الدكتور المهندس “منير العبيدي” أحد أهم قيادات الحراك الشعبي السني في العراق، والناطق باسمه وممثله في العاصمة بغداد، وهو نائب رئيس مجلس علماء العراق.
ويعد العبيدي الحاصل على الدكتوراة في السياسة الشرعية وبكالوريوس في الهندسة المدنية، من أبرز من نظر لمشروع البيت السني في العراق حفاظًا على وحدته.
اُعتقل الدكتور العبيدي بعد إتمامه خطبة الجمعة في بغداد بتاريخ 16 أغسطس 2013 على يد قوة من قيادة عمليات بغداد؛ مما أحدث ردة فعل قوية من الحراك السني، وبعد مطالبات شعبية وحكومية واسعة وتحميل الحكومة مسؤولية أي ضرر يلحقه تم الإفراج عنه بعد ساعات من اعتقاله.
في الذكرى الثانية على انطلاق الحراك الشعبي السني العراقي، نون بوست تحاور الدكتور “منير العبيدي” وتقف على أهم التساؤلات التي تُشغل الشارعين العراقي والعربي بهذا الخصوص.
– لو عاد بكم الزمن هل ستدعون الناس للاعتصامات والمظاهرات التي دعيتم لها؟
طبعًا .. لأن رفع الصوت برد الظلم والمطالبة بإنهائه واجب شرعي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما تواترت الفتاوى في بداية الحراك الشعبي في شرعيته ومساندته من المؤسسات الشرعية كالمجمع الفقهي العراقي ومجلس العلماء أو من العلماء أمثال السعدس والرفاعي، ونحن لسنا نادمين على شيء بعد خروجنا على الظالم.
– اتهمكم الكثير بأنكم تسلقتم على أكتاف الحراك الشعبي في العراق وأن مصالحكم الشخصية كانت حاضرة قبل مصالح السنة في العراق، بماذا تجيبون؟
الحراك الشعبي هبة شعبية لا مثيل لها في تاريخ أهل السنة والجماعة في العراق، وطبيعي أن يتقدم رجال شجعان ليقودوا الركب، والحراك كان سلميًا وحضاريًا بامتياز رغم إجراء المالكي وحكومته، وهناك من ذهب بالحراك إلى القتال وحذرنا من ذلك، وهناك من ذهب به إلى كتلة انتخابية ورفضنا ذلك أيضًا، وحافظنا على سلميتنا ومشروعنا في خلاص أهلنا مما هم فيه وبقي صوتنا عاليًا، وقُتل منا واُعتقل منا وهُجر منا (أقصد قادة الحراك)، فأين هو التسلق؟! وأين هي المصالح الشخصية؟!
– علماء الفنادق، وصف تم إطلاقه على الكثير ممن ترك ساحات الاعتصام وغادرها متوجهًا إلى أربيل أو عمان، كيف تنظرون للأمر؟
ما تركنا بغداد إلا بعد عدة محاولات للاغتيال واعتقال من قبل قيادة عمليات بغداد، وترك الدكتور “محمد طه حمدون” سامراء بعد اعتقال أيضًا، وكذا محاولة اغتيال الدكتور “أحمد سعيد” في ديالي، وهكذا بقية قادة الحراك الشعبي، ولكن هناك من يريد تسقيط رموز أهل السنة الذين وثق الناس بهم لأغراض سياسية أو مرض نفسي من حسد وغيره.
– الأركان الأربعة للبيت السني التي دعيتم لها، هل ترونها اليوم واقعية؟
بعد دراسة معمقة لواقع أهل السنة في العراق منذ (2003 ولغاية 2013 ) وصلنا إلى مفترق طرق، إما ان تتوحد جهود وأركان هذا المكون العراقي الأصيل وإلا فهو إلى زوال؛ فكان مشروعنا “بناء البيت السني” لنحمي وجودنا أصلاً، وقد يقول قائل “وجود داعش أنهى هذا المشروع” وأنا أقول العكس، وجود داعش وفر قناعة لدى كل الأركان الأربعة في البيت السني “الشرعي والمقاوم والسياسي والجماهيري” للالتحام وسرعة تشكيل هذا التكتل البشري ومشروع الإنقاذ.
– البيت السني، هل مازال هذا المصطلح الذي روجتم له في ساحات الاعتصام له من الواقع نصيب؟
الأحداث في العراق متسارعة وأنا أجد أنها تسير باتجاه إقليم لأهل السنة يحكمون به أنفسهم رغم قساوتها وضررها على أهلنا، ولكن “لابد دون الشهد من إبر النحل”.
– البعض يتمنى أن يعود لمرحلة ما قبل الحراك، ويقول إن الاعتصامات جلبت الفوضى والقتل للمناطق السنية ولم تحقق أي نتائج، ما تقييمكم؟
هذا الكلام غير منطقي، فأهل السنة أُهدرت حقوقهم وتعرضوا لعملية إبادة وسحق وتهميش من 2003 وحتى الآن، والعالم بأجمعه لم يكن يعرف عن جرائم الحكومة الطائفية شيئًا وتم فضحة على الملأ في الحراك الشعبي، والحراك الشعبي حقق نهضة حقيقية لأهل السنة بعد سنوات من الذل والهوان حتى ظن شركاؤنا في البلد أننا ذاهبون إلى زوال، فخاب ظنهم وكان الحراك دليلاً على أن استقرار العراق غاية لا تُدرك إلا بإعطاء أهل السنة حقوقهم ومطالبهم.
– هل مات وانتهى مشروع الحراك في العراق؟
مشروع الحراك باق وقيادتة باقية ترفع صوتها للمطالبة بحقوق أهل السنة في العراق والخطوات ُترى في تكوين البيت السني – قبل أيام مؤتمر في أربيل وفي الأيام القادمة مؤتمر آخر في عمان أو في بغداد، – كل ذلك يدل على أن مشروعنا باق ومستمر مع ازدياد قناعات أهل السنة تدريجيًا بضرورة التجمع لنكن أقوى ونحكم أنفسنا ومحافظاتنا.
– هل أجريتم تقييمًا ومراجعات لهذه المرحلة المهمة في تاريخ العراق، وماذا كانت أهم هذه المراجعات؟
المراجعات كثيرة وأهمها ضرورة الاتفاق بين الإسلاميين والليبراليين من أهل السنة لتوحيد الهدف والوجهة، الإسلاميون ومنهم الحزب الإسلامي اختاروا طريق المشاركة في العملية السياسية والوصول إلى إقليم يحكم أهل السنة في إطار العراق الواحد، وكثير من الليبراليين وفيهم حزب البعث يريدون تحرير العراق كله بالقتال ودخول بغداد فاتحين، ونحن نقول لابد للطرفين من جلسات للحوار وإنهاء حملات التسقيط والتهم، ولابد من تنازل كل الأطراف في العراق للوصول إلى حل يُرضي الجميع ويحفظ الدماء.
– خسر الحراك العشرات من الأئمة والخطباء ممن كانوا يرفعون أصواتهم عاليًا مطالبين بحقوق السنة، وهم الآن بين مُعتقل ومُهجر، هل من خطوات تنسيقية مع الحكومة للإفراج عنهم؟
هناك جهود حثيثة يقوم بها المجمع الفقهي العراقي والحراك الشعبي بالتنسيق مع بعض السياسيين السنة للإسراع في إطلاق سراح المشايخ المعتقلين وغلق القضايا المفبركة التي زورت عليهم ظلمًا وعدوانًا.
– بعيدًا عن الحراك ومشروعه، هل ترون أمل للسنة في العراق بعد 11 سنة من الاحتلال وبعد تجربة الحراك التي صُبغت بالدم؟
الأمل بالله كبير، وإن مع العسر يسرا، ولن يغلب عسرا واحد يسرين، ونُلح على الله تعالى في دعائنا بالفرج عاجلاً وليس آجلاً.