“إن الدمار الذي أحدثته الأسلحة النووية في هيروشيما وناغازاكي لا يمكن أن يتكرر أبدا”.. بهذه العبارة استهل رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا كلمته على هامش إحياء اليابان الذكرى الـ78 للجريمة النووية الأبشع في التاريخ، تلك الجريمة التي أودت بحياة 140 ألف شخص في هيروشيما في 8 يونيو/حزيران 1945 و74 ألفًا آخرين في ناغازاكي في 9 أغسطس/آب 1945 حين ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على المدينتين في نهاية الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)
وندد كيشيدا، الذي تنحدر عائلته من هيروشيما، خلال كلمته، بتلويح روسيا بإمكانية استخدام السلاح النووي، لافتًا إلى أن بلاده (الدولة الوحيدة التي تعرضت لقصف ذري خلال الحرب)، ستواصل جهودها من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية، مشددًا على أنه “في ضوء هذا الوضع، من المهم للغاية إعطاء دفع دولي لتحقيق عالم خال من الأسلحة النووية”.
تأتي تصريحات رئيس الوزراء الياباني في أعقاب تصريحات مماثلة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي ندد خلال بيان أصدره بتلك المناسبة بـ”تلويح بعض الدول مجددًا بتهور بالتهديد النووي، وتهديدها باستخدام أداة الإبادة هذه”، وسط إدانات إقليمية ودولية بهذه الخطوة التي من الممكن أن تعيد العالم عقود طويلة إلى الوراء.
من الواضح أن هناك حالة قلق عارمة تخيم على المجتمع الدولي إزاء تصريحات روسيا (التي لم تُدع بجانب بيلاروسيا لحضور مراسم إحياء ذكرى استهداف هيروشيما وناغازاكي للعام التالي على التوالي)، وهي التهديدات التي وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنها “حقيقية”، معلقًا على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده نشرت أول أسلحتها النووية التكتيكية في بيلاروسيا بأنه “تصرف غير مسؤول تمامًا”.
يذكر أن رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو كان قد قال في منتصف يونيو/حزيران الماضي إن بلاده بدأت في تسلم الأسلحة النووية التكتيكية الروسية، التي استعرض حجمها التدميري بقوله إن بعضها أقوى 3 مرات من القنابل الذرية التي ألقتها أمريكا على هيروشيما وناغازاكي في 1945.. فهل العالم فعلًا على أبواب حرب نووية مجددًا؟ وهل يقع في الفخ مرة أخرى؟
في مثل هذا اليوم
⌚توقفت عقارب الساعة عند 8:15 صباحا في السادس من آب/أغسطس عام 1945، عندما ألقيت القنبلة الذرية على مدينة #هيروشيما اليابانية.. وقد سٌجل وقت انفجار القنبلة على بقايا ساعة يد تم العثور عليها بين الأنقاض pic.twitter.com/M3jFE7jXzb
— الأمم المتحدة (@UNarabic) August 6, 2023
9 أعوام من التهديدات المستمرة
منذ احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014 وهناك سيل من التهديدات المتبادلة بين روسيا من جانب وأوروبا والولايات المتحدة من جانب آخر بشأن استخدام السلاح النووي في معركة النفوذ والسيادة بين المعسكرين، بلغت ذروتها خلال العامين الماضيين تحديدًا.
الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية “آيكان” (تأسست عام 2007 وتضم أكثر من 570 منظمة غير حكومية توجد في 105 دولة، ومعنية بمناهضة أسلحة الدمار الشامل وتسعى لتطبيق معاهدة حظر الأسلحة النووية وحائزة على جائزة نوبل للسلام في 2017) استعرضت في ملف خاص بها أبرز التهديدات الصادرة بشأن التلويح باستخدام النووي بين المعسكرين الشرقي والغربي طيلة السنوات التسعة الأخيرة.
