منذ سيطرة قوات الأسد على منطقة البوكمال بريف دير الزور شرقي سوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، بدعم برّي واسع من قبل إيران وجوّي روسي، زادت طهران من انتشارها في المنطقة الاستراتيجية، عقدة الربط الرئيسية مع العمق العراقي من طرف، ورأس جسر إلى العمقَين السوري واللبناني من طرف ثانٍ.
وغدت البوكمال بعد دحر تنظيم “داعش” منها أحد أهم مراكز استقطاب أفراد الميليشيات الإيرانية، وأخرى مدعومة من إيران، تمارس نشاطات مهمة من شأنها تعزيز نفوذ طهران في المنطقة، وتشكيل عامل قلق بالنسبة للوجود الأمريكي المتاخم بقواعده لها، وتهديد أمن “إسرائيل” عبر الصواريخ التي تمتلكها.
الاهتمام بالبوكمال كان قد دفع مستشار القائد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية، المدعو علي أكبر ولايتي، إلى اعتبارها جزءًا من محور المقاومة الذي يضمّ إيران وسوريا والعراق واليمن ولبنان وغزة، في تصريح له صيف 2021.
وسبق ذلك التصريح تجول قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، في المنطقة أكثر من مرة، إذ كان هذا الجيب هدفًا استراتيجيًّا للجنرال الإيراني قاسم سليماني وحليفه أبو مهدي المهندس، قبل مقتلهما بغارة أمريكية بمطار بغداد مطلع عام 2020.
أهمية البوكمال الاستراتيجية
تتجه الأنظار إلى البوكمال التي تقدَّر مساحتها بـ 6 آلاف و807 كيلومترات، كونها تتميز بموقع جغرافي مهم جدًّا، إذ تقع على الضفة الغربية لنهر الفرات الذي يمرّ عبرها، وهي حدودية وتشكّل عقدة مواصلات برية مهمة تصل منها إلى سوريا ثم لبنان، إذ تعد امتدادًا لصحراء الأنبار العراقية.
كما ترتبط بصحراء السويداء ودرعا وتدمر ودير الزور، إضافة إلى كونها محطة أساسية على الطريق الذي تستخدمه الميليشيات الإيرانية للتحرك بين سوريا والعراق، وإيصال إمدادتها العسكرية إلى الداخل السوري وحتى إلى “حزب الله” في لبنان قادمة من طهران، وهو النشاط الذي تسعى “إسرائيل” لوقفه، من خلال استهدافاتها المتكررة للمواقع الإيرانية هناك، خاصة قاعدة الإمام علي الاستراتيجية.
وبلغت الأنشطة الدينية والتغيير العقائدي الإيراني أوجهما في البوكمال، بهدف تغيير طابع المنطقة وتكثيف عمليات التجنيد، والتي طالت حتى الأطفال في معسكرات سُمّيت “كشافة المهدي“، إذ باتت تعدّ هذه المعسكرات مراكز رئيسية للمنطقة الشرقية.
هذا فضلًا عن سعي الحرس الثوري لتشكيل شرعية دينية محلية، من خلال بناء المقامات والحسينيات، وضمان دخول الحجيج من إيران والعراق عبر معبر القائم العراقي إلى معبر البوكمال، وصولًا إلى المراقد الشيعية في ريف دمشق وحلب وغيرهما.
يقول محللون عسكريون إن “إيران عمدت إلى تحويل مدينة البوكمال خلال فترة وجود “داعش” إلى مستودع صواريخ، وكانت استخدمتها في ضرب مناطق التنظيم بدير الزور، ردًّا على الهجوم الذي استهدف عرضًا عسكريًّا للحرس الثوري في مدينة الأحواز مطلع عام 2018، وقُتل فيه 25 عنصرًا إيرانيًّا حينها”، وحسب المعلومات “فإنها استعملت نوعَين من الصواريخ، بينهما “ذو الفقار” الذي يبلغ مداه 750 كيلومترًا، و”قيام” مداه 800 كيلومتر”.
في دراسة لموقع “إيران إنسايدر” نُشرت في مايو/ أيار 2021، أشارت أن أبرز الأهداف التي حقّقتها طهران في دير الزور هو سيطرتها على البوكمال ومعبرها الحدودي مع العراق، الأمر الذي مكّنها من تحقيق حلمها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، بفتح ممر برّي من البحر الأبيض المتوسط ولبنان عبر سوريا والعراق.
ولسنوات ظلَّ هذا أحد أهم الاهتمامات الإقليمية، إذ تخشى الدول العربية و”إسرائيل” من أن تشدد إيران سيطرتها على الطرق البرية الممتدة من العراق إلى البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي تسيطر على عقدة نقل بري مهمة.
وحسب الخريطة التحليلية التي نشرها مركز جسور للدراسات في يوليو/ تموز الفائت، فإن إيران هي صاحبة أكبر انتشار عسكري في سوريا إذ تتمركز في 570 موقعًا، 55 منها قواعد عسكرية، تحتل دير الزور المرتبة الثالثة في التمركز بـ 77 نقطة بعد حلب وريف دمشق.
يصف الباحث في الشأن الإيراني عمار جلو، البوكمال بـ”الحلم الفارسي المتجدد”، فهي العقدة البرية شبه الوحيدة لوصول إيران برًّا إلى سوريا ولبنان أو شواطئ المتوسط، وفي ظل العقوبات المفروضة على إيران وسياسة الاحتواء والردع الأمريكية تجاهها، فإن الطرق البحرية غير مأمونة الوصول بالإضافة إلى تكلفتها.
ويرى جلو في حديثه لـ”نون بوست” أن منفذ البوكمال (شريان الحياة لمشروع إيران التوسعي) هو ما جعلها تنافس روسيا إلى حد التصادم سابقًا، لفرض سيطرتها على المعبر والمدينة وتوابعها قبل روسيا، إذ لا يمكن ضمان استمرارية عمل المنفذ دون وجود سيطرة على المنطقة المحيطة به.
وتعدّ خسارة البوكمال خسارة لمشروع السكك الحديدية بين إيران وسوريا ثم البحر المتوسط، كذلك مشروع أنابيب السلام الذي سينقل النفط الإيراني إلى أوروبا عبر العراق وسوريا، المشروع الذي ترفضه روسيا.
لذلك هي تفضّل وجود أجهزة الدولة والميليشيات الموالية لها، عكس طهران الراغبة بسيطرة الميليشيات الطائفية على مفاصل الحكم والمؤسسات في دير الزور والمناطق الموجودة فيها، كما هو الحال في العراق.
ينوّه جلو إلى أن مشاريع إيران (الطاقة، والهلال الشيعي، والطريق البري) ستتأثر في حال الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، إلا أنها لن توقفها، فإيران نجحت بشدة في التكيُّف مع الضغوط والقيود التي فُرضت عليها أو تجاه مشاريعها.
أخطر القواعد الإيرانية
تعدّ قاعدة الإمام علي، جنوبي مدينة البوكمال باتجاه البادية، أكبر وأخطر قاعدة خارج الحدود الإيرانية، وتمتدّ على ما مساحته 20 كيلومترًا، وتضم 30 كيلومترًا من الطرق الداخلية، وهي ترتبط بقاعدة “تي فور” التي تبعد عنها 300 كيلومتر عبر الطرق الصحراوية، والتي تضم منشآت إيرانية تقسم إلى 3 أقسام:
- الأول: يضم مستودعات سلاح ضخمة، ومستودعات صواريخ بعيدة المدى وصواريخ سكود عملاقة، ويخزّن الحرس الثوري الإيراني فيها مجموعة من الصواريخ المصنّعة في إيران مثل صواريخ الرعد وصواريخ فجر-5، كما تحتوي على منصات لإطلاق هذه الصواريخ، وجهّزت القوات الإيرانية مستودع صواريخ حرارية مجهَّز بمتطلبات الحماية من القصف الجوي والصاروخي، فيما نشرت أجهزة رصد ومراقبة إيرانية في معظم أجزاء القاعدة.
