في يوم الخامس عشر من ديسمبر لسنة 2014، في المقر المركزي لحركة النّهضة بمنطقة مونبلزير بتونس العاصمة بمناسبة لقاء صحفيّ مع لطفي زيتون، المستشار السّياسي لرئيس حركة النّهضة، وعضو مكتبها السياسي وعضو مجلس شورتها.
لقاء سيلقي الضّوء على ملفين أساسيين وهي “المشهد الاقليمي والتّحوّلات التي تشهدها المنطقة” و”مستجدّات الشّأن السّياسي في تونس”.
المشهد الاقليمي والتّحوّلات التي تشهدها المنطقة:
كيف تقرؤون في حركة النّهضة التّغيّرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة العربيّة منذ اندلاع شرارة الرّبيع هنا في تونس في شتاء 2011؟
أوّلا نحن على بعد 4 سنوات تقريبا منذ انطلاق موجة التّغييرفي المنطقة العربيّة التي لم تكن تقليديّة، صحيح أنّه لا يوجد علم صحيح اسمه علم الثّورة لكن بعد كلّ ثورة كان يتم انتاج نظريّات حول هذه الثّورة، فاثّورة الفرنسيّة أنتجت أدبا ونظريّات سياسيّة حول هذه الثّورة، ثُمّ جاءت الثّورة البولشيفيّة وتبعتها الثّورات اليساريّة ثُمّ جاءت الثّورة الايرانيّة لتُزلزل كثيرا من اليقينيّات حول الثّورة وخاصّة الدّور الذي يمكن أن يلعبه الدّين في السّياق الثّوري واليوم نحن نشهد ثورة عربيّة فريدة تختلف عن سابقاتها فثورات الرّبيع العربي لم يقٌدها حزب طليعي ولا قيادة كاريزميّة بل قادتها الجماهير الشّعبيّة التي تحرّكت بعقلانيّة وسلميّة شديدة ولم تجنح الى العنف الّا في المناطق التي بادرت فيها الدّولة مثل ليبيا وسوريا بعنف شديد ومبالغ فيه فردّت الجماهير المنتفضة الفعل لكن عموما طابع هذه الثّورات هو طابع سلمي جماهيري شعاراتها واضحة بين مطالب سياسيّة تطالب بالحرّيات ومطالب اجتماعيّة تنمويّة تطالب بالعدل الاجتماعي.
هذه الجماهير التي قادت ثوراتها احتفظت بالشّرعيّة الثّوريّة لنفسها ولم تُترجمها الا عبر صناديق الاقتراع باعتبار أنّها لم تفرز ولم تسمح بظهور زعامة “ثوريّة” تقفز وتترجم الشّرعيّة الثورية لنظام أو منظومة حكم، هذه الجماهير ترجمت إرادتها وشرعيّتها من خلال انتخاب مجالس تأسيسيّة كالذي حصل في تونس أو من خلال انتخابات لأنظمة جديدة كالذي حصل في مصر واليمن وليبيا.
عندما شارفت موجة التّغيير حدود منطقة تعتبر عقدة في الجيو استراتيجيا وأعني الشّرق الأوسط، منطقة وعرة وصعبة التّضاريس الطّائفيّة والعرقيّة والسّياسيّة مثل سوريا، خاصّّة مع موقعها الاستراتيجي على حدود اسرائيل وتركيا ,تعطّلت (الموجة) وتحوّلت الى ما يشبه الحرب الأهليّة الصّفريّة وهو ما سمح بتدويل هذا الصّراع الدّاخلي السّوري-السّوري في بدايته فاسحة المجال أمام الأطراف التي أضرّت بها موجة الرّبيع العربي، هذه الأطراف التي تجمعها بافرازات الرّبيع العربي، حركات الاسلام السياسي، علاقة توجّس.
صحيح أن حركات الاسلام السياسي الوسطي بعيدة عن العنف ولكن هذه الحركات لم تنجح بعد في بناء علاقة ثقة بينها وبين المنتظم الدّولي وتحتاج مزيدا من الجهد حتّى تنجح في التّطبيع معه… كلّ هذا ساهم في بناء موجة مُرتدّة للرّبيع العربي بلغت أوجها في مصر من خلال اسقاط حكم الإخوان المسلمين ثمّ وصلت إلى ليبيا.
