ترجمة حفصة جودة
تستعد ميانمار لإعادة اللاجئين الروهينغا إلى وطنهم وفقًا للمشروع التجريبي، كان وفد مؤلف من 20 فردًا من الروهينغا بقيادة مفوض منظمة بنغلاديش للاجئين والإغاثة وإعادة التوطين “RRRC” محمد ميزانور رحمن، قد زار ولاية راخين يوم 5 مايو/أيار للتأكد من البيئة والوضع هناك.
صحب الوفد 7 أفراد آخرين من منظمات مختلفة من بينها وزارة الشؤون الخارجية، وفي الزيارة التي استغرقت يومًا، زار الوفد على الأقل 15 قرية حول مقاطعة ماونغداو، لا شك أن ذلك أكبر خطوة لبداية عودة الروهينغا، مع استعداد ميانمار لإعادة مواطنيها وفق هذا المشروع التجريبي.
في اجتماع مع وفد الروهينغا الذي انعقد في مركز “Maungdaw Transit Center” خلال الزيارة، قال نائب مفوض ماونغداو إن الروهينغا العائدين من بنغلاديش سيبقون في المركز لمدة 3 أيام، ثم ينقلون بعدها مباشرة إلى القرية النموذجية.
بعد ذلك سيحصل الروهينغا على شهادة التحقق الوطنية “NVC” كمواطنين في ميانمار، بينما ستصدر بطاقة الهوية الوطنية على مراحل، ومع ذلك عارض الممثلون هذا العرض وطالبوا بتأكيد المواطنة قبل إعادة توطينهم مع إرسالهم مباشرة إلى مكان الإقامة.
كانت ميانمار ستبدأ أولًا بإعادة توطين 1176 شخصًا وفقًا لهذا المشروع، يعيش الآن أكثر من 1.25 مليون لاجئ روهينغي في 33 مخيمًا بأوخيا وتيكناف، وصل 800 ألف منهم من ولاية راخين بعد 25 أغسطس/آب 2017.
وافقت ميانمار على إعادة توطين الروهينغا مرتين في 2018 و2019، لكن لم يوافق الروهينغا على ذلك نظرًا للوضع الأمني آنذاك، ولم تكن ميانمار راغبة حقًا في إعادة توطين الروهينغا، فوصل الأمر إلى طريق مسدود، ولم يعد أي شخص إلى ميانمار خلال 6 سنوات.
بدأت مبادرات إعادة توطين اللاجئين الروهينغا في يناير/كانون الثاني 2022 بوساطة صينية، في ذلك الوقت، أعلنت حكومة ميانمار أنها ستستعيد 1140 شخصًا من أصل 800 ألف من الروهينغا الذين ذهبوا إلى بنغلاديش
ومع ذلك كان الاحتجاز لفترة طويلة في المخيمات قد غير من عقلية اللاجئين وأصبحوا راغبين في العودة إلى ميانمار، كان ذلك واضحًا في مطالبة حركة “باري كالو” في مخيمات كوكس بازار بإعادة توطين اللاجئين في 2022.
في الوقت نفسه، طالبت الحركة ميانمار والمجتمع الدولي بتوفير مناخ آمن في راخين لضمان إعادة توطين كريمة للروهينغا، وبالإضافة إلى ذلك خلقوا مناخًا عامًا داخل المخيم لصالح إعادة التوطين.
الصين كوسيط
فشلت الصين والهند – جارتا ميانمار وصاحبتا القوة الإقليمية – في لعب دور فعال لحل أزمة الروهينغا، وعلى النقيض، حصلت حكومة ميانمار – لأسباب اقتصادية وجغرافية وسياسية – على دعم شامل من روسيا والصين، نتيجة لذلك، كانت ميانمار مترددة دائمًا في حل أزمة الروهينغا عن طريق إعادة التوطين.
