في 30 أيار/مايو الماضي عقد مجلس الإدارة المركزي لحزب العدالة والتنمية اجتماعًا برئاسة رجب طيب أردوغان، أُجريت خلاله تقييمات للمرحلة المقبلة، واختير رئيس كتلة حزب العدالة والتنمية في الجمعية الوطنية الكبرى ونوابه.
وأشارت بعض المعلومات إلى أن عبد الله غولر سيتولى رئاسة الكتلة إضافة إلى خمسة نواب. ومن المرجح أن يتم التصويت النهائي على هذه الأسماء في مجلس الحزب الأسبوع المقبل. كما جرى التوافق على تولي نعمان كورتولموش نائب رئيس حزب العدالة والتنمية وعضو اللجنة التنفيذية المركزية للحزب، رئاسة البرلمان خلال الدورة الحالية لما يملكه من خبرة واسعة في مجال الإدارة والأعمال البيروقراطية.
في حين يُرجّح أن يُعيّن رئيس البرلمان المنتهية ولايته مصطفى شنتوب، نائبًا لرئيس الجمهورية. مع ذلك لا يزال الحديث عن إمكانية ترشيح فؤاد أوكتاي لتولي رئاسة البرلمان خلال الدورة الحالية. ويأتي ذلك بعد اعتذار دولت بهجلي عن عرض الرئيس أردوغان بتوليه منصب نائب الرئيس بحسب ما ذكرت بعض وسائل الإعلام التركية.
التشكيلة الحكومية الجديدة المتوقعة
بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وبدء البرلمان عمله بشكل رسمي اعتبارًا من 2 حزيران/يونيو الجاري، فقد حان الوقت لتشكيل الحكومة التي ستنقل البلاد إلى القرن الجديد. لذلك تثار العديد من الأسئلة حول التركيبة الجديدة لمجلس الوزراء الرئاسي، هل سيتشكل من أسماء جديدة؟ أم وزراء مخضرمون؟ وهل سيتم إنشاء فريق عمل ديناميكي من شأنه أن يدفع البلاد إلى الأمام خاصة في مجال الاقتصاد؟
على أية حال جميع الأنظار تتجه حاليًا إلى أنقرة لمعرفة هذه التشكيلة بشكل رسمي خلال الساعات المقبلة. مع ذلك لا ضير في استعراض التكهنات حول المشاورات التي تجري خلف الكواليس لمعرفة أسماء الوزراء الجدد. وأقول تكهنات لأن جميع ما يتم تداوله في القصر الرئاسي يبقى داخل القصر ولا يخرج إلا ما يُراد له ذلك.
وما يؤكد ذلك ما قالته الكاتبة في صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة، إذ كتبت: “أولئك الذين يقولون هؤلاء هم الوزراء الجدد، لا يعرفون الطريقة التي يتعامل بها الرئيس رجب طيب أردوغان.. لأنني لم أر أبدًا أردوغان يشارك الأسماء في ذهنه مع أي شخص”.
يتألف مجلس الوزراء الرئاسي من الرئيس ونوابه و17 وزيرًا، في النظام القديم كان هناك 26 وزارة، بعد الانتقال إلى نظام الحكم الرئاسي، تم دمج بعض الوزارات. خُفّض العدد أيضًا إلى 16. نقلت واجبات ومسؤوليات الوزارات المغلقة إلى الوزارات الأخرى الأقرب إلى مجال اهتمامها.
على سبيل المثال، تم تضمين وزارة شؤون الاتحاد الأوروبي في وزارة الشؤون الخارجية. اندمجت وزارة الغابات مع وزارة الزراعة، كما دمجت وزارة الخزانة والمالية تحت سقف واحد. تم إضافة وزارة التغير المناخي في وقت لاحق إلى وزارة البيئة والتحضر. الآن، فصل بعض هذه الوزارات وحتى إنشاء بعض الوزارات الجديدة مطروح على جدول الأعمال. على سبيل المثال، وزارة الزراعة والغابات، وزارة الخزانة والمالية، وزارة البيئة والتحضر، ويقال أيضًا إنه سيتم إنشاء وزارة للكوارث، ووزارة الاستثمار لتنسيق الاستثمارات في تركيا، وتمهيد الطريق للمستثمرين، وتطوير نماذج الحوافز والتمويل.
