أسدل الستار على فعاليات القمة العربية في دورتها الثانية والثلاثين التي عقدت في جدة الجمعة 19 مايو/أيار 2023، وشهدت العديد من المؤشرات المتناقضة في كثير منها، بجانب حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في أول زيارة له لبلد عربي منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، كذلك مشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد، لأول مرة منذ مشاركته في قمة سرت بليبيا عام 2010.
وكان حضور الأسد وزيلينسكي تحديدًا أكثر ما أثار الجدل في تلك القمة ومنحها زخمًا غير مسبوق، وبينما تعزف كل الرؤى والتحليلات والتقارير على أن حضورهما سحب البساط من تحت الجميع، وأنهما لعبا دور البطولة في تلك المسرحية المنصوبة في جدة، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، فلم يكونا البطل ولم يتحولا إلى نجم الشباك الأول في القمة كما روج البعض، إذ كان هناك بطل آخر خلف الستار قد أخر ظهوره لحين إتمام المسرح استعداداته.
وكعادة الأفلام السينمائية التي تستهل لقطاتها في الغالب بظهور بعض المشاهد لعدد من الكومبارس تمهيدًا لظهور البطل الحقيقي، النجم الذي يوضع اسمه على غلاف “أفيش” الفيلم، كانت قمة جدة الأخيرة، إذ كان المسرح بكل ما عليه من ممثلين يمهد الطريق نحو البطل الحقيقي القادر على تحويل كل المشاركين في العمل إلى أدوات لخدمة أجندته وطموحه الشخصي الذي يعد عصب القصة الدرامية للعمل.
قد يكون حضور رئيس النظام السوري حدثًا غير عادي بفعل الصدمة التي أحدثتها مشاركته رغم سجل الرجل الإجرامي بحق شعبه ومكافأته على جرائمه على مدار السنوات العشرة الماضية، كذلك الجرأة في دعوة زيلينسكي لمثل تلك الفاعلية، لكن مع مرور الوقت تبين أن نجم الشباك الذي تدار القمة لأجل تمجيده هو الأمير الشاب، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي حولته الآلة الإعلامية السعودية إلى البطل الخارق القادر على إحداث الفارق في الملفات كافة، مستعينًا في ذلك بثلة الزعماء والقادة العرب الذين قبلوا مشاركته في هذا العمل حتى لو كانوا في أدوار ثانوية، فيما قبل بعضهم دور الكومبارس.
بكلّ فخرٍ واعتزاز نرفع أسمى آيات الشُكر والإجلال لسمو #ولي_العهد_الأمير_محمد_بن_سلمان الذي ناب عن #خادم_الحرمين_الشريفين في رئاسة #القمة_العربية32 #قمة_جدة ⁰فكان مثالاً للزعيم التاريخي الاستثنائي الذي يؤمن بما يقول، ويُنجز ما يعد به، ⁰وفّق الله القادة لما فيه الخير لأوطانهم… pic.twitter.com/d0Vw7UPonB
— د. عائض القرني (@Dr_alqarnee) May 20, 2023
مشاركة الأسد.. حين قرر ابن سلمان
منذ انطلاق الثورة السورية قبل قرابة 12 عامًا تباينت مواقف العواصم العربية إزاء النظام السوري، لكن كان الإجماع حينها عزل الأسد إقليميًا وعقابه على جرائمه المرتكبة بحق شعبه التي تسببت في تشريد عشرات الملايين داخليًا وخارجيًا، فضلًا عن استباحته للدماء بشتى السبل المحرمة، وعليه كان تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية، وهو القرار الذي أعقبه سحب دول الخليج وفي المقدمة منها السعودية، سفرائها لدى سوريا.
ومنذ ذلك الحين والمواقف العربية متأرجحة بين داعم للأسد بشكل معلن كما هو حال الجزائر، وباق على قنوات الاتصال معه كالقاهرة وأبو ظبي ومسقط، ومعارض له جملةً وتفصيلًا مثل الدوحة والرباط، لكن طيلة تلك السنوات العشرة ما تجرأ نظام عربي على المطالبة بشكل مباشر ومعلن على عودة نظام الأسد للجامعة والعمل على تعويمه دون حساب أو عقاب على ما اقترفه بحق السوريين.