كانت الصين قد تحدثت سابقًا عن التوسط لمبادرات إعادة التوطين عدة مرات، لكن لم يتم الأمر بعد، ومع ذلك فمبادرة هذا العام مختلفة تمامًا وهو ما يمكن فهمه من خلال ملاحظات الوفد العائد من راخين، كما أن جهود الصين تزايدت أيضًا منذ العام الماضي لإعادة توطين اللاجئين.
بدأت مبادرات إعادة توطين اللاجئين الروهينغا في يناير/كانون الثاني 2022 بوساطة صينية، في ذلك الوقت، أعلنت حكومة ميانمار أنها ستستعيد 1140 شخصًا من أصل 800 ألف من الروهينغا الذين ذهبوا إلى بنغلاديش.
زار المبعوث الصيني الخاص دينغ شيغون عاصمة ميانمار نايبيتاو في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وناقش إعادة التوطين مع حكومة المجلس العسكري، وفي أبريل/نيسان الماضي التقى بوزير خارجية بنغلاديش عبد المؤمن ووزير الدولة للإغاثة وإدارة الكوراث إينامور رحمن، ومع استمرار المحادثات بين دكا ونايبيتاو، عُقد اجتماع ثلاثي بين بنغلاديش وميانمار بوساطة الصين في مدينة كونمينغ يوم 18 أبريل/نيسان، كان دبلوماسيون من 8 دول بينهم بنغلاديش قد زاروا ولاية راخين في مطلع مارس/آذار الماضي.
عارضت الدول الغربية اضطهاد الروهينغا منذ البداية، ورغم أنهم لم يتمكنوا من اتخاذ أي إجراءات أساسية ضد ميانمار، فإنهم مارسوا ضغوطًا عليها في مختلف المنتديات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة
في يوم 6 مايو/أيار، قال السفير الصيني في بنغلاديش ياو وين إن الصين كدولة مسؤولة تتوسط بقوة بين بنغلاديش وميانمار لسرعة إعادة توطين الروهينغا في بلدهم الأم.
من الضروري أن نعترف بأن رغبة الصين في قيادة العالم قد لعبت دورًا بارزًا في الحركة الأخيرة لتسهيل إعادة توطين اللاجئين، يرى الكثير من المحللين أن دور الصين كوسيط سياسي في عدة أجزاء من العالم، إستراتيجية لضمان الهيمنة على الجغرافيا السياسية العالمية.
وأكبر مثال على ذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران مؤخرًا، بالمثل؛ كانت الصين حريصة على لعب دور الوسيط في حل أزمة الروهينغا، ورغم أنها عارضت اتخاذ موقف ضد ميانمار في مختلف منتديات الأمم المتحدة، فإن جهودها المستمرة هذه المرة تكشف حرصها على الوساطة لحل الأزمة.
مشاركة الأمم المتحدة والغرب
ترغب بنغلاديش في دعم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئن لمبادرة إعادة التوطين، ووفقًا للاتفاقية بين بنغلاديش وميانمار، فمن المفترض أن تقوم المفوضية بإعادة توطين الروهينغا في راخين.
لكن العلاقة المتوترة مع المجلس العسكري من ناحية والوساطة الصينية من ناحية أخرى وإحجام المانحين الغربيين، جعل المفوضية غير مستعدة للمشاركة في عملية إعادة التوطين.
في مارس/آذار الماضي، قالت المفوضية إن الوضع في ولاية راخين ليس مبشرًا بعودة دائمة للاجئي الروهينغا، كما أوضحت أنها لن تشارك في محادثات ميانمار وبنغلاديش لإعادة التوطين.
عارضت الدول الغربية اضطهاد الروهينغا منذ البداية، ورغم أنهم لم يتمكنوا من اتخاذ أي إجراءات أساسية ضد ميانمار، فإنهم مارسوا ضغوطًا عليها في مختلف المنتديات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة.
