أمام مقر بلدية إسطنبول الكبرى، احتفل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باختيار الصناديق له رئيسًا للبلدية عام 1994، كان فوزًا محليًّا لم يحفل به العالم، حيث لم يتوقع أحد أنه الفوز الأول للرجل في مسيرته السياسية التي ستستمر 30 عامًا، دون أن يخسر استحقاقًا انتخابيًّا واحدًا يخوضه شخصيًّا.
مع انتصارات أردوغان المتتالية لعقدَين، وامتداد حكايته طويلًا دون أي هزيمة تذكر، أصبح لأول منصب فاز فيه قيمة معنوية في الحياة السياسية التركية، وبقيَ هذا المنصب من بعده في حزبه حتى جاء أكرم إمام أوغلو.
في انتخابات عام 2019، خسر مرشح العدالة والتنمية للمرة الأولى أمام أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري، في أول انتصار سياسي للحزب المعارض بعد سنوات عجاف من الهزائم المتكررة.
مشوار الـ 1000 ميل
رفع إمام أوغلو يده وشكّلها على هيئة قلب حب، ورسم على وجهه ابتسامة عريضة وقال: “كل شيء سيكون جميلًا جدًّا”، واستلم منصبه رئيسًا للبلدية، واستهل عهدًا جديدًا كانت المدينة على موعد معه، فمنصب رئيس البلدية ليس هامشيًّا، والصلاحيات التي يمتلكها تمسّ حياة المواطنين بشكل مباشر، والميزانيات التي تخصّص لها ضخمة، فقد بلغت في عام 2023 وحده أكثر من 115 مليار ليرة تركية.
فوز أكرم لم يتميز فقط بكونه الأول للحزب الجمهوري منذ دخول حزب العدالة والتنمية معترك الحياة السياسية والإمساك بزمامها، فأكرم كان أيضًا الأصغر وسط الساسة المتصدّرين للمشهد في المعارضة والحكومة أيضًا، إذ كان في الـ 49 بينما أصغرهم تجاوز الـ 60، بمن فيهم منافسه على المنصب مرشح العدالة والتنمية بن علي يلدرم.
وفوز إمام أوغلو جاء بعد معركة حامية الوطيس، وتقدم بفرق بسيط جدًّا جعل حزب العدالة والتنمية يطعن في النتائج، فقررت اللجنة العليا للانتخابات إعادة التصويت في إسطنبول وحدها، فبدا إمام أوغلو كرجل حقق نصرًا بشقّ الأنفس يحاول خصومه انتزاعه منه، وقاد حملة انتخابية ركّز فيها على مظلوميته أمام السلطة الحاكمة.
جولة إعادة انتخابات إسطنبول وما رافقها من جدل كبير وصل صداه إلى كل تركيا، ساهمت في بلوغ شهرة الرجل البلاد كلها، وسوّقت المعارضة كثيرًا لفكرة الرجل الشاب الذي غيّر السلطة في إسطنبول وانتزعها من كبار السن، فارتفعت أصواته في الجولة الثانية أكثر من نصف مليون صوت.
وكان إمام أوغلو حريصًا على تذكير إسطنبول بفوزه، فامتلأت شوارع إسطنبول بصوره وشعاره، ورافقت سنين ولايته حملة إعلانية ضخمة روّجت لشخص أكرم إمام أوغلو، ولإنجازاته في إسطنبول.
صُرفت ملايين الليرات على الحملات الإعلانية، بل أن عضو حزب العدالة والتنمية في مجلس البلدية ادّعى أن المبلغ تجاوز مليار ونصف المليار ليرة، وهو رقم أعلى بكثير من الأرقام الرسمية التي أصدرتها البلدية وقالت إنها 822 مليون ليرة تركية.
اهتم أكرم إمام أوغلو بمخاطبة الشباب، ولم يقتصر على شباب حزب الشعب الجمهوري، بل كان يغازل طبقة الملتزمين في تركيا، بل أن حملته الانتخابية تركزت على كونه رجلًا جاء من بيئة متدينة، ويذهب لصلاة الجمعة ويقرأ القرآن ويرتله.
كما حرص على إمساك العصا من المنتصف أمام المجتمع، وكان يخرج في قناته عبر يوتيوب للإجابة عن أسئلة الشباب البسيطة، ويتحدث عن نفسه كشابّ من الطبقة المتوسطة كافح ليصل إلى ما وصل إليه.
ووعد إمام أوغلو بزيادة الدعم للطلاب، من خلال دعم بطاقات التنقل العام الخاصة بالطالب وتخصيص نحو 200 مليون ليرة تركية لطلاب الجامعات، وحين أعلنت الرئاسة الدراسة عن بُعد في الجامعات بعد زلزال كهرمان مرعش، قاد الحملة الإلكترونية التي هاجم فيها التضحية بالتعليم في الأزمات كما وصف الأمر.
اهتمّ إمام أوغلو كثيرًا بالفعاليات الثقافية والفنية في المدينة، ونظّم خلال رئاسته مئات الحفلات الغنائية، واهتمّ بإقامة المعارض الفنية والإضاءة على مشاريع البلدية في ترميم الأماكن الأثرية وإحياء التراث، وكل ذلك تحت ضوء إعلامي باهر جدًّا.
قدم إمام أوغلو نفسه نصيرًا للمرأة، ورفع عدد الموظفات في بلدية إسطنبول الكبرى من 15% إلى 19%، وجعل عملهن في مكان بارز يلاحظه المواطنون، كسائقات للقطارات وحافلات النقل العامة وسفن النقل البحري اليومي، كما خصّص بطاقة التنقل في النقل العام للأمهات مجانًا.
حرص إمام أوغلو على مخاطبة تركيا بأكملها، وتقديم تصريحات حادة في ملفات تركية عامة، على سبيل المثال كان لأكرم موقف صارم معادٍ لمشروع قناة إسطنبول، ووصفه بأنه خيانة لتركيا، وقد استدعت تصريحاته ردودًا عديدة من الساسة في سدّة الحكم جعلته حديث الصحافة.
قام كذلك بزيارة المدن التي تضررت من زلزال كهرمان مرعش، وقدم مطابخ بلدية إسطنبول المفتوحة للمتضررين، وكما يفعل دائمًا أدلى بتصريحات إعلامية حادة لانتقاد مآلات الأمور، وخطف أضواء إعلامية إليه تركز على نشاطه واستجابته السريعة.
على خطى أردوغان
في أواخر عام 2022 صدر بحقّ أكرم إمام أوغلو حكم قضائي يقضي بحبسه ومنعه من مزاولة السياسة لأكثر من عامَين، إثر دعوى ضده من أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، وكانت تهمته تحقير موظفين حكوميين لأدائهم عملهم بعد أن وصفهم بـ”الحمقى”، ورغم أن الحكم لم يصبح نافذًا بعد وهو في انتظار قرار المحكمة العليا، إلا أنه أوصل إمام أوغلو إلى الصحافة العالمية.
نقلت قنوات عالمية كـ”بي بي سي” و”سي إن إن” و”فوكس نيوز” و”فرانس 24″ الحكم وتبعاته الاحتجاجية من قبل المعارضة، وأضافت لمسة بطولية على مقاومة إمام أوغلو، واعتبرت صحف كـ”لوموند” الفرنسية أن الحكم ضربة جديدة للحريات في تركيا، وساهمت القضية في زيادة شهرة إمام أوغلو.
أما المعارضة فشبّهت مسيرة إمام أوغلو بأردوغان، باعتبار أن الأخير نال حكمًا قضائيًّا ظالمًا إبّان رئاسته للبلدية قضى بحرمانه من مزاولة السياسة، لكن ذلك لم يعيقه من متابعة مسيرته السياسية حتى وصل إلى الرئاسة، ونظرت إلى الأمر على أنه فأل خير يبشّر بوصول إمام أوغلو إلى رئاسة تركيا.
وكان رد إمام أوغلو سريعًا فور خروج الحكم القضائي، فخرج في تجمعات وملأ الساحات أمام مركز البلدية واجتمع معه أطياف من المعارضة على رأسهم ميرال أكشنار رئيسة الحزب الجيد، وتصدر إمام أوغلو “الترند” التركي لعدة أيام وشهد تضامنًا واسعًا من أطياف الشعب التركي.
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تركيا تصدر إمام أغلو الحملات الإعلانية لحزب الشعب الجمهوري، وكان جنبًا إلى جنب مع رئيس الحزب كليتشدار أوغلو، وقد ورد اسم إمام أوغلو كمرشح محتمل لتحالف المعارضة، قبل أن يحسم تحالفها القرار بترشيح كليتشدار أوغلو.
جال أكرم المدن التركية بمعظمها، وألقى فيها خطابات نقلها الإعلام كما لو أنها لقاءات جماهيرية ضخمة، وقد اعتبرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن وجود إمام أوغلو في تحالف المعارضة أعطاه وزنًا وثقة ما كان ليحصل عليهما، ووصفته بالمعجزة التي يمكن أن تداوي اقتصاد تركيا إذا ما فازت المعارضة واستلم منصب نائب الرئيس.
لكن المعارضة سجّلت خسارة جديدة بقيادة كليتشدار أوغلو، ولم تخرج من هذا السباق الخاسر كما دخلت، فانهار تحالفها وتصدّع حزبها الأكبر، حزب الشعب الجمهوري، وأصبح رئيسه كليتشدار أوغلو في مرمى سهام نجمه أكرم إمام أوغلو، فكيف أحضر كليتشدار أوغلو الدب إلى كرمه؟
حليف الأمس
دخل أكرم إمام أوغلو رسميًّا في صفوف الحزب عام 2009، كان أول منصب له هو رئيس شعبة الحزب في منطقة بيلكدوزو في غرب إسطنبول، وفي هذا المنصب بدأ يصنع اسمه، ووطأ لنفسه بعد أن أشارت الأرقام على تزايد شعبية الحزب في المنطقة.
وبعد أكثر من عام على تولي أكرم منصبه، وصل كمال كليتشدار أوغلو إلى رئاسة حزب الشعب الجمهوري، بعد استقالة رئيسه آنذاك دينيز بايكال إثر فضيحة جنسية.
قاد كليتشدار أوغلو حزب الشعب نحو استحقاقات انتخابية خاسرة كثيرة، لكن في تلك الأثناء كان أكرم يصنع نجمه، فبعد نجاحه في رئاسة فرع الحزب في بيلكدوزو، رُشّح في انتخابات عام 2014 لمنصب رئيس البلدية في المنطقة ذاتها وانتزعها من حزب العدالة والتنمية.
وفي سنوات رئاسته لها، خاض حزب الشعب الجمهوري انتخابات رئاسية بترشيح محرم إينجه ضد أردوغان وخسرها، وقاد حملة معارضة التعديلات الدستورية عام 2017 وفشل في إيقافها وانتقلت البلاد إلى النظام الرئاسي، وبعد تراكم الخسارات جاء إمام أوغلو بأول نصر للحزب عام 2019.
ظلت العلاقة بين رئيس الحزب كليتشدار أوغلو ورئيس البلدية إمام أوغلو تسوَّق إعلاميًّا على أنها علاقة متينة، وكان كليتشدار ينادي أكرم بـ”ولدي” أو “ابني”، لكن ملامح التوتر بدأت بالظهور مع الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
في اليوم التالي للانتخابات، نشر إمام أوغلو فيديو على حسابه على تويتر حيث يحظى بأكثر عدد من المتابعين (8.8 ملايين)، قال فيه إن الأمر الوحيد الذي لا يتغير هو التغيير، وهو أمر اعتبره كثيرون خطوة مباشرة ومبكّرة منه يوضّح فيها نواياه، أما كليتشدار فخرج في خطاب موجز أكّد فيه استمرار المسيرة.
واستمرت خطابات كليتشدار بعد الانتخابات تؤكد أن الخسارة لم تكن قاسية بل بفارق ضئيل، وألقى اللوم على استطلاعات الرأي التي ضلّلته، ودافع عن التحالفات التي عقدها قبل الانتخابات، وحين علت الأصوات تطالبه بالاستقالة وتوالت توقعات الصحفيين المقرّبين من الحزب بذلك، أكّد للجميع تمسكه بمنصبه.
وفي 4 يوليو/ تموز، فجّر إمام أوغلو دعوة مباشرة للتغيير حين أعلن عن افتتاح منصة إلكترونية أسماها “التغيير من أجل السلطة”، ودعا فيها الجميع للتصويت من أجل التغيير، وحصد ما نشره على تويتر أكثر من 10 ملايين مشاهدة، وأثار زوبعة إعلامية ضخمة، وتصدّر “الترند” التركي لعدة أيام.
وتباينت مواقف أعلام حزب الشعب من نداء أكرم إمام أوغلو، ثم تسرّب بعدها بأيام لقاء جمع أكرم إمام أوغلو مع شخصيات بارزة في صفوف الحزب الأولى، سُمّيت بـ”المجموعة A”، وأعطت انطباعًا عن تحرك منظّم لتحريض الصف داخل الحزب الجمهوري على كليتشدار أوغلو.
كان لتسريب الاجتماع وقع كبير في صفوف المعارضة، وصفته صحف تركية كصحيفة “ميليت” بالانقلاب الداخلي في الحزب، وتبلورت بعده عدة مواقف في الصفوف الداخلية.
وتفاقم النداء الصاخب من داخل الحزب يطالب بالاستقالة على لسان رئيس بلدية مدينة بولو، حين طالب كليتشدار أوغلو بالاستقالة دون مواربة، وقاد مسيرة على الأقدام إلى أنقرة تحت هذا الشعار، وانتهى الأمر بفصله من صفوف الحزب.
في الوقت ذاته، قال السكرتير العام السابق للحزب إنه سيترشح للمنصب في حال استقالة كليتشدار، وقال نائب سابق للحزب في البرلمان إن هناك فشلًا ذريعًا في إدارة الحزب، واتهم عضو آخر كمال كليتشدار أوغلو بالديكتاتورية، وقال إن حزب الشعب لم يعد حزبًا ديمقراطيًّا أبدًا، وأكّد إمام أوغلو أنه تلقى دعمًا من 40 عضوًا آخرين في الحزب في ندائه نحو التغيير.
لكن جميع تحركات أكرم إمام أوغلو ليست كافية حتى الآن، فكليتشدار أوغلو ما زال حتى اليوم يمسك بزمام الحزب، وما زال له رجالاته الذين يدعمون زعامته، ويأتي إعلان إمام أوغلو ترشحيه للمنصب مرة أخرى كإشارة ضمنية أن الخطى نحو زعامة الحزب ما زالت متعسرة وأن جميع تحركاته لم تهدم جدار كليتشدار أوغلو.
فسواء خسر إمام أوغلو بها أو فاز، فإن ذلك سيؤثّر على ترشحه للمنصب، وقد وجّه كليتشدار في عدة مناسبات تصريحات حثَّ فيها إمام اوغلو على التركيز على عمل البلديات، والاستعداد للانتخابات القادمة.
كليتشدار أوغلو سيكون حريصًا على تحقيق انتصار آخر على حزب العدالة والتنمية قبل المؤتمر العام للحزب، والسبيل الوحيد هو الانتخابات المحلية المقبلة، وأكرم أمام موقف صعب، فرغم عدم تأكيد ترشيحه حتى اليوم للمنصب، فإن خسارته في حال ترشحه واردة، وهي ضربة قد تكون قاصمة لحلمه في رئاسة الحزب والترشح للانتخابات الرئاسية بعد 5 سنوات.
وعود وطموحات في زحمة إسطنبول
من يزور إسطنبول ليوم واحد يمكنه أن يلاحظ الزحام الخانق الذي تعيشه معظم ساعات النهار، ويرى بعينَيه ازدحام المواصلات العامة بكل أنواعها، الباصات والقطارات، وهي قضايا وعد إمام أوغلو كثيرًا بحلها في دعايته الانتخابية إبّان عام 2019.
لكن الآن معظم هذه الأزمات متفاقمة في المدينة، وهذا ملف يقوّض شعبيته كثيرًا، خصوصًا أنه قام بإجراءات تعاكس ما وعدَ به، فقد فرضت الأزمة الاقتصادية على البلدية رفع أسعار النقل العام ما خلق جوًّا من السخط على البلدية.
وساهم زلزال كهرمان مرعش في تسليط الضوء على زلزال إسطنبول المتوقع، ومدى جاهزية المدينة، وفي أوج الأزمة صرّح إمام أوغلو بتصريحات أثارت الجدل في هذا الموضوع، وقال إن إسطنبول تحتاج لأكثر من 80 عامًا حتى تتجهّز لزلزال كبير، ناقضًا ما وعد به في فترة الانتخابات بترميم المدينة وتجهيزها ضد الزلازل في 5 سنوات.
ومع اقتراب الانتخابات المحلية مرة أخرى، بدأت الصحف والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بتداول الوعود التي قطعها إمام أوغلو في حملته الانتخابية وذهبت أدراج الرياح، فقد وعدَ بافتتاح روضة أطفال في كل حي لكنه حتى اليوم لم يفتح إلا روضة واحدة، كما أخلف وعده بمدّ خط الدراجات ليصل إلى 46 كيلومترًا، وأخلف وعده بافتتاح مراكز للشباب ومساكن طلابية جديدة، ولم يقدّم الحليب والماء والخبز مجانًا كما وعد كذلك، وغيرها العشرات من الوعود.
وفقًا لصحيفة “يني عقد”، إحدى أعرق الصحف التركية، فإن ديون البلدية حين استلم أكرم كانت 28 مليار ليرة تركية، وهي ديون تراكمت خلال 35 عامًا منذ إنشائها عام 1984، وقد تضاعف الرقم في 3 سنوات ونصف منذ ولاية أكرم إلى 82 مليار ليرة تركية، وتشير وتيرة تصاعده إلى أنه سيبلغ 150 مليارًا عند انتهاء ولايته.
لغة الأرقام التي حرص معارضو إمام أوغلو على الحديث بها لم تؤثر كثيرًا كما أظهرت الانتخابات الأخيرة، فما زالت المعارضة متقدمة في إسطنبول وإن كان الفارق ضئيلًا، وقد كانت هذه الانتخابات رسالة إلى حزب العدالة والتنمية أن كتلة كبيرة من الناخبين لم تتأثر كثيرًا بما يعتبره الحزب الحاكم فشلًا للمعارضة في السلطة، وأن الأمر يحتاج إلى أكثر من مشاريع ناجحة لتغيير رأي الناخب التركي.
الشتاء قادم
الفرصة الأخيرة لحزب الشعب الجمهوري أن يحقق نصرًا جديدًا أمام أردوغان خلال حكمه لتركيا لأكثر من عقدَين هي الانتخابات المحلية المقبلة، ولن تكون جولة سهلة لكلا الحزبَين، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تطحن البلاد والفرق الضئيل بين كتلة الطرفَين في مدينتَي إسطنبول وأنقرة.
وبما أن أوراق الانتخابات المقبلة أصبحت على الطاولة، فإن إمام أوغلو بدأ حملته بخطاب تصعيدي بدعوة لإحياء الديمقراطية مجددًا، قائلًا إن الحكومة ستسعى لتصفية المعارضة من إسطنبول، والحفاظ عليها يعد مسؤولية تاريخية.
ويبقى التكهُّن صعبًا في ظل مزاج متقلب حاد يسيطر على الناخبين، تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي قد تدفع بكثير منهم لتغيير أصواتهم بعيدًا عن أسباب أيديولوجية أو وعود سياسية والانطلاق من الوضع الاقتصادي، وحتى يعلن كلا الحزبَين بشكل رسمي مرشحهما للمنصب، فإن الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها.