ترجمة وتحرير نون بوست
ارتفعت الآمال في روسيا مجددًا الأسبوع الماضي بأن البلاد على وشك تخطي أزمتها الاقتصادية الحالية، والتي أدت لهبوط سريع في عملتها جراء هبوط أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية الغربية، حيث يبذل الكرملين حاليًا قصارى جهده، مع البنك المركزي الروسي ووزارة المالية، للدفع بعملة الروبل إلى قميتها كما كانت في مطلع الأسبوع الماضي.
كان الرئيس بوتين قد صرّح في مطلع هذا الشهر بأن هبوط الروبل أمر جيد للاقتصاد الروسي، بالنظر لكونه إحدى التضحيات التي تتكبدها موسكو من أجل المضي في سياساتها قدمًا بوجه الغرب، ولكن كبار صناع القرار بطبيعة الحال يأخذون الأزمة على محمل الجد نظرًا للضرر الذي تلحقه بالبلاد.
بدوره، قام رئيس الوزراء “ديمتري مدفديف” بطمأنة الروس حيال قدرة بلاده على مواكبة التقلبات الاقتصادية واهتزاز العملة، في حين قال وزير المالية إن روسيا تشتري الروبل الآن مقابل 7 مليارات دولارًا من احتياطي النقد لديها، وصرّح البنك المركزي بأنه سيُرخي من ضوابطه قليلاً، ليتيح للبنوك القدرة على إخفاء مقدار خسائرها الحقيقية وتقييم سنداتهم طبقًا للرُبع الثالث من عام 2014، لكيلا يضم التقييم الربع الأخير المتأزمة من العام، كما أن هناك خططً لضخ رأس المال إلى البنوك أثناء العام المقبل.
أتت الأخبار السعيدة للروبل جراء ارتفاع أسعار النفط الخام مجددًا إلى 63 دولارًا، فبعد أن كان سعر الدولار في بورصة نيويورك 80 روبلاً منذ أيام، أصبح حاليًا 60 روبلاً، رُغم ذلك، يظل الواقع أن الروبل فقد أكثر من نصف قيمته أمام الدولار منذ مطلع العام الحالي، وأن الاستقرار الاقتصادي الذي يرتكز له حكم الرئيس بوتين أصبح تحت خطر كبير، حيث يقول بعض الاقتصاديين إن تفاعل هبوط أسعار النفط مع البنية الهشة للاقتصاد الروسي والعقوبات الغربية تخلق ظروفًا مواتية لركود روسي.
جرت محاولات روسية لوقف هذا الهبوط يوم الإثنين الماضي، حين رفع البنك المركزي الروسي الفائدة من 10.5٪ إلى 17٪، ولكنها لم تفلح على ما يبدو، حيث يقوم البنك المركزي حاليًا باستهلاك احتياطي النقد الأجنبي بدلاً من ذلك لوقف الهبوط؛ وهو ما أدى لإنفاق أكثر من 80 مليار دولارًا منه منذ مطلع العام.
نتيجة لذلك، تقوم مختلف المحال في موسكو حاليًا برفع أسعارها لمواكبة هبوط الروبل، بينما أغلقت شركة أبل متجرها الإلكتروني في روسيا نظرًا لتزاحم الروس على شراء السلع المستوردة عبر الإنترنت، والتي لم تتغير أسعارها القديمة، البعض الآخر قام بإلغاء رحلاته بعد أن هبطت قيمة الروبلات في الخارج، والتي كانوا ينوون الاعتماد عليها بطبيعة الحال.
“في الأيام القليلة الماضية أتى الكثير من الناس وسألوني ما إذا كان يمكن أن أجد لهم وظائف بالخارج، رُغم أنهم كانوا شديدي الوطنية منذ شهر واحد فقط، ويؤيدون كل ما يجري – من قبل النظام – هنا”، هكذا يقول أحد العاملين بالبنوك في موسكو.
يتطلع متابعو الشأن الروسي حاليًا إلى التغيّر الذي سيحدثه كل ذلك في لهجة الرئيس بوتين، وما إذا كانت الضغوط ستدفعه إلى خطاب أقل حدة تجاه الغرب، خاصة فيما يخص الأزمة الأوكرانية، حيث أبدى بوتين لهجة شديدة للغاية الشهر الماضي في خطابه السنوي أمام البرلمان، ووجه التهم للغرب بمحاولة تدمير روسيا، وبرر الاستحواذ على شبه جزيرة القرم بأنها أراضي روسية مقدسة.
من ناحيته، قال “دميتري بِسكوف”، المتحدث باسم الرئيس الروسي، إن الرئيس لن يعلّق على ما يجري للروبل، ووجه اللوم للمتربصين وأضاف أن موسكو ستعرف من هم وتلاحقهم، في اجتماع وزاري بث على الهواء، قال مدفديف إنه “على الروس تحديد كافة الأهداف المتعلقة بالاقتصاد والإنتاج، وأن روسيا تمتلك الموارد الكافية لتحقيق ذلك”.
يقول “نيكولاس إبيش”، المتخصص في تحليل العملة، إن وزارة المالية الروسية تردد الآن ما يقوله البنك المركزي من أن الروبل يقل عن قيمته الحقيقة في مواجهة شركاء روسيا التجاريين، وهي إشارة إلى خطوات قادمة لتعزيز العملة ووقف هبوطها، بيد أنه ينتقد تلك الخطوة قائلاً إنها بمثابة وضع قطعة من القماش لسد فجوة في سد على وشك الانفجار، مشيرًا إلى المشكلة الرئيسية في الاقتصاد الروسي المعتمد بالأساس على النفط والغاز؛ وهو ما يجعله عُرضة لتقلبات أسعار هذين السوقين أكثر من سواه.
المصدر: الجارديان