خلال اجتماع مجلس الإدارة المركزي لحزب العدالة والتنمية المذكور أعلاه، تمت مناقشة التشكيلة الحكومية الجديدة، إذ استمع أردوغان إلى آراء قادة الحزب الذين اقترحوا عدم تعيين الكثير من النواب كوزراء لعدم الإخلال بالأغلبية والحفاظ على التوزان داخل البرلمان، واقترحوا تعيين بعض نواب الوزراء الحاليين كوزراء في الكابينة الحكومية الجديدة. من جانبه أشار الصحفي في صحيفة حرييت عبد القادر سيلفي إلى أنه الوزراء المنتهية ولايتهم خرجوا من الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الرئاسي الذي انعقد في 31 أيار/مايو وهم مكتئبون من قرار عدم إعادة تكليفهم مرة ثانية، إلا أن الرئيس أردوغان قال لهم “لن يستقيل النواب بسبب المخاطر في اللجان، سنواصل العمل مع أصدقائنا الجدد”.
ومع ذلك، يُعتقد أن 3 أو 4 وزراء سيعودون في النهاية إلى مناصبهم السابقة، إذ جرى التوافق بشأن استمرار مراد قوروم، وزير البيئة والتحضر وتغير المناخ في منصبه، حيث يعد أحد الأسماء التي وثق بها أردوغان بعد زلزال كهرمان مرعش، لذلك يمكن تكليفه بإعادة هيكلة اسطنبول، بما في ذلك مشروع قناة اسطنبول. ومن المرجح أيضًا أن يتم إعادة تكليف وزير العدل بكر بوزداغ بحقيبة وزارة العدل مرة ثانية.
في حين يُعتقد أن سليمان صويلو سيتم تكليفه من جديد بحقيبة وزارة الداخلية، إلا أنه يتم تداول أسماء مثل سيف الله حاجي مفتي أوغلو الأمين العام لمجلس الأمن القومي، وعلي يرلي كايا والي إسطنبول لتولي هذه الحقيبة.
أما بخصوص وزارة الدفاع فرجحت بعض المصادر أن يتم إعادة تكليف خلوصي أكار، في حين أشار خبير السياسات الأمنية “متى يارار” إلى أن الاختيار وقع على رئيس الأركان العامة ياشار غولر لتولي حقيبة الدفاع. وإذا ما تم التخلي عن مولود جاويش أوغلو لمنصب وزير الخارجية، فمن المرجح أن يتم اسناد الحقيبة إلى إبراهيم كالن أو هاكان فيدان، وقد رجحت مصادر أن يتم تعيين الأخير نائبًا للرئيس.
إلى جانب ذلك هناك اسمان مفاجئان آخران لوزارة الخارجية، أحدهما وزير شؤون الاتحاد الأوروبي السابق فولكان بوزكر، والآخر هو برهان الدين دوران رئيس مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (SETA). وقد يكون مدير المكتب الخاص برئاسة الجمهورية حسن دوغان والمتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر جيليك من بين الأسماء المفاجئة في الحكومة الجديدة.
كما من المرجح أن يتم تعيين لطفي علوان وزيرًا للتجارة، وجودت يلماز وزيرًا للخزانة والمالية إلا أن حظوظ محمد شيمشك أعلى بكثير، وهناك اقتراح لإلغاء دمج وزارتي الخزانة والمالية وإعادة انفصالهما كما كانت عليه الحال قبل عام 2018. وتكليف مصطفى يلماز رئيس مجلس تنظيم سوق الطاقة حاليًا، أو ألب ارسلان بيرقدار معاون وزير الطاقة حاليًا، بحقيبة وزارة الطاقة. في حين يتم تداول اسم ناجي أنور لحقيبة وزارة الصحة، ومحمد فاتح كاجر الذي يشغل حاليًا منصب معاون وزير الصناعة والتكنولوجيا لحقيبة وزارة الصناعة والتكنولوجيا.
