استضافت العاصمة التوغولية، لومي، ملتقى تشاوريًّا لقيادات من إقليم دارفور السوداني، يعتقد أن قوات الدعم السريع وداعميها الإقليميين يقفون وراء تنظيمه. استمر الملتقى لـ 3 أيام، من يوم الأحد 23 يوليو/ تموز إلى الثلاثاء 25 يوليو/ تموز الحالي، قاطعته حركات مسلحة رئيسية ومنظمات مجتمع مدني بسبب التاريخ الدموي للدعم السريع، كما اعتبر آخرون أنه يهدف إلى توفير مخرج من المساءلة عن جرائم الحرب الأخيرة التي ارتكبتها الدعم السريع.
مبادرة إماراتية أخرى تدفع السودان نحو الانقسام ..
اجتماع لنشطاء وسياسيين سودانيين وزعماء دارفور في توغو يومي الأحد والاثنين.لمناقشة خطة عمل لمنع تفاقم الوضع في إقليم دارفور ! #Sudan #Togo #UAE #Darfur
— Tahir Zene 🇹🇩 (@zenifilsT) July 21, 2023
_ منظمة شباب من أجل دارفور : نرفض قيام إجتماع توغو المزمع انعقاده اليوم الذي دعت له مليشيات الدعم السريع.
¬ نؤكد أن المشاركين في الاجتماع لا يمثلون أهل دارفور وليس لديهم أي تفويض للحديث عن أزمة الإقليم
¬ نتهم المشاركين في اجتماع توغو بأنهم شركاء للمليشيا في جرائمها ضد مواطنين…
— 🅚🅐🅜🅐🅛 (@kamalgoga) July 23, 2023
رفض واسع
من جهتها، أعلنت تنسيقية الثوار السودانيين بغرب أفريقيا عن رفضها القاطع للمشاركة في اللقاء التشاوري لأبناء دارفور في عاصمة توغو، مشيرةً -في بيان لها- إلى أن “الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الدعم السريع بحق الشعب السوداني باسم الديمقراطية، كشفت الوجه القبيح الحقيقي لهذه الميليشيا أمام الجميع، واتضح أنه ليس لها مكانة وسط جموع الشعب السوداني، لذلك جاءت الآن تبحث عن مخرج ولن تجده عندنا، إلا من حفنة من سواقط مجتمع دارفور”.
جاء في البيان: “هذا اللقاء التشاوري لا ولن يمثل أبناء دارفور، ومن يشاركون فيه إنما يمثلون أنفسهم. ومعلوم أنه لا يوجد أي نشاط لأبناء دارفور بدولة توغو. وبالتالي فإن اللقاء لا يخرج عن كونه مسرحية خطّطَ لها مستشارو قوات الدعم السريع”.
امتنعت كذلك معظم الحركات المسلحة البارزة عن المشاركة في لقاء لومي، من بينها حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، والمجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس، وتجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر.
هذا فضلًا عن حركة العدل والمساواة الجديدة بقيادة منصور أرباب، بيد أنه كان من المثير للاهتمام مشاركة قيادات محسوبة على قوى الحرية والتغيير، مثل عضو مجلس السيادة السابق ووزير العدل السابق محمد حسن التعايشي ونصر الدين عبد الباري، على التوالي.
كما تعرّض الملتقى التشاوري لهجوم عنيف من مصطفى تمبور، قائد أحد أجنحة حركة تحرير السودان، ومن التجاني السيسي رئيس قوى الحراك الوطني.
خرج الملتقى بعدة توصيات، أهمها ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل حول الانتهاكات الواسعة التي طالت آلاف المدنيين بولاية غرب دارفور.
تحدث البيان الختامي الصادر يوم الأربعاء الماضي، عن أن “انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بواسطة الجيش وقوات الدعم السريع في دارفور مرفوضة، ويجب إجراء تحقيقات محلية ودولية توضّح للسودانيين وللعالم بالبينات والحقائق، وتضمن المحاسبة وتضمن السلام العادل، وتنهي ثقافة الإفلات من العقاب وتمهّد الطريق لبناء دولة سودانية جديدة”.
وأشار إلى ضرورة عودة سلطان عموم دار مساليت لمدينة الجنينة التي فرّ منها في مايو/ أيار الماضي إلى تشاد، بعد هجوم قوات الدعم السريع والقبائل العربية المتحالفة معها، واقترح بيان توغو إرسال وفد من كبار قادة الإدارة الأهلية بدارفور لمرافقة السلطان في رحلة العودة.
