تشهد الساحة السياسية التركية حاليًّا منافسة محتدمة، قبل أقل من أسبوع من توجه الناخبين في عموم الولايات إلى صناديق الاقتراع للتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، يوم 14 مايو/ أيار 2023.
ووفق الهيئة العليا للانتخابات، فإنه من بين 64 مليونًا و113 ألفًا و941 ناخبًا، يحقّ لحوالي 30 مليون ناخبة المشاركة في التصويت، للتعبير عن مواقف ومصالح وتوجهات نصف المجتمع التركي (42 مليون امرأة وفتاة تعادل نحو 49.9% من إجمالي الشعب التركي، الذي يقارب الـ 84 مليون نسمة).
وخلال الانتخابات الحالية يرشّح حزب العدالة والتنمية (الحاكم) وحزب الشعب الجمهوري واليسار الأخضر وحزب الحركة القومية وأحزاب أخرى، حوالي 933 امرأة (بنسبة 28% من إجمالي عدد المرشحين، الذين يصل عددهم إلى 3340 شخصًا).
وتحظى النساء بأكبر نسبة ترشيح على قائمة حزب اليسار الأخضر (الذي يضم حزب الشعوب الديمقراطي)، وحزب العمال التركي، والحزب الاشتراكي، وحزب العدالة والتنمية (113 امرأة من بين 600 مرشح على قائمة الحزب)، وحزب الشعب الجمهوري (147 مرشحة)، وحزب الجيد برئاسة ميرال أكشينار (152 مرشحة)، وحزب الحركة القومية (90 مرشحة).
فيما تشير الترشيحات إلى أن معدل تمثيل المرأة في الجمعية الوطنية الكبرى (البرلمان التركي الجديد) لن تكون كبيرة، بحكم القوائم النهائية للمرشحين في الانتخابات الحالية.
وبموجب تشكيل البرلمان الحالي (وفق نتائج انتخاباته التي أجريت في 24 يونيو/ حزيران 2018)، تبلغ نسبة تمثيل المرأة 17.5% تقريبًا (104 نائبات من أصل 600 نائب، بينهن 54 من حزب العدالة والتنمية، بينما حزب الشعب الجمهوري له 17 امرأة في البرلمان من أصل 138 نائبًا)، فيما تعدّ نسبة البرلمانيات في حزب الشعوب الديمقراطي، الكردي، حوالي 41% من نوابه في الجمعية الوطنية، ويراهن الحزب على رفع نسبة التمثيل النسائي في كتلته النيابية الجديدة إلى 45%.
وحصلت المرأة التركية على حق الانتخاب والترشح عام 1934، بتغيير مواد في الدستور والقانون الانتخابي، ومنذ ذلك الحين تحتفل تركيا يوم 5 ديسمبر من كل عام بالمناسبة.
إلى من تصوّت المرأة التركية؟
تتعدد العوامل المؤثرة في تصويت الناخبات التركيات، بداية من الانتماءات الفكرية والسياسية والحزبية، فضلًا عن الانحيازات الدينية والعرقية -كالكرد والترك والعلويين والشركس والعرب-، إلى جانب تأثير ملفات مستجدة في المشهد العام التركي، كقضية اللاجئين في تركيا، وتداعيات الزلزال الذي ضرب الولايات الجنوبية، فضلًا عن الوضع الاقتصادي، ومطالب ترفعها المنظمات الحقوقية المحلية لتعزيز عملية تمكين المرأة، وتوفير الحماية الاجتماعية لها على كل الأصعدة.
وقبل المعركة الانتخابية الحالية، لعب تصويت النساء، خاصة المحافظات، دورًا مهمًّا في حفاظ حزب العدالة والتنمية على السلطة خلال الـ 20 عامًا الماضية، وفي آخر انتخابات برلمانية عام 2018 صوّتت نسبة 38.3% من المشاركات لصالح الحزب الحاكم، مقابل نسبة 27.8% لحزب الشعب الجمهوري (المعارض).
ويؤكد استطلاع رأي لمؤسسة الديمقراطية الاجتماعية، أن “نسبة لا تقلّ عن 68.7% من النساء اللواتي صوّتن للحزب الحاكم، في انتخابات 2018، ستصوت له مجددًا في الانتخابات الحالية”.
وبينما يمثل الحزب لهذه الشريحة الكيان الذي يحافظ على قيمهن، فإن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لا يزال يتمتع بشعبية بين الناخبات المحافظات، بغضّ النظر عن انطباع بعضهن تجاه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية.
