تجاوز عُمر “المديرية العامة لإدارة الهجرة” في تركيا، هذا العام، السنة العاشرة، ما يفرض تساؤلات عدة بشأن دورها وصلاحياتها المتعلقة بالتعامل مع ملف الأجانب (خاصة ملايين اللاجئين السوريين) ضمن رؤية الرئيس رجب طيب أردوغان، التي كانت سببًا في إنشاء المديرية وتعزيز صلاحياتها (تحويلها من إدارة فرعية تتبع وزارة الداخلية إلى مديرية عامة مرتبطة برئاسة الجمهورية).
لا تتوقف التساؤلات عند هذا الحد، لكنها تشمل: كيفية ممارسة المديرية لصلاحياتها، والمهام الممنوحة لها، وهل هناك من يتآمر على دورها كـ”مظلة حماية” لأكثر من 5 ملايين أجنبي يعيشون في تركيا، لأسباب عدة (السياحة، العمل، الدراسة، الهجرة، اللجوء، الإقامة المؤقتة) خلال السنوات الـ10 الماضية، معظمهم تستفيد منه البلاد ماليًا واقتصاديًا؟
تمثل الإطلالة على الآليات المنظمة للإقامة القانونية – الآمنة في تركيا (لا سيما مديرية إدارة الهجرة) خطوة توعوية لجموع الأجانب، ولملايين اللاجئين السوريين، كونها تسهم في قطع الطريق على التجاوزات القانونية وتداعياتها السلبية (الاحتجاز الأمني ومشكلات أكبر قد تنتهي بالترحيل إلى خارج البلاد) ضمن الحملة الأمنية التي أطلقتها – هذا الصيف – السلطات التركية لملاحقة المخالفين والمهاجرين غير النظاميين.
العشرية الملتهبة
نتيجة لعوامل كثيرة (انتفاضات وثورات وصراعات في بلدان عدة بالشرق الأوسط، خلال السنوات العشرة الماضية) أصبحت تركيا دولة جاذبة للأجانب، ولم تكن كل موجات الهجرة واللجوء أزمة، كما تزعم المعارضة التركية، نكاية في حكومة الرئيس أردوغان، بل كان لها مردود اقتصادي كبير، عبر هجرة رؤوس أموال من بلدان مجاورة إلى تركيا، بحثًا عن فرص استثمارية تروج لها الحكومة، طوال المدة نفسها.
وبعد السنوات الأولى (2011- 2013) من استقبال ملايين الأجانب واللاجئين في تركيا، وجه أردوغان، بتأسيس المديرية العامة لإدارة الهجرة (GÖÇ İDARESİ) كإدارة فرعية تابعة لوزارة الداخلية، حتى تتحمل مسؤولياتها التنظيمية والانضباطية بالتعاون مع إدارات ومؤسسات رسمية أخرى في التعامل مع ملف الأجانب.
وجرى تفعيل مهام “المديرية” في 10 أبريل/نيسان 2013 وتواصل مهامها بموجب القانون رقم 6458 الخاص بالأجانب والحماية الدولية (GÖÇ İDARESİ) بعد التصديق عليه، مطلع أبريل/نيسان من العام نفسه، وإدخال أكثر من 10 تعديلات عليه خلال سنوات لاحقة، حتى يتوافق مع الدستور ويصبح المرجع القانوني الشامل للتأشيرات والتصاريح والحماية الدولية والإقامة المؤقتة في تركيا.
مهام وصلاحيات
طبقًا لقرار تأسيس مديرية “إدارة الهجرة”، فهي معنية بـ”الأعمال والإجراءات المتعلقة بتنفيذ السياسات والإستراتيجيات الخاصة بالهجرة، وضمان التنسيق بين المؤسسات والمنظمات المعنية، وتنظيم عمليات دخول وإقامة الأجانب في البلاد، وخروجهم وترحليهم منها”.
وتتولى المديرية “أعمال وإجراءات الهجرة ومباشرة الجزء المتعلق بمهام وزارة الداخلية في ملف الإسكان وإجراءات حماية ضحايا الاتجار بالبشر وتحديد الأشخاص عديمي الجنسية في تركيا، وتنفيذ الإجراءات الخاصة بهم”.
