ترجمة حفصة جودة
تمكّنت إيران ووكلاؤها من شن هجمات على القوات الأمريكية في سوريا من خلال شحنات أسلحة سرية أُخفيت داخل المساعدات الإنسانية التي تدفقت إلى المنطقة بعد الزلزال الكارثي الذي قتل عشرات الآلاف مطلع هذا العام، وذلك وفقًا لاستخبارات أمريكية سرية وضابط بالجيش الإسرائيلي مطّلع على الأمر.
تثير تلك التسريبات تساؤلات بشأن قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على اعتراض الأسلحة الإيرانية المستخدمة لاستهداف الموظفين الأمريكيين والقوات المشاركة والمدنيين في الشرق الأوسط.
تضمنت تلك الوثائق السرية تقارير أولية للجهود الإيرانية المزعومة لإخفاء معدات دفاعية داخل شحنات المساعدات المتوجهة لسوريا بعد كارثة فبراير/شباط التي دمرت شمال البلاد وجارتها تركيا.
رفض مسؤول دفاعي أمريكي – أخفى هويته لحساسية الأمر – مناقشة صحة الوثائق، لكنه قال إن هذه الأنشطة التي نتحدث عنها تتوافق مع جهود سابقة للحرس الثوري الإيراني، لاستخدام المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى سوريا والعراق كوسيلة لإدخال الأسلحة للجماعات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
في الشهر الماضي، قال مسؤولون إيرانيون لوكالة رويترز الإخبارية إن تقريرها الذي يتحدث عن استخدام طهران المزعوم لطائرات البضائع لتهريب أنظمة دفاع جوي إلى سوريا في هيئة مساعدات للزلزال، ليست صحيحة، كانت رويترز قد عزت تقريرها إلى 9 أشخاص من سوريا وإيران و”إسرائيل” والغرب.
تتضمن تلك الأسلحة الدفاعية المهربة إلى سوريا: أسلحة صغيرة غير مصنفة وذخيرة وطائرات دون طيار “درونز” وفقًا لتقدير الاستخبارات الأمريكية المسربة، تقول الوثيقة إن تسليم هذه الشحنات تم باستخدام قافلة مركبات من العراق بالتنسيق مع مجموعات عسكرية صديقة هناك وفيلق “القدس” الإيراني المسؤول عن إدارة المقاتلين بالوكالة وجمع الاستخبارات.
أكد المسؤول العسكري الإسرائيلي – الذي أخفى هويته أيضًا – مشاركة فيلق القدس في تلك الأنشطة، كما تزعم تلك الوثيقة الاستخباراتية المسربة، أن إيران وحلفاءها تحركوا سريعًا عقب الزلزال واستغلوا الفوضى.
تشير الوثيقة المسربة أيضًا إلى أن مسؤول آخر بفيلق القدس احتفظ بقائمة لمئات المركبات والبضائع التي دخلت سوريا عن طريق العراق بعد الزلزال
في يوم 7 فبراير/شباط، بعد أن دمرت الكارثة آلاف المنازل والمباني، ومع انطلاق جهود الإغاثة البائسة، تمكنت مجموعة عسكرية مقرها العراق مع ترتيب نقل بنادق وذخائر و30 طائرة دون طيار، بإخفائها داخل قافلة مساعدات، لدعم هجمات مستقبلية ضد القوات الأمريكية في سوريا.
في يوم 13 فبراير/شباط، قام مسؤول في فيلق القدس بتوجيه ميليشيا عراقية لإخفاء الأسلحة ضمن مساعدات شرعية لضحايا الزلزال، تشير الوثيقة المسربة أيضًا إلى أن مسؤول آخر بفيلق القدس احتفظ بقائمة لمئات المركبات والبضائع التي دخلت سوريا عن طريق العراق بعد الزلزال، فيما يبدو أنها محاولة لإدارة المكان الذي تتجه إليه تلك الأسلحة المهربة.
تضمنت التسريبات أيضًا رئيس أركان ميليشيا الحشد الشعبي أبو فدك المحمداوي، تحصل هذه الميليشيا – المنحازة لإيران في كثير من الأحيان – على تمويل من الحكومة العراقية من خلال هيئتها الرسمية “لجنة الحشد الشعبي”.
