“نظرية كل شيء”: دراما انتصار العالِم

ما كان ستيفن هوكنج ليصبح أكثر شهرة مما هو عليه اليوم لو لم يكن مريضًا للغاية، فبينما كانت إنجازات الرجل لتظل مذهلة لو خرجت من شخص سليم البدن، إلا أنها أكثر غرابة وإذهالاً لخروجها من شخص يعاني من مرض العصبية الحركية MND.
هناك شيء ما أسطوري بخصوص ذلك العقل المنطلق الحبيس في جسم غير قادر على الحركة، سيكون من السخف رغم كل شيء أن نقول إن عجز هوكنج هو أكثر الأشياء أهمية في شخصيته، أو أن نقول إن الأثر الأكبر لإعاقته كان تعكير مزاج زوجته السابقة جين، لكن هذه التصورات السخيفة كانت في القلب من الفيلم الجديد الذي يحكي قصة هوكينغ، فبدلاً من الثقوب السوداء أو الانفجار الكبير، يحكي الفيلم ما يهم حقًا! وهو كيف أن الرجل يسير في أنحاء غرفة الجلوس على كرسيّه المتحرك، وكيف صرف مرضه زوجته جين عن مقالها في الشعر الأيبيري في العصور الوسطى!
هكذا بدأت صحيفة إيكونوميست مقالها الناقد للفيلم الجديد الذي صدر عن حياة العالم البريطاني ستيفن هوكينغ بعنوان “نظرية كل شيء” “The Theory of Everything”
في النصف الأول من الفيلم، تقول الإيكونوميست، يبدو سيناريو أنتوني مكارتين أكثر توازنًا، حيث يبدأ الفيلم بشكل رومانسي ساحر ودافئ، لكن الأحداث تأخذ منحى خطيرًا عندما يتم تشخيص حالته بأنه مصاب بمرض العصبية الحركية، يقال لهوكينغ إن لديه أقل من عامين ليعيشهما، لكنه متحديًا توقعات الأطباء القاتمة، يتزوج هوكنج وينجب، إنها قصة مؤثرة عن الحب الذي يقهر كل شيء، على الأقل لفترة من الوقت، وصانعو الفيلم تمكنوا من نسجها بشكل جيد مع تطور أطروحة الدكتوراة الرائدة لهوكنج.
لكن الصحيفة تقول إنه بينما كانت حالته الصحية تتدهور، في النصف الثاني من الفيلم، تدهورت علاقته أيضًا بزوجته، وكذلك يتدهور الفيلم!
الفيلم ينقل أبحاث هوكينغ إلى الخلفية، ويركز على تعاسة زوجته المتزايدة، وتنتقد إيكونوميست الفيلم فتقول إن صنّاعه قدموا ميلودراما منزلية حول نضال المرأة لرعاية رجل معاق، وعن صداقتها المستمرة مع مايسترو موسيقي غبي!
تقوم بدور زوجة هوكينغ الممثلة البريطانية “فيليسيتي جونز”، وقد قامت بعملها بشكل جيد جدًا – حسب الصحيفة -، لكنها لاتزال مهذبة أكثر من اللازم، فالسيرة الذاتية لجين هوكينع ترسم صورة أكثر قتامة بكثير جدًا مما ظهر في الفيلم، زواجها كان خيبة أمل كبرى، ومع ذلك، فقد تجاهل الفيلم بشكل كامل أن زوج جين هو عالم مرموق، كان يمكن أن يكون العمل عن أي رجل معاق، وعن أي امرأة تقوم برعايته، حتى كتابة “تاريخ موجز للزمن”، الكتاب الذي اشتُهر به هوكينغ في العديد من الأوساط، تم عرضه في لقطة واحدة حيث كان يراجع العنوان، وفي الحقيقة هوكينغ حتى لم يختر عنوان كتابه، فقد كانت فكرة الناشر.
تقول الصحيفة إن ما أنقذ الفيلم هو الأداء الاستثنائي للممثلين، “إيدي ريدماين” الذي يلعب دور هوكينغ، يرسم تسلسل التدهور في صحة هوكينغ بدقة متناهية، مشاهدة جسده يذوي تعتصر القلب حقًا! لكن ما يلفت النظر هو حيوية ريدماين في بقية الفيلم، فحيث يكون هوكينغ بلا حراك تقريبًا في بقية المشاهد، إلا أنه يبقى حاضرًا بشخصيته، بفضل عيونه الوامضة وابتسامته اللعوبة.
وتتوقع الصحيفة في نهاية مقالها بأن ريدماين سيكون أحد المرشحين لجائزة أحسن ممثل في اختيار الأكاديمية البريطانية للسينما والتليفزيون BAFTA، ربما لينافس بنديكت كومبرباتش، الذي يلعب دور آلان تورينج في فيلم “لعبة المحاكاة” “The Imitation Game”.