في 29 أغسطس/آب 2014.. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوجه خطابًا لشركاء بلاده، ملمحًا فيه إلى عظم قدرات روسيا النووية قائلًا: “يجب أن يعي شركاء روسيا أنه سيكون من الأفضل لهم عدم إزعاجنا. حمدًا لله، لا أعتقد أن أي شخص لديه أي نية للدخول في نزاع واسع النطاق مع روسيا، أريد أن أذكّركم بأن روسيا هي واحدة من أعظم القوى النووية”.
في 16 مارس/آذار 2015.. أعلنت موسكو استعدادها لوضع قواتها النووية في حالة التأهب القصوى حال حاولت القوات الغربية الداعمة لأوكرانيا شن عملية عسكرية في شبه الجزيرة، وذلك بعد أسابيع قليلة من السيطرة عليها بالقوة العسكرية.
في 8 فبراير/شباط 2022.. أعاد بوتين التذكير بقدرات بلاده النووية خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث قال: “ندرك أيضًا بأن روسيا هي إحدى القوى النووية الرئيسية، ولديها بعض المزايا التي تجعلها أكثر تفوقًا من حيث الحداثة. لن يكون هناك منتصرون، وسوف تنجذبون إلى هذا الصراع رغمًا عنكم”.
في 19 فبراير/شباط 2022.. نظمت كل من روسيا وبيلاوسيا مناورات عسكرية بالوحدات النووية التي تشمل القوات الجوية وقوات الصواريخ الإستراتيجية والأسطولين النووين الإستراتيجيين الشمال والمحيط الهندي بمشاركة وإشرف بوتين مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
في 24 فبراير/شباط 2022.. قال بوتين خلال خطابه الذي ألقاه تزامنًا مع بدء حربه الأخيرة ضد أوكرانيا: “روسيا هي اليوم واحدة من أقوى القوى النووية بالعالم […] يجب ألا يكون هناك شك في أن الهجوم المباشر على بلدنا سيؤدي إلى الدمار وعواقب وخيمة على أي معتد محتمل […] من سيحاول الوقوف في وجهنا، ومن يخلق تهديدات لبلدنا، لشعبنا، يجب أن يعرف أن رد روسيا سيكون فوريًا وسيؤدي بكم إلى عواقب لم تختبروها من قبل في حياتكم”.
في 27 فبراير/شباط 2022.. أصدر بوتين أمرًا لوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان بوضع قوات الردع النووي في حالة التأهب القتالي الخاصة، وهي الخطوة التي دفعت فرنسا في 1 مارس/آذار من نفس العام بوضع غواصاتها في قاعدة إيل لونغ Île Longue في منطقة بروتاني (شمال غرب) في حالة التأهب القصوى.
في 27 أبريل/نيسان 2022.. كرر بوتين تهديده للمعسكر الغربي مجددًا، قائلا في خطاب له أمام مجلس الدوما (البرلمان): “بالنسبة لروسيا فإن أي تهديدات ذات طبيعة إستراتيجية هي غير مقبولة.. يجب أن يعلم هؤلاء أن ضرباتنا الانتقامية ستكون قوية وسريعة. من أجل هذا، لدينا كل الوسائل، وسائل لا يمكن لأي شخص آخر أن يحظى بها.. سنستخدمها إذا اقتضى الأمر.. القرارات بشأن هذا الموضوع قد اتخذت بالفعل”.
في 21 سبتمبر/أيلول 2022.. ردًا على عقوبات الغرب ضد موسكو وفي خطابه للشعب الروسي قال بوتين: “أود أن أذكركم […] بأن بلادنا تملك أيضًا إمكانيات دفاعية مختلفة، البعض منها أكثر تطورًا من تلك التي تملكها دول الناتو (حلف شمال الأطلسي). إذا كانت سلامتنا الإقليمية مهددة، فمن دون شك فإننا سنستخدم كل الوسائل المتاحة لنا للدفاع عن روسيا وعن شعبنا. هذه ليست خدعة”.
في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2022..ردود فعل المعسكر الغربي تعكس حالة القلق من التهديدات الروسية، ففي كلمته أمام أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي قال الرئيس بايدن: “لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ أيام كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية […] يوجد تهديد مباشر باستخدام الأسلحة النووية إذا استمرت الأمور على المنحى الحاليّ”.
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2022.. وجه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تهديدًا مبطنًا لموسكو ردًا على تصريحات بوتين، قائلًا: “يقول السيد بوتين إنه لا يخادع بالنسبة للتهديد النووي. يجب عليه أن يفهم إذًا أن الدول التي تساند أوكرانيا، الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، الولايات المتحدة والناتو، لا يخادعون أيضًا”.
في 21 فبراير/شباط 2023..كان التصعيد الأبرز في حرب التصريحات المتبادلة بشأن استخدام السلاح النووي، حين أعلن بوتين تعليق مشاركة بلاده في معاهدة “ستارت الجديدة” لخفض الأسلحة النووية، الموقّعة في 8 أبريل/نيسان 2010 بين واشنطن وموسكو، مهددًا بإجراء تجارب نووية إذا ما أقدمت الولايات المتحدة بذلك.
وفي خطابه السنوي أمام الجمعية الاتحادية قال: “لا ينبغي أن يتوهم أحد أنه من الممكن انتهاك التكافؤ الإستراتيجي العالمي”، كما دعا كل الأجهزة المعنية في بلاده إلى “الاستعداد لتجارب أسلحة نووية” في حال نفذت واشنطن بعضها أولًا.
لا ضمانات.. خرق المعاهدات الدولية
ظن البعض أن المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أبرمها المجتمع الدولي عقب الحرب العالمية الثانية بشأن الحد من النشاط التسليحي النووي قدر الإمكان ستكون كافية لوضح خطوط حمراء لهذا الحراك المدمر خاصة بعد النتائج الكارثية التي كشفتها جريمتا هيروشيما ونغازاكي.
لكن السنوات الماضية كشفت وهم هذا الظن الذي تحول إلى خيال صعب التحقيق في ظل صراع النفوذ المحتدم بين القوى الإقليمية والدولية من أجل التمدد والتوسع تحقيقًا لمكاسب سياسية واقتصادية في حرب الاستقطابات العالمية المستعرة حاليًّا.
سباق التسليح النووي الذي قادمته كوريا الشمالية والصين وإيران لم يتوقف، رغم المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بل إن العالم يهرول اليوم لشرعنة هذا السباق من خلال اتفاقيات ثنائية ودولية لتحديده في أطر ضيقة تحت مسمى “الاستخدام السلمي”، لكن يبقى هذا الإطار فضفاضًا وقابلًا للاتساع بما يتجاوز الاستخدامات الآمنة في ضوء إستراتيجيات الردع التي تستخدمها بعض القوى.
في 31 يناير/كانون الثاني 2023 قدمت وزارة الخارجية الأمريكية ملفًا للكونغرس قالت فيه إن روسيا لا تلتزم باتفاق الأسلحة النووية الباقي بين الدولتين المعروف باسم “نيو ستارت”، الموقّع في 8 أبريل/نيسان 2010، وذلك قبل إعلان موسكو الانسحاب منه في فبراير/شباط الماضي.
نفت روسيا اتهامات أمريكا بهذا الشأن، متهمة إياها بمحاولة تغيير ميزان القوى بموجب تلك الاتفاقية لكن بطريقة غير شرعية منها تعديل الأسلحة أو إعادة تسميتها لإخراجها من نطاق المعاهدة، وكانت موسكو قد وجهت في 2021 اتهامات مماثلة لواشنطن بشأن تجاوزها الحد المسموح به من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية بمقدار 101 قطعة.
في الذكرى السنوية الـ78 لقصف #هيروشيما.. #غوتيريش: شبح الحرب النووية ظهر في العالم من جديد#العربية pic.twitter.com/e975DXpjvb
— العربية (@AlArabiya) August 6, 2023
هيروشيما.. التجربة الأكثر إيلامًا
كانت وستظل جريمة هيروشيما ونغازاكي هي الأقذر والأكثر قسوة في التاريخ الحديث، تلك الجريمة التي دفع عشرات الآلاف من المدنيين ثمن طموح الأمريكيين وتهورهم السياسي والعسكري دون أي اعتبارات إنسانية، ليدفع الشعب الياباني ثمن تلك الحادثة باهظًا جدًا ولعشرات السنين، أجيال تلو الأجيال.