أنكرت الجماعة أن أتباعها استخدموا شحنات المساعدة الإنسانية كوسيلة لتوصيل الأسلحة، فقد قال مؤيد السعدي – المتحدث باسم الجماعة – إن شحنات المساعدة حصلت على موافقة الحكومة العراقية ووصلت إلى المحتاجين، وأضاف أن هذه المزاعم لن تثني الشعب العراقي عن مساعدة الأشقاء السوريين والوقوف بجانبهم في محنتهم الإنسانية بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية أو غيرها.
سلطت النتائج الاستخباراتية المسربة الضوء على حقيقة مزعجة وهي أنه حتى لو واصل الـ2500 جندي أمريكي الذين يعملون في العراق كمستشارين، العمل مع الجيش العراقي، فإن الحكومة العراقية في بغداد تبدو غير مستعدة لملاحقة مقاتلي الحشد الشعبي الذين يشكلون تهديدًا لكلا الجيشين.
وصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى السلطة العام الماضي بدعم من الجماعات العراقية المدعومة من إيران، لكن مسؤولًا رفيعًا في مكتبه أنكر تلك الوثائق ووصفها بالمزورة قائلًا إنه لا حاجة لأي ذريعة لدعم الجماعات التي تعمل مع إيران في سوريا بالأسلحة.
وأضاف “الحدود مفتوحة تمامًا في الواقع، وما زلنا نعاني من التسلل غير الشرعي عبر الحدود السورية، هذا يعني أنه إذا كانت تلك الوثائق صحيحة فمن الممكن القيام بذلك في أي وقت، فلماذا الانتظار لاستخدام قافلة مساعدات كذريعة لذلك؟”.
قالت الوثيقة المسربة إن “إسرائيل” استهدفت قافلة يُشتبه في نقلها أسلحة لسوريا ولبنان، لكن خطر استهداف قوافل مساعدات إنسانية حقيقية لا يزال قائمًا، من المرجح بشدة أن تواصل “إسرائيل” جهود التصدي لتلك القوافل، لكن الأمر يتطلب استخبارات صارمة مؤكدة قبل توجيه ضربات لأي شحنة مساعدات مزعومة.
في سوريا، حيث ما زال يعمل 900 جندي أمريكي مع القوات المحلية لمنع عودة الدولة الإسلامية “داعش”، يقول مسؤولون أمريكيون إن تهديد الجماعات المتحالفة مع إيران لا يزال قائمًا.
ففي مارس/آذار على سبيل المثال، قُتل مقاول أمريكي يعمل في قاعدة هناك، وقال البنتاغون إنه قُتل بطائرة إيرانية دون طيار، تسبب الهجوم في جرح مقاول آخر وعانى بعض أفراد الخدمة الأمريكية من جروح في رأسهم نتيجة الانفجار.
قال مسؤول الدفاع الأمريكي إن المسؤولين في أمريكا واثقون من أن الطائرة التي قتلت المقاول سكوت دوبيس ليست مهربة إلى البلاد عن طريق قوافل المساعدة، لكنه رفض الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.
كان دوبيس – مقاول أمريكي من جنوب كارولينا – قد قُتل يوم 23 مارس/آذار في أثناء عمله على مركبة مصفحة بقاعدة أمريكية قرب الحسكة شمال شرق سوريا، كانت المنطقة التي يعمل بها غير محمية جيدًا مثل بقية القاعدة، وفقًا لمسؤول آخر في الجيش الأمريكي.
أضاف المسؤول أن هناك نظامًا دفاعيًا جويًا يعمل على الحماية ضد التهديدات الجوية، لكن لا يزال غير واضح كيف ولماذا فشل النظام في التصدي لتلك الطائرة.
بعد فترة وجيزة من مقتل دوبيس، ضربت الطائرات الأمريكية المقاتلة الميليشيات المدعومة من إيران التي يُعتقد أنها المسؤولة عن الهجوم، ووجه بايدن تحذيرًا شديد اللهجة لطهران، حيث قال إن الولايات المتحدة سترد بقوة على أي هجوم ضد الطاقم الأمريكي.
قال مايك دوبيس شقيق سكوت الأكبر، إن المسؤولين الأمريكيين لم يقدموا للعائلة أي تفاصيل عن التحقيق، وهذا النقص في المعلومات يشعرهم باليأس، لأن هناك سؤالًا مهمًا لم يجابوا عليه بعد وهو كيف تمكن المقاتلون من التسلل لقاعدة عسكرية أمريكية، وأضاف “يبدو أنهم لم يبذلوا ما في وسعهم لمنع وقوع ذلك”.
المصدر: واشنطن بوست