أدت مواقف حكومة حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء التركي السابق “رجب طيب أردوغان”، من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في نهاية سنة 2008 ومطلع سنة 2009 إلى توتر العلاقات المشتركة بين البلدين، ليتطور هذا التوتر ويؤدي في سنة 2011 إلى تجميد كل الاتفاقيات المشتركة بين البلدين في المجال العسكري، على إثر الهجوم الإسرائيلي على سفينة الإغاثة الإنسانية “مرمرة”.
وأدى تجميد العلاقات العسكرية بين البلدين إلى حرمان الجيش الإسرائيلي من المكاسب التي كان قد ضمنها عبر اتفاقيات متبادلة كثيرة عُقدت خلال العقود التي سبقت وصول العدالة والتنمية للحكم، وخاصة حرمان سلاح الجو الإسرائيلي من الاستفادة من الفضاء الجوي التركي الشاسع والمطابق للفضاء الجوي الإيراني، للقيام بتدريبات وطلعات وهمية تحاكي سيناريوهات مفترضة لهجمات إسرائيلية على أهداف إيرانية مثل تلك التي شُنت في السابق على العراق وسوريا وقيل أنها استهدفت مفاعلات – أو مشاريع لمفعلات – نووية.
ونظرًا للحاجة الملحة لدى سلاح الجو الإسرائيلي لمجال جوي مفتوح مثل المجال التركي، وأمام تعنت تركيا ورفضها إلى الآن لفكرة إعادة تفعيل العلاقات العسكرية مع إسرائيل؛ لجأ وزير الخارجية الإسرائيلي “أفيجدور ليبرمان” إلى دول البلقان باحثًا عن علاقات عسكرية تعوض الجيش الإسرائيلي عما خسره في تركيا.
وفي رحلة بحثه عن شراكات جديدة في دول البلقان، نجح ليبرمان في استثمار الخلاف التركي اليوناني حول جزيرة قبرص التي تتقاسمها الدولتان بقوس السلاح، ليقنع اليونانيين بالتعاون عسكريًا وبشكل مكثف مع الإسرائيليين، حيث قال المعلق السياسي لصحيفة “هارتس” براك رافيد، في أحد مقالاته المنشورة مؤخرًا والتي اقتبستها صحيفة العربي الجديد، “إن المؤسسة الأمنية والعسكرية اليونانية مارست ضغوطًا كبيرة على المستوى السياسي في أثينا للتعاون مع إسرائيل بعد توتر العلاقات بينها وبين تركيا، بسبب الصراع المتواصل بين الدولتين الجارتين حول مستقبل جزيرة قبرص”.
وبالإضافة إلى موافقة اليونان في مايو 2011 على فتح مجالها الجوي لسلاح الجو الإسرائيلي لاستخدامه في التدريبات العسكرية، طلبت إسرائيل من اليونانيين – حسب صحيفة يسرائيل هيوم – أن يمكّنوهم من استئجار جزيرة يونانية بغرض توظيفها لإجراء تدريبات عسكرية بحرية وجوية، دون أن يتم نفي أو تأكيد هذا الطلب أو ما آل إليه من قبل أي من المصادر الرسمية.
وبالإضافة للاتفاق الإسرائيلي اليوناني، سمحت اليونان لسلاح الجو الإسرائيلي باستغلال قواعد سلاح الجو الروماني لإجراء التدريبات والمنوارات الجوية، غير أن إسرائيل تخلت عن الاتفاق بعد سنتين من عقده بسبب تحطم مروحية عسكرية إسرائيلية ومقتل أفراد طاقمها الخمسة، الذين كان من بينهم قائد سرب مروحيات مهم في السلاح.
وفي المقابل، ورغم نجاح إسرائيل في عقد اتفاقيات عسكرية جديدة مع عدد من دول البلقان مثل اليونان ورومانيا وبلغاريا، يقول المعلق الإسرائيلي بن كاسبيت – نقلاً عن محافل عسكرية إسرائيلية – إن “العلاقة مع هذه الدول لا يمكنها أن تعوض إسرائيل عن العوائد التي فقدتها بعد تدهور العلاقات مع تركيا، على اعتبار أن هذه الدول فقيرة نسبيًا، إلى جانب أن سماتها الجيوسياسية والطبغرافية لا تشكل بديلاً لسمات تركيا، التي كانت تستغلها إسرائيل”.