تشمل مهام المديرية “مباشرة إجراء عمليات المواءمة والحماية المؤقتة، التدابير الخاصة بالتنسيق بين الوحدات الأمنية والمنظمات المعنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية”، ووفق المعلومات الرسمية فإن معظم المهاجرين غير النظاميين من أفغانستان وباكستان وفلسطين والعراق وإيران وجورجيا وميانمار ومالدوفا، وفيهم بالطبع، سوريون ومصريون ودول أخرى!
وتشرف المديرية على 3 مهام حيوية: الحماية الدولية والحماية المؤقتة وحماية ضحايا الاتجار بالبشر، علمًا بأن أكثر رعايا الدول حصولًا على “الحماية الدولية” في تركيا من أفغانستان والعراق وإيران، مقابل أكثر من 3 ملايين سوري لهم حق الإقامة المؤقتة في البلاد، من خلال مظلة “الحماية الدولية”.
الحماية المؤقتة
يهمنا الوقوف أمام ملف “الحماية المؤقتة” كونه يتعلق بمصير أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، وهو أحد أشكال الحماية الدولية التي تم تطويرها بناء على قرار اللجنة التنفيذية للأمم المتحدة، بهدف إيجاد حلول فورية في حالات النزوح الجماعي، حيث يستفيد من هذه الآلية جموع السوريين الذين قدموا إلى تركيا بعد الحرب الأهلية (الدخول إلى أراضي الدولة بسياسة فتح الحدود وسياسة عدم الترحيل وتلبية الاحتياجات الأساسية والعاجلة لهم).
يتصدر ملف “الحماية المؤقتة” صلاحيات مديرية إدارة الهجرة (طبقًا للمادة 91 من قانون الأجانب والحماية الدولية ولائحة الحماية المؤقتة رقم 6883)، ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة “توفر الحكومة التركية الحماية المؤقتة للمواطنين واللاجئين وعديمي الجنسية من السوريين، الذين هربوا من أحداث ما بعد 28 أبريل/نيسان 2011، طلبًا للحماية من السلطات التركية ولا تتم إعادتهم إلى سوريا ما لم يطلبوا ذلك بأنفسهم”.
وبحسب المفوضية “لا يعاقب الأفراد الذين يسعون للحصول على الحماية المؤقتة في تركيا – عن طريق الغرامات الإدارية – لدخولهم تركيا بطرق غير نظامية أو غير قانونية وبقائهم غير القانوني في تركيا، طالما تم التعرف عليهم أو توجهوا للجهات الرسمية خلال فترة زمنية، وقدموا سببًا مقبولًا لدخولهم البلاد”.
وتعد مديرية إدارة الهجرة وفروعها في كل ولاية تركية “جهة الحسم في طلبات الحماية المؤقتة”، وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة: “جميع اللاجئين السوريين مرشحون لنظام الحماية المؤقتة، بما في ذلك أولئك الذين ليسوا قادرين على تقديم أي وثائق هوية من سوريا”.
وتشدد المفوضية على أنه “ينبغي توفير الحماية والمساعدة لا سيما حق البقاء، حتى يتم التوصل إلى حل دائم، دون عودة قسرية إلى سوريا، مع التمتع بالحقوق والاحتياجات الأساسية، خاصة الصحية والتعليمية والاجتماعية والنفسية والحق في العمل”.
وتؤكد المديرية أن “تطبيق وانتهاء الحماية المؤقتة، يكون بقرار رئاسة الجمهورية، بناءً على اقتراح وزارة الداخلية، وتتم إجراءات التسجيل في المراكز المحددة في المحافظات، عبر وثيقة تسجيل – مدة نفاذها 30 يومًا – ثم يتم إصدار وثيقة هوية الحماية بعد تقييم الحالات”.
حقوق مشروطة
تتعدد الحقوق المشروطة للسوريين، بموجب تطبيق مديرية إدارة الهجرة لوثيقة الحماية المؤقتة، حيث “يجوز لهم التقدم بطلب للحصول على إذن عمل، أو إعفاء من إذن العمل، بعد مضي 6 أشهر من التسجيل والاستفادة من الخدمات الصحية داخل المدينة التي يعيشون فيها”.