وقال مركز استطلاعات الرأي التركي “رابورو” إنّ “نسبة 45.1% من الناخبات سيصوّتن لأردوغان، وأن 34.5% قد ينتخبن زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، في الانتخابات الرئاسية”، في الانتخابات المقرر إجراؤها في 14 مايو/ أيار الجاري، ما يعدّ ردًّا على بعض الأصوات المعارضة التي ترى أن “المرأة التركية المحافظة ستدير ظهرها لأردوغان في الانتخابات”.
لكن هؤلاء لا يضعون بعين الاعتبار أنه بعد عقود من التهميش، حصلت المرأة التركية على عدة مكتسبات خلال الـ 20 عامًا الماضية، عززت مشاركتها في مجالات الحياة والسياسة (برلمانيات، سفيرات، وزيرات، ضابطات، قاضيات وأستاذات جامعة) مع دعم حريتهن الشخصية، إذ لم يعد الحجاب عائقًا أمام النساء وطموحاتهن العملية في المجتمع.
ولن تنفصل الخيارات التصويتية للناخبات التركيات عن حالة الزخم التي صنعها أردوغان منذ تصدره للمشهد السياسي، إذ عمل على إحداث تحول شامل في البلاد، ومع ذلك يعمل حزب الشعب الجمهوري، وحليفه حزب الجيد، على محاولة استمالة أصوات الكتلة المحافظة من الناخبات.
فقد تقدّم الشعب الجمهوري قبل شهور بمشروع قانون ينصّ على أنه “لا يجوز أن تتعرّض النساء العاملات في المؤسسات والمنظمات العامة لأي إكراه ينتهك بطريقة ما حقوقهن وحرياتهن الأساسية، كالحق في ارتداء أو عدم ارتداء ملابس معيّنة أو مآزر أو زيّ رسمي، وما إلى ذلك”، لكن حزب العدالة والتنمية قدّم اقتراحًا (في ديسمبر/ كانون الأول 2022) بتعديل دستوري يرسّخ لارتداء الحجاب في المجالَين العام والخاص، كحقّ أصيل للنساء في مؤسسات الدولة والمدارس والجامعات.
قضايا جدلية
تتصدر الضغوط الاقتصادية قائمة التحديات التي تواجه الأسر التركية عمومًا والمرأة على وجه الخصوص، رغم أن النساء يشكلن 34% من القوى العاملة في البلاد، بعدما ارتفعت نسبة مشاركتهن من 12% إلى 34% خلال السنوات العشر الأخيرة.
كما تمثل المرأة حوالي نصف فرص العمل الجديدة (أكثر من 4.2 ملايين وظيفة تقريبًا) التي وفرتها حكومة حزب العدالة والتنمية خلال المدّة المذكورة، فيما تعمل حكومة الحزب (وفق التصريحات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية) على زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 43% خلال السنوات الخمس المقبلة.
لكن مصادر محسوبة على الحزب الحاكم، تقول لـ”نون بوست” إنه من الممكن أن تكون نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، حاليًّا، أكبر من التقديرات الرسمية المعلنة، بسبب عمل النساء في الاقتصاد غير الرسمي، والقطاعات غير المسجّلة والمهن الحرة، أو في أعمال غير مدفوعة الأجر كالرعاية الأسرية، بحيث لا تندرج في سجلّات العمل ولا تدفع الضرائب، وبالتالي لا تستفيد من الخدمات في المقابل كالضمان الاجتماعي والتقاعد.
وبحسب إحصائية لمنظمة العمل الدولية (التابعة للأمم المتحدة)، فإن 53% من النساء في تركيا يفضّلن الموازنة بين العمل ورعاية شؤون المنزل، وهناك 34% يفضّلن العمل بالدرجة الأولى، و12% مع البقاء في المنزل للعناية بالأسرة.
وإلى جانب التحديات الاقتصادية، تفرض ملفات الأمن والحماية الاجتماعية للمرأة من جرائم العنف (العنف النفسي، العنف الجسدي، الاستغلال الجنسي، الزواج القسري، ختان الإناث، الإجهاض الإجباري، التعقيم القسري وجرائم الشرف) استحقاقات مهمة، تتبنّاها أكثر من 15 ألف منظمة أهلية تهتم بشؤون المرأة، متعددة الأفكار والتوجهات والشعارات.
