ترجمة حفصة جودة
في ساعات الصباح الأولى من يوم الثلاثاء 9 مايو/أيار، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلية هجمة عسكرية وحشية على قطاع غزة، لتقتل 15 شخصًا بينهم 3 من قادة حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية و4 أطفال و4 نساء.
قالت القوات الإسرائيلية إن 40 طائرة حربية شاركت في حملة الاغتيال المستهدفة التي دامت ساعتين، كما أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن العملية العسكرية قد تستمر لعدة أيام، حيث وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء بحملة أوسع وتوجيه ضربات قاسية لغزة.
من الواضح أن الحملة الإسرائيلية الأخيرة تستهدف كل شخص في غزة، فقد وصفت صحيفة “هاآرتس” الحملة بأنه “مُخطط لها مسبقًا بدقة شديدة”، وقد حصلت قائمة القتل على فحص وموافقة مستشارين قانونيين، بما في ذلك احتمالية مقتل مدنيين خارج القائمة بنسبة كبيرة.
الأهداف الإسرائيلية
ما زال الشعور باليأس والغضب سائدًا في غزة، حيث يعيش السكان تحت تهديد القصف المستمر، ووفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، فقد وصل عدد القتلى في غزة إلى 21 قتيلًا و64 جريحًا نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير.
جاء هذا العدوان على غزة رغم اتفاقية وقف إطلاق النار في أغسطس/آب الماضي بين “إسرائيل” وحركة الجهاد الإسلامي بوساطة مصرية وبدعم من المنسق الخاص في الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينزلاند.
بإعادة إحياء سياسية الاغتيالات المستهدفة الوحشية الإسرائيلية، فإن نتنياهو يسعى نحو استعادة صورة الردع التي تصدعت نتيجة تصاعد حركات المقاومة الشعبية
منذ يوم الثلاثاء، انتشرت مطالبات شعبية بالرد والانتقام، بينما يخشى آخرون حربًا مروعة أخرى على القطاع المحاصر، حيث لا يزال المدنيون في عين العاصفة.
يشير العدوان على غزة إلى أن “إسرائيل” لا تحترم الاتفاقات وتنتهك القانون الدولي، يبدو أن القادة الإسرائيليين يتقدمون في استخدام أجندتهم اليمينية العنصرية التي تسعى إلى حل النزاع بالقوة.
وبإعادة إحياء سياسية الاغتيالات المستهدفة الوحشية الإسرائيلية، فإن نتنياهو يسعى نحو استعادة صورة الردع التي تصدعت نتيجة تصاعد حركات المقاومة الشعبية في غزة والضفة الغربية.
يهدف نتنياهو إلى الحفاظ على التحالف اليميني الحاكم خاصة بعد مواصلة وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير تهديده بمقاطعة حزبه لاجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية حتى حصوله على “نفوذ مؤثر” على سياسة الأمن القومي.
يعلم نتياهو جيدًا أن ذلك يهدد بتصدع الحكومة وفشل الموافقة على الميزانية السنوية، الأمر الذي قد يدفع نحو انتخابات مبكرة تؤدي إلى الإطاحة به مع تراجع شعبيته بشكل كبير لصالح بيني غانتز وحزب الوحدة القومي، لذا قرر أن يحوّل التركيز إلى غزة.
يعد هجوم نتنياهو الأخير على غزة إستراتيجية قديمة معروفة بين السياسيين الإسرائيليين لخلق حالة من الوحدة في أوقات النزاع الداخلي، فبعد أشهر من الاحتجاجات الضخمة ضد خطة التحالف الحاكم للإطاحة بالقضاء، يعتقد نتنياهو أن بإمكانه إنهاء الأزمة القضائية – التي وصلت أسبوعها الـ18 – أو على الأقل وقف الاحتجاجات وذلك بتنشيط الوحدة الصهيونية ضد تهديد خارجي.
فشل القمع
أعلنت غرفة العمليات المشتركة لحركات المقاومة في غزة عن توحد الجماعات واستعدادها للرد على الهجمات الإسرائيلية، يشير ذلك إلى الفشل في تقويض المقاومة الفلسطينية، التي حاولت “إسرائيل” تقسيمها باستهداف قادة الجهاد الإسلامي فقط.
هددت القوات الإسرائيلية باغتيالات تستهدف قادة حماس إذا شاركوا في أي رد عسكري على العدوان الإسرائيلي، فدولة الاحتلال تشعر بالقلق بشأن الوحدة الفلسطينية، فقد بنت سياستها على آليات الشقاق والانقسام، ونجحت جغرافيًا في القيام بذلك بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وتقسيم الضفة الغربية إلى مقاطعات خاضعة للفصل العنصري، والآن تحاول فصل قوات المقاومة عن بعضهم البعض.
تفهم جماعات المقاومة جيدًا أن الصراع مع “إسرائيل” ومشروعها الاستعماري الاستيطاني، صراع تاريخي ووجودي، وأن جميع الفصائل السياسية الفلسطينية داخل دائرة الاستهداف الإسرائيلية، لذا أعتقد أن سياسة التقسيم تلك ستفشل.
جدير بالذكر هنا أن تصعيد حكومة الفاشيين الجدد – نتنياهو وبن غفير وبتسئيليل سموترتش – ليس مقصورًا على قطاع غزة فقط، لكنه يمتد إلى الضفة الغربية والقدس وفلسطينيو 48 والسجناء السياسيين.
تتوهم حكومة الاحتلال بأن سياستها ستكسر إرادة وصمود شعبنا وعزمهم على المقاومة والنضال.
إذا كانت تلك الحكومة اليمينية الفاشية تشكل تهديدًا لشعبنا، فمن المهم أن نحول هذا التهديد إلى فرصة بالعمل على تحقيق نضال موحد على أرض الواقع.
يتضمن ذلك السعي خلف مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحاكم الدولية، وتعزيز المقاومة والدبلوماسية الشعبية، وفضح الطبيعة الفاشية العنصرية لدولة الاحتلال، وكشف الرابط العميق بين الصهيونية والفاشية والعنصرية.
ينتظر الفلسطينيون ما سيحدث في الساعات القادمة، رغم أن الوضع يتجه غالبًا نحو التصعيد، ورغم المخاوف بشأن حرب أخرى على غزة، فإن الفلسطينيين في جميع الأراضي المحتلة يواصلون تأكيدهم على وحدة قومية قائمة على النضال والمقاومة، بما في ذلك أهمية ممارسة كل أشكال النضال الشرعي للدفاع عن حرية وكرامة شعبنا.
إن انخراط “إسرائيل” في حملة وحشية أخرى ضد غزة في الذكرى الـ75 للنكبة، يؤكد فقط على طبيعة المشروع الاستعماري الصهيوني كنظام عنصري عدائي مبني على العنف والتطهير العرقي.
المصدر: ميدل إيست آي