ترجمة حفصة جودة
قبل عام، جرفت الفيضانات الشديدة التي ضربت باكستان منزل شاني دانا المبني من الطوب، قُتل أكثر من 1700 شخص نتيجة ذلك، وتضرر ودُمرّ أكثر من 900 ألف منزل، وكانت محافظة السند حيث تعيش دانا أكثر المحافظات تضررًا.
وبينما كانت تنتظر أموال التعويض الحكومية لإعادة بناء منزلها في قرية واسرام بمدينة تندو الله يار، سمعت دانا أن مؤسسة التراث الباكستانية “HFP” التي أسستها المعمارية الشهيرة ياسمين لاري، تبني منازل من غرفة واحدة في قرية بونو المجاورة.
تقول دانا: “تبدو المباني مثل الأكواخ الدائرية التقليدية، لكنها مثمنة الأضلاع والحوائط أكثر قوة”، وافقت المؤسسة على مساعدة واسرام لإعادة بنائها، وفي شهر مارس/آذار انضم فريق المؤسسة إلى القرويين لبناء 50 منزلًا جديدًا.
بُنيت إطارات البامبو الجاهزة على منصات ترتفع مترًا عن الأرض، أما الحوائط المصنوعة من قصب البامبو فقد ثُبتت وغُطيت بالطين المخلوط بقشر الأرز والكلس، وأخير وُضع سقف مخروطي أشبه بالشعاع فوق البناء، كما بُنيت أيضًا 4 ألواح شمسية و6 مضخات مياه و25 مرحاضًا.
تقول دانا من أمام منزلها الجديد: “هذه المنازل لن يجرفها الفيضان إذا عاد ثانية، فهي ليست مبنية على مستوى الأرض كما أنها أكثر تهوية وإنارة لوجود نافذة، فلم يكن لدينا نافذة في منزلنا القديم، وهي أكثر نظافة وأناقة لأن الجدران والأرضيات مغطاة بالجص”.
تقول لاري بطلة المباني المستدامة منخفضة التكلفة التي صممت تلك الأكواخ: “يمكن بناء غرفة علوية لإضافة المزيد من الجذوع أو مساحة للنوم، ويمكنهم أيضًا إضافة فناء لتوسيع المنزل”.
شجعت لاري كل قروي بنى منزله على مساعدة 10 آخرين لبناء منازلهم، وتقول: “لقد ساعدت المؤسسة في بناء أكثر من 5 آلاف كوخ منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وفي الشهرين القادمين يجب أن نكون قادرين على بناء 2600 منزل آخر”.
بعد عام من الفيضانات، ما زال عشرات الآلاف من الناس بانتظار المساعدة لإعادة البناء، فتقدمت منظمات مثل مؤسسة “HFP” وهيئة إغاثة كراتشي غير الحكومية “KRT” للمساعدة.
تبني هيئة الإغاثة ألف منزل من غرفة واحدة في محافظات السند وبنجاب وبلوشستان، ومن المفترض أن ينتهي بناء 250 منزلًا منهم بنهاية شهر أغسطس/آب، بُنيت هذه المنازل باستخدام الطين المحروق أو الطوب الأسمنتي بينما صُنعت الأسطح من عوارض فولاذية وألواح أسمنتية جاهزة، يقول إحسان نجمي معماري هيئة الإغاثة: “لقد نجت المنازل التي بُنيت في 2010 من الفيضان وما زالت معمرة”.
في محافظة السند، بدأت السلطات فقط في شهر فبراير/شباط بصرف أول دفعة من مبلغ “727 مليون دولار” المخصص من الحكومة لإعادة الإعمار، 500 مليون منهم قرض من البنك الدولي و227 مليون من سلطات السند.
يقول خالد محمود شيخ، مدير هيئة إسكان شعب السند “SPHF” التي تشرف على أعمال إعادة البناء: “يستغرق الأمر وقتًا لجمع الموارد وتوجيهها، حتى يتم الأمر بدقة وشفافية”، تأمل الهيئة في إتمام بناء 50 ألف منزل مرن من غرفة واحدة – من الطوب والأسمنت والفولاذ – ليصبحوا صالحين للمعيشة في شهر سبتمبر/أيلول.
تمتلك الهيئة ما يكفي من المال لتغطية نفقات 350 ألف منزل، لكنها بحاجة على الأقل إلى 500 مليون دولار لإنهاء كل العمل، يقول شيخ: “بمجرد أن تظهر نتيجة العمل، نأمل في أن يجذب ذلك المتبرعين، فقد أبدى الكثيرون اهتمامهم بالأمر”.
ومع ذلك تستنكر لاري تكلفة المشروع وتعتقد أنه يمكن لإعادة البناء أن تكون أقل ثمنًا وأكثر استدامة، فالمنازل التي تطلب هيئة “SPHF” من الناس بناءها تكلفتها 300 ألف روبية للبيت الواحد وهي تقريبًا نفس تكلفة منازل هيئة “KRT”.
أما منازل “HFP” المصنوعة بالكامل من البامبو المعالج وتُغطى نهاياتها بالجير لحمايتها من النمل الأبيض تكلفتها فقط 25 ألف روبية، كما أن الكلس الموجود في الجص والبامبو يمتص ويخزن الكربون من الهواء، ما يساعد على التخفيف من آثار التغير المناخي.
تقول لاري التي بدأت عملها الإنساني بعد الزلزال الضخم الذي ضرب شمال باكستان عام 2005: “إنني لا أفعل شيئًا جديدًا، ربما أكون قد طورت التصميم، لكن المواد المستخدمة قديمة وأصلية ومتاحة بسهولة”.
يقول نهيم حسين شاه مدير المشروعات في مؤسسة “HFP”: “يتجه الناس الآن إلى تلك المواد منخفضة التكلفة التي نعمل بها منذ ما يقرب من عقدين”، عملت المؤسسة مؤخرًا مع هيئة الإغاثة الإسلامية لبناء 250 منزلًا مكونًا من غرفة واحدة بمراحيض في مدينة هارناي بمحافظة بلوشستان.
كما أسسوا أيضًا ثلاث مدارس مكونة من غرفة واحدة لصالح اليونيسيف في السند، يقول شاه: “كان التصميم مختلفًا، لكن المواد نفسها”.
يقول شهيد خان المعماري البيئي من منظمة “Indus Earth Trust”، إن سلطات البناء لا تقبل إلا بالأسمنت والفولاذ لبناء المنازل في المناطق الحضرية، رغم أن استخدام المواد الأصلية الجيدة مثل البامبو بطريقة صحيحة قد يساعد في تأسيس مبانٍ تدوم لنحو 20 أو 30 عامًا.
تقول لاري، الحائزة على الميدالية الذهبية الملكية من المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين التي تعد واحدة من أرفع الجوائز للمعماريين، إنها تود أن تتبنى الحكومة بدائل البناء المستدامة.
وتضيف “سأكون سعيدة لتقديمي المساعدة إذا كان الأمر يتعلق بتوفير حياة ذات جودة أفضل للفقراء، إن تصميمي مفتوح المصدر ومتاح مجانيًا، ويمكننا أيضًا أن نوفر الحرفيين المدربين، الأمر كله يرجع إلى قرار الحكومة، فنحن هنا لدعم القضية”.
يتضمن جزء أساسي من عمل لاري مشاركة المجتمعات في عملية إعادة البناء ليتعلموا الحرفة، وبينما تدفع المؤسسة الجزء الأكبر من المواد وتوفر الخبرة، فإن السكان المحليين يجمعون الطين وقشر الأرز ويوفرون العمالة.
يجني خامو أومرو – من قرية بونو – 800 روبية في اليوم من عمله في إعادة بناء المنازل وهو ضعف ما كان يجنيه من عمله في الزراعة، يقول أومرو: “لقد كانت الفيضانات نعمة خفية، فمنذ سنوات كانت زوجتي عائلنا الرئيسي لأن عملي في الزراعة لم يكن مستقرًا، لكن منذ شهر فبراير/شباط أصبحت أجني المال يوميًا، وأشعر بارتياح شديد”.
مع ذلك تعتقد لاري أن طريقتها البديلة الأوفر للبناء لن تحظى باهتمام الحكومة، حيث تقول: “هذه الطريقة تستخدم مواد منخفضة التكلفة، ولأن المنهجية تشاركية فإنها لا تعتمد على الوسطاء، وبالتالي لن يكون هناك مجال لاختلاس المال أو المغالاة في الأسعار”.
المصدر: الغارديان