ويحظى العنف ضد النساء باهتمام واضح من جميع الأطراف، في ظل بعض حوادث القتل التي تتعرض لها نساء وفتيات، وهو ملف لا يقتصر الاهتمام به على المنظمات الحقوقية، بعدما عبّر أردوغان عن تعاطفه مع الضحايا، كما في حادثة الطالبة بينار غولتكين (27 عامًا) التي تعرضت للضرب والخنق على يد صديقها في ولاية موغلا (جنوب غرب تركيا)، ما دفع الرئيس التركي للتغريد عبر تويتر قائلًا: “شعرنا بالألم عندما علمنا أن بينار غولتكين قُتلت على يد أحد الأشرار. ألعن جميع الجرائم ضد النساء”.
أيضًا، يتصدر ملف التعليم والأمية جملة القضايا التي تفرض نفسها على الأطراف المعنية بالمرأة التركية في المشهد العام، حيث يوجد حوالي 2 مليون و877 ألف امرأة أمية في عموم البلاد، و3 ملايين و85 ألف امرأة لم يكملن التعليم ولم يتخرجن من أي مؤسسة تعليمية.
فيما تربط مصادر بين عدد خريجات الجامعات والحاصلات على الماجستير والدكتوراه، والأزمة التي عانت منها المرأة التركية في فترات سابقة، عندما كانت الفتيات المحجبات ممنوعات من العمل (واستكمال التعليم) بحجّة أنهن يمثلن التخلف بحجابهن، الأمر الذي حرم حوالي 55% من الفتيات من استكمال التعليم، خاصة أن بعض العائلات التركية المحافظة كانت ترفض (قبل المكتسبات التي رسّختها حكومات أردوغان) إرسال بناتهن إلى الجامعات حتى لا ينزعن الحجاب، وبالتالي تأثرت نسبة المتعلمات في تركيا بتلك الملابسات.
مسيرة نضال
تحظى المرأة التركية بمكانة واضحة في خطط وتوجهات حكومة حزب العدالة والتنمية، وقد عبّر وزير الخارجية، مولود تشاووش أوغلو (بمناسبة يوم المرأة العالمي في 8 مارس/ آذار)، عن هذه المكانة ببيان رسمي: “يعمل بلدنا بحزم على منع التمييز والعنف ضد المرأة ولضمان أن يكون للمرأة رأي فعّال في جميع جوانب الحياة الاجتماعية. يتم الحفاظ على مساهماتنا النشطة في الأنشطة التي يتم تنفيذها في المنظمات الدولية والإقليمية لتعزيز مكانة المرأة في جميع مجالات المجتمع. سنقوم بالعمل جميعًا في هذا الاتجاه، وهو تعليم وتنمية فتياتنا اللاتي هنّ قائدات المستقبل. أثبتت كارثة الزلزال في بلدنا أن النساء بإصرارهن ومرونتهن وقدرتهن على التكيُّف بسرعة مع الظروف الصعبة، سيشكلن قوتنا الرئيسية في مداواة جروحنا وترميم منازلنا”.
ومنذ تصدر حزب العدالة والتنمية (الإسلامي المحافظ) للمشهد السياسي التركي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، حدثت متغيرات كثيرة انعكست على عدة قطاعات وعلى المجتمع ككل، وكان للمرأة نصيب واضح من هذا التغيير، تعدّ استكمالًا لمسيرة نضالية للمرأة التركية (بدعم من الكيانات السياسية والأهلية) خلال الفترة الممتدة من مطلع الثمانينيات حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
يحظر الدستور أي تمييز، سواء كان من الدولة أو من الأفراد، على أساس الجنس، ونصَّ على أن الأسرة “تقوم على المساواة بين الزوجَين”، والحقوق المتساوية في الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج
شهدت هذه المتغيرات المطالبة بالكثير من الحقوق، وإلغاء التشريعات التي تتعارض مع الحريات العامة (خاصة الحق في التعليم، والعمل، والممارسة السياسية، وارتداء الحجاب في المدارس والجامعات، وجهات العمل) بالتزامن مع أوضاع شديدة القسوة (زواج القصر، كما في الأجزاء الشرقية والوسطى من تركيا، والتصدي لجرائم الشرف في مناطق شرق وجنوب شرق الأناضول، والعنف المنزلي).
وبدأت الجهود التي تنتصر لحرية المرأة وأمنها الاجتماعي من المدن الكبرى (والحضرية) كإسطنبول وأنقرة وأزمير، قبل أن يتّسع نطاقها لاحقًا مع ظهور مجتمع مدني عالمي.
وفي عام 2002 بادرت الحكومة بإصلاح القانون الجنائي والمدني التركي، لدعم المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل أثناء الزواج والطلاق وحقوق الملكية، لحقت به تعديلات دستورية، وتمَّ إنشاء محاكم للأسرة ورفع الحد الأدنى لسنّ الزواج إلى 18 عامًا.
