كشف بحث قامت به منظمة “ريبريف” بأن بريطانيا قامت بتوجيه أموال لإيران أكثر مما فعلت تجاه بقية دول أوروبا في إطار جهودها لمكافحة المخدرات.
وقالت صحيفة ديلي ميل البريطانية والتي نشرت نتائج البحث إن بريطانيا ترسل تلك الأموال لإيران رغم الموقف العام في المملكة المتحدة والساعي لإلغاء عقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم، مع العلم بأن إيران لديها أعلى معدل لتنفيذ الإعدامات بالنسبة لعدد السكان.
ورغم أن الدعم البريطاني لجهود مكافحة المخدرات في إيران قد توقف بالفعل بعد غضب في بريطانيا، حيث تدعم تلك المساعدات الجهاز الأمني الإيراني، إلا أن ريبريف تعتقد أن عشرات الأشخاص المحكومين بالإعدام مازالوا يواجهون عقوبة الموت بفضل المساعدات البريطانية التي تلقتها الحكومة الإيرانية بالفعل.
كما يشير التقرير إلى الملايين التي لاتزال تتدفق في عمليات دعم مماثلة في باكستان، وهي الدولة الأعلى في عدد المحكوم عليهم بالإعدام، وأكدت ديلي ميل أن اثنين من حملة الجنسية البريطانية، سيدة ورجل من ذوي الاحتياجات الخاصة مازالوا يواجهون الحكم بالإعدام بعد اتهامهم بجرائم الإتجار بالمخدرات.
وصرحت مايا فوا، المحققة في منظمة ريبريف أنه عند النظر في سجل المحكوم عليهم بالإعدام، فسنرى الفئات الأشد فقرًا والأكثر ضعفًا، بما في ذلك الأطفال والمرضى العقليين أو من يعانون من صعوبات في التعلم، لا أحد منهم على الإطلاق من زعماء عصابات الإتجار في المخدرات.
وتابعت مايا في تصريحها للصحيفة البريطانية “أن ما تقوم به بريطانيا هو نفاق واضح عبر دعوتها لإلغاء عقوبة الإعدام من العالم أجمع، وفي نفس الوقت دعم سياسات الإعدام في خرق واضح لقواعد حقوق الإنسان التي سنتها بنفسها”.
تقرير ريبريف يكشف أن بريطانيا أعطت ما يقرب من 6 مليون جنيهًا إسترلينيًا لـ12 مشروعًا لمكافحة المخدرات الإيرانية بين عامي 1998 و2012، وخلال هذه الفترة كان هناك 2917 حالة إعدام مؤكدة للجناة المزعومين، ومن بين هؤلاء الذين تم إعدامهم طفل يبلغ من العمر 15 عامًا وامرأة هولندية شاركت في احتجاجات مناهضة للحكومة.
الأموال التي قدمتها بريطانيا وفرت دعمًا كبيرًا لقوات الأمن الإيرانية، مثل إنشاء مراكز المراقبة الحدودية، وتقديم 1000 سترة واقية من الرصاص، وأجهزة رؤية ليلية، وماسحات ضوئية للأجسام، وهواتف تعمل بالأقمار الصناعية، وبرامج للكمبيوتر، وكلاب بوليسية ومركبات للمراقبة المتخصصة، تم توجيه تلك الأموال من خلال مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والذي أشاد بدور إيران “النشط” وبممارساتها “الجيدة” في مكافحة المخدرات.
وقالت الصحيفة البريطانية إن أحد المشاريع التي مُولت بواسطة بريطانيا عمل على إنشاء مكاتب اتصال حدودية مع أفغانستان.
ومن بين الذين تم القبض عليهم في وقت لاحق كان نعيم كولبالي، الطفل الأفغاني البالغ من العمر 15 عامًا والذي تم شنقه على الرغم من أن إعدام الأحداث يُعد خرقًا للقانون الدولي، وقد تم الحكم على 16 طفلاً آخر بالإعدام في مشروع حدودي آخر.
وقالت الصحيفة إنه كثيرًا ما يتم إجبار أيتام الحروب على الإتجار في المخدرات مثل الهيروين بين إيران وأفغانستان، وتشير بعض التقارير إلى أن بعض المتهمين تم الحكم عليهم دون أن يُستجوبوا أمام المحكمة.
جنات مير، الطالب الأفغاني البالغ 15 عامًا تم إعدامه شنقًا في أبريل الماضي ومُنع من توكيل محامين للدفاع عنه.
موقع ميدل إيست آي قال إن العديد من أحكام الإعدام نُفذت في متهمين بتهم بسيطة نسبيُا، مثل حيازة 30 جرامُا من المخدر!
هذه الصورة توضح كم الأموال التي دفعتها الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإيران ، وعدد أحكام الإعدام التي تم تنفيذها.
