أبدى مؤسسة جماعة كولن، فتح الله كولن، امتعاضه من حملة الاعتقالات التي تعرض لها عدد من العاملين في المؤسسات التابعة له ومن المحسوبين على جماعته داخل جهاز الأمن الداخلي التركي، وقال أنه كان يتمنى أن يكون مكان “أكرم دومانلي”، مدير تحرير صحيفة زمان التابعة لجماعة كولن، أو “هدايات كاراجا” مدير البث في مجموعة قناة سمان يولو التابعة لجماعة كولن، حتى يعتقل هو عوضا عنهم.
وقد شنت الشرطة التركية يوم الأحد الماضي حملة إيقافات طالت عددًا من الشخصيات البارزة والمحسوبة في الغالب على جماعة كولن للتحقيق معهم في قضايا متعلقة بـ “إنشاء تنظيم عصابي مسلح، وإدارته، والانتساب إليه، والقيام بالاحتيال والافتراء وتزوير الحقائق”، في حين رأى فتح الله كولن في هذه التحقيقات أنها قد تم تحريكها من قبل حكومة العدالة والتنمية بنية الانتقام من جماعته المتهمة بالتآمر للإطاحة بحكومة العدالة والتنمية وبتشكيل دولة موازية داخل أجهزة الدولة التركية.
وفي المقابل علق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على هذه التصريحات ناسبا إياها إلى “ذاك المقيمة تحت الحماية في بنسلفانيا(مكان إقامة فتح الله كولن في أمريكا)” دون ذكر اسمه، قائلا: “يصدر تصريحات من بنسلفانيا، يستهدفني في شخصي ويقيم جلسات مع مريديه خصياصا للدعاء علي، والآن يقول أنه كان يريد أن يكون في مكان من تم إيقافهم.. لا شيء يكبل يديك وقدميك، تعالى وكن مكانهم، لم يطلب منك أحد أن لا تأتي”.
وواصل أردوغان حديثه عن كولن قائلا: “أصلا لقد طلبنا منك القدوم إلى تركيا منذ سنوات، ولكن الذين يقيمون تحت الحماية في بنسلفانيا لا يستطيعون القدوم إلى هنا”، ملمحا بذلك إلى بعض الادعاءات التي أطلقها عدد من منتقدي جماعة كولن والتي تقول أن كولن بات محاصرا من قبل عدد قليل من الشخصيات النافذة داخل الجماعة والتي لا يتجاوز عددها العشرة أشخاص والذين يتحكمون في حياة كولن بشكل كامل ويقررون بمن يلتقي وبمن لا يلتقي ويملون عليه الأوامر التي يصدرها لمريديه في تركيا أو يصدرونها هم باسمه.
ويذكر أن أردوغان أطلق في مناسبات كثيرة – قبل نشوب الصراع بين حزبه والجماعة – دعوات لعودة فتح الله كولن من أمريكا، وكانت أهم هذه المناسبات احتفالية “تركتشة أولمبيات” التي أقامتها جماعة كولن في سنة 2012 والتي تحدث اردوغان في حفلها الاختتامي، الذي حضره عشرات الآلاف من أنصار الجماعة، موجها التحية لفتح الله كولن وداعيا إياه إلى أن يعود إلى بلاده وإلى أن ينهي غربته التي لم يعد لها من مبرر خاصة بعد أن تم (آن ذاك) إغلاق ملفه القضائي الذي فتحه النظام العسكري في السابق.
ولم يقدم فتح الله كولن آن ذاك أي مبرر جدي لعدم عودته لتركيا، الأمر الذي استغله أردوغان في السنة الماضية – بعد نشوب الصراع – ليقول بأن عدم عودة كولن في ذلك الوقت – وقت الصفاء بين الحزب والجماعة- يدل على أن كولن كان يضمر نوايا سيئة وكان مورطا في الإعداد للإطاحة بحكم حزب العدالة والتنمية وفي الإعداد لعملية 17 ديسمبر 2013 التي كادت أن تطيح بحكم العدالة والتنمية.
وختم أردوغان كلامه قائلا: “لقد قلنا لهم: سناحسب هذا التنظيم المتغلغل في أجهزة الدولة وسندخل إلى جحوركم، ولقد دخلنا إلى جحوركم ووكشفنا خيانتكم وسجلناها، وسترون منا المزيد”، مضيفا: “حاسبنا أولئك الذين حاولوا الانقلاب على الشرعية في تركية تحت ذريعة محاربة الفساد، وسنستمر في محاسبتهم، وكذلك سنفعل مع من يحاولون تشويه صورة تركيا عبر الادعاء بأننا نضيق من حرية الصحافة.. لقد أفسدنا ألاعيبكم داخل جهاز الأمن، وأفسدنا لعبتكم داخل جهاز القضاء، وإن شاء الله سننقذ العدالة من أساليب التهديد والمساومة التي تستخدمونها”.
وفي ما يخص الانتقادات التي وجهت للإيقافات التي تعرض لها بعض الإعلاميين المحسوبين على الجماعة، أشار رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو إلى أن أحدًا من الموقوفين لم يتم إيقافه بسبب قيامه بأعمال صحفية، وأن كل الموقوفين تم إيقافهم بموجب أمر قضائي وبغاية التحقيق معهم في علاقتهم بتنظيم عصابي مسلح، مضيفًا: “هذه التحقيقات لا تتعلق بأفعال صحفية، وستخرج تفاصيل هذه التحقيقات مع تقدم العملية القضائية”.