل؛ لقد استنفدوا بالفعل المصادر الأخرى للاقتراض، ولا توجد خطة بديلة. يمكنك أن تشعر أن البلاد تسير على صفيح ساخن ومن المتوقع اندلاع شرارة اضطرابات ستكون سببها الاقتصاد”.
بدايات واعدة
مع تعرض ليبيا لانقسامات شديدة وسقوط مصر مرة أخرى تحت سيطرة الجيش وانزلاق سوريا في حرب أهلية وحشية؛ برزت تونس باعتبارها الدولة الوحيدة التي شهدت تحولًا ديمقراطيًّا ناجحًا خلال موجة انتفاضات سنة 2011.
نجح الإسلاميون في تونس تحت حكم الغنوشي، جنبًا إلى جنب مع الجماعات العلمانية بما في ذلك نخب من النظام المخلوع في 2011، في الاتفاق على حل وسط أبقى عملية الانتقال الديمقراطي على المسار الصحيح بعد الاغتيالات السياسية والاضطرابات واسعة النطاق التي هددت بعرقلتها في سنة 2013. وحصلت مجموعات المجتمع المدني التي توسطت في الاتفاق على جائزة نوبل للسلام في سنة 2015 لما كان يُنظر إليه على أنه “صفقة تاريخية”.
لكن التقدم نحو الديمقراطية لم يكن مرفوقًا بانتعاش اقتصادي؛ فقد أعقب الاضطرابات السياسية هجمات إرهابية فتاكة بشكل متزايد كان لها تأثير شديد على السياحة في البلاد، وتسبب فيروس كورونا وغزو روسيا لأوكرانيا في تقويض الاقتصاد بشكل أكبر. وفاقمت المشاحنات السياسية وتوالي الحكومات الائتلافية الضعيفة وغير الفعالة من المشاكل. وباعتبارها المجموعة الأكبر في البرلمان لمعظم السنوات منذ 2011، تلقت النهضة النصيب الأكبر من اللوم على الاقتصاد الفاشل.
في ظل هذا المناخ؛ حقق سعيّد – الذي كان مرشحًا مستقلًا – فوزًا ساحقًا في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019. لكن بعد سنتين من ولايته؛ ووسط حالة الجمود السياسي التي تشهدها البلاد وزيادة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا، أغلق البرلمان وعلّق العمل بالدستور. وقد أعاد صياغة الدستور منذ ذلك الحين لإزالة الضوابط والتوازنات على السلطات الرئاسية وحلّ البرلمان المنتخب ديمقراطيًّا واستبدله بمجلس مختلط منتخب بموجب قواعد تهدف إلى تهميش الأحزاب السياسية وتركيز السلطة في يديه.
على مدى السنتين الماضيتين؛ غذّى خطاب سعيّد مناخا سياسيًا مشحونا بشكل متزايد، وذلك حسب جماعات حقوق الإنسان والدبلوماسيون. وتصف حواراته التي تنشر على صفحته على فيسبوك جميع المنتقدين باعتبارهم “مجرمين” و”خونة”. وقد اتهم سياسيين ونشطاء معتقلين بالإرهاب والتخطيط لاغتياله وحتى احتكار بعض المنتجات الأساسية لرفع الأسعار و”الإضرار بالشعب التونسي”/ وفي تصريحات تقشعر لها الأبدان، قال إن “التاريخ سيكشف إدانتهم أمام المحاكم”.
تقول دليلة بن مبارك، المحامية التي تمثل تسعة من المعتقلين، وهي شقيقة جوهر بن مبارك مؤسس حركة مواطنون ضد الانقلاب المعتقل بدوره، إن المحققين لم يقدموا أي دليل يدعم التهم الموجهة إلى موكليها وأنه “كان هناك فقط شهادة شاهدين مجهولين في ملفات القضية”، وأضافت “كل هذا له دوافع سياسية، فسعيّد لا يريد معارضة، وهو يعتبر نفسه نبيًا مكلفًا بإنقاذ تونس من قبضة الأحزاب والمجتمع المدني ورجال الأعمال؛ ومثل علاقة المسلمين بالله، سعيّد لا يريد أي وسطاء بينه وبين الناس”.
حاول العديد من المعتقلين تنظيم تحالف معارض لاستعادة النظام الديمقراطي؛ حيث يقول المؤدّب “كانت هناك محاولة [من قبل السياسيين المسجونين] لبناء منصة واسعة تجمع الأحزاب من النهضة إلى الجماعات اليسارية، وهي خطوة مهمة من وجهة نظر المجتمع الدولي”.
بعد يوم واحد من اعتقال الغنوشي، صرّح سعيّد للأجهزة الأمنية بأن واجبهم هو حماية الدولة من “أولئك الذين حاولوا… تفجيرها من الداخل وتحويلها إلى مجموعة مقاطعات… هذه عادتهم ولا مكان لأمثالهم في دولة يحكمها القانون”. وقد أدت تعليقاته إلى ظهور تكهنات بإمكانية حظر الحركة الإسلامية.