تونُس كما كان لها السّبق في اطلاق شرارة الرّبيع العربي، تعاملت مع هذا الارتداد بشكل عقلاني ساهم في عقلنته عراقة مؤسّسات المجتمع المدني (اتحاد الشغل، منظمة الأعراف، عمادة المحامين ورابطة حقوق الانسان) بأن مثّل حاجزا بين موجة التّغيير وموجة الارتداد ونجحت هذه المُؤسّسات المدنيّة من خلال الحوار الوطني في ارساء نوع من التّفاهم أو من المُقايضة التّاريخيّة.
هل انتهى الرّبيع العربي؟ بالنّظر لما تشهده دول الربيع اليوم في ليبيا، مصر ,اليمن، سوريا وحتّى تونس؟
الرّبيع العربي هو حركة تغيير كبرى، وأشبّهه بحركات التّحرّر الوطني أيّام الاستعمار، فلو تقلّب أوراق التّاريخ ستجد بأن هذه الحركات مرّت بموجات من التّقدّم وموجات أخرى من التّقهقر، فمثلا بعد الحرب العالميّة الأولى والإعلان على مبادئ حقوق الإنسان انتعشت الحركة السياسية في البلدان المُستعمرة وارتفع سقف المطالب السيّاسية، ثمّ مرّت حركات الاستقلال بحالة انتكاسة في الثّلاثينات، بعد الحرب العالميّة الثّانية في منتصف الأربعينات استعادت هذه الحركات انتعاشها مرّة أخرى لتنتهي فيما بعد بتحقيق أهدافها بالاستقلال على مدى طويل.
الرّبيع العربي عمره ثلاث سنوات ونيف، هذه الحركات الكبرى للشعوب ليست بنيران تبن، بل هي نيران حجر… انطلقت في الأرياف بعيدا عن المدن حتّى احمرّ جمرها فلفحت المدن لتحدث تغييرات جذريّة في بنى الدّول… هي إذن حركة عميقة وليست مجرّد انتفاضات.. هناك تغيّرات قد نتحسّسها اذا ما تساءلنا: كيف أصبح المجتمع ينظر إلى نفسه؟ كيف أصبحت علاقة المواطن بالدّولة ؟ كيف تحوّلت علاقة المواطن مع رجل الأمن؟
هناك تغييرات حقيقيّة قد لا تُرى بالعين المُجرّدة لكن تُحسّ على المدى المُتوسّط والبعيد وتحتاج مدّة اختبار معقولة وبالتّالي لا يزال الوقت مٌبكّرا للحكم باطلاق حول نجاح موجة التغيير من عدمها لكن عموما هذه الموجة تتقدّم وستنجح خلال 20 سنة في كسر عقدة الاستثناء الدّيمقراطي التي ترسّخت في محيطنا العربي…هذه الموجة كسرت الإحتكار السياسي وسمحت حتى لمن كان محتكرا أن يشارك في العملية السياسية بالتساوي… الموجة تتقدم حتى في المناطق التي انكسرت فيها إذ دفعت النظام القديم لأن يتفاعل بأن غير شخوصه وأساليبه وبالتالي نحن ازاء مد وزجر طبيعيين.
في علاقة بالمشهد المصري، كانت حركة النّهضة في طليعة المندّدين بإسقاط حكم الإخوان في مصر عبر الانقلاب العسكري… بعد كلّ المُستجدّات في المنطقة.. هل عدّلتم من موقفكم؟
أولا تحديد المسؤليات لما آلت إليه الأمور في مصر معقد، الثورة في مصر عندما ترجمت عبر صناديق الإقتراع ، أساء الإخوان فهم نتائج الإنتخابات بأن إعتبروها تفويضاً مطلقا، بينما لو تأملنا النتائج خاصة في الرئاسية لاكتشفنا أن الشعب المصري أراد حكما توافقيا، فهذه الثورات أرهقت الشعوب، وما كان ممكناً لها أن تتحمل مزيدا من الصراعات السياسية، الفاعلون السياسيون في مصر وخاصة الإخوان لم يفهموا الرسالة التي بعثها لهم الشعب المصري عبر نتائج الانتخابات وقاسوا مصر حديثة العهد بالديمقراطية والخارجة من أزمة عميقة، على مقاس الديمقراطيات العريقة التي يمكن أن تحكم ب ٥١ ٪ وهو قياس غير سليم.
أيضا الإخوان اعتبروا المؤسسة العسكرية طرفا سياسياً في حين أنه جزء هام ومحوري في الدولة، فكانت العلاقة قلقة وهو ما أدى في ما بعد لسوء التفاهم التاريخي الصائفة قبل الفارطة.
