ستكون صدمة لا شك للديمقراطيين في مجلس الشيوخ، أن يعرفوا أن الأمريكيين ليسوا مصدومين من أساليب الاستخبارات الأمريكية التي استخدمتها مع المشتبه بضلوعهم في أعمال إرهابية، على العكس مما توقعوا وتوقع غيرهم كثيرون، حيث أظهر استطلاعان للرأي أجريا مؤخرًا — من قبل الواشنطن بوست وقناة إيه بي سي، ومركز بحوث بيو — بأن السواد الأعظم من الأمريكيين يؤيد أساليب التحقيق التي قال الديمقراطيون أنها نوع من التعذيب.
في استطلاع مركز بحوث بيو، قال ما يزيد عن نصف الأمريكيين بأن أساليب الاستخبارات الأمريكية مبررة، واعترض عليها 29٪ فقط ممن شاركوا في الاستطلاع، في حين وافق ثلثا المشاركين في استطلاع الواشنطن بوست والإيه بي سي على تلك الأساليب، وعارضها الثلث فقط.
علاوة على ذلك، وما يزيد الأمر سوءًا للمعسكر الواقف اليوم في وجه الاستخبارات، قالت أغلبية المشاركين في الاستطلاعين أن الديمقراطيين أخطأوا بإعلانهم عن التقرير، والذي لم يشارك فيه مسؤول واحد بالاستخبارات، كما قالوا بأن أساليب الاستخبارات في التحقيق أوصلت إلى نتائج ومعلومات جيدة — على العكس مما توصّل له التقرير.
ما تفسير هذه التوجهات لدى الأمريكيين؟ قد يقول البعض بأنهم لا يبالون بمسألة التعذيب والأسئلة الأخلاقية المتعلقة بها، وهذا قطعًا ما سيراه الكثيرون، خاصة في معسكر الديمقراطيين، ولكن التفسير الأفضل قد يكون بأن الأمريكيين يدركون أن العدو الذي كانت تواجهه — ولا تزال تواجهه — واشنطن، غير تقليدي بشكل كبير، وهو ما يعني ضرورة وجود استخبارات جيدة، بالإضافة إلى اعتقادهم بأن المعترضين على أساليب التعذيب الاستخباراتية قاموا بانتقاء المعلومات التي أرادوها لصياغة التقرير.
إذن، وللمفارقة، يبدو أن التقرير الصادر عن الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ قد أتى بنتائج عسكية فيما يخص هدفه الرئيسي، وهو مسائلة الاستخبارات الأمريكية، إذ أدى التقرير، كما يتضح لنا من الاستطلاعين، إلى توجيه اللوم للديمقراطيين بدلًا من ذلك.