ترجمة حفصة جودة
بعد أسابيع من إصراره على عرقلة محاولة السويد للانضمام إلى حلف الناتو، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه سيسمح للسويد بالمضي قدمًا، ليتساءل الجميع متعجبين عما غير رأيه.
قال مصدران على اطلاع بالمفاوضات بين تركيا وحلفائها من الغرب إن هناك تطورين أساسيين أقنعا أردوغان، لكن بالطبع صحبهما العديد من الانتكاسات طوال المفاوضات.
في البداية، قررت إدارة بايدن مساعدة حكومة أردوغان بعد الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار التي منحت القوة للرئيس التركي لمدة 5 سنوات أخرى، فبعد مكالمة تهنئة أردوغان بالفوز، تحدث بايدن علانية مع الإعلام قائلًا إن بإمكانه تلبية طلب تركيا بصفقة مقاتلات “F-16” قيمتها 20 مليار دولار، إذا وافقت أنقرة على انضمام السويد إلى الناتو.
بعد عدة مكالمات هاتفية واجتماعات بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم الأمريكان بمن فيهم وزراء الخارجية وكبار المستشارين ورؤساء المخابرات، توصل الطرفان إلى تفاهم بشأن طلب مقاتلات “F-16”.
قال مصدر منفصل إن الصفقة تضمنت 40 طائرة جديدة ومعدات لترميم 79 مقاتلة “F-16” موجودة بالفعل في الأسطول التركي، بالإضافة إلى أكثر من 900 صاروخ جو-جو و800 قنبلة.
أما التطور الثاني الذي أقنع أردوغان فكان موافقة كندا على وقف حظر السلاح الذي فرضته على تركيا، كانت أوتاوا قد فرضت حظرًا ردًا على العملية العسكرية التركية شمال سوريا 2019، ثم تراجعت جزئيًا عن القرار في يونيو/حزيران 2020، ووافقت على بيع أجهزة بصرية للطائرات دون طيار بعد محادثات عالية المستوى مع تركيا.
طالب أردوغان قادة الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية ببيان يدعمون فيه انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وإحياء محادثات الانضمام التي كانت مجمدة منذ سنوات
ومع ذلك، أوقفت كندا الصادرات العسكرية بعد أن كشفت لقطات فيديو عن استخدام أجهزة “Wescam” البصرية كندية الصنع في طائرات دون طيار بمنطقة ناغورنو كاراباخ في أكتوبر/تشرين الأول 2020، عندما كانت تركيا تدعم قوات أذريبجان ضد القوات الأرمينية.
كانت تركيا تعتمد سابقًا على أجهزة بصرية متطورة للطائرات دون طيار من إنتاج كندا، فيما قال المتحدث الرسمي للشؤون الدولية الكندية إن ضوابط التصدير لتركيا ما زالت سارية وأضاف “تواصل كندا وتركيا المشاركة في مبادلات صريحة بشأن العلاقات الثنائية والاقتصادية والتجارية”.
السويد تثير غضب أردوغان
رغم أن هذه الصفقات وصلت إلى مرحلتها الأخيرة، فإن السويد حاولت استرضاء أردوغان بسلسلة من الخطوات مثل إقناع أنصار حزب العمال الكردستاني “PKK” بالتحقيق ضد التمويل الإرهابي والعمل عن كثب مع الوكالات الأمنية التركية لتأسيس مكتب في السويد لتتبع أنشطة الأفراد الذين لهم علاقة بالجماعة الكردية المسلحة.
كان أردوغان قريبًا من إعطاء الضوء الأخضر، لكن السلطات السويدية فجأة سمحت لمتظاهر بحرق القرآن الكريم في ستوكهولم أول أيام عيد الأضحى، رغم ذعرهم من أردوغان والحكومة التركية، ما زاد الأمر سوءًا، واستغرق الأمر 4 أيام حتى تدين ستوكهولم تلك الخطوة.
قال المسؤولون إن الحادث بأكمله أثار غضب أردوغان المسلم المحافظ الذي اتهم الغرب بازدواجية المعايير عندما يتعلق الأمر بحرية التعبير والدين.
بعد ذلك، طالب أردوغان نهاية الأسبوع الماضي بطلب إضافي في أثناء مكالمة هاتفية مع بادين، وذلك بأن يطلق قادة الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية بيانًا يدعمون فيه انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وإحياء محادثات الانضمام التي كانت مجمدة منذ سنوات.
قال المصدر إن بايدن تفاجأ بتعليقات أردوغان على إعادة إحياء عملية الانضمام للاتحاد الأوروبي، وأخبره عبر الهاتف أنه بصفته كان سيناتورًا في أثناء تشجيع إدارة كلينتون للاتحاد الأوروبي على قبول تركيا، فإن يرغب حقًا في المساعدة.
كانت أنقرة تتوخى الحذر في علاقتها مع أثينا، لكنها قررت مؤخرًا البدء في إجراءات بناء الثقة بشكل مشترك
في يوم الإثنين، قالت السويد إنها ستدعم أيضًا جهود إحياء عملية انضام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تحديث عمليات الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وتحرير عمليات التقدم للحصول على تأشيرة.
التقى أردوغان أيضًا برئيس الاتحاد الأوروبي تشارلز مايكل الذي وعد بإعداد تقرير عن حالة العلاقات التركية الأوروبية بناءً على تفويض قيادة الكتلة له، وأخيرًا قرر أردوغان الموافقة على انضمام السويد.
لكن ليس واضحًا إذا كان أردوغان قد تمكن من الحصول على أي وعود من المستشار الألماني أولاف شولتز أو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي وذلك في أثناء قمة الناتو في فيلنيوس، لكن شولتز قال إنه سيناقش العلاقات التركية الأوروبية مع الرئيس التركي في أثناء اجتماع ثنائي على هامش القمة.
قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحفيين يوم الأربعاء إن واشنطن ستبدأ في نقل مقاتلات “F-16” إلى تركيا بالتشاور مع الكونغرس، كما قال السيناتور الأمريكي بوب مينيديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية، الذي لعب دورًا رئيسيًا في حظر المقاتلات عن أنقرة، إن هناك هدوءًا في عدائية تركيا تجاه جيرانها، وإنه سيتحدث مع إدارة بايدن بشأن المحظورات التي سيضعها في الصفقة.
يعتقد المسؤولون أن بايدن لن يواجه صعوبة في الحصول على موافقة الكونغرس بعد تصديق البرلمان التركي على انضمام السويد للناتو الأسبوع المقبل، كما تخطط الإدارة الأمريكية لتقديم عرض مبيعات “F-35” لليونان مع الصفقة التركية لإرضاء المتشككين في الكونغرس.
جدير بالذكر أن أنقرة التي كانت تتوخى الحذر في علاقتها مع أثينا، قررت مؤخرًا البدء في إجراءات بناء الثقة بشكل مشترك.
المصدر: ميدل إيست آي