الأطراف السياسية المصرية تتحمل بدورها جزءا هاما من المسؤولية، حيث أنها دأبت على مر التاريخ على عدم الاعتراف بمكانة الإخوان في الاجتماع السياسي المصري، وكانت تعامل (حركة الإخوان) من طرف النخبة السياسية على أنها خزان أصوات لا أكثر، ولم يتم التعامل معها بالطريقة التي تليق بها كالقوة السياسية الأكبر في مصر وكأنها بدون شخصية سياسية وهو ما يفسر التنازع والتنافي الكبيرين الذي عقب الانتخابات الأولى في حين كان الوضع يتطلب إلتفافا كبيرا.
كل هذه المسؤليات مجتمعة دفعت نحو الانقلاب العسكري وقتها لكن نحن اليوم أمام وضع مختلف، فالانقلاب في مصر عقبته إنتخابات وضعت المشهد أمام شرعيتان، شرعية الانتخابات الأولى التي افرزت الرئيس محمد مرسي وشرعية الانتخابات الثانية التي توجه إليها إتهامات كثيرة.
في تقديري، الوضع المصري مازال يتفاعل ولم يستقر بعد، النظام القائم اليوم لم ينجح في بناء قاعدة سياسية تمكنه من حكم بلاد مثل مصر، الإخوان المسلمين أيضا تحت وقع المحاصرة والأزمة والسجون والتقتيل مازالوا لم يجدوا أرضا صلبة يقفون عليها لتقييم التجربة وتجديد الخطاب والبحث عن مخرج؛ المؤسسة العسكرية المصرية لها من التراث الوطني ومن الإخلاص لهذا البلد، كما للإخوان المسلمين ماض مجيد في البذل في سبيل مصر وقضاياها وكانوا قوة إيجابية في كل اللحظات التاريخية التي مرت بها البلاد، هاتين القوتين مصيرهما الجلوس على طاولة الحوار من أجل إيجاد حل، لا أقول حلا يرضي الطرفين ولكن حلا يرضي المصريين… في غياب مؤسسات وطنية كبيرة تسعى لهذا الحوار كما حصل في تونس، المسؤولية تقع على هاتين القوتين حتى تتوافق من أجل إخراج مصر من الوضع الحالي الذي تمر به.
نفس السؤال حول الملف السوري، بادرت الحكومة التي كانت حركة النهضة مكونها الرئيس إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة السورية، اليوم مع ما ذهب إليه الوضع السوري من اقتتال طائفي وتغيير لعناويين الصراع، هل مازلتم على نفس الموقف؟
بداية ، كنت قد عارضت طرد السفير وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة السورية لقناعتي بضرورة الفصل بين الموقف السياسي والتمثيل الدبلوماسي، قد يبلغ الإختلاف السياسي مداه ، لكن ضروري أن تحافظ الدول على قنواتها الدبلوماسية خاصة إن كانت هناك وشائج بين هذه الدول، كان هنالك تسرع في قطع العلاقات التونسية السورية للأسف، كنت أيضا قد عارضت بشدة خيار قطع العلاقات مع مصر الذي كان مطروحا أيضا، نجحنا في الملف المصري ولم نفلح في ما يتعلق بالشأن السوري.
بالنسبة للموقف من الحالة السورية، كانت في البدايات ثورة على نسق ثورات الربيع العربي، لا ننسى أن الشعب السوري حافظ على سلمية تحركاته لمدة ٨ أشهر، ولكن طبيعة البلد وتعقيدات التضاريس الطائفية والعرقية بالإضافة إلى وضعه الحساس في المعادلة الجيواستراتيجية، حول حركة التغيير السلمي إلى أبشع ما شهدته المنطقة والعالم وهذا يدعو كل العقلاء إلى تغيير مواقفهم، المعارضة السورية نفسها أصبحت تقبل بتسوية معقولة، في النهاية إن كانت الثورة ستقضي على البلاد وعلى المواطنين ما فائدتها؟ البلد أهم من الثورة وحياة الناس أهم من نجاح الثورة خاصة إذا بلغ الأمر إلى حد إفناء مدن كاملة.
اليوم أن نجد حلا للمأزق السوري في حد ذاته ثورة، لأن الانتقال من حكم سلطوي دكتاتوري بالكامل إلى حكم يتقاسم السلطة مع شعبه أو فئات أخرى أو مع طوائف أخرى يمكن إعتباره ثورة.
نحن نتمنى ألا يكون الوقت قد فات لإيجاد تسوية بالنظر للاحتراب الطائفي الدائر فيها، وإعادة الصراع إلى مربعه السياسي سيتطلب الكثير من الجهد المحلي والدولي ولعل تقاطع مصالح بعض الفاعلين الدوليين مع تسوية الوضع في الجبهة السورية قد يدفع بالأزمة نحو الإنفراج.
لم يعد منطقيا الحديث عن الربيع العربي في سورية، نحن الآن أمام مسألة إنقاذ سورية وشعبها.
أطلقت حركة النّهضة أو طلب منها أن تدير حوار يجمع الفرقاء الليبيّين يفرز حلّا للأزمة الخانقة التي تعيشها جارتكم وآخر الأخبار المنشورة حول هذه المبادرة تتعلّق بجلسات للانصات، هل فشلت مبادرة حركة النّهضة خاصّة مع دخول الحكومة التّونسيّة على الخط وبروز المبادرة الجزائريّة؟
الحضوة التي تحظى بها حركة النّهضة وخاصّة رئيسها الأستاذ راشد الغنوشي لدى جميع الفرقاء الليبيين باختلاف مشاربهم مكّنت الشّيخ من إطلاق مبادرة الحوار الوطني الليبي تأسّيا بالتّجربة التونسية بهدف حلحلة الوضع فاتصل بكلّ الأطراف من أجل إعداد أرضيّة صلبة ينطلق منها الجميع نحو افراز الحل الليبي.
ما يحدث الآن من حوار ترعاه أطراف لها نفوذ وتجربة في المنطقة مثل الدّولة الجزائريّة التي تمرّست دبلوماسيّتها وتدرّبت على مثل هذه النّزاعات وكانت لها وساطات ناجحة مثل تدخّلها في أزمة الرّهائن بين إيران وأمريكا وأيضا عبر تدخّلها في الأزمات والحروب التي شهدتها أفريقيا ويُمكن القول بأن الاخوة الجزائريّون راكموا على ما أعدّته حركة النّهضة من جلسات انصات تمهيديّة.
بالنّسبة لدبلوماسيّة الدّولة التّونسيّة نحن ننظر بعين الرّضا لاسهامها الإيجابي في الموضوع الليبي اذن لا يمكن الحديث عن فشل لمبادرة حركة النّهضة، فان نجحت المبادرة الجزائريّة مع الانخراط الدّولي الدّاعم لها فسيكون لحركة النّهضة نصيب هامّ في هذا النّجاح، واذا فشلت الجهود المبذولة من أجل إنهاء الاقتتال الدّاخلي في ليبيا فقطعا ما فشلت فيه الدّول لن تنجح فيه حركة النّهضة.
كيف ترون المخرج للأزمة الليبيّة؟
الشرط الأساسي لنجاح أي مفاوضات في الساحة الليبيّة هو قطع الطّريق أمام أي تدخّل خارجي وهذا ما يجب أن تعيه كلّ الأطراف وهو ما تدفع اليه كل القوى القلقة على ما آلت إليه الأمور.
استحضار أهمّية هذا المعطى لدى الجميع في ليبيا سيُعجّل في الانفراج الذي لن يكون إلا عبر حوار وطني يفرز تسوية ترضي الجميع.
منذ قرابة الشّهرين، تمّ استقبال الشّيخ راشد الغنّوشي استقبال الرّؤساء في الجزائر، ما سرّ هذه العلاقة المتميّزة مع النّظام الجزائري وهل كان لها علاقة بالانتخابات التّشريعيّة؟
هنالك تحوّل في وضعيّة الشّيخ راشد الغنّوشي من زعيم حزبي إلى مرتبة الشّخصيّة الوطنيّة خاصّة مع إسهامه الفعّال من خلال الحوار الوطني في تجنيب تونس انسداد الأفق السياسي وإخراجها من المأزق الذي وقعت فيه إثر اغتيال الشّهيد محمّد البراهمي وهذا ما دفع أطرافا داخليّة وخارجيّة كثيرة الى وضع ثقتهم في هذا الرّجل وفي هذا الإطار تتنزّل علاقته مع عديد الدّول وليست فقط الجزائر وأينما سافر يجد ترحابا وحفاوة.