وتمنح الوثيقة الحاصل على بطاقة هوية الحماية المؤقتة “حق التسجيل في المدارس الابتدائية والثانوية والدراسة في الجامعات وإمكانية إقامة الطالب والتقدم بطلبات للإسكان في مراكز الإيواء المؤقتة بنطاق موقع التسجيل، كما توفر البقاء في البلاد، دون الحصول على تصريح الإقامة الطويلة أو الجنسية” طبقًا للآليات التي تحددها المديرية وقانون الأجانب.
وتمنح الحماية المؤقتة “إذن العمل، والسفر المشروط بين المحافظات، بعد الحصول على إذن إدارة الهجرة المسجلين فيها، وكذلك المغادرة للخارج في الإجازات الرسمية المحددة فقط”، و”في حالة الخروج إلى دولة ثالثة لأسباب إنسانية أو قبولهم في نطاق إعادة التوطين يتم إنهاء الحماية المؤقتة، بشكل فردي، أما الحاصلون على إقامات أو تأشيرات من بلدان ثالثة، فيجب عليهم مراجعة المديرية، مع وثائق سفر الذهاب إلى دولة الثالثة، للدراسة والحسم”.
وبحسب المديرية “يجب على الأجنبي الذي عاد إلى بلده ضمن العودة الطوعية، ثم أراد الاستفادة اللاحقة من الحماية المؤقتة، مراجعة مديرية إدارة الهجرة في محافظته، للحسم” وعلى “الأجنبي الراغب في العودة إلى بلاده بشكل طوعي، تعبئة استمارة محددة في المديرية، ثم المغادرة عبر المعبر الحدودي، مدعومًا بنسخة من الاستمارة وتصريح السفر، مع سحب بطاقة الحماية المؤقتة قبل عبور الحدود”.
صلاحيات أخرى
وتعد المديرية حجر الزاوية “عندما يرغب المشمول بالحماية المؤقتة في الذهاب لمحافظة أخرى، حيث يجب عليه مراجعة فرع المديرية في محافظته المسجل بها، والحصول على تصريح سفر، ويتم منحه الموافقة اللازمة حال وجود أسباب النقل المعقولة – صلة القرابة، العمل، التعليم، العلاج – لمحافظة جديدة” بحسب تأكيدات مديرية إدارة الهجرة.
و”يحق للأجانب المستفيدين من الحماية المؤقتة، الإقامة في المحافظات التي تحددها المديريات الفرعية، وفقًا للأنظمة القانونية، وباستثناء، أنطاليا، يُسمح لهم بالإقامة في المحافظات الأخرى” وتنظم الحماية المؤقتة عمليات زواج السوريين وتسجيل المواليد، وغيرها!
و”يمكن للأجانب الذين يتمتعون بوضع لاجئ أو حماية ثانوية أن يعملوا بشكل مستقل أو غير مستقل مع بعض حالة أحكام التشريعات الأخرى المتعلقة بالوظائف والمهن التي لا يمكنهم العمل فيها، حيث تعد بطاقة الهوية التي تتمتع بوضع اللاجئ أو الحماية الثانوية بديلًا عن إذن العمل”.
تعاون لوجيستي
لا يعرف البعض أن مديرية إدارة الهجرة معنية بترشيح الأجانب المؤهلين للحصول على الجنسية التركية (بعد إقامات العمل 5 سنوات متواصلة، إقامات الـ8 سنوات، المرشحين من الحماية المؤقتة للجنسية) والمشاركة مع جهات أخرى في الإجراءات الشاملة للمرشحين للحصول على الجنسية.
وفي هذا الشأن، تتعاون مديرية إدارة الهجرة، مع “دائرة النفوس” وهي المؤسسة الرسمية المسؤولة عن توثيق السجل المدني للمواطنين الأتراك وللمقيمين الأجانب في البلاد، حيث تهتم باستخراج الوثائق المدنية الشخصية والعائلية، وإحصاءات السكان والمواليد الجدد والوفيات.
ومن خلال دائرة النفوس يتم تغير البيانات الخاصة بالمواطنين والأجانب وعناوين سكنهم وغير ذلك من المعلومات المدنية الخاصة بهم، وبالنسبة للأتراك أو الأجانب الحاصلين على الجنسية فيمكنهم الحصول على بطاقاتهم الشخصية (الكمليك) أو جوازات السفر عبر دائرة النفوس.
هيكلة رسمية
لم تتوقف الهيكلة المستمرة لمديرية إدارة الهجرة حرصًا على دورها في خدمة ملايين الأجانب، بحكم رؤية وجهود الحكومة التركية، للمؤسسات والمنظمات المعينة بهذا الملف، والصلاحيات الممنوحة للمديرية، والأدوار التي تضطلع بها الإدارة المركزية في أنقرة ومكاتبها (الأمنيات) المنتشرة في جميع الولايات التركية (بلغات عدة) لتقديم خدماتها الشاملة.
وينبع حرص الرئيس أردوغان ذلك من واقع “ترقية عمل المديرية العامة لإدارة الهجرة لرئاسة الجمهورية ونقل صلاحياتها إلى رئاسة الجمهورية” لضمان تقليل البيروقراطية واتخاذ إجراءات فعالة والاستجابة الأكثر فاعلية في أداء المهام.
كما يكشف حرص أردوغان على تحويلها من مجرد إدارة فرعية تابعة لوزارة الداخلية إلى مديرية عامة وتعزيز مكانة رئيسها بروتوكوليًا (يساوي رؤساء أركان حرب القوات المسلحة والاستخبارات والصناعات الدفاعية والشؤون الدينية) عن طريق تأكيد استقلاليتها وزيادة ميزانيتها المالية، ومردود ذلك على جودة خدماتها المقدمة للأجانب واللاجئين في تركيا.
أين الأزمة؟
الواضح من واقع الممارسات التي تعتري ملف التعامل مع الأجانب في تركيا، خاصة اللاجئين السوريين، أنها لا تكمن في دور وصلاحيات مديرية إدارة الهجرة، لكن في عمليات التحريض التي تتبناها المعارضة التركية، خاصة اليمينية المتطرفة، ضد الأجانب، عمومًا، وتداعياتها على اللاجئين السوريين وغيرهم.
وتقف المعارضة المتطرفة خلف الشائعات والمعلومات المضللة، رغم الجهود الحازمة التي تقوم بها المؤسسات الحكومية التركية، بموجب بنود القانون رقم 6458 الخاص بالأجانب والحماية الدولية، والقانون رقم 5901 بشأن منح الجنسية التركية، في التعاطي مع ملف الأجانب، دون إفراط أو تفريط.
ولا تتهاون تركيا في منح الجنسية، حيث “يجب ألا يُشكّل المتقدم للحصول على الجنسية خطرًا على الأمن القومي أو الأمن العام، ولا يكون قد تعرض للسجن في تركيا على خلفية قضايا جنائية”، خاصة أن الجنسية التركية تسمح بدخول حاملها لـ77 دولة دون تأشيرة و33 دولة بتأشيرة عند الوصول، وتملك أصول عقارية وفرص استثمارية وتسهيل المعاملات الحكومية.
وتتصدر قضية الأجانب – على تعدد مسميات وجودهم – قائمة الخلافات بين القوى السياسية والأحزاب التركية، رغم الفوائد الاقتصادية المترتبة على محفزات الهجرة واللجوء والتجنيس، بعدما أصبحت تركيا وجهة عربية مفضلة للكثيرين، نتيجة الفرص الاستثمارية المربحة التي تجتذب رؤوس أموال عربية، خاصة مع تعديل شروط الإقامات والجنسية.
مكاسب محلية
تتعدد الخيارات بسبب تعديلات قانون الجنسية الاستثنائية في 19 سبتمبر/أيلول 2018، حيث يتم الحصول عليها بـ”مقابل مالي، استثمارات، توفير فرص عمل لـ50 تركيًا”، كما يتم منح الجنسية التركية لرجال الأعمال والمبدعين في مجالات عدة (فنية ورياضية وفكرية وعلمية) ولمن يسهمون في تطوير قطاعات الزراعة والتجارة والصناعة.
تتجاوز استثمارات رجال الأعمال السوريين في تركيا الـ10 مليارات دولار، وسط توقعات بأن يصل إسهامهم في الاقتصاد لـ4%
ويصل عدد الشركات والمشاريع السورية في تركيا إلى نحو 20 ألف كيان متعددة الأحجام والأنشطة يعمل بها أتراك وسوريون على حد سواء، خاصة في ولايات إسطنبول ويالوفا وغازي عنتاب ومرسين، وتعمل في قطاعات عدة مثل المنسوجات والجلود والأجهزة الطبية وتقنية المعلومات والأغذية والمطاعم ووكالات السفر.
