ترجمة وتحرير نون بوست
تجمع فلسطينيون موالون للقيادي المطرود من حركة فتح “محمد دحلان” وسط مدينة غزة يوم الخميس الماضي، يحملون لافتات وملصقات ضد الرئيس “محمود عباس”، ملقين باللوم عليه في استمرار معاناة قطاع غزة ومنع إعادة الإعمار بعد التدمير الذي طال القطاع في الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
تأتي هذه المسيرة بعد أيام قليلة من عقد مؤتمر لأنصار دحلان في غزة، وعلى الرغم من تحذير قيادة فتح لأعضائها من مغبة حضور المؤتمر، إلا أن هناك أكثر من 2000 من ضباط أمن السلطة الفلسطينية اختاروا الحضور رغم كل شيء، وفقًا لما قاله مصدر في حركة فتح.
وفي أعقاب تخفيض بعض الرواتب، قال أحد مساعدي محمد دحلان لوسائل إعلام محلية في فلسطين “إن أولئك الذين تضرروا بتقليص رواتبهم سيتم تعويضهم”، لم يكن واضحًا من حديث الرجل ما إذا كان هذا العرض من جيب دحلان أو من مصدر آخر.
وبالتوازي مع ذلك، بدأ نشطاء مؤيدون لدحلان على مواقع التواصل الاجتماعي التعبير عن دعمهم للقيادي الفتحاوي السابق، تم إطلاق صفحة على الفيسبوك بعنوان “محمود عباس لا يمثلني”، انضم إليها أكثر من 150 ألفًا خلال وقت قصير.
لا عباس ولا دحلان يصرحان بأي شيء علنًا، حتى الآن على الأقل، بخصوص الفصل الأخير من صراعهما على السلطة والنفوذ المستمر منذ سنوات، والذي تدخل فيه قوى محلية ودولية.
دحلان، الذي يقيم في الإمارات العربية المتحدة، هو في الأصل من مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، حتى عام 2007 عندما اندلع القتال بين فتح وحماس بعد فوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية، كان دحلان هو أقوى رجال فتح في غزة، إلى حد أن القطاع كان يُطلق عليه اسم “دحلانستان” خلال فترة سيطرته.
بدأ صعود دحلان عام 1994 عندما تم تعيينه رئيسًا لفرع الأمن الوقائي في غزة، وهو جهاز الأمن الفلسطيني الذي تم إنشاؤه في أعقاب اتفاقيات أوسلو كجزء منها، أُنشئ الجهاز الأمني بتمويل أمريكي، وضم قرابة 20 ألف فلسطينيًا؛ ما جعله واحدة من أقوى فروع الأمن الفلسطينية العاملة.
ونتيجة للتنسيق الأمني بين “الوقائي” و”إسرائيل” خلال السنوات الأولى من الانتفاضة الثانية، والاعتقال اللاحق لعدد من قادة حماس؛ لم يجعل ذلك الدور دحلان ذا شعبية بين الحركات الإسلامية ولا المتعاطفين معها في غزة.
وفي يونيو عام 2011، ومع تصاعد الاتهامات بالفساد المالي ضد دحلان، قررت اللجنة المركزية لحركة فتح التخلي عنه، ومع بعض الشعبية التي تبقت له في الحركة، رفض دحلان القرار، إلا أنه لم يستطع الحفاظ على عضويته، على الرغم من الدعم الذي لايزال يلقاه بين أعضاء فتح في غزة.
إحدى أسوأ حملات التجريس المتبادلة حدثت في مارس الماضي، في المجلس الثوري لحركة فتح، اتهم عباس دحلان بالمشاركة في اغتيال الزعيم الراحل “ياسر عرفات”، نفى دحلان الادعاء ورد سريعًا بأن عباس يساعد قيادات إسرائيلية وأجنبية لتحقيق أجنداتهم الخاصة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، تم إحياء المشاحنات بين دحلان وعباس عندما أحال “رفيق النتشة”، رئيس هيئة مكافحة الفساد في السلطة الفلسطينية، قضية إساءة استخدام أموال عامة ضد دحلان إلى المحكمة، ومن جانبه قال دحلان إن “القرار مُسيس”.
في شوارع غزة، تنتشر منشورات معارضة لعباس بشكل متزايد على الجدران والمداخل، حيث يتهمه البعض بتدمير فتح والمشاركة في الحصار المستمر المفروض على غزة، أحد الملصقات كُتب عليه “يكفي! إنه وقت تحدي عباس وجماعته”، الموالون لدحلان ينفون أنهم وراء تلك الملصقات والمنشورات.
وفي الوقت نفسه، تسلط التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي الضوء على واقع آخر، فهؤلاء الذين يكتبون على الصفحات المناهضة لعباس ليسوا بالضرورة من داعمي دحلان، لكنهم يريدون التعبير فقط عن غضبهم إزاء استمرار الحصار المفروض على غزة.
أحد المعلقين كتب يقول “لا عباس ولا دحلان يصلحون لقيادة الشعب الفلسطيني”.
القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) “صلاح البردويل” قال إن حركته وافقت على التظاهرات خلال الأسبوع الماضي، بعد أن قال المتظاهرون إنهم بصدد التظاهر ضد الحصار، لكنهم عندما نزلوا إلى الشوارع، احتج الكثيرون منهم على الحصار، وهاجموا عباس وهتفوا لصالح دحلان.
وفي الوقت نفسه، كشف البردويل أنه بالإضافة إلى تعهده بدعم قوات الأمن الفلسطينية، تعهد دحلان أيضًا بمساعدة المتضررين من حرب الصيف الماضي.
دحلان – يقول البردويل – إنه عرض توفير 5000 دولارًا لكل عائلة فقدت أحد أفراد الأسرة، و10000 دولارًا لكل عائلة فقدت منزلها، و1500 دولارًا لكل فرد أُصيب بجراح خطيرة، و700 دولارًا لكل من أُصيب إصابة متوسطة، أحد مساعدي دحلان أبلغ وسائل الإعلام المحلية أن الأموال الموعودة تأتي من الإمارات العربية المتحدة عن طريق دحلان.
دحلان كتب على صفحته على فيسبوك إن تظاهرة الخميس في غزة هي بداية كسر حاجز الصمت بعد صبر طويل ومعاناة تسبب فيها “النهج المنحرف”.
حذر دحلان أيضًا من أن البعض قد لا يفهمون الرسالة من التأييد له داخل فتح، قائلاً إن القادم أكثر، لكنه لم يوضح ماذا يعني.
وعلى الرغم من العلاقات المتوترة بين دحلان وقادة حماس الذي أمر باعتقالهم عندما كان في السلطة في أواخر التسعينات، ورغم التهديد الذي يشكله على حكومة الوحدة الفلسطينية، إلا أن حماس لا تبدو قلقة للغاية بشأن السماح للموالين له بالتظاهر.
بعض الملصقات المنتشرة على جدران جامعات غزة تشير إلى أن أعضاء فتح الموالين لدحلان سوف ينظمون مسيرة حاشدة في 15 يناير المقبل، وردًا على سؤال حول ما إذا كان دحلان سيعود إلى غزة قريبًا، قال البردويل: “دحلان لم يطلب العودة، ونحن لم ندرس الأمر بعد”.
المصدر: ميدل إيست آي