حزب الله العراقي ذراع إيرانية لا نعرف عنها الكثير

2_217

تناثرت الأنباء حول مقتل “واثق البطاط” شمال محافظة ديالي بالعراق والذي يشغل منصب الأمين العام لحزب الله العراقي وأحد أبرز قادة المليشيات الشيعية في العراق والتي تخوض الآن حربًا ضد تنظيم الدولة في العراق بعد دعوات مراجع شيعية كبرى للتطوع لقتال التنظيم وعلى رأس مطلقي الدعوات المرجع الشيعي الأكبر بالعراق “آية الله السيد علي السيستاني”.

أثارت هذه الأنباء الأسئلة عما يُعرف بحزب الله العراقي، وما هو دوره الحقيقي داخل العراق وعن ارتباطه بدولة إيران التي تقوم بمد أذرع قوية لها بالمنطقة عن طريق المنظمات التابعة لها والتي يتمثل النموذج الأنجح لها حتى الآن في حزب الله اللبناني ذي التأثير والنفوذ الإقليمي.

تشكلت نواة “حزب الله العراقي” عقب سقوط بغداد في أيدي الاحتلال الأمريكي ومع تصاعد النفوذ الشيعي بعد الإطاحة بحكم صدام حسين، في هذا الوقت ظهرت كتائب تحمل اسم لواء أبي الفضل العباس وكتائب كربلاء وكتائب السجاد وكتائب زيد بن علي وجميعها مليشيات مسلحة شيعية أعلنت تجمعها وتوحدها تحت اسم “حزب الله العراقي”، وقد كانت الأهداف المُعلنة لهذه التجمعات هي محاربة المحتل الأمريكي في ذلك الوقت، لكن خفايا نشأة هذه المليشيات كانت أذرع إيرانية طائفية بالعراق كما ظهر بعد ذلك.

لا يخفي الحزب اتصاله الأيديلوجي بإيران أو بالجمهورية الإسلامية – كما يسميها الحزب – في بياناته، إذ أصدر الحزب عدة بيانات مؤيدة لإيران وتحمل لغة تهديد للولايات المتحدة إذا ما استمرت في الأعمال العدائية ضد إيران مُعلنين أنهم يقفون بجوار نظام الولي الفقيه “خامنئي”؛ ما جعل الولايات المتحدة تُدرج الحزب على قوائم الإرهاب عام 2009 وما يوضح أن الحزب هو تجربة إيرانية مكررة ولكن هذه المرة على أرض العراق.

القدرات العسكرية للحزب تتطور بشكل دائم منذ نشأته بسبب ارتباطه بفيلق القدس الإيراني التابع للحرس الثوري الذي أمد الحزب بعدة صواريخ متطورة جعلت للحزب ثقلاً عسكريًا في حرب العصابات التي يدخلها في العراق والتي دخلها في سوريا لاحقًا.

الحزب قائم على تكوين المليشيات المسلحة التي تُنفذ مهامًا طائفية بامتياز؛ فتنفيذ عمليات القتل والاختطاف بذرائع طائفية وسياسية ضد السنة وبعض السياسيين كانت من تنفيذ مليشيات يقودها “واثق البطاط” الذي اعتقلته السلطات العراقية أكثر من مرة ثم أطلقت سراحه رغم أنه مطلوب قضائيًا، فلقد عمل البطاط والحزب على لعب دور المليشيا التي تساند المالكي في حكمه بالقيام بعمليات عسكرية تجاه معارضيه اتسمت أغلبها بالطائفية؛ ما دعى المالكي للتبرؤ منه بعد التوغل في القتل وكثرة جرائمه، كما أن الحزب يتبنى هجمات تجاه منظمة مجاهدي خلق التي تعارض النظام الإيراني، كما اتهمته السعودية بقصف مناطق حدودية بين العراق والسعودية بإيعاز إيراني، كما أن الحزب قام بأعمال عدائية تجاه الكويت في الأعوام الماضية مما يؤكد أجندة الحزب الإيرانية بالكامل والتي أكدها أكثر من مرة البطاط  ذو الصلة الوثيقة بطهران التي سافر إليها مرات عديدة في شبابه قُبيل تأسيس الحزب وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