لكن خلال الأشهر القليلة الماضية قررت الرياض – بشكل منفرد وبسبب أهداف ومصالح سياسية خاصة بها – فتح قنوات اتصال مع النظام السوري، وأسرعت الخطى نحو ذلك، حتى قررت إنهاء العزلة بشكل رسمي وإعادته للحضن العربي مرة أخرى، دون أي اعتبار للمواقف العربية الأخرى.
يود ولي العهد الشاب أن يوظف ملف التطبيع مع نظام الأسد تحديدًا كورقة ضغط في علاقته المتوترة مع واشنطن التي تتحفظ – على الأقل سياسيًا – على انخرط نظام الأسد في البوتقة العربية والإقليمية بتلك الصورة السريعة دون ضمانات أو تنازلات يمكن أن يقدمها
وبسرعة الصاروخ وجه العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في 10 مايو/أيار الحاليّ دعوة للأسد للمشاركة في القمة، ليستقبله ولي العهد بالأحضان، ليعاود الجلوس على مقعده الذي حرم منه أكثر من عقد كامل، دون أن يمسه أحد بكلمه رغم انتهاكاته الموثقة بالصوت والصورة والمدانة في شتى المحافل الدولية، في مشهد متناقض في كل تفاصيله مع موقف المملكة السابق، ويعكس بشكل لا يقبل الشك انتصار البرغماتية على أي اعتبارات أخلاقية أو إنسانية أو سياسية أخرى.
ملخص الصورة يقول إن السعودية حين أرادت تعويم نظام الأسد عومته، وحين عارضت في السابق لم يجرؤ أحد على الإقدام على تلك الخطوة، وهو الملخص الذي يحمل الرسالة الأعمق التي يود ابن سلمان إيصالها للجميع، بأن بلاده باتت المتحكم الأول والأخير في هذا الملف بعد سنوات من التراجع.
كذلك يود ولي العهد الشاب أن يوظف هذا الملف تحديدًا كورقة ضغط في علاقته المتوترة مع واشنطن التي تتحفظ – على الأقل سياسيًا – على انخرط نظام الأسد في البوتقة العربية والإقليمية بتلك الصورة السريعة دون ضمانات أو تنازلات يمكن أن يقدمها، وهو التوجه الذي يجيد ابن سلمان اللعب عليه مؤخرًا، مستغلًا المستجدات الإقليمية والدولية التي عززت من نفوذ بلاده خاصة في مجال الطاقة بعد أزمة العالم جراء وقف إمدادت روسيا منذ الحرب المندلعة في أوكرانيا.
لم يبال ابن سلمان بتداعيات هذه الخطوة على العلاقات مع الحلفاء في المنطقة، فالأهم هو إثبات قدرته على حسم هذا الملف والتأكيد على ريادة المملكة للمنطقة العربية بشكل منفرد ودون منافس حقيقي بعد تراجع حضور العواصم السياسية التقليدية ذات الثقل كالقاهرة وبغداد ودمشق، حيث غادر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – الذي حضر في الأساس إرضاءً للسعودية -، مدينة جدة، قبل بدء كلمة رئيس النظام السوري.
فيما اعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في بيانٍ له أمس الجمعة أن مشاركة الأسد في القمة “مكافأة على ما اقترفه من جرائم بحق الشعب السوري، وتجاوزًا لتضحيات السوريين لأكثر من 12 عامًا، والضحايا الذين ينتظرون تحقيق العدالة، وتخليًا عن حرية الشعب السوري”، مشددًا على أن “سورية العظيمة لا يمثلها الأسد المجرم، وأن وجود النظام المجرم في مقعد سورية في الجامعة العربية يعني أنّ إيران تحضر القمة عبر مندوبها وحامل أجندتها وإحدى أدواتها في تنفيذ مشروعها التوسعي الحاقد في الدول العربية”.
ولي العهد السعودي الأمير #محمد_بن_سلمان يلتقي الرئيس السوري #بشار_الأسد ويجريان محادثات ثنائية#قمة_جدة #القمة_العربية #القمة_العربية32pic.twitter.com/pAbT4UYDPr
— Erem News – إرم نيوز (@EremNews) May 19, 2023ص
زيلينسكي وبوتين.. الحياد الإيجابي في الملف الأوكراني
كانت مشاركة زيلينسكي هي الأخرى مفاجأة غير متوقعة، حيث انتقل الرئيس الأوكراني عبر طائرة حكومية فرنسية إلى جدة ومنها إلى مدينة هيروشيما اليابانية حيث قمة مجموعة السبع، وهي الزيارة الأولى له لأي دولة عربية منذ اندلاع الحرب قبل 15 شهرًا، ولذلك دلالة ورسالة أرادت الرياض أن تبعث بها وتوصلها للجميع.
أرادت المملكة من خلال دعوة زيلينسكي إثبات حضورها كلاعب أساسي في تلك الأزمة، رغم الحياد المعلن سابقًا، لكنه الحياد الإيجابي كما أسماه وزير الخارجية فيصل بن فرحان، حيث تسعى الرياض إلى القيام بدور الوساطة عبر تقريب وجهات النظر بين زيلينسكي وموسكو، فقد أكد الرئيس الأوكراني أنه سيعقد محادثات ثنائية مع عدة دول عربية خلال القمة، لافتًا إلى تأكيده على استعادة المناطق التي تسيطر عليها روسيا بما فيها شبه جزيرة القرم، بجانب عودة الأسرى الأوكران، وضمانة سلامة ووحدة أوكرانيا، كما سيناقش ضمان أمن الطاقة.
كأن السعودية بهذا التوجه تبعث برسالة واضحة – برغماتية في المقام الأول – للمجتمع الدولي لتبرئ ساحتها – إعلاميًا وسياسيًا على الأقل – من تهم التخندق إلى أي من طرفي الحرب، فلا هي مع الروس ولا مع الأوكرانيين
اللافت هنا وفي ذات السياق إرسال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برسالة إلى المشاركين في القمة، أكد خلالها على ما توليه بلاده من اهتمام كبير لتطوير العلاقات الودية والشراكة البناءة مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما في إطار الحوار مع جامعة الدول العربية، “من أجل الاستجابة للتهديدات والتحديات التي تواجه الإنسانية الحديثة، بشكل فعال”.
مضيفًا “نحن عازمون على مواصلة دعم الجهود الجماعية من أجل الحل السلمي للقضايا الإقليمية الحادة، بما في ذلك الأزمات في السودان واليمن وليبيا وسورية، مع الاحترام الثابت لسيادة الدولة وأحكام القانون الدولي القائمة”، مختتمًا رسالته بالتأكيد على اعتقاد بلاده أن “مواصلة توسيع التعاون متعدد الأوجه بين روسيا والدول العربية يلبي مصالحنا المشتركة بشكل كامل، ويتماشى مع بناء نظام أكثر عدلًا وديمقراطية للعلاقات الدولية يقوم على مبادئ تعدد الأقطاب والمساواة الحقيقية واحترام المصالح المشروعة للجميع”.
زيلينسكي في مواجهة بوتين، أحدهما حضر بنفسه والثاني من خلال رسالة بعث بها للمشاركين في القمة، خطوة تعكس إصرار واضح من الرياض للانخراط أكثر في هذا الملف، مستندة إلى علاقتها الجيدة التي تربطها بطرفي الصراع، بخلاف إمكانية توظيف الوضعية الأوكرانية كإحدى أوراق النفوذ التي تلعب بها المملكة لتعزيز حضورها المتنامي، إقليميًا ودوليًا.