مخاوف من استغلال مطار الجنينة للإمدادات العسكرية
أوصى ملتقى توغو كذلك بفتح ممرات آمنة للأغراض الإنسانية، وانسياب المساعدات إلى دارفور بصورة مباشرة عبر تشغيل ميناء صبيرة في مدينة الجنينة التي تسيطر عليها الدعم السريع، الأمر الذي أثار مخاوف المراقبين من احتمال استخدامه في نقل الأسلحة والذخائر لدعم الميليشيا باستخدام غطاء المساعدات الإنسانية.
حتى قبل إعادة تشغيل مطار الجنينة، فإن الشكوك حامت حول جسر جوي أطلقته دولة الإمارات من ساحة عسكرية في مطار أبوظبي إلى مدينة أم جرس التشادية المجاورة لدارفور، منذ مايو/ أيار الماضي.
This reflects a major strategic shift in the war in #Sudan as it clearly implies that the Emiratis are funneling assistance to the RSF via Chad with the express support of the Chadian government— a deal that was struck when Debbie visited Abu Dhabi last month. Major implications. https://t.co/9Tr9yqi2e4
— Cameron Hudson (@_hudsonc) July 3, 2023
متعقب الرحلات الجوية الذي يعرّف نفسه باسم غريون (Gerjon)، انفرد في أواخر يونيو/ حزيران الماضي بالكشف عن الجسر الجوي الإماراتي الذي ينطلق من مطار الريف العسكري في أبوظبي إلى تشاد المجاورة للسودان عبر أوغندا، لافتًا إلى أن عدد رحلات الشحن الجوي الإماراتية وصل -آنذاك- إلى 28 رحلة.
جسر جوي يثير الشكوك
بعد أيام قليلة من إعلان متعقب الرحلات عن الجسر الجوي وانتشار الخبر على نطاق واسع، حاولت الإمارات التغطية على الموضوع بنشر خبر يوم 4 يوليو/ تموز بعنوان “الإمارات تشيّد مستشفى ميدانيًّا في أم جرس التشادية لدعم الأشقاء السودانيين اللاجئين إلى تشاد”.
لكنّ متعقب الرحلات الجوية غريون قال في تغريدة أخرى، إن الأشخاص المطّلعين على الأمر أخبروه بأن عدد الرحلات الجوية (50 رحلة) أكبر بكثير من المعتاد بالنسبة إلى مستشفى ميداني.
People familiar with the matter tell me the amount of flights is far larger than normal for a field hospital.
Maybe it is a field hospital as well as something else?
I’m not an expert, so please do let me know what you think in the comments, and tag others who might know more.
— Gerjon | חריון | غريون | ኼርዮን (@Gerjon_) July 18, 2023
وأضاف غريون: “ربما هو مستشفى ميداني وكذلك شيء آخر؟ لست خبيرًا، لذا يرجى إخباري برأيك في التعليقات، ووضع إشارة للآخرين الذين قد يعرفون المزيد”.
بينما علّق المدون السوداني مهند بقوله: “بالتأكيد لا أحد يعتقد بجدية أن ما تقوم الإمارات ببنائه في أم جرس هو مستشفى ميداني. المستشفى الميداني مجرد غطاء”.
تمويل لقاء توغو
الدبلوماسي الأمريكي السابق كاميرون هدسون، وهو من الخبراء في الشأن السوداني، اتهم دولة الإمارات بتوفير الأسلحة لقوات الدعم السريع، كما اتهمها بتمويل “مبادرة سلام زائفة في دارفور” في إشارة إلى ملتقى توغو، مضيفًا في تغريدة له: “حان وقت العقوبات على الإمارات”.
In addition to providing weapons to the RSF for use in Darfur, UAE is now funding a phony peace initiative in Darfur to salve their conscious. They are truly playing puppet master in the most destructive way possible. Time for sanctions on UAE. https://t.co/uIho4KomSi
— Cameron Hudson (@_hudsonc) July 21, 2023
من جهته، قال وزير الخارجية التوغولي، في تغريدة، إن مشاورات لومي لا تحل أبدًا محل محادثات السلام التي تجريها السعودية والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وأضاف أن توغو محايدة وبعيدة عن السودان، لكن تجربتها السابقة في الوساطة تعطيها بعض الوزن لمحاولة إنهاء الحرب في السودان، وأضاف: “لدينا مصلحة واحدة فقط في السودان، وهي السلام”.
لكن الدبلوماسي الأمريكي السابق هدسون، علّق على الوزير التوغولي بقوله: “أعتقد أنه من العدل أن نقول إن لتوغو مصلحة أخرى.. “المال”، كم تدفع لكم أبوظبي مقابل هذه اللعبة البهلوانية؟”.
I think it’s fair to say that Togo has another interest: 💰
How much is Abu Dhabi paying you for this circus? https://t.co/pEpKzPtw65
— Cameron Hudson (@_hudsonc) July 25, 2023
كيان سياسي لغسل سمعة الدعم السريع
يمكن أن يُقرأ ملتقى توغو التشاوري -الذي يعتقَد أن الإمارات موّلته- بأنه يأتي في إطار مساعي الدعم السريع، لغسل سمعتها بإنشاء تنظيم سياسي، بعد أن فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا جديدًا في جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات حميدتي مؤخرًا في دارفور.
وفقًا لـ”الجزيرة نت”، تخطط قيادة الدعم السريع وجهات داخلية وخارجية تدعمها، لخلق كيان سياسي يعبّر عنها خلال المرحلة المقبلة بعد وقف الحرب، خاصة خلال العملية السياسية التي ستنطلق عقب التوصُّل إلى وقف شامل ونهائي للقتال.
مصادر “الجزيرة نت” أوضحت أن الهدف الحقيقي من ملتقى توغو، البحث في كيفية معالجة ممارسات الدعم السريع في دارفور، التي خلقت صورة سيئة عنها وصارت تشكّل عائقًا تجاه مواطني الإقليم، فضلًا عن هدف آخر يتمثل بالتفكير في استحداث كيان سياسي تقوده شخصيات غير منتمية رسميًّا إلى الدعم السريع، للتعبير عنها خلال المرحلة المقبلة.
في وقت سابق، قال زعيم حزب الأمة مبارك الفاضل، إن عبد الرحيم دقلو، القائد الثاني للدعم السريع، التقى في مدينة أم جرس التشادية مندوبًا أمريكيًّا وآخر كينيًّا وثالثًا خليجيًّا؛ كل واحد منهم على حدة، ونقل إليهم رغبة الدعم السريع في الاستسلام مقابل الحصول على دور سياسي وعسكري في السودان.
الدعم السريع يفاوض علي شروط الاستسلام وفقا لمعلومات مؤكدة. التقي عبدالرحيم في ام جرس بمندوب امريكي وكيني وخليجي كلا علي حدة ونقل اليهم رغبتهم في خروج امن مع دور عسكري وسياسي. لذلك اتصل الرئيس الكيني بالبرهان رغم رفض السودان له لينقل طلب حليفه. ثم اتصل بلينكن الوزير الامريكي
— Mubarak Elmahdi (@mubarak_elmahdi) July 19, 2023
حتى إن لم تكن هناك أدلة قوية على ضلوع أبوظبي في تمويل ملتقى توغو التشاوري الخاص بالدعم السريع والمتعاطفين معها، فإن هناك العديد من الأدلة على الدعم العسكري الإماراتي للميليشيا.
على سبيل المثال، نشر حساب War Noir المتخصّص في تتبُّع الأسلحة المستخدمة في الصراعات، تغريدة مصورة عن استيلاء القوات السودانية على طائرة من دون طيار إماراتية المنشأ، وقذائف إسقاط جوي حراري من قوات الدعم السريع. موضحًا أنه تم إنتاج القذائف في الأصل من قبل صربيا عام 2020، وتم بيعها لاحقًا إلى دولة الإمارات.
#Sudan 🇸🇩: Sudanese Forces captured a UAE-origin drone and 120mm Thermobaric air-drop shells with UT M18 Special fuzes from the Rapid Support Forces (#RSF).
As can be seen, the TB shells were originally produced by #Serbia 🇷🇸 in 2020 and later sold to #UAE 🇦🇪 as well. pic.twitter.com/YN7LDpS52m
— War Noir (@war_noir) July 25, 2023
أخيرًا، نجحت الإمارات في إغراء العديد من دول الساحل الأفريقي باستخدام المال والاستثمارات والمساعدات الإنسانية، حيث يرى الصحفي والمؤلف روبرت يونغ بيلتون أن دولة الإمارات “اشترت” الرئيس الانتقالي لتشاد، محمد إدريس ديبي.
So confirmed. The #UAE is using Chad #Amdjarass as a military base to support RSF. Hospital is medevac for wounded RSF and onward to UAE. UAE and RSF military/intel on the base now. Massive aid/military package to Mahamat bought UAE way in. @Gerjon_ has heavy lift info. https://t.co/PlsQbCkti1
— Robert Young Pelton (@RYP__) July 19, 2023
لافتًا في تغريدة أخرى إلى أن الإمارات تسعى للتوسع عبر مرتزقتها في كل مكان، مثلما حدث في موانئ عصب وبربرة وسقطرى وبونتلاند، وهذا ما يجعلها تستمر بالمراهنة على حميدتي وقواته، بحسب بيلتون.