رفع أسعار الطماطم.. أحدث سلاح ضد المسلمين في الهند

ترجمة حفصة جودة

في أثناء حديثه مع المراسلين عن ارتفاع أسعار الخضراوات في العاصمة جواهاتي وفي الهند كلها، قال هيمانتا بيسوا سارما رئيس وزراء ولاية أسام شمال الهند: “من السبب في ارتفاع أسعار الخضروات الآن؟”، ثم أجاب عن سؤاله وقال كذبًا: “إنهم بائعو ميا الذين يبيعون الخضراوات بسعر أعلى”.

يشير سارما إلى مسلمي أسام الذين يتحدثون البنغالية ويعيشون في الولاية منذ عدة أجيال، لكن حزب سارما “بهاراتيا جاناتا” وحلفاء تلك الإيدولوجية اليمينية من الهندوس، يرون أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش.

وأكد رئيس الوزراء قائلًا: “لو كان بائعو أسام هم من يبيعون الخضراوات اليوم، لما طالبوا زملاءهم بنقود إضافية”.

يلوم العلماء بالطبع ظاهرة النينو الجوية على التسبب في جفاف بعض المناطق وفيضان المياه في أخرى وبالتالي اضطراب إنتاج الغذاء وارتفاع أسعار الخضر في الهند، وبالطبع لا دليل على تسبب مسلمي ميا أو غيرهم من المجتمعات، في رفع الأسعار بشكل مصطنع.

ورغم غرابة هذه المزاعم، فإنها تتماشى مع سلسلة من الادعاءات الخطيرة الغريبة التي لا أساس لها من الصحة ووصم بها مجتمع لطالما كان مختلفًا في أسام، كما أنها جزء من نموذج أوسع لشيطنة المسلمين في الهند مع اقتراب الانتخابات الوطنية لعام 2024.

يتضمن جزء رئيسي من تلك الحملة استخدام الجرافات لهدم المنازل وإجلاء مسلمي مياه، لتصبح العائلات مشردة مع أطفالهم

لكن في أسام، رسخت جذور هذا التعصب قبل الصعود الأخير للحزب الحاكم، ولفهم خطورة هذا الخطاب يجب أن نتذكر ما حدث قبل 100 عام، ففي عام 1923 أُلقي اللوم على اليهود في ألمانيا – الذين كانوا قوة مسيطرة على التجارة والمال – بسبب التضخم المفرط الذي أدى إلى انهيار جمهورية فايمار.

هذا التوجه سمح بصعود أدولف هتلر والنازيين، وإذا لم يكن اليهود “ألمانيين” في عين النازيين، فإن مسلمي ميا ليسوا “أساميين” وفقًا لسارما، وفي نفس الحديث مع المراسلين اتهم رئيس الوزراء أيضًا مسلمي ميا – الذين يديرون عددًا من أسواق الخضراوات تحت جسور جواهاتيا – بالاستيلاء على وظائف الأساميين.

وعد رئيس الوزراء بإخلاء الأسواق وضمان حصول أبناء أسام على فرص عمل، ومؤخرًا اتهم مسلمي ميا بتدمير تربة أسام باستخدام أسمدة كيميائية، وأطلق على ذلك “جهاد الأسمدة”، وهو ادعاء خطير رغم سخافته.

فما يقوله سارما لهندوس أسام، إن مسلمي ميا – الذين يشكلون 30% من سكان الولاية – لا يتحكمون فقط في حياتهم، بل يدمرون الولاية، وعليه لا بد من طردهم إذا أراد سكان أسام الحقيقيون استعادة أملاكهم، وسيكون سارما محررهم.

يتضمن جزء رئيسي من تلك الحملة استخدام الجرافات لهدم المنازل وإجلاء مسلمي مياه، لتصبح العائلات مشردة مع أطفالهم، بينما سُحقت الألعاب بقسوة تحت عجلات الآلات العملاقة، لقد كانت الرسالة واضحة: لا حق لمسلمي ميا في الموارد الطبيعية أو العامة لأسام.

ويالمثل حُرموا من أي حق في تاريخ وثقافة أسام، فعندما افتتح مجتمع مسلمي ميا المحلي متحفًا العام الماضي، أغلقه سارما وقال إنه بغض عن النظر عن “لونجي” (ملابس تقليدية)، فلا شيء آخر يملكه مجتمع ميا.

رغم أن المناخ القومي في ظل حكم حزب بهاراتيا جيناتا مكّن من سياسات سارما، فإن القومية الآسامية لها تاريخ طويل من كراهية الدخلاء

ومع التهديد بحظر المدارس الإسلامية في أسام وفرض سياسات إنجاب خاصة على المسلمين، فإن سارما – الذي يعد وافدًا جديدًا نسبيًا في الحزب – قد سبق جميع قادة الأحزاب الأخرى في سباق الإسلاموفوبيا الوضيع.

لا يؤمن سارما بالتلميح وإرسال الرسائل الخفية، وعليه فليس هناك أي لبس بشأن مشروعه الثقافي والسياسي العنيف المناهض للمسلمين.

ورغم أن المناخ القومي في ظل حكم حزب بهاراتيا جيناتا مكّن من سياسات سارما، فإن القومية الآسامية لها تاريخ طويل من كراهية الدخلاء، يعود إلى العقود الأولى للقرن الـ19.

في العقود الأخيرة، أصبحت كراهية مسلمي ميا أمرًا مقبولًا اجتماعيًا باعتبارهم “بنغلاديشيين” أو “مهاجرين” أو “غرباء”، وفي 2019؛ واجه نشر قصيدة ميا التي تحدثت عن كراهية الأجانب التي يواجهها المجتمع، انتقادات من الكثيرين في الولاية بما في ذلك المثقفين الليبراليين والماركسيين، بما يؤكد على مدى تعمق القومية الأسامية وتسربها إلى ثقافة ولغة الولاية، هذا العنف العامي عادة ما يظل خفيًا لكنه أداة حاسمة في معاملة الناس.

ينقل سارما الآن استقطاب الولاية إلى أبعاد جديدة، فالكلمات لها عواقب، وقد قُتل بعض الأشخاص في أثناء عملية الإخلاء التي أشرف عليها، وما زال معظم العامة في الهند والعالم جاهلين بما يحدث، لكن هذا يجب أن يتغير الآن.

إن سارما يتجاهل الآن سكان أسام المتحدثين بالبنغالية ويعتبرهم جزءًا غير موجود من الشعب، وحتى الخضراوات أصبحت سلاحًا للتعصب بين يديه.

المصدر: الجزيرة الإنجليزية