وكأن السعودية بهذا التوجه تبعث برسالة واضحة – برغماتية في المقام الأول – للمجتمع الدولي لتبرئ ساحتها – إعلاميًا وسياسيًا على الأقل – من تهم التخندق إلى أي من طرفي الحرب، فلا هي مع الروس ولا مع الأوكرانيين، لكنها تريد العمل كوسيط للتهدئة ولتخفيف منسوب التوتر، وهي الجهود التي فشل فيها الكثير طيلة أشهر الحرب الماضية.
وقد أثار هذا الموقف انزعاج الجزائر التي غاب رئيسها عبد المجيد تبون عن حضور القمة، رغم أنه الرئيس الحاليّ لها، مكلفًا رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن بالمشاركة ونقل الرئاسة إلى السعودية، وأرجعت بعض المصادر غياب تبون عن القمة بسبب اعتراضه على دعوة الرياض للرئيس الأوكراني دون التشاور مع الجزائر بصفتها صاحبة الرئاسة الدورية الحاليّة لمؤتمر القمة.
حضور رئيس اوكرانيا المفاجئ ضربة معلم واعطى #القمة_العربية32 اهتمام اعلامي عالمي استثنائي وبعث بعدة رسائل
1 الى الشعب الاوكراني: نحن معكم
2 الى روسيا: حان وقت وقف الحرب على اوكرانيا
3 إلى امريكا والغرب: موقفنا تجاه الحرب في اوكرانيا متوزان لسنا مع روسيا ولسنا ضد اوكرانيا pic.twitter.com/LIap7JWwMK
— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) May 19, 2023
الملف السوداني.. وسيط محوري
توقع الجميع أن الأزمة السودانية وتطوراتها الدامية ستكون المحور الأساسي لقمة الرياض الأخيرة، لكن حضور الأسد وزيلينسكي والزخم الذي أحدثاه سحب البساط من تحت تلك الأزمة، غير أن ذلك لا يعني أن المملكة ستترك فرصة جيدة كالقمة للتأكيد على موقفها من المشهد السوداني، فهي حريصة بشكل كبير على تحقيق خطوات جادة في هذا الملف لما يمثل ذلك من دعم للنفوذ السعودي داخل القارة السمراء.
ورغم فوضوية الصورة في الداخل السوداني، فإن الرياض أصرت على توجيه الدعوة للخرطوم للمشاركة في تلك القمة استكمالًا لجهودها الدبلوماسية التي بدأتها قبل أسبوعين للتوسط بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتوجت باتفاق جدة الموقع بين ممثلي الجنرالين: عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) في 12 من الشهر الحاليّ.
رئيس الوفد السوداني المشارك في القمة، المنتمي بطبيعة الحال للجيش النظامي، أثنى خلال كلمته على دور الرياض في تهدئة الأمور، مؤكدًا على أن “الحرب فُرضت علينا، وإذا ما جنحت الحركة المتمردة للسلام سنجنح له، وإذا وضعت السلاح سنعفو عنها، (…) لكن القوات المسلحة السودانية قادرة على هزيمة التمرد فلا مجال للتشكيك فيها”.
ويرى السعوديون أن الأزمة السودانية ربما تكون الجسر الأكبر نحو تعميق نفوذ بلادهم داخل القارة الإفريقية بعد سنوات من التراجع لحساب قوى إقليمية أخرى، ساعدهم على ذلك مباركة واشنطن لها، كخطوة نحو تخفيف التوتر المكتوم بين البلدين خلال الآونة الأخيرة، الناجم عن تحفظ الرياض على توجهات الإدارة الأمريكية في التعامل مع المملكة في بعض الملفات.
اللافت هنا أن الرياض في تعاطيها مع المشهد السوداني تخطت أو تجاهلت العديد من اعتبارات الدول الحليفة كالقاهرة على سبيل المثال ذات الحدود المشتركة مع مناطق الالتهاب والسخونة المرتفعة في السودان، وأكثر المتأثرين تضررًا باشتعال الموقف في خاصرتها الجنوبية، كذلك أبو ظبي التي تغرد هي الأخرى لحساباتها الخاصة منذ فترة في السودان ومنطقة القرن الإفريقي بوجه عام.