وتتجاوز استثمارات رجال الأعمال السوريين في تركيا الـ10 مليارات دولار، وسط توقعات بأن يصل إسهامهم في الاقتصاد لـ4%، وبحسب الغرفة التجارية في إسطنبول يستفيد الاقتصاد التركي من رأس المال الأجنبي (السوري والإيراني والألماني والعراقي، ودول أخرى).
ويمثل اللاجئون نحو 7% من سكان تركيا، وفيما تبالغ المعارضة التركية في تقدير أعداد اللاجئين، إلا أن المديرية العامة لشؤون السكان والمواطنة، تقول إنهم نحو 3 ملايين و528 ألفًا و835 سوريًا، على نظام الحماية المؤقتة في عموم تركيا” وبحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين السوريين المسجّلين، حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، بلغ 3.535.898 شخص.
ويشكل العرب ثاني أكبر أقلية عرقية في البلاد بعد الأكراد، ويتمسك أردوغان بـ”عدم ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالقوة، وحمايتهم حتى النهاية” فيما تتفاوض تركيا وسوريا – برعاية روسية – على إيجاد آلية منظمة للعودة الطوعية للاجئين، مع استعادة أملاكهم وضمان حقوقهم.
إجراءات مشددة
تواصل ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ التركية تطبيق القوانين الخاصة بالأجانب واللاجئين والنازحين المقيمين على أراضيها (تعديلات قانون الإقامات واللجوء الإﻧﺴﺎﻧﻲ وتصاريح العمل من ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ) وتتشدد في تفعيل الإجراءات ضد المخالفين.
ووفق قانون الأجانب والحماية الدولية، يتم ترحيل من يهددون النظام والأمن والسلامة العامة، وكل عضو أو داعم في منظمة إرهابية، ومن يقدمون وثائق مزورة أو معلومات غير صحيحة خلال المعاملات الرسمية، خاصة عند طلب الحصول على التأشيرة والإقامة، أو من يحصلون على نفقات المعيشة دون وجه حق.
وفيما يتعلق بأصحاب هوية الحماية الدولية، يتم ترحيل كل من يشكل تهديدًا لأمن الدولة، ومن صدرت ضدهم أحكام قطعية في هذا الشأن، وكل من يخالف إجراءات الدخول أو الخروج من البلاد، ومن يعملون دون الحصول على رخصة رسمية.
لكن يُمنع ترحيل الأجانب في بعض الحالات (من سيتعرضون لعقوبة الإعدام أو التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة، ومن يحتمل عدم تلقيهم للعلاج في بلد الترحيل، والمعرضون للمخاطر خلال السفر بسبب مشكلات صحية أو التقدم في العمر أو حالات الحمل، وضحايا العنف النفسي والجسدي والجنسي حتى الانتهاء من علاجهم).
كوكل دول العالم، تحرص السلطات التركية على تطبيق القوانين المحليّة، وتراعي قدر الإمكان عدم وقوع انتهاكات إنسانية، فيما يؤكد وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، إلقاء القبض على آلاف المهاجرين غير الشرعيين، من جنسيات عدة، وأن الوزارة رحلت عدد كبير منهم، وسيتم ترحيل مجموعات أخرى.
وفيما ينص الدستور التركي لعام 1982 المعدل عام 2017 عبر المادة 16 منه على أنه “يمكن تقييد حقوق الأجانب وحرياتهم الأساسية بموجب قانون متوافق مع القانون الدولي”، يبقى الرهان على جملة التعهدات الرسمية التركية، التي تحاول الحفاظ على المظلة الإنسانية لمن أجبرتهم الظروف على ترك أوطانهم.
الكرة الآن في ملعب المعارضة التركية، التي يجب عليها أن تتبنى خطابًا تصالحيًا تجاه ملف الأجانب، وألا تستخدمه كورقة ضغط سياسية على حكومة أردوغان، في ضوء المكاسب الدبلوماسية والاقتصادية التركية المترتبة على احتضانها للاجئين وأصحاب الإقامات الأخرى، فيما يجب على أنقرة ألا ترتضخ لأي ابتزاز، داخلي أو خارجي، في هذا الملف الإنساني والأخلاقي الهام.