وأوردت الديلي ميل أن عدد عمليات الإعدام يزداد بإطراد في إيران، فهناك 647 حالة إعدام معروفة هذا العام، كانت أغلبيتها في جرائم لها علاقة بالمخدرات، واتهمت منظمة العفو الدولية البلاد بأنها قامت بالعديد من عمليات القتل تحت غطاء الحرب على المخدرات.
العديد من عمليات الشنق في إيران تتم علنًا، ورغم ذلك، هناك سجن واحد لديه حامل يستطيع حمل 60 أنشوطة للشنق، وفي يوم واحد تم تسجيل 89 حالة إعدام، ويشتكي المتهمون عادة من تعرضهم للضرب والتعذيب وحتى عمليات إعدام وهمية لانتزاع الاعترافات.
وتشير الصحيفة إلى أن إيران لديها مشكلة مخدرات هائلة، فهناك أكثر من مليون مدمن في البلاد مع ارتفاع إنتاج الأفيون في الجارة أفغانستان، لكن منظمة ريبريف تقول إن المانحين عبر وضعهم أهدافًا لاستمرار المساعدات، فإنهم يشجعون تنفيذ أحكام الإعدام حتى لدى المشكوك في تهمهم، حالات مثل زهرة بهرامي، وهي إيرانية هولندية مقيمة في بريطانيا، يُخشى أن يكون تم استخدام تهمة المخدرات كذريعة لإعدامها في إطار سعي السلطات نحو قمع المعارضة السياسية.
وكانت بهرامي قد عادت إلى إيران لعلاج سرطان ابنتها، ثم تم القبض عليها لاحقًا بعد أن انضمت للاحتجاجات المناهضة للحكومة، تم تعذيبها، كما تم حبسها انفراديًا، وتم اتهامها بالتهريب وأُجبرت على التوقيع على اعتراف بثه التليفزيون قبل تنفيذ الحكم في يناير 2011.
وأكدت الصحيفة أن بريطانيا قطعت مساعداتها قبل ثلاث سنوات بعد زيادة المخاوف من بعض البلدان الأوروبية الأخرى بشأن استخدام إيران المتزايد لأحكام الإعدام، بحسب تصريح لوزير دنماركي بعد أن قامت بلاده بتقييم مشاريع الدعم فإن “المساعدات تؤدي إلى الإعدام”.
لكن ريبريف يتهم البرنامج بدعم برامج مماثلة في باكستان، والتي تضم أكثر من 8000 شخصًا محكومين بالإعدام، وبحسب ديلي ميل فإن بريطانيا تُعد واحدة من أكبر الدول المانحة لباكستان رغم المخاوف بشأن الفساد، فقد تسلمت إسلام آباد قرابة 13 مليون جنيهًا إسترلينيًا لصالح 22 مشروعًا لمكافحة المخدرات، وهي أموال أكثر كثيرًا من التي قدمتها دول أوروبية أخرى.
هذه الصورة توضح عددًا من الأرقام الهامة، ففي عام 2014 تم إعدام 411 شخصًا بتهمة حيازة أو الإتجار في المخدرات، كما أن هناك 10 آلاف شخصًا تم إعدامهم منذ 1979 بنفس التهم، وهناك أكثر من 4000 أفغانيًا في انتظار إعدامهم كذلك في إيران.
المحكومون بالإعدام يشملون أرشد أحمد، الذي يبلغ من العمر 52 عامًا، وهو أب لخمسة ويقيم في برمنغهام البريطانية، وهو يعاني من صعوبات في التعلم، وكان قد اعتُقل عام 2003 بتهمة حيازة هيروين بقيمة 4 مليون جنيهًا إسترلينيًا في حقيبة مغلقة أثناء سفره على متن رحلة جوية إلى بريطانيا.
ويقول المحامون إن السلطات الباكستانية تجاهلت إعاقته في حين لم يكن هناك أي تحقيق لمعرفة هوية الرجال الذين أعطوه الحقائب، هذه العصابة يُعتقد أنها وراء محاولة تهريب 140 رطلاً من الهيروين مع أم بريطانية لثلاثة، من برمنغهام أيضا تُدعى خديجة شاه، وقد تم الحكم عليها بالسجن مدى الحياة في مارس الماضي.
وتتوقع الصحيفة أنه على الرغم من عدم وجود أي تنفيذ لأحكام الإعدام في باكستان على مدار الست سنوات الماضية، إلا أنها ستُستأنف في العام المقبل، حيث قررت الحكومة رفع التعليق من حيث المبدأ، حسبما صرح مسؤول في إسلام آباد.
ونقلت الصحيفة تصريحُا عن مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية أن المملكة المتحدة عملت عن كثب مع شركائها للتعامل مع الإتجار بالمخدرات وإنتاجها، مؤكدُا أن بريطانيا لاتزال تتخذ موقفًا صلبًا في معارضة أحكام الإعدام.