رئيس وفد السودان في القمة العربية يؤكد أن البرهان يقود معركة الكرامة ضد قوات التمرد التي أطلقت رصاصات الغدر بهدف الاستيلاء على السلطة واضاف بأن حركة التمرد لم تلتزم بأي من اتفاقات الهدنة ومارست جرائمها واعتدت على مقرات البعثات الدبلوماسية.#السودان_اشتباك_مسلح #القمة_العربية32 pic.twitter.com/hoEEHrd9Ri
— ياسر محجوب الحسين Yasir Elhussein (@yasir_mahgoub) May 19, 2023
الملفان اليمني والليبي.. لم يغيبا عن الساحة
لم تترك المملكة ملفاتها المتشابكة دون تسليط الضوء عليها، وهو ما تبين في الملفين اليمني والليبي، حيث ثمّن رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي جهود السعودية في دعم إقامة مؤسسات الدولة اليمنية ورفض التدخل الخارجي، قائلًا: “نترقب ثمار المساعي الحثيثة التي تقودها السعودية وسلطنة عُمان لإحياء ذات الهدنة التي التزمنا باستمرارها من طرف واحد لتفويت أي فرصة على المليشيات للعودة إلى التصعيد الشامل”، موجهًا رسالة للرياض قائلًا: “نأمل تحركًا عربيًا جماعيًا لوقف الانتهاكات للقانون الدولي، ودعم جهود الحكومة اليمنية لإنعاش الاقتصاد”.
وعلى المستوى الليبي أشاد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، بالجهود السعودية لاحتواء أزمة بلاده، قائلًا في كلمته أمام القمة: “ندعم كل الجهود الفردية والجماعية لتحقيق التضامن العربي ورأب الصدع ونبذ الخلافات، ونثني على جهود السعودية في لمّ الشمل العربي الذي أدى إلى انعقاد هذه القمة بكامل أعضائها”.
وتضمن البيان الختامي للقمة الصادر تحت اسم “بيان جدة” أكثر من 32 بندًا لمختلف القضايا الملحة في العالم العربي بدءًا من القضية الفلسطينية حيث أكدت الجامعة العربية “مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل مبادرة السلام العربية”، مرورًا بالملف اللبناني إذ حث البيان “السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة”.
نجح ابن سلمان بمساعدة القادة والزعماء العرب في تحويل فعاليات القمة إلى منصة كبرى لاستعراض عضلات بلاده السياسية والاقتصادية، وقدرتها على ريادة المنطقة بصورة مطلقة دون أي منافس إقليمي
وسوريًا شدد الإعلان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري، مع تأكيد التضامن الكامل مع السودان في الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية باعتبار الأزمة شأنًا داخليًا، والحفاظ على المؤسسات.
وفي الوقت ذاته الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد، والتشديد على الالتزام بوحدة وسيادة اليمن، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، وتعزيز دوره ودعمه، كما دعا البيان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، وشدد على التأكيد المطلق على سيادة الإمارات على جزرها الثلاثة (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، مرحبًا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح بعثاتهما وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
وهكذا نجح ابن سلمان بمساعدة القادة والزعماء العرب في تحويل فعاليات القمة إلى منصة كبرى لاستعراض عضلات بلاده السياسية والاقتصادية، وقدرتها على ريادة المنطقة بصورة مطلقة دون أي منافس إقليمي، فيما ارتضى المشاركون لأنفسهم لعب دور الكومبارس والسنيد، منبطحين بواقعهم الاقتصادي المتردي وهمومهم المعيشية المتفاقمة، وبعيدًا عن جدوى البيان والقمة في مجملها وقدرة الجامعة على ترجمة بنود إعلانها النهائي إلى قرارات وإجراءات على أرض الواقع، وملزمة للجميع، لكن الرياض استطاعت تقديم نفسها بوجه القائد واللاعب الأبرز القادر على جمع كل الملفات بين يديه، وهي الرسالة الأبرز والأهم التي سعى لها ولي العهد الشاب.