يبدو أن العاصمة التركية أنقرة، ستشهد في 27 يوليو/تموز الحاليّ، الحد النهائي للخلافات التركية المصرية التي ظلت تتصدر المشهد الإقليمي طوال 8 سنوات، تحديدًا منذ صيف 2013 حتى مطلع عام 2021، عندما بدأت مؤشرات التقارب تأخذا بُعدًا عمليًا.
تجهز المؤسسات الرسمية التركية، حاليًّا، للمراسم البروتوكولية للقمة المرتقبة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، بعدما بدأ الحديث عنها منذ 18 مارس/آذار الماضي، قبل أن تتأكد رسميًا، مؤخرًا، من التصريحات الصادرة عن الدوائر المعنية في البلدين.
كان وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو، أول من أعلن – من القاهرة، خلال مؤتمر مشترك مع نظيره سامح شكري، في مارس/آذار الماضي – عن “التحضير للقاء بين الرئيسين، بهدف إنهاء عقد القطيعة بين البلدين” وخلال زيارة شكري التضامنية لتركيا في أبريل/نيسان الماضي تطرقت المباحثات لـ”القمة المرتقبة”.
تحديات عدة
يتوقف مراقبون أمام المأزق الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط وتشعب مصالح تركيا الراغبة في الاتجاه شرقًا نحو المنطقة العربية، لا سيما مصر والخليج، وتعزيز علاقتها بمنظمة شنغهاي للتعاون التي تضم الصين وروسيا وغيرهما، دون الإخلال بعلاقتها وتحالفاتها الغربية خاصة الشراكة مع حلف “الناتو”.
ولا تنسى تركيا أنها ثاني أكثر الدول تمثيلًا في الحلف وأنها لم تتخل عن التزاماتها تجاهه، خاصة أن قيادة الناتو تراهن على حدوث تفاهمات سياسية جديدة تدعمها التوجهات الحاكمة التي تُعزز المسار التركي، بالتزامن مع التهدئة الإقليمية، وأنه قد يفتح الباب أمام مرحلة إقليمية جديدة للتنسيق وحماية المصالح المشتركة.
يحدث هذا رغم أن تركيا تتعامل، منذ 15 يوليو/تموز 2016 (تاريخ محاولة الانقلاب الشهيرة) برؤية خاصة، توازن بين علاقتها الإستراتيجية بالحلف (حتى مع خلافات بشأن مواجهة وحدات حماية الشعب الكردية ومنطقة الحظر الجوي والمنطَقة الآمنة فوق سوريا) وعلاقة المصالح مع المعسكر الشرقي.
وقبل توليه رئاسة جهاز الاستخبارات التركي، كشف المتحدث السابق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، عن “عاملين رئيسيين يفسدان العلاقات بين أنقرة وواشنطن الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية (ذراع حزب العمال الكردستاني المحظور) وملف تنظيم فتح الله غولن الإرهابي، وسنواصل مكافحة التنظيمين”.
تدرك تركيا أن “الناتو” يظل أهم التحالفات العسكرية – الأمنية عالميًا، رغم ما يواجهه من أزمات وتحديات (تراجع دور الولايات المتحدة في منظومة الأمن الدولي وحدة التنافس بين الأوروبي – الأمريكي من ناحية، وروسيا وحلفائها من ناحية أخرى)، ومن ثم عدم فك الارتباط به.
في المقابل، تواصل مصر، منذ 30 يونيو/حزيران 2013، إعادة التموضع الإقليمي وتعزيز مكانتها في محيطها الجغرافي، عبر إعادة النظر في تحالفاتها، بعد الإطاحة بحكم الرئيس الراحل حسني مبارك الذي أمضي 30 عامًا في السلطة، شهدت اختلالات في علاقات مصر الخارجية.
يقول مدير تحرير صحيفة “ديلي صباح” التركية باتوهان تاكيش: “رغم التفاؤل الحذر، فيما يتعلق بالمفاوضات التركية – المصرية، نحن أمام تقدم ملحوظ في العلاقات، ويحتاج كلا الطرفين إلى المزيد من الوقت لمد جسور الثقة والعودة إلى علاقاتهما التقليدية”.
ستتبدى طبيعة المباحثات المرتقبة خلال “قمة أنقرة” من واقع تشكيل الوفد المصري، رفيع المستوى، الذي سيرافق السيسي خلال زيارته لتركيا
وتابع تاكيش: “المؤشرات تقول إن تركيا ومصر، تتعاملان بجدية مع ملف إصلاح العلاقات المقطوعة بينهما لسنوات، ويرتبط هذا التطور الإيجابي ارتباطًا مباشرًا بإستراتيجية السياسة الخارجية الجديدة لأنقرة، وسنشهد على المدى القصير خطوات ملموسة على صعيد الدبلوماسية والاقتصاد والعلاقات الكاملة، لاحقًا”.
ويوضح تاكيش أن “الجهود المصرية التركية، تستند إلى البراغماتية والعقلانية، وفق تأكيدات دوائر صنع السياسة الخارجية في تركيا، وتأكيدهم على ذلك في مناسبات عدة، ومع تشكيل الحكومة التركية الجديدة بعد الانتخابات التاريخية في مايو/أيار، يتأكد هذا التوجه في معالجة ملف الشؤون الخارجية”.
وينبه تاكيش إلى أن “بعض التعيينات الجديدة، لا سيما إسناد حقيبة الخارجية لهاكان فيدان، وجهاز الاستخبارات التركي لإبراهيم كالين، تعطي رسالة مفادها أن تركيا مستعدة للسير في الاتجاه الواقعي والعقلاني في الدبلوماسية، كون هذان الاسمان، تحديدًا، معروفين بآرائهما السياسية التي تخدم هذا الاتجاه”.
يشدد تاكيش على أن “العلاقات التركية – المصرية، ومع دول المنطقة العربية مهمة جدًا، في ظل وحدة المصير والتاريخ المشترك وكذلك الدين الواحد، ويرى أردوغان أن الماضي هو الماضي، وأنه على الدولتين – تركيا ومصر – المضي قدمًا في مزيد من تعزيز التعاون على كل الأصعدة”.
ويرى تاكيش أن “ما قبل انتخابات مايو/أيار 2023، ليس كما بعدها، في ضوء المراجعات التي تتم لملفات عدة من مؤسسات صناعة القرار في تركيا، خاصة في ملف العلاقات الدبلوماسية وهندسة السياسة الخارجية التركية، مع حدوث تحولات عدة في هذا الشأن”.
وسط تحليلات الخبراء المصريين، يشير الدكتور حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى “الحرص المشترك من مصر وتركيا على صياغة علاقات جيدة مع الشرق والغرب، ما يتطلب، أولًا، إنهاء الخلافات الإقليمية وثانيًا، تحديد طبيعة التعامل مع الملفات العالقة”.
وستتبدى طبيعة المباحثات المرتقبة خلال “قمة أنقرة” من واقع تشكيل الوفد المصري، رفيع المستوى، الذي سيرافق السيسي خلال زيارته لتركيا، علمًا بأن المفاوضات المستمرة، خلال العامين الأخيرين، تركز على تداخل المصالح في منطقة الشرق الأوسط سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
غير أن “كيفية التعاطي مع جملة الملفات المفتوحة التي تتقاطع معها مصر وتركيا، خاصة ليبيا والسودان ومنطقة القرن الإفريقي، ستتصدر المباحثات”، وألمح الدكتور حسن أبو طالب إلى أن “فوز أردوغان بالرئاسة التركية وأغلبية برلمانية، من شأنه أن يفرز توجهات جديدة تتعلق بالسياسة الخارجية التركية”.
خلافات وتقارب
قبل أن تعيد تركيا حساباتها السياسية والدبلوماسية دون جنوح في التعامل مع حلفائها، فقد شكل تعاطيها المُعارض لـ”ثورة 30 يونيو/حزيران 2013″ في مصر، أحد أهم الملفات الشائكة في العلاقات مع مصر، وهي رؤية اعتبرتها القاهرة، آنذاك مبنية على سوء فهم تركي لشأن داخلي مصري.
ولسنوات، تفاقمت الخلافات التركية – المصرية، ارتباطًا بطبيعة هوية النظامين الحاكمين وتصوراتهما لطبيعة أدوارهما وتقاطعاتهما الإقليمية والدولية، الأمر الذي انعكس على طبيعة الخطاب السياسي والدبلوماسي، بالتزامن مع حملات إعلامية تعبر عن حجم العلاقات المتوترة بين أنقرة والقاهرة.
حينها، روج خصوم البلدين أنه لا يمكن تلاقي مصر وتركيا تحت مظلة واحدة، في ضوء تصادم مشروعين متناقضين، وأن نجاح أحد المشروعين يعني فشل المشروع الآخر، والعكس، خاصة مع استدعاء بعض الإشكاليات التاريخية المرتبطة بفترة الحكم العثماني للمنطقة العربية، لتغذية الاحتقان التركي العربي، عمومًا.
وفجأة شرعت تركيا في الحد من الخطاب الإعلامي المعادي لمصر التي سبق أن خففت خطاب الإعلام الرسمي ضد أنقرة، بعد سنوات من المشاحنات والتلاسن والحملات الموجهة، خاصة مع دعم تركيا لجماعة الإخوان، قبل أن تنتصر تركيا ومصر لـ”لغة العقل” وتنحازا للمصالح العليا للبلدين.
تبدى الخطاب التصالحي منذ بداية التقارب، عندما أكد أردوغان 2 يونيو/حزيران 2021 أن “مصر ليست دولة عادية بالنسبة لتركيا، ونأمل في تعزيز تعاوننا معها على أساس نهج يحقق الفائدة للجميع. أعرف الشعب المصري جيدًا وأكن له المحبة. هناك وحدة في القدر بين شعبي البلدين”.
كان التضامن المصري (كجزء من التضامن الإقليمي والعالمي) مع تركيا بعد كارثة زلزال 6 فبراير/شباط وتوابعه الكارثية، تأكيدًا على وحدة الموقف
بدأت بوادر التقارب في مارس/آذار 2021، بعدما أعلنت تركيا عن “اتصالات دبلوماسية مع مصر على مستويات وزارة الخارجية” ثم انعقدت أولى جلسات المحادثات الاستكشافية مطلع مايو/أيار من العام نفسه، قبل عقد ثاني جولات المحادثات الاستكشافية في أنقرة، في 7 سبتمبر/أيلول 2021.
وكان أبريل/نيسان عام 2022، شهرًا مهمًا في مسار التقارب التركي المصري، بعدما ٍبادرت أنقرة باعتماد “قائم بالأعمال” في القاهرة، مصحوبة بجهود قطرية مهمة لمد الجسور بين القاهرة وأنقرة، تبدى ذلك في مشهد المصافحة الشهير بين أردوغان والسيسي على هامش افتتاح مونديال الدوحة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وكان التضامن المصري (كجزء من التضامن الإقليمي والعالمي) مع تركيا بعد كارثة زلزال 6 فبراير/شباط وتوابعه الكارثية، تأكيدًا على وحدة الموقف، وقد عبرت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لتركيا فبراير/شباط 2023 عن هذه الحالة التي تفاعلت معها تركيا بزيارة وزير خارجيتها، للقاهرة، في الشهر التالي.
شهدت علاقة التقارب متغيرًا مهمًا (بحسب بيانات متحدث الرئاسة المصرية ودائرة الاتصال بالرئاسة التركية) عبر تأكيد “عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، وأهمية تعميق العلاقات التركية المصرية على جميع الأصعدة، لا سيما الاقتصاد”.
واتفق السيسي وأردوغان، نهاية مايو/أيار الماضي على “البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء”، وعبّر السيسي لأردوغان عن أمله في أن “تجلب نتائج الانتخابات الرئاسية الخير للشعب التركي” بعدما بعث برسالة تهنئة لأردوغان 28 مايو/أيار 2023 عقب إعادة انتخابه رئيسًا لتركيا.
أسباب التقارب
أدركت معظم دول منطقة الشرق الأوسط (خاصة مصر وتركيا) أن قوى المصالح الدولية تعمل ضد التقارب الإقليمي، حتى تظل علاقة التبعية والارتهان على حالها، وهو أمر لم يكن مقبولًا أو معقولًا أن يستمر كونه “خصمًا من رصيد السيادة الوطنية ومعوقًا للمصالح المشتركة في الإقليم” وفقًا للخبراء في البلدين.
حرصت أنقرة والقاهرة على مبادرات إبداء حسن النوايا وتكثيف الاتصالات الأمنية الدبلوماسية رفيعة المستوى لبحث الملفات التي تعكر صفو العلاقات البينية، واتسع نطاق المباحثات لتشمل تداعيات التحولات الإقليمية والدولية (خاصة الصراع الأمريكي الروسي) على مصالح البلدين.
شكل أيضًا التوتر النسبي في العلاقات الأمريكية مع تركيا ومصر، قاسمًا مشتركًا، خاصة منذ فوز الرئيس جو بايدن، بانتخابات الرئاسة، بعدما مرت لأسباب عدة، حيث تنتقد أنقرة تقاطعات واشنطن مع جماعات تصفها بـ”الإرهابية” وتعطيل مصالح جيوسياسية واقتصادية وعسكرية، وهو الأمر نفسه بالنسبة للقاهرة.
ووصلت تركيا ومصر لقناعة راسخة خلال السنوات الأخيرة، مفادها: الانتصار للقاعدة السياسية “لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، لكن هناك مصالح دائمة” ومن ثم البدء بـ”محاولات استكشافية” للعلاقات البينية، وتسريع عودة العلاقات الثنائية، وتعزيز التنسيق، مصحوبًا بتوافق حلفاء القاهرة خاصة السعودية والإمارات.
ويؤمن أردوغان (رغم النزعة القومية الإسلامية) أن بلاده جزء من تاريخ المنطقة العربية وترتبط بها جغرافيًا، وأنه رغم الخلافات السياسية والجيوسياسية خلال السنوات الأخيرة، فقد تواصلت العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهو ما يتم البناء عليه حاليًا، في تعميق علاقات التعاون التركية العربية.
رهانات مستقبلية
تبدو تركيا ومصر أمام مرحلة جديدة، تؤسس لواقع مختلف تحكمه القوة الناعمة لا القوة الخشنة، التي كانت عنوانًا للمرحلة الماضية (2013- 2020) بما شهدته من احتقان سياسي وشكوك متبادلة، مرتبطة بتخوفات جيوسياسية واقتصادية، لم تكن أبدًا في صالح البلدين.
وتراهن مصر على التنسيق مع تركيا في تهدئة البؤر المشتعلة في الجوار المصري (خاصة ليبيا والسودان) إلى جانب نطاق المياه الاقتصادية المصرية في البحر المتوسط، لأبعاد تتعلق بالأمن القومي وتعزيز التنمية الشاملة وتوسيع نطاق الشراكة الاقتصادية التي ستعود على الاقتصاد الوطني.
تعد مصر وتركيا أهم طرفين مرحب بهما في ليبيا، فالشرق يقدر الدور الذي تلعبه القاهرة في محاولة مد الجسور بين المؤسسات وتقريب وجهات النظر بين حكومتي شرق البلاد وغربها، بينما تركيا توفر الدعم والإسناد والتدريبات لمؤسسات غرب ليبيا، وهو أمر محل تقدير في العاصمة طرابلس ومحيطها.
وسينعكس التقارب التركي المصري، إيجابًا على ملفات إقليمية، مثل الاستفادة المشتركة من ثروات منطقة شرق البحر المتوسط وتبريد جبهات ميدانية في ليبيا وشمال العراق وسوريا، عبر التعاون الإقليمي في تعقب الجماعات الإرهابية وتبادل الخبرات والمعلومات والتنسيق المشترك.
تعول تركيا على مصر في مد الجسور مع حلفائها في منطقة شرق المتوسط، خاصة اليونان وقبرص، للاستفادة من الموارد الطبيعية، على أرضيه التوافق والمصالح المشتركة، والتخلي عن أي نزعة احتكارية، وهو أمر ظهر من خلال منظومة “منتدى غاز شرق المتوسط”، كمظلة للاستفادة من اكتشافات الطاقة.
وتعرف تركيا أن تحسين العلاقات مع مصر والجوار العربي، سيكون له مردود اقتصادي كبير، لا سيما تخفيف الضغط الخارجي على الصادرات التركية المتنوعة، ومنحها مساحة كبيرة من المناورة التي ستنعكس على الاقتصاد المحلي وانتعاش الصناعات التركية التي تحاول المنافسة في الأسواق الدولية.
دبلوماسية الاقتصاد
يشكل رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي أحد الملفات المهمة، كونه سينعكس على قطاعات عدة في البلدين، لا سيما تنشيط حركة التجارة وتعزيز الاقتصاد، مع زيادة الاستثمارات المشتركة، على عكس الفترة التي شهدت تدهور العلاقات بين مصر وتركيا، منتصف عام 2013، وسحب السفيرين وتجميد العلاقات.
وتظل مصر بوابة إفريقيا، وهو أمر يدركه صانع القرار التركي جيدًا، وقد كانت حكومة أردوغان تراهن على جماعة الإخوان التي تصدرت المشهد السياسي في مصر (2011- يونيو/حزيران 2013) في فتح المجال أمام حركة التجارة التركية في إفريقيا، ورغم المتغيرات السياسية في مصر، لا تزال تركيا تراهن على تنشيط صادراتها.
مخططو السياسات الاقتصادية في مصر وتركيا، يستهدفون زيادة حجم التجارة الثنائية من نحو 10 مليارات دولار، لـ20 مليار دولار، مستقبلًا، علمًا بأن تركيا لها أكثر من 200 شركة متعددة الأنشطة في مصر، وتتوقع مصادر مصرية مطلعة بأن ميناء العريش المصري ومرسين التركي، سيشكلان حجر الزاوية في حركة البضائع.
محددات مهمة
من واقع التواصل مع مصادر مطلعة على المفاوضات التركية المصرية، فإن “التقارب الحاصل ورؤية العواصم الفاعلة لطبيعة التعاطي المشترك مع القضايا والملفات، محل الخلافات، لن يكون على حساب التوازن الإقليمي، خاصة المرتبط بطرف ثالث، كتحالفات مصر مع اليونان وقبرص، وعلاقة تركيا بالناتو”.
ومع شروع أردوغان في فتح صفحة بيضاء مع المنطقة العربية (النطاق الجنوبي لتركيا) فهو لا يزال على موقفه تجاه “الأعداء” من المنظمات الإرهابية، وهو الحال نفسه بالنسبة للرئيس المصري، الحريص على “تصفير المشكلات” مع الغرب وتعزيز العلاقات مع الشرق، دون تخل عن مواجهة “الجماعات الإرهابية”.
ووسط هذا وذاك، يتبدى حجم الدولتين، وحضورهما من واقع الاهتمام الخارجي بانتخابات الرئاسة التركية الأخيرة والاهتمام بمسار انتخابات رئاسة الجمهورية المصرية عام 2024، مع حرص استباقي من البلدين لتداعيات أي توتر في العلاقات مع القوى الدولية، عبر توسيع هامش المناورة وهو أمر لن يتحقق إلا من خلال حسم الخلافات البينية والإقليمية.