كما لعبوا دورًا كبيرًا في تمويل أكبر مخيم للاجئين في العالم لمدة 6 سنوات، وبشكل خاص، ساهمت المفوضية في توفير أنشطة رعاية مختلفة للاجئين بما في ذلك جمع التبرعات لأجل الروهينغا، معظم هذه التبرعات جاءت من خلال مانحين غربيين.
يمثل الوضع الأمني وضمان الجنسية أكبر مخاوف الروهينغا في عملية إعادة التوطين، ومع ذلك وفي ظل الظروف الحاليّة يجب أن يستجيب الروهينغا لتلك الخطوة التي تتخذها حكومة ميانمار
لم يقدم المانحون الرئيسيون – الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي- أي طريقة لحل الأزمة بشكل دائم، لذا فعدم تحمسهم للمشروع التجريبي وعدم مشاركة الأمم المتحدة سيثير الشكوك بشأن موقفهم من قضية إعادة توطين اللاجئين.
وهكذا، لضمان إعادة توطين دائمة، ينبغي على المفوضية أن تشارك في المشروع التجريبي لضمان خضوع ميانمار للمساءلة وتوفير البيئة الآمنة والمناسبة لإعادة التوطين.
الروهينغا وضمان إعادة التوطين
بعد العودة من ولاية راخين، أعرب الممثلون الحكوميون لبنغلاديش عن رضاهم، وصرّحوا لوسائل الإعلام بأن البيئة مناسبة تمامًا لإعادة توطين الروهينغا، فقد بُنيت قرية نموذجية لإعادة توطين الروهينغا، وخُصص فدان لكل أسرة لزراعته.
تضمن كل قرية مستشفى ومسجد وملعب رياضي، بالإضافة إلى إمكانية دراسة الأطفال في المدارس، وهناك أيضًا فرص عدة لمشاركة الروهينغا في الأعمال التجارية وغيرها من الأنشطة المدرة للدخل.
ومع ذلك، قال بعض ممثلي الروهينغا بعد الزيارة، إن البيئة ليست مناسبة بعد لإعادة التوطين، فقد دُمرت قراهم وأقام الجيش والشرطة ثكنات ومراكز هناك، ونتيجة لذلك فعودتهم إلى مناطقهم القديمة ليست مؤكدة بعد، وأضافوا أن الروهينغا ليسوا مستعدين للعودة كضيوف من خلال شهادة التحقق الوطنية، بل يجب أن تبدأ عملية إعادة التوطين بحصولهم على الجنسية.
على النقيض من ذلك، قال مجموعة من الروهينغا إنه لا بد من عودة بعض اللاجئين لفهم عملية إعادة التوطين في راخين، وبذلك ينكشف الوضع الحقيقي في راخين بتسليط الضوء على توجه ونوايا حكومة ميانمار، لأنه إن لم يتم الأمر على هذا النحو سيظل الوضع مجهولًا ولن تُحل الأزمة مطلقًا.
يمثل الوضع الأمني وضمان الجنسية أكبر مخاوف الروهينغا في عملية إعادة التوطين، ومع ذلك وفي ظل الظروف الحاليّة يجب أن يستجيب الروهينغا لتلك الخطوة التي تتخذها حكومة ميانمار.
ولأن ميانمار لم تتخذ خطوة كبيرة مثل هذه من قبل ولم يكن هناك أي شفافية، فإن أول خطوتين كانتا مصدر قلق للروهينغا، لكن المبادرة هذه المرة مختلفة تمامًا، كما ظهر صدق ميانمار في ضمان إعادة التوطين في تعليقات الوفد البنغلاديشي.
وهكذا، يجب أن يستجيب الروهينغا على الأقل لتلك المبادرة التجريبية التي تقوم بها ميانمار، لكسر هذا الجمود الذي طال أمده وبدء المرحلة الأولى من عملية إعادة التوطين.
المصدر: ذي جيوبوليتكس