شاركت فصائل مكونة للحزب في الحرب الدائرة في سوريا فتواجد عناصر مليشيا جيش المختار ولواء أبي الفضل العباس مؤكدة على الأراضي السورية بتمويل وتدريب إيراني لمساندة نظام الأسد الحليف الإيراني بعد حشد معظم المليشيات الشيعية في المنطقة للقتال بجانب قوات النظام عقب اندلاع الثورة السورية وعلى رأسها حزب الله اللبناني الذي أقر بذلك بجانب المليشيات الشيعية التي انتقلت من العراق إلى سوريا حيث يشارك حزب الله العراقي في السيطرة على طريق دمشق بغداد وبعض المطارات العسكرية السورية.

اتسعت عمليات الحزب ومليشيا جيش المختار في الآوانة الأخيرة بالعراق تزامنًا مع نشاط تنظيم الدولة الإسلامية، وفي ظل هذا تركت الحكومة العراقية العنان للمليشيات الشيعية بعد عجزها عن مجابهة تنظيم الدولة؛ ما جعل الأمر يدور في رحى حرب العصابات التي عجز الجيش العراقي عن خوضها؛ ما أدى لسقوط مدن عراقية كبرى على رأسها الموصل التي تشهد معارك كر وفر بين التنظيم والمليشيات المسلحة المدعومة من الحكومة العراقية؛ ما دعى الولايات المتحدة والحكومة العراقية لغض الطرف عن جرائم مليشيا جيش المختار بقيادة البطاط وحزب الله العراقي المعروف بولائه الإيراني.

أكدت مصادر عراقية مقتل البطاط الذي يُعرف بأنه قائد مليشيا جيش المختار والأمين العام للحزب شمال شرقي بغداد عند محافظة ديالي التي تشهد قتالاً بين المليشيات الشيعية ومقاتلي تنظيم الدولة.

الهيكل التنظيمي للحزب لا يُعلم عنه الكثير، خصوصًا وأن أمر الأمين العام للحزب “واثق البطاط” ليس محسومًا، لأن البعض يدّعى أنه قائد لإحدى المليشيات المكونة له فقط وليس أمينه العام، لكن لا شك بأن اسمه اقترن باسم حزب الله العراقي.

لكن من المعروف أن للحزب مكتب سياسي ومكتب للعلاقات العامة وناطق رسمي ظهر لأول مرة قبل عامين (عام 2012) عقب انسحاب القوات الأمريكية من العراق، كذلك جناحه العسكري الذي ساهم في تأسيسه “عماد مغنية” أحد أبرز قادة حزب الله اللبناني، كما أن القوام الميداني الذي يُشكل الخبرة العسكرية للمليشيات التابعة للحزب يتكون من ضباط سابقين بالجيش العراقي انضموا إلى تلك المليشيات عقب تفكيك الجيش العراقي.

الحزب لم يكتف بالعمل المسلح، لكن له دورًا مجتمعيًا يزداد اتساعُا يعمل من خلاله على زيدة التجنيد في صفوفه عن طريق النشاط الخيري والإغاثي والاجتماعي على نسق حزب الله اللبناني.

فجمعية “كشافة الإمام الحسين” تُعد أحد أبرز الجمعيات التابعة للحزب التي تستقطب الشباب الشيعي بالعراق، كذلك يملك الحزب عدة مؤسسات أكاديمية وثقافية وإعلامية منها جانب نسائي غير مهمل؛ ما يدل على طموح الحزب في احتلال مكانة داخل الأروقة العراقية السياسية ولكن بأجندة إيرانية وهو ما ستبرزه الأيام القادمة عن دور هذه المنظمة المسلحة التي تتوغل في الحياة السياسية العراقية؛ ما يمهد لها أن تكون جماعة ضغط في يد طهران تضاف إلى نفوذها الآخذ في الازدياد بالمنطقة.