- الثاني: هو قاعدة دفاع جوي تحتوي على مستودعات صواريخ مضادة للطيران، وقواعد إطلاق صواريخ جوية بعيدة المدى، وتم وضع رادارات في الجبال التي تم تفريغها بهدف رصد الطائرات في منطقة القاعدة، إضافة إلى غرف عمليات وغرف إشارة ومستودعات كبيرة للذخيرة المضادة للطائرات.
- الثالث: في منطقة الخرش على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا بالقرب من مخفر الخرش الحدودي، ويربو على تلة عالية تبعد حوالي 35 كيلومترًا عن مدينة البوكمال، يتصل هذا القسم بالعراق مباشرة، ما يسهّل عملية تزويده الإمداد العسكري واللوجستي، ومهمة القسم الثالث من قاعدة الإمام علي حماية القسمَين الأول والثاني من القاعدة، وهذا القسم من القاعدة محصّن بشكل كبير ضد الغارات الجوية.
في تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، بعنوان “الحرب لا تزال مشتعلة في بلدة حدودية سورية في قلب طموح إيران الإقليمي”، نُشر بتاريخ 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، جاء فيه: “يوجد في مدينة البوكمال مزيج من اللاعبين وتنافُس على النفوذ الأكثر قوة: الميليشيات الشيعية من العراق وإيران ولبنان من بينها “حزب الله”، وكذلك المرتزقة الروس ورجال القبائل السنّية وقوات النظام، بينما القوات الكردية تراقب عبر النهر”.
ويضيف التقرير “أن المنطقة تشهد القليل من التحركات في حرارة النهار، وتنبض الحياة ليلًا، وكذلك مدينة البوكمال، حيث أخذ المهربون وأعضاء الميليشيات والجماعات التي تعمل بالوكالة والمرتزقة وجيوش الدول الثلاث حصصًا بارزة منذ هُزم “داعش” في تلك المنطقة قبل 3 سنوات”.
“أصبحت هذه المدينة، التي تقع على الحدود بين العراق وسوريا، الجيب الأكثر استراتيجية، لأن من يسيطر عليها يكون له الكلمة الأقوى على جانبَي نهر الفرات. ويقول ضابط كردي من فوق قمة جبل الباغوز، المطلّ على المدينة، الزاوية الأكثر جدلًا في الشرق الأوسط: “لهذا السبب نحن هنا، نراقب المشهد. كل تلك الأرض التي أمامنا ستشهد قتالًا لسنوات مقبلة””.
تعزيزات أمريكية
يملك التحالف الدولي بقيادة واشنطن 30 موقعًا في سوريا، منها 17 قاعدة عسكرية، وتحتضن الحسكة 17 موقعًا، ودير الزور 9 مواقع، إضافة إلى موقع واحد في كل من الرقة وحمص وريف دمشق وحلب، ورغم أن المواقع هي الأقل مقارنة بمواقع إيران، إلا أنها الأكبر تأثيرًا قياسًا على فارق القوة بالتسليح والانتشار.
وقد زودت واشنطن خلال النصف الأول من عام 2023 قواتها بمنظومة “هيمارس” التي يصل مداها إلى 70 كيلومترًا، بعد الزيادة الملاحَظة بانتهاك روسيا لآلية التصادم في سوريا، وتعمّدها تنفيذ مناورات عدائية في مناطق العمليات الأمريكية، هذا عدا وصول طائرات إف-35 الشبحية، وقيامها بطلعات جوية في سوريا لأول مرة منذ عام 2011.
وأيضًا قيام قوات التحالف الدولية بإجراء سلسلة لقاءات مع التشكيلات العربية المقاتلة تحت مظلة “قسد”، وهي لواء ثوار الرقة والصناديد ومجلس دير الزور العسكري، حيث عُقد اجتماع خاص بين هذه التشكيلات وقيادة جيش سوريا الحرة من دون حضور “قسد”.
وتجري في هذه القواعد حاليًّا تدريبات عسكرية لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وسط أنباء عن أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” تدرس بشكل جدّي سيناريو عملية عسكرية في سوريا، بعد وصول تعزيزات عسكرية مطلع الشهر الجاري تابعة لقوات التحالف الدولي إلى قاعدة حقل العمر، قادمة من قواعد التحالف المنتشرة في إقليم كردستان العراق، عبر معبر الوليد على الحدود السورية-العراقية.
ومن أهم القواعد في دير الزور قاعدة الباغوز قبالة البوكمال، وقاعدة حقل العمر مقابل الميادين والعشارة التي تنتشر فيهما ميليشيات إيرانية، وقاعدة حقل كونيكو المقابلة لمناطق الجفرة وحويجة صقر، التي تتمركز فيها تلك الميليشيات بريف دير الزور الشمالي الشرقي.
العقيد السوري المنشق مالك الكردي، رأى في تعليقه لـ”نون بوست” أن أهمية البوكمال تكمن في ربطها بين سلسلة التجمعات البشرية المنتشرة على ضفتَي الفرات في سوريا، وسلسلة التجمعات الأخرى على ضفتَي النهر في العراق عبر بلدة القائم العراقية.
حيث تكوّن البلدتان الشريان الرئيسي لعبور الأشخاص والبضائع بين البلدَين ووصولها إلى البحر المتوسط من جهة الغرب، وإلى شط العرب وإيران شرقًا، فيما تعتبرها إيران المنفذ البري الوحيد الذي يمكّنها من إدخال قواتها وأسلحتها وعتادها العسكري إلى سوريا.
وحسب الكردي، فإن الأمريكيين يدركون أهمية البوكمال بالنسبة إلى الإيرانيين، وما تحمله المنطقة من مخزون إعاشي ونفطي وبشري كبير، وبالتالي سيطرتهم على المنطقة تعني تحكمهم بكامل الجغرافيا السورية، لأنهم سيصبحون قادرين على التأثير المباشر على حركة الميليشيات الإيرانية في سوريا، وخلق ورقة ضغط سياسية على إيران.
ولربط المنطقة الممتدة من جنوب غرب التنف، القاعدة العسكرية الأمريكية على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، وصولًا إلى شمال البوكمال، فإنها تحتاج إلى قوات كبيرة لتتمكن من تغطية هذه المنطقة شبه الصحراوية والتضاريس الصعبة.
يرى الكردي أن الولايات المتحدة بدأت سياسة مشابهة للسياسة الإيرانية ومضادة لها بالوقت نفسه، حيث أخذت تعمل على استقطاب العشائر لزجّهم في هذه المعركة المحتملة، لافتًا أن نجاح الأمريكيين متوقف على قدرتهم في جذب هؤلاء الشباب وسحبهم من عداد الميليشيات، عن طريق رفع مرتباتهم بما يفوق المرتبات التي تدفعها إيران.
كذلك توافق السياسة الأمريكية مع أهداف الجيش الحر لكسب الكثير من مقاتليه للعمل معهم، إلا أن إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن تسمية الخطة بـ”الحزام السنّي” -حسب رأي الكردي-، أربك وأحجم الكثيرين عن المضيّ بهذا المشروع، لأنها باتت تنظر إليه بعين الريبة، وعلى الولايات المتحدة أن تبدل اسم مشروعها إلى الحزام الوطني أو الدرع الوطني السوري، ليكون مقبولًا لمجموعات الجيش الحر.
ويبدو أن منهجية التشيُّع الذي استطاعت إيران تصنيعها بالبوكمال يمكن أن تنهار سريعًا مع تقديم البدائل المعيشية والأمن للمواطن، فرغم تصور تعقيد العملية بسبب التدخلات الإيرانية وتشابكاتها المعقدة، إلا أن التدخل الأمريكي المباشر بقوة يحلّ هذه العقد ويفرطها الواحدة تلو الأخرى، بمجرد الإعلان عن هذا التدخل الواسع، حسب الكردي.
ترقُّب روسي
تغيرت استراتيجية روسيا بالتعامل مع الوجود الإيراني في دير الزور منذ ديسمبر/ كانون الأول 2020، إذ انتشرت القوات الروسية وعناصر الفيلق الخامس المدعوم من روسيا في عدة مدن بريف دير الزور الشرقي، ووصلت القوات الروسية إلى المناطق المتاخمة للعراق، والذي كان الأول من نوعه منذ سنوات.
أدّى ذلك إلى استياء إيراني تبعه قبول بارد، لا سيما أن أبرز النقاط التي تضمّنتها الاتفاقية بين الطرفَين هو انسحاب حركة النجباء و”حزب الله” اللبناني والعراقي من أكبر قواعدهم في قرية الهري بريف البوكمال، ليحل محلهم الفيلق الخامس والشرطة العسكرية الروسية للقيام بدوريات بشكل دوري.
ورغم شعور طهران بأن الوجود الروسي هدفه الحد من انتشار ميليشياتها، إلا أنها لم تعارض التحركات الروسية لأنها كانت تتوقع أن يساعد الانتشار الروسي الجديد في الحد من الهجمات الصاروخية التي تشنّها الطائرات الأمريكية المسيّرة على مناطق النفوذ الإيرانية في منطقة دير الزور.
حسب تقرير نشره موقع “أتلاتنيك كونسيل” منتصف عام 2021، فشلت طموحات إيران في استخدام الوجود الروسي بالقرب من مناطق نفوذها، كدرعٍ لردع أي هجمات للتحالف بقيادة الولايات المتحدة، حيث شهدت أوائل عام 2021 أعنف الضربات على مواقع إيران في دير الزور، وأوضحت هذه الطلقات الافتتاحية طبيعة سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الوجود الإيراني في سوريا، وتحديدًا في دير الزور.
ومنذ الضربة الجوية الأمريكية في شرق سوريا في 25 فبراير/ شباط، أدركت إيران أنه يجب عليها تغيير سياستها تجاه الانتشار الروسي، حيث تحول الوجود الروسي من مصلحة مشتركة إلى تهديد مباشر، ولم يحمِ الميليشيات المدعومة من إيران من هجمات الطائرات الأمريكية من دون طيار.
ولعلّ أبرز تغيير في طريقة تعامل إيران مع الروس كان تقليص الدعم العسكري من ميليشياتها لقوات الفيلق الخامس ولواء القدس الفلسطيني في معاركها ضد “داعش”، الأمر الذي أدّى إلى انسحاب القوات الروسية في أبريل/ نيسان العام الفائت من مدينة البوكمال، وتحديدًا من النقطة الوحيدة الخاضعة لسيطرتها، أي الفندق السياحي عند مدخل المدينة.
يشير جلو إلى أن وجود روسيا يعدّ صمام أمان لإيران، إذ إن أمريكا تتجنّب الصدام مع روسيا في سوريا، لكن في الوقت ذاته لا تمانع روسيا من استهداف الميليشيات الإيرانية، أو بالأدق هي مستفيدة من ضرب الميليشيات الإيرانية، ومستفيدة من ضرب الميليشيات الإيرانية للمواقع الأمريكية.
فالورقة الإيرانية -حسب رأي جلو- هي ورقة للمساومة الروسية مع أمريكا، لذا روسيا غير معنية مصلحيًّا بوساطة خفض التوتر بين إيران وأمريكا، لأنها باتت ترى الوجود الإيراني غير ضروري.
ختامًا، يمكننا القول إن البوكمال السورية على موعد مع حرب استنزاف كبيرة عاجلًا أم آجلًا، قد تكون مقدمة حرب شاملة تهدد الوجود الإيراني فيها وفي مناطق أخرى ممتدة، إلا إذا اختارت الولايات المتحدة الاستمرار باللجوء إلى التكاليف الأقل، وهي اتّقاء تلك الحرب باستمرار تدعيم قواتها وتحصينها من ناحية، والتلويح بإمكانية المواجهة الشاملة فيما إذا أحرجتها الميليشيات الإيرانية، وألحقت بقواعدها خسائر كبيرة في ضربة ما من ناحية أخرى.