ما هو مؤكد حتى الآن هو لقاء أردوغان للمرة الثانية مع وزير المالية السابق محمد شيمشك. يُنظر إلى شيمشك على أنه منقذ الاقتصاد التركي من الأزمات التي يعاني منها حاليًا. وبالرغم من أن بعض المصادر أشارت إلى تعيين شيمشك نائبًا للرئيس للشؤون الاقتصادية، إلا أن مصادر أخرى أكدت بأن شيمشك سيكون وزير الخزانة والمالية بصلاحيات مطلقة لإجراء تغييرات واسعة في الملف الاقتصادي.
ما رشح عن اجتماع أردوغان وشيمشك الذي استمر نحو ساعتين ونصف، هو أن شيمشك عرض الصورة الاقتصادية لتركيا بطريقة واقعية بالأرقام والجداول. وذكر أنه يجب تنفيذ سياسة مالية ونقدية جديدة وأن تكون هناك مرونة تجاه سياسات أسعار الفائدة، وإلا فإن هناك أزمة كبيرة تنتظر تركيا. كما يجب تغيير محافظ البنك المركزي من الأسماء التي سيقترحها شيمشك، لأن الأسواق المالية الدولية تنظر إلى البنوك المركزية باهتمام بالغ. كما اقترح شيمشك توفير بيئة مناسبة لفتح الباب لتدفقات رأس المال من الخارج. وذكر شيمشك أنه إذا تم توفير هذه البيئة قد يكون هناك تدفق قدره 50 مليار دولار من الشركاء الأجانب الذين يعمل معهم في المقام الأول.
مع ذلك، تبقى هذه ترجيحات غير نهائية ويمكن أن تحدث تغييرات في اللحظة الأخيرة وصاحب القرار النهائي في هذا الشأن هو الرئيس رجب طيب أردوغان. ومن المرجح أن يتم إعلان التشكيلة الحكومية النهائية مساء اليوم السبت الساعة 22:00.
والحقيقة أنه في ظل النظام الرئاسي فإن إدارة الرئيس لا تقتصر فقط على الوزراء، يعد نواب الرئيس أعضاء طبيعيين في مجلس الوزراء. مع ذلك هناك مناصب أخرى لا تقل أهميتها عن الوزراء مثل رئيس الاستخبارات الوطنية، ومجلس الأمن والسياسة الخارجية، والأمانة العامة لمجلس الأمن القومي، ورئيس صندوق الثروة التركي، ومحافظ البنك المركزي، ورئيس اتحاد الغرف والبورصات في تركيا، ورئاسة الكوارث والطوارئ التركية. لذا من المتوقع حدوث تغييرات كبيرة في أغلب هذه المناصب خلال المرحلة المقبلة.
برنامج التشكيلة الحكومية الجديدة
شدد الرئيس أردوغان على أنه “سيكون لدينا حكومة تليق بالقرن الثاني من جمهوريتنا. سنواصل السير على الطريق بكوادر مكرسة لمثلنا من أجل تركيا عظيمة وقوية”. مضيفًا أنه “لم نتوقف أبدًا عن تجديد طاقمنا، ولن نتوقف مرة أخرى. واصلنا طريقنا مع فرق ديناميكية. لدينا العديد من الأسماء القيمة، ستكون هناك أسماء في حكومتنا ستواكب رؤية قرن تركيا “.
وأدى الرئيس رجب طيب أردوغان اليمين الدستورية في البرلمان في وقت سابق اليوم. وزار ضريح أتاتورك وفقًا للبروتوكول المعتاد. بعد ذلك، سينتقل برفقة القوات الخيالة إلى المجمع الرئاسي لإقامة مراسم التنصيب. ستقام مأدبة عشاء ضخمة في الساعة 20:00 مع حضور عدد كبير من الشخصيات الهامة في الدولة، بالإضافة إلى أكثر من 20 رئيس دولة وقادة أكدوا حضورهم حتى الآن. بعد تناول العشاء، سيتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة الوزارية الساعة 22:00. بعد ذلك سيؤدي نواب الرئيس والوزراء الجدد اليمين الدستوري أمام البرلمان، من المتوقع أن يجري ذلك يوم الاثنين المقبل الموافق 5 حزيران/يونيو الجاري.