فبعد استسلام ألمانيا لقوات الحلفاء في مايو/آيار 1945 ظن البعض أن الحرب العالمية الثانية قد أسدل ستارها، لكن المعركة لم تنته بعد في آسيا، حيث ظل الجيش الياباني صامدًا أمام قوات الحلفاء، ورفضت طوكيو حينها مناشدات الاستسلام التي أطلقتها واشنطن.
واعتقد الأمريكان أن اليابان لن تستسلم إلا بتهديد مرعب، لذا جاء التفكير في استخدام القنابل النووية، لتصبح هيروشيما هي التجربة الأولى في التاريخ لاستخدام السلاح النووي في الحروب، وبالفعل تم إسقاط القنبلة المسماة “الولد الصغير” فوق المدينة في 6 أغسطس/آب 1945 ليطاح حينها بـ140 ألف ياباني من إجمالي 350 ألف هم إجمالي سكان هيورشيما.
الصدمة وقتها لم يستوعبها اليابانيون فيما حاول الجيش الصمود في مواجهة تلك الكارثة، ولم يعلن استسلامه، لتعيد واشنطن العملية مرة أخرى، لكن هذه المرة في مدينة ناغازاكي في التاسع من الشهر ذاته، حيث أطلقت عليها قنبلة أطلق عليها “الرجل البدين” أسفرت عن مقتل قرابة 74 ألف ياباني في غضون أيام قليلة.
وبعد هاتين الجريمتين اللتين أطاحتا بعشرات الآلآف من المدنيين العزل، اضطر الجيش الياباني للاستسلام في 14 أغسطس/آب 1945، ومنذ ذلك الوقت بدأت اليابان في تدشين مرحلة جديدة من السلام الكامل، ونبذ الحروب، مكرسة الكثير من جهودها لمناهضة استخدام الأسلحة النووية، مطالبة بإلغاء امتلاكها وتجريم كل من يلوح بها كسلاح ردع في مواجهة الخصوم.
تجنبًا لتكرار السيناريو.. نزع الفتيل في اللحظات الأخيرة
أثارت تداعيات قنبلتي هيروشيما ونغازاكي الرعب في قلوب سكان الكرة الأرضية، فيما طالب الكثيرون بتكثيف العمل لأجل وقف هذا السباق النووي، وضرورة التحرك العاجل لنزع فتيل أي أزمة قبل أن ينفلت عيارها نحو الاستخدام النووي الذي بات يمثل كابوسًا يؤرق الأمن والسلم الدوليين.
ومن أبرز جهود الاحتواء تلك أزمة الصواريخ الكوبية التي اندلعت عام 1962 حين حشد الاتحاد السوفيتي صواريخ باليستية في كوبا، وأصبح العالم آنذاك فوق فوهة بركان حرب نووية جديدة، وهنا يتذكر الخبير المتخصص في السلاح النووي، دانيال فارنر، عضو الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (ICAN)، تفاصيل تلك الأيام المرعبة التي نقل عمن عايشوها معاناتهم قائلًا: “لقد كانت لحظة مواجهة بين القوتين العظميين، وكان نشوب حرب نووية احتمالًا واردًا. ولا تزال تلك الأيام الثلاثة عشر محفورة في ذاكرة الأشخاص الذين شهدوا تلك المواجهة”.
لكن بفضل الجهود الدبلوماسية المبذولة، أُجهضت تلك المواجهة قبل انطلاقها، ليطوي العالم بعدها صفحة السلاح النووي لقرابة عشرين عامًا كاملة، قبل أن تصدم أمريكا الجميع بقرارها نشر صواريخ كروز النووية في أوروبا، كإحدى إستراتيجيات الردع في مواجهة الاتحاد السوفيتي.
وهنا يستعرض فارنر تجربته الشخصية مع والدته التي عاشت تلك الأيام بينما كان هو صغيرًا، لافتًا إلى أنها شاركت في تظاهرة في منطقة إقامتها في غرينهام كومون، أحد المواقع المقترحة لنشر الصواريخ في بريطانيا، وكان الرعب يخيم على شوارع المملكة خشية الانزلاق نحو مواجهة نووية في ظل السجال الإعلامي والسياسي بين السوفييت والأمريكان في ذلك الوقت.
وللمرة الثانية تنجح الجهود الدبلوماسية في نزع فتيل الأزمة، حيث عقدت الكثير من القمم التي جمعت بين الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في جنيف، واتفق كلاهما على التهدئة بعد التوقيع على عدة تفاهمات بشأن تجنب اللجوء إلى السلاح النووي في النزاعات السياسية بين البلدين.
واليوم يبدو أن العالم على موعد مع تهديد جديد، فالتلويح الروسي باستخدام النووي أكثر من مرة، تزامنًا مع الخسائر التي يتعرض لها الروس في أوكرانيا والعقوبات الموقعة عليهم من المعسكر الغربي، كل هذا قد يدفع بوتين لاستخدام الكارت الأخير، وهو التخوف الذي لم يغب عن مخيلة قادة أوروبا والولايات المتحدة الذين تعاملوا مع تلك التهديدات ولأول مرة في إطارها الجدي بعيدًا عن السجال المتبادل طيلة السنوات الماضية.. لكن يبقى السؤال: ماذا لو نفذ بوتين بالفعل تهديداته واستخدم السلاح النووي؟
في ذكرى #هيروشيما.. #اليابان تدعو لمواصلة الجهود من أجل عالم خال من الأسلحة النووية pic.twitter.com/Gn1arEGGRX
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 6, 2023
ماذا لو استخدم النووي؟
تروي الطبيبة روث ميتشل من رابطة الأطباء الدوليين لمنع الحرب النووية، وأحد الذين عملوا مع الناجين من هيروشيما وناغازاكي، طبيعة وحجم التدمير الذي خلفته القنبلتين المقذوفتين على المدينة عام 1945، قائلة: “خلال الثواني الأولى لإطلاق القنابل حدثت انفجارات ضخمة وحروق وجثث تذوب على الأرض، تلاها انتشار للأمراض الناجمة عن الإشعاعات التي تسببت في كوارث جينية”.
وتضيف ميتشل أن وزن القنبلتين الذريتين اللتين سقطتا على هيروشيما وناغازاكي كان يتراوح بين 15 و20 كيلوطن، ومع ذلك قتلتا فور سقوطهما بساعات قليلة أكثر من 100000 شخص، وعشرات الآلاف في الأسابيع التي تلت سقوطهما، متسائلة: إذا كان هذا حجم تدمير قنبلتين وزنهما يتراوح بين 15 و20 كيلوطن فما هو حال القنابل التي يصل وزنها إلى 100 كيلوطن؟ في إشارة إلى القنابل النووية الموجودة اليوم.
وبخصوص الحديث عن استخدام نووي روسي محدود في أوكرانيا، أو ما يطلق عليه “النووي التكتيكي”، أكدت كل التقارير أنه ليس هناك ضمانات تشير إلى إمكانية تقليل الخسائر المحتملة للقنابل النووية المستخدمة، حتى لو كانت محدودة، فالتدمير المتوقع يتجاوز بشكل كبير التوقعات كافة، فضلًا عما تتسبب فيه من عواقب مدمرة على الإنسانية وتدوم على مدى أجيال.
يذكر أن عدد الأسلحة النووية الموجودة حاليًّا تقدر بنحو ما بين 12000 و13000 رأس نووي، تمتلك أمريكا وروسيا أكثر من 90% منها، فيما يتأرجح الباقي بين فرنسا وبريطانيا والصين وباكستان والهند و”إسرائيل” وكوريا الشمالية، ما يشير إلى أن العالم ليس بمعزل عن نشوب حرب من هذا النوع إذا ما تهور البعض، وهو ما يجعل من مهمة تقليل معدلات احتمالات هذا الأمر غاية في الصعوبة، وتتطلب تحركات عاجلة بين الحين والآخر، وسد كل الذرائع أمام الولوج في هذا الفخ مرة أخرى.