في الجزائر، حضي الشيخ راشد باستقبال استثنائي وكان مثل استقبال رؤساء دول. كما تفضّلت، وتفسيرنا له أنّه يعود الى انشغال الشّقيقة الجزائر بالوضع التّونسي وحرصها على استقرار تونس ومرورها من منطقة الاضطرابات والعواصف إلى إنجاح التّجربة الديمقراطيّة بأخفّ الأضرار الممكنة والشّيخ راشد من أهم المفاتيح في هذا التّحوّل والجزائر قدّرت الرّجل حقّ قدره بالإضافة إلى علاقة الصّداقة الشّخصيّة التي تجمع الشخ راشد الغنوشي بالسيد عبد العزيز بوتفليقة والتي تعود لسنوات التّسعينات.
هناك انطباع سائد حول توتر العلاقات بين تونس وبعض دول الخليج وخاصة المملكة السعودية ودولةً الإمارات، ما حقيقة هذا الانطباع وهل حاولت دبلوماسيتكم الحزبيّة امتصاص هذا التّوتّر؟
بعد صعود حركة النّهضة وحلفائها إلى الحكم، قامت الحكومة بزيارة الى المملكة السّعودية وكنت ضمن الوفد التّونسي، واُستقبلنا استقبالا استثنائيّا للأمانة من طرف وليّ العهد وقتها الأمير نائف رحمه الله ومن طرف الملك عبد الله وعبّر الأشقّاء السّعوديّون عن انفتاح كبير واستعداد للتعاون وتجاوُز ما يمكن أن يكون حدث من سوء تفاهم.
أنا أقول بأنّنا قصّرنا على مُستوى الحكومة في مسألة مُتابعة نتائج هذه الزّيارة ولم تكن هناك مُراكمة نظرا لتعقّد الأوضاع في تونس من خلال تغيير الحكومة مرّتين ثمّ الأزمة… لكن في الحقيقة وللتاريخ الاستقبال والحفاوة التي وجدناها من الاخوة السعوديون كانت مفاجئة وللأسف لم نستثمرها كما ينبغي واليوم أقول بأن العلاقة التونسية السّعوديّة هي في وضعها العادي ولا وجود لأي توتّر.
بالنّسبة لدولة الإمارات الشّقيقة هنالك سوء تفاهم لم يُبنى على تصادم أو خلاف وانّما بُني على أفكار مُسبّقة وهذه الأفكار المسبّقة تحتاج إلى حوار وإلى تعارف فنحن (حركة النّهضة) وافدون جدد على السّلطة في تونس، نحتاج بعض الوقت لاكتساب ثقة شركاء تونس وأشقاء تونس الخارجيين ونحتاج لبذل مزيد من الجهد من أجل التعريف بأنفسنا والحوار والتطمين وكل هذا مقدور عليه اذا ما توفّرت النّوايا الطّيبة ومن جهة حركة النّهضة، هذه النّوايا مُتوفّرة.. نحن على استعداد للتواصل مع أشقائنا لتبديد كل ما من شأنه أن يعطّل العلاقات الودّية بين البلدين.
كيف استقبلتم خبر المُصالحة الخليجيّة هنا في تونس؟
بشكل إيجابي جدّا. دولة قطر الشّقيقة والعزيزة هي واحدة من بين أوّل الدّول التي وقفت مع الثّورة التّونسيّة، كما وقفت مع حركتنا في محنتها معنويّا على الأقل باعتبار انّها كانت من العواصم القليلة التي يمكن أن نزورها دون مشاكل ولا ننسى مساهمة قناة الجزيرة المقدّرة في التعريف بمحنة التّونسيّين تحت الحكم الدكتاتوري، وبالتّالي نحن نكن لهذه الدّولة عاطفة خاصّة واستقرارها وازدهارها وهدوئها وهدوء جوارها يُعتبر مصلحة لنا أيضا… لذلك نحن استبشرنا بالمصالحة بين الأشقّاء ونعتبر أنّه إضافة للوضع العربي الذي يشهد أصلا تشتتا كبيرا في وقت أحوج فيه الأمّة الى التّقارب والتّضامن.
انتهاء المشكل في الخليج ننظر إليه نظرة إيجابية جدّا ونتمنّى أن ينعكس إيجابا على علاقاتنا نحن في حركة النّهضة مع إخواننا الخليجيين.
في الجزء القادم سيحدثنا لطفي زيتون عن مستجدّات الشّأن السّياسي الداخلي في تونس.