وفي عهد حزب العدالة والتنمية، تمَّ أيضًا تعديل قانون العقوبات التركي عام 2005 لزيادة الحماية الاجتماعية للمرأة، لا سيما تغليظ الأحكام الصادرة بحقّ المُدانين بجرائم الشرف، مع السماح بالحجاب للنساء العاملات في المكاتب العامة، وللفتيات في التعليم الابتدائي والثانوي، فيما ارتفع تمثيل المرأة في الانتخابات عام 2006 إلى 16.3%.
ويحظر الدستور أي تمييز، سواء كان من الدولة أو من الأفراد، على أساس الجنس، ونصَّ على أن الأسرة “تقوم على المساواة بين الزوجَين”، والحقوق المتساوية في الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج، وغيرها من المكتسبات التي تحمي الهياكل الأسرية والمجتمع.
موقعة اتفاقية إسطنبول
تظهر المواقف المتباينة تجاه اتفاقية إسطنبول كيف تتعامل الأحزاب السياسية التركية مع ملف المرأة كنصف المجتمع، حيث يرسّخ أردوغان لتوجُّه حكومي يدافع عن القيم الأسرية والعائلية، وقد شكّل انسحابه من اتفاقية إسطنبول أحد أهم الأدلة على هذا التوجه، بعدما أصدر مرسومه الرئاسي (19 مارس/ آذار 2021) بالانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي لمناهضة الاعتداء على المرأة والعنف المنزلي (الموقّعة عام 2011، وأقرّها البرلمان التركي عام 2012).
وكانت اتفاقية إسطنبول (المكونة من 12 فصلًا و81 مادة لمنع العنف ضد المرأة، وحماية الشهود، ودعم الضحايا وتوفير أماكن آمنة لاستضافتهم، ومحاكمة المجرمين أمام القضاء، وتوقيع عقوبات رادعة عليهم) تلزم في الظاهر حكومات الدول الموقعة على نصوصها بإصدار تشريعات تعاقب العنف الأسري والانتهاكات المماثلة، لكن العناوين العريضة للاتفاقية كانت تخفي دورها في “تقويض الهياكل الأسرية التي تحمي المجتمع، كما تشجّع على الطلاق، فضلًا عن أن التشريعات المرتبطة بها تدعم الشذوذ الجنسي، من خلال عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي”.
وقبل قرار أردوغان بالانسحاب من اتفاقية إسطنبول، كانت هناك اعتراضات داخلية من الإسلاميين والمحافظين على المادة الرابعة منها تحديدًا (تنص على ضمان تنفيذ الأطراف المعنية لأحكام الاتفاقية، خاصة حماية حقوق الضحايا دون تمييز على أساس النوع أو الجنس أو العرق أو اللون أو الميل الجنسي)، كونها تضرّ بالقيم العائلية في البلاد.
كما أنها تشكّل “محاولة من الغرب للتسلل إلى تركيا” على حد وصف التصريحات الرسمية، المبررة لانسحاب الحكومة التركية من الاتفاقية تطبيقًا لقرار أردوغان (الصادر في مارس/ آذار 2021، والمفعّل رسميًّا مطلع يوليو/ تموز 2021)، مدعومًا برفض المحكمة الإدارية التركية للطعن القضائي على وقف الانسحاب من الاتفاقية المثيرة للشبهات.
أردوغان: “10 ملايين امرأة تركية يشاركن في الحياة العملية يعززن قوة البلاد، ويحققن إنجازات ونجاحات كبيرة”.
وأعلن حزب السعادة الإسلامي المعارض دعمه لقرار أردوغان، لأن “الاتفاقية تدمّر مفهوم الأسرة وتعزز المثلية الجنسية، وتتخفى وراء مكافحة العنف ضد النساء”، بينما انتقد رئيس حزب الديمقراطية والتقدم المعارض، علي باباجان، توقيت الانسحاب من الاتفاقية، ولم يتطرق رئيس حزب المستقبل المعارض، أحمد داود أوغلو، للجدل حولها كونه من الداعمين لتمريرها عندما كان مستشارًا في حكومة أردوغان آنذاك.
غير أن حزب الشعب الجمهوري (المعارض) انتقد انسحاب الحكومة التركية من اتفاقية إسطنبول، وقالت نائبة رئيس الحزب لحقوق الإنسان، غوغشي غوغشان: “التخلي عن الاتفاقية يسمح بقتل النساء. رغمًا عنكم وعن شرّكم سنبقى على قيد الحياة، وسنعيد إحياء الاتفاقية”.
غير أن مكتب أردوغان شدد على أن “الانسحاب من اتفاقية إسطنبول لن يؤدي إلى أي تقصير قانوني أو عملي في منع العنف ضد المرأة”، وأكّد نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي: “مصمّمون على الارتقاء بمكانة المرأة التركية في المجتمع مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي، دون الحاجة إلى تقليد الآخرين وحلول الخارج. الحل يكمن في عاداتنا وتقاليدنا وجوهرنا”.
وقالت وزيرة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية، زهراء زمرد سلجوق: “الدستور التركي والقوانين المحلية تضمن حقوق المرأة. سنواصل حربنا ضد العنف بمبدأ عدم التسامح معه. ضمان حقوق المرأة هو القواعد الحالية في أنظمتنا الداخلية. نظامنا القضائي قوي بما يكفي لتنفيذ اللوائح الجديدة كما هو مطلوب”.
الانحياز إلى الحقوق والحماية
خلال الانتخابات العامة في 14 مايو/ أيار الجاري، لن تهتم المرأة التركية باللقطات الطريفة في الانتخابات (كإدلاء أكبر معمّرة أو أقصر امرأة أو حتى أطول فتاة بأصواتهن في الانتخابات)، كعدم اهتمامها بالأجواء الاحتفالية-الانفعالية التي تحلّ في 8 مارس/ آذار سنويًّا (يوم المرأة العالمي)، في ظل انشغال المرأة التركية حاليًّا باختيار الطرف الحزبي القادر على علاج التحديات الاجتماعية والسياسية، وتعزيز مكتسبات المرأة التي تحققت (نسبيًّا) خلال الـ 20 عامًا الماضية، خاصة بعدما أصبحت ملامح الخريطة الانتخابية التركية (بأحزابها وبرامجها الانتخابية) أكثر وضوحًا.
وإذا كانت الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) الحالية تحظى باهتمام إقليمي ودولي كبير، في ظل تقاطعات وتفاعلات الحكومة التركية، فإن الانتخابات تكتسب زخمًا كبيرًا بالنسبة للمرأة التركية، في ضوء القضايا الملحّة التي تحتاج إلى وضع سياسات قوية وحاسمة، وكيف سيتعامل من يقود البلاد (ويتولى سلطة التشريع فيها) بعد ظهور نتائج الانتخابات مع هذه الملفات والقضايا، خاصة تعزيز القوانين والتشريعات الداعمة لحقوق المرأة وحمايتها، والترسيخ لدورها في المجال العام، اتساقًا مع تأكيدات أردوغان بأن “حوالي 10 ملايين امرأة تركية يشاركن في الحياة العملية يعززن قوة البلاد، ويحققن إنجازات ونجاحات كبيرة”.
وفي المقابل، يعوّل حزب العدالة والتنمية على المشاركة الفاعلة للمرأة التركية في الانتخابات، وبالآمال نفسها يراهن 26 حزبًا سياسيًّا، و5 تحالفات حزبية (الشعب برئاسة العدالة والتنمية؛ والحركة القومية/ الأمة بعضوية أحزاب الشعب الجمهوري، الجيد، السعادة، الديمقراطية والتقدم؛ المستقبل والديمقراطي/ العمل والحرية بزعامة الشعوب الديمقراطي؛ آتا بزعامة حزب النصر؛ وتحالف اتحاد القوى الاشتراكية) على أصوات الناخبات، ودورهن في تعزيز المعادلة السياسية في البلاد أو تغييرها.
أخيرًا..يشكّل الصعود السياسي للمرأة التركية (ناخبة ومرشحة وسياسية وناشطة في المجتمع المدني وفي أدوار أخرى) تعزيزًا لحقوقها في المجتمع، إذ إن مشاركة المرأة في العمل السياسي تساعد في عرض مطالب المرأة التركية، ومن ثم تتخوف مؤسسات حقوقية (تهتم بشؤون المرأة) من تراجع نسبة تمثيل النساء في برلمان 2023.
وتشير بيانات أعدّتها منصة المرأة من أجل المساواة (KŞIE)، إلى أن معدل البرلمانيات سينخفض خلال مدة البرلمان الجديد، كما تتواصل المطالب بإعادة النظر في التشريعات الخاصة بالمرأة (تنقيحها من الثغرات القانونية والعبارات الفضفاضة) تعزيزًا للحماية الاجتماعية للمرأة.