وصفت الولايات المتحدة اعتقال الغنوشي بأنه “تصعيد مقلق” ومخالفة لضمانات حرية التعبير التي يقرّها الدستور التونسي، كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن “قلقه الشديد”، بينما ينفي سعيّد كل الانتقادات الدولية ووصفها بأنها “تدخل خارجي صارخ”.
في الأسابيع الأخيرة، أثار سعيّد أيضًا أزمة في العلاقات مع الاتحاد الأفريقي – وهو هيئة إقليمية تنتمي إليها تونس – من خلال ادعائه بأن هناك مؤامرة لتوطين المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في البلاد من أجل “تغيير تركيبتها الديموغرافية” وعزلها عن الجزء الإسلامي والعربي من هويتها. وقد أثارت تصريحاته موجة عنف في الشوارع ضد المهاجرين الذين أُجْبِرَ الكثير منهم على ترك منازلهم ووظائفهم، كما شجعت تصريحاته مئات التونسيين على الخروج إلى الشوارع للاحتجاج.
تقول شيماء بوهلال، المعلقة السياسية والناشطة، إن “الشباب كانوا يهاجمون المهاجرين ويقولون إن الرئيس قال إنهم جاءوا لاحتلالنا، لقد وفّر خطاب سعيّد متنفسًا للعنف في وضع متوتر للغاية ولا يوجد حاليًا أي هيكل يمكن أن يسيطر على هذا الوضع. ولكن في إطار النظام الديمقراطي، كان البرلمان سيعترض”.
في ظل تفشي هذا الخطاب الخطير وتقلص الفضاء السياسي؛ تقول منظمات المجتمع المدني التي ازدهرت بعد الثورة إنها تتوقع أن تصبح الهدف التالي لغضب الرئيس.
قال رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية – وهي منظمة بحث ومناصرة – إن “حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي تزعم أنها موالية لسعيّد اتهمتهم بأنهم عملاء وخونة”، مضيفًا “نتلقى أيضًا رسائل تهديد بشكل خاص تتهمنا بخدمة أجندات خارجية. وقد ازدادت الضغوط علينا منذ أن عارضنا خطاب الرئيس في شباط/ فبراير ضد المهاجرين”.
وأفاد بن عمر أن “سعيّد أصيب بالإحباط بسبب الإقبال الضعيف للناخبين على صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية التي أجريت على جولتين في كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة 11 بالمئة، إلى جانب الأداء الضعيف للاقتصاد. لذلك كان من مصلحته تعزيز شعبيته من خلال الظهور كمنقذ من عدو جديد (المهاجرين) الذي خلقه بنفسه، من خلال التحدث عن مؤامرة تستهدف وجود التونسيين”.
التضخم ونقص الأساسيات والبطالة
مع تفاقم المشاكل الاقتصادية في تونس في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية السنة الماضية، كافحت الحكومة التونسية للعثور على عملة أجنبية لسداد قيمة الواردات المهمة مما أدى إلى نقص مستمر في السلع الأساسية مثل السكر والزيت والدقيق، وبلغت نسبة التضخم 11 بالمئة، ويبلغ معدل البطالة الرسمي 15.2 بالمئة، لكن البطالة في صفوف الشباب أعلى بكثير وتصل إلى حوالي 40 بالمئة.
يقول محللون إنه دون مساعدة صندوق النقد الدولي من المتوقع أن تواجه تونس مشاكل اقتصادية أكثر حدة، فقد حذّرت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” الاستشارية ومقرها لندن من أن قيمة الدينار التونسي يمكن أن تتراجع بنسبة 30 بالمئة مقابل اليورو بسبب تضاؤل احتياطيات النقد الأجنبي، وأضافت هذه المؤسسة في مذكرة أن “ذلك لن يؤدي إلى ارتفاع معدّل التضخم بشكل كبير ودفع الاقتصاد نحو ركود حاد فحسب، وإنما سيعزز أيضًا وجهة نظرنا طويلة الأمد بأن تونس تتجه نحو التخلّف عن سداد الديون السيادية”.
من شأن الاتفاق الذي أُبرم مع صندوق النقد الدولي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والذي لا يزال عالقًا بسبب تحفظات سعيّد على الإصلاحات المطلوبة، أن يفتح باب القروض من جهات مانحة أخرى. وقد وافقت الحكومة التونسية على برنامج يتضمن خفض الدعم وتقييد فاتورة رواتب الخدمة المدنية؛ لكن الرئيس رفض المصادقة عليه. وفي مناسبتين سابقتين في العقد الماضي، لجأت تونس إلى صندوق النقد الدولي لكنها فشلت في الالتزام بالإصلاحات المتفق عليها، فيما يشير محللون إلى أن سعيّد يخشى تنفيذ مثل هذه الإجراءات لأنها قد تزعزع استقرار حكمه وتقوّض شعبيته.
قال صندوق النقد الدولي إنه لا يزال “منخرطًا” مع تونس وأنه بمجرد “الوفاء بشروط البرنامج، سيتم تحديد تاريخ لمجلس إدارة البنك للموافقة على القرض”. من جهة أخرى؛ فإن إيطاليا أيضًا، التي شعرت حكومتها اليمينية بالقلق من تزايد عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى شواطئها على متن قوارب قادمة من تونس خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة بعشرة أضعاف، تضغط لتأمين الدعم المالي للدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني الشهر الماضي إنه سيعمل نيابة عن تونس في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كما كرر تاجاني اقتراحًا إيطاليًا سابقًا بأن يتم تسليم القرض على قسطين وألا يعتمد بشكل كامل على تنفيذ جميع الإصلاحات المتفق عليها، مضيفًا: “بالنسبة لنا، تكمن النقطة الأساسية في ضمان الاستقرار في تونس”، ولكن الاتحاد الأوروبي يُصرّ على أن دعمه لتونس مشروط بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
رئيس يتمتع بشعبية حتى الآن
أثار خطاب الرئيس المستمر عن الفساد مع انجراف تونس نحو كارثة اقتصادية قلق قادة الأعمال، حتى أولئك الذين دعموا تدخله لإنهاء التجربة الديمقراطية في سنة 2021، فقد قال أحد كبار رجال الأعمال الذي لم يرغب في الكشف عن هويته إن “تونس بحاجة إلى رؤية اقتصادية وأنا لا أرى أي رؤية”، وأضاف “نحن لسنا ضد المساءلة التي يجب أن تكون من اختصاص المحاكم. هناك العديد من الأشخاص في البلاد الذين يعملون بجد وفي إطار القانون. لسنا بحاجة لهذه الاتهامات اليومية بالفساد. يجب أن نعمل على تحسين الأجواء ونمنح الناس الثقة”.
غير أن سعيّد لا يزال يحظى بشعبية في صفوف العديد من التونسيين الذين يثقون بهالة الأستاذ ويؤيّدون تحركاته ضد الطبقة السياسية التي فقدوا ثقتهم فيها؛ حيث تشكو نزيهة الترهوني، وهي خياطة متقاعدة تعيش في حي التضامن، وهي منطقة فقيرة في تونس العاصمة، من الأسعار الباهظة للبيض واللحوم والدجاج – لكنها تقول إنها لا تزال معجبة بالرئيس بقولها “إنه شخصية بارزة، فهو منفتح ومتعلم ومُعلّم وهادئ وحكيم في كل ما يفعله؛ يكفي أنه قام بحل البرلمان، أما الذين اعتقلهم فهم يستحقون السجن وأكثر”.
وفي أحد المحلات التجارية في نفس المنطقة؛ أبلغ الموظفون عن نقص في القهوة والسكر والزيت المدعّم والسميد والحليب والأرز، لكن يبدو أن حديث الرئيس عن المؤامرات قد تسرب إلى أنصاره؛ حيث قال محمد العلو، الذي يعمل في محل بقالة، إن اختفاء بعض البضائع كان متعمدًا، ويؤكد أن “الدول الأوروبية مسؤولة عن ذلك وكذلك بعض الأحزاب السياسية التونسية لأنهم خونة”.
لكن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية؛ يقول البعض إن الدعم الشعبي قد يتحول إلى انقلاب على الرئيس قد يفرض التغيير، وكانت هناك تكهنات منذ أكثر من سنة بأن سعيّد، وهو ليس من القادة العسكريين التقليديين، قد يُجبَر على التنحي إذا تدهورت الظروف الاقتصادية إلى درجة تدفع الشعب للانتفاض ضده.
وقال المؤدّب إن “تونس تقترب من لحظة الحقيقة، فالتحالف الحاكم (المتحالف مع سعيّد) غير واضح، لكنه مدعوم من الجيش ووزارة الداخلية. وأعتقد أنهم قد دعموه لأنهم لم يروا بديلاً آخر. إنه زواج مصلحة، لكن إذا كانت البلاد على وشك الانهيار، فقد تتغير مواقفهم”.
وسواء تنحّى سعيّد أو ظل في الحكم، فإن العديد من الشباب التونسي قد حسموا أمرهم بالفعل؛ فهم يعتزمون الانضمام إلى التدفق المتزايد لأفواج المهاجرين الباحثين عن حياة جديدة في أوروبا؛ حيث يخطط محمد علي (22 سنة) الذي لا تزال أمامه سنة واحدة للحصول على شهادة في تكنولوجيا المعلومات، للهجرة إلى أوروبا بمجرد تخرجه، وأوضح قائلا “أريد الذهاب إلى أي مكان غير تونس. وسأفعل ذلك، سواء كان صعبًا أم سهلاً. لقد فعل سعيّد شيئًا جيدًا، ولكن تحسّن الاقتصاد قد يستغرق 50 سنة. وبالنسبة لي، أريد فقط أن آكل؛ انظر إلى سعر الموز”.
المصدر: فايننشال تايمز