مؤسسة زغبي الأمريكية هي شركة بحثية بالأساس، تعني باستطلاعات الرأي والدراسات التسويقية عن طريق إجراء استطلاعات للرأي حول قضايا سياسية واقتصادية بأكثر من 70 دولة بالعالم لتقديمها للحكومات ووسائل الإعلام والمؤسسات السياسية في البلدان المختلفة كنوع من دعم اتخاذ القرارات.
تقوم المؤسسة بعمل استطلاعات في الشرق الأوسط كل عام حول أبرز الأحداث والقضايا التي تشغل المنطقة، وبالطبع في المقدمة كانت قضية “الإخوان المسلمين” ودورهم في البلدان التي يتواجدون بها، كذلك دورهم في الربيع العربي ككل، هل كان إيجابيًا أم سلبيًا في الدول العربية التي شهدت ربيعًا عربيًا والتي لم تشهد؟
أجرت المؤسسة الاستطلاع في مصر بسؤال “هل للإخوان دورًا إيجابيًا في مصر؟”.
وأتت النتيجة بأن 43% من المصريين يعتقدون أنهم يلعبون دورًا إيجابيًا في مصر، بينما أتت النسبة التي ترى غير ذلك حوالي 44%، حسب إعلان مؤسسة زغبي؛ ما أثار لغطًا كبيرًا حول تأثير الأداة الإعلامية للدولة والحملة التي تشنها على الجماعة منذ انقلاب الثالث من يوليو وقبل ذلك.
أما عن نفس السؤال في الخليج؛ فقد رأى 68% من الإماراتيين المشاركين في الاستطلاع أن الدور سلبيًا، بينما في السعودية كان الوضع مغايرًا حيث كرس الانقسام في رؤية الخليج للإخوان إذ إن 53% من السعوديين المشاركين في الاستطلاع يرون أن دور الإخوان إيجابيًا بالرغم من الحملة التي تشنها الدولتين على الجماعة وحظرهما لها، إلا أن الأمر لم يحسم شعبيًا حتى الآن، فقراءة النتيجة بالإمارات يبدو واضحًا نتيجة العداء الواضح من نظام الحكم في الإمارات تجاه الجماعة منذ فترة وقبيل التطورات في مصر، لكن الوضع في السعودية يُقرأ في سياق تواجد الإخوان بالفعل في المجتمع السعودي منذ زمن طويل وصعوبة القضاء على الشعبية المتواجدة لهم في بيئة السعودية رغم الحملة الحكومية ضدهم.
كما جاءت تطورات الربيع العربي على رأس اهتمامات استطلاعات المؤسسة، واختلفت النسبة كذلك حول دور الإخوان في هذا الربيع، هل هو سلبي أم إيجابي، وجاءت النتائج تشبه السؤال عن دور الإخوان في مصر، ولكن أبرز الداعمين كان الأتراك.
وفي قضية أخرى بحثتها المؤسسة وهي قضية إيران بالمنطقة، كشفت استطلاعات الرأي أن إيران مازالت تسبب تخوفًا لدى العرب بسبب خطوات عدة أقبلت عليها إيران في الملف السوري والبحريني والخليجي عمومًا رغم اختلاف سياسة روحاني عن سابقتها في عهد نجاد.
حيث يرى الأغلبية من المصريين والسعوديين والإماراتيين أن إيران تلعب دورًا سلبيًا في سوريا.
كما رفض 63% من المصريين إقامة علاقات ودية بين طهران والقاهرة، كذلك رفض 49% من السعوديين إقامة علاقات مع طهران، نفس الأمر الذي رفضه الإماراتيون بنسبة 43%.
هذا وجاءت غالبية آراء العرب في الدور الإيراني بالمنطقة ورؤيتهم للملف النووي الإيراني وسياسات روحاني الجديدة سلبية إلى حد كبير؛ مما يجعل الوضع كما هو عليه في الأعوام السابقة من الصراعات بين الخليج وإيران.
أُجريت هذه الاستطلاعات على أكثر من سبعة آلاف شخص في سبع دول عربية مختلفة بالإضافة لتركيا.
اختلفت الرؤى في قراءة هذه الاستطلاعات بشكل كبير في مسألة دور الإخوان المسلمين بالتحديد؛ فالبعض يريد تعريف الدور الإيجابي الذي يقصده الاستطلاع وهل هو نفس معنى التأييد والتعاطف أم أنه رؤية عامة؟ وعلى هذا انقسمت الرؤى تجاه هذه الاستطلاعات، ولكن يحسم الدكتور “جيمس زوغبي” مؤسس المعهد الأمر بقوله إن الاختلافات تأتي نتيجة قراءة الاستطلاع وفق أجندات خاصة بينما الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك.
ويضيف قائلاً إن الاستطلاعات لا تحمل أنباء سارة للإخوان المسلمين في مصر حيث إننا اخترنا عنوان الاستطلاع في مصر “مواقف المصريين انقسامات واستقطاب”، كما أن الأمر لا يحمل أنباء سيئة للجيش وذلك لأن بقية الأرقام في الاستطلاع معكوسة تمامًا حيث إن 50% من المصريين يرون وجوب حظر الإخوان و83% من المصريين يحمّلون حكومة مرسي سوء الأوضاع في مصر.
وهذا مثال على أن النتائج يتم اجتزائها من سياقها دون موضوعية – هكذا أكد جيمس زوغبي – تعليقًا على نتائج الاستطلاعات والجدل الدائر حولها.
وقد تقاربت استطلاعات زغبي بالنسبة للوضع المصري مع غيرها من المؤسسات التي تعمل في نفس المجال ومن أبرزها مركز “بيو” للأبحاث التي تقام في مارس من كل عام والتي ترى أن نسبة 40% من المصريين كتلة تساند التيار الديني مع تأكيد الانقسام الحاد والاستقطاب بين المصريين والتي تؤكد في نفس الوقت أن هناك انحسار في مواجهة الإسلاميين نتيجة تعرضهم لعنف من قبل المؤسسة العسكرية التي تخسر شعبيتها يوميًا وهذا ما أظهرته زغبي أيضًا في استطلاعها الأخير، بينما ينتظر الباحثون استطلاعات مركز “بيو” التي ستقام في شهر مارس القادم بالشأن المصري.