كشف تحليل للبيانات المتاحة للجمهور أن طائرة خاصة تحلق بين تل أبيب وأبو ظبي ما يصل إلى مرتين في الأسبوع.
وقال محللون أن الأنباء تضفي وزنا إلى “السر المعروف” أن دولة الإمارات العربية المتحدة “تتعاون بنشاط” مع إسرائيل بسبب المخاوف المشتركة بشأن مستقبلهم في منطقة تعاني من النزاعات.
العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج حساسة نظرا لاستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية، المرفوض شعبيا من قبل مواطني دول الخليج، وليس لدى أي من الأنظمة الملكية علاقات دبلوماسية رسمية مع تل أبيب.
وذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية اليومية لأول مرة وجود طائرة تحلق بين إسرائيل ودولة خليجية لم تحددها في وقت سابق من ديسمبر، بعد عدم الاستجابة لطلبات للحصول على تعليق في البداية، قال كاتب المقال لـ “ميدل إيست آي” أنه “لا يستطيع أن يشرح لماذا” لم تنشر الصحيفة اسم الإمارات العربية المتحدة باعتبارها وجهة الطائرة.
الطريق بين تل أبيب وأبو ظبي
تدار الرحلة بين مطار بن غوريون في تل أبيب ومطار أبو ظبي الدولي من قبل شركة الطيران الخاصة “برايفتآير” والتي تتخذ من جنيف مقرا، على طائرة إيرباص A319 مسجلة برقم الذيل D-APTA.
تترك الطائرة تل أبيب على الرحلة رقم PTG 315، الأردن هي الوجهة المذكورة، على الرغم من أن مطار الملكة علياء في عمان لا يسجل وصولها. الأردن هي واحدة من الدول العربية القليلة التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
بينما أظهرت رادارات الطيران على الانترنت الرحلة تغادر تل أبيب وتقف لفترة وجيزة في عمان، ثم تغادر إلى أبو ظبي.
تترك الطائرة الخاصة عمان تحت علامة النداء – رقم هوية الطائرة – PTG 126 ولكن لم يتم تسجيل وصولها في دولة الإمارات العربية المتحدة على موقع مطار أبو ظبي الدولي.
شهدت الرحلة الأخيرة حدوث رحلة صادرة من تل أبيب إلى أبو ظبي في 16 ديسمبر. الطائرة عادت من أبو ظبي في 18 ديسمبر باستخدام علامة النداء PTG 124 إلى عمان ولكن بعد ذلك وصلت في مطار بن جوريون على رقم الرحلة PTG 313.
لا يتم تسجيل الرحيل من أبو ظبي ولا الوصول إلى عمان على موقع كل من المطارين.
فقط بن جوريون يعترف بوصول الطائرة والمغادرة – ومن المقرر للرحلة القادمة الخروج من تل أبيب في 10 مساء بالتوقيت المحلي (20:00 بتوقيت جرينتش) بتاريخ 27 ديسمبر باستخدام رقم الرحلة PTG 315.
سجلت “برايفتآير” طائرة إيرباص A319 تحت ملكيتها يوم 5 مارس 2014، وانطلقت أول رحلة من تل أبيب بعد يومين.
يمكن للطائرة أن تحمل ما يصل إلى 56 راكبا، وفقا لموقع “برايفتآير”، ومجهزة بثمانية مقاعد لدرجة رجال الأعمال ملتفة حول طاولتين في المقدمة.
عندما اتصلت “ميدل إيست آي” بـ “برايفتآير” قالوا إنهم لا يستطيعون الكشف عن أي معلومات حول هوية عملائهم.
وقال المتحدث باسمهم “آسف فالمعلومات التي طلبتها سرية وعليها أن تبقى سرية ولا يمكن أن نوفر لك أي تفاصيل بشأن هذه العملية”.
ولم تجب شركة طيران خاصة ما إذا كانت “إيه جي تي إنترناشونال” – الشركة الواقعة في جنيف التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوخافي – هي عميلهم.
العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة
وقال تقرير من عام 2012 لموقع “فرانس إنتليجنس أونلاين” أن “إيه جي تي إنترناشونال” وقعت عقدا بقيمة 800 مليون دولار لتزويد سلطة المنشآت والمرافق الحيوية في أبوظبي بـ “كاميرات المراقبة، والأسوار الإلكترونية وأجهزة استشعار لمراقبة البنية التحتية وحقول النفط الاستراتيجية”.
ووصف الموقع، المختص في استخبارات الشركات، صاحب “إيه جي تي إنترناشونال” كوخافي بأنه “رجل الأعمال الإسرائيلي الأكثر نشاطا في أبوظبي”.
ومن بين الخدمات المتنوعة التي تقدمها إيه جي تي إنترناشونال “إدارة الممتلكات الحيوية”، كما تقول على موقعها الإلكتروني:
“حلول مبتكرة للنفط والغاز تقدم وعيا آنيا ظرفيا يضمن سلامة وأمن الناس والممتلكات والعمليات الحيوية، وسيطرة متفوقة على الحوادث وحالات الطوارئ والأزمات، واستمرارية الأعمال”.
صنع رجل الأعمال الإسرائيلي كوخافي ثروته أولا في العقارات قبل أن ينتقل إلى المجال الأمني.وقد ورد أنه قد وظف “العشرات” من ضباط الجيش والمخابرات الإسرائيلي السابقين، وفقا لصحيفة “هآرتس”، كما أطلق مؤخرا المؤسسة الإعلامية “فوكاتيف“.
وقالت “إيه جي تي إنترناشونال” عندما اتصلت به “ميدل إيست آي” أنهم ليس لديهم مكتب إعلامي ولن يعلقوا على ما إذا كانوا عميل “برايفتآير” على الرحلة بين تل أبيب وأبو ظبي.
رحلة برايفتإير تقترب من عمّان قادمة من أبوظبي، 18 ديسمبر 2014
رحلة برايفتإير تقترب من مطار اللد (بنغوريون) الإسرائيلي، 18 ديسمبر 2014
الموافقة السياسية
لا بد أن حركة التجارة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة موافق عليها من قبل القيادات السياسية على الجانبين، حسبما يقول خبراء الاقتصاد السياسي بالمنطقة.
يقول إسحق غال، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة تل أبيب: “العلاقة على مستوى عال والعمل لابد أن يحدث بمباركة ومشاركة الجهات الحكومية ولكن، بالطبع، لا أحد يعترف بهذا – تجرى التجارة بالكامل من خلال أطراف ثالثة-“.
“لا أحد لديه أي إحصاءات لأن التجارة سرية ولكن أقدر أن يكون هناك حوالي مليار دولار في السنة، وربما أكثر من ذلك، مع وقوع ما بين ثلث ونصف هذه الأعمال في قطاع الأمن – إنها ليست كمية صغيرة ولكنها ليست سوى جزء صغير من التجارة المحتملة”.
في حين أن المواطنين الإسرائيليين ممنوعون رسميا من دخول دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن برقية دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس ترجع لعام 2009 كشفت العلاقات الإيجابية عالية المستوى بين القادة السياسيين من كلا البلدين.
وقالت مذكرة قدمها مارك سيفرز، الذي كان وقتها المستشار السياسي للسفارة الأمريكية في تل أبيب: “وقد طور وزير الخارجية [الإماراتي] الشيخ عبد الله [بن زايد آل نهيان] علاقات شخصية جيدة مع وزيرة الخارجية [الإسرائيلية وقتها] تسيبي ليفني، لكن الإماراتيين “غير مستعدين للقيام علنا ما يقولونه في السر”.
شرحت البرقية بالتفاصيل أيضا العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وكذلك تصف كيف أن العلاقات الإسرائيلية سرية مع قطر قد توترت بسبب دعم الأخيرة لحركة حماس الفلسطينية.
قالت البرقية: “يؤمن عرب الخليج بدور إسرائيل بسبب تصورهم لعلاقة إسرائيل وثيقة مع الولايات المتحدة وأيضا بسبب إحساسهم بأنهم يستطيعون الاعتماد على إسرائيل ضد إيران “.
“وهم يعتقدون أن إسرائيل تستطيع أن تفعل السحر”.
العلاقات الاسرائيلية الإماراتية السرية – بما في ذلك بيع معدات أمنية لأبو ظبي – قد تمت بمساعدة من وجود الفلسطيني المنفي القوي محمد دحلان في الإمارات العربية المتحدة.
دحلان عاش في الإمارات العربية المتحدة منذ أن طرد من الضفة الغربية في عام 2011، بعد أن اتهمه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالاختلاس المالي والعمل كعميل إسرائيلي من ضمن المتورطين في محاولات الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الراحل ياسر عرفات.
ويقال أن دحلان قد ساعد على تقوية علاقات قيمة بين الإمارات وصربيا وزعم أنه متورط في نقل الأسلحة إسرائيلية الصنع للزعيم الليبي السابق معمر القذافي.
وبعد موافقة مبدئية على إجراء مقابلات مع “ميدل إيست آي”، رفض دحلان التعليق على العلاقات الإماراتية-الإسرائيلية.
انكشف السر
لم يتم الإبلاغ عن الرحلة بين تل أبيب وأبو ظبي بشكل محدد حتى الآن، ولكن الخبراء في مجال الطيران قالوا أنه لا يوجد شك أن دول الخليج الأخرى على علم بما يحدث.
رحلة تنطوي على طائرة خاصة تحلق خلال الأجواء السعودية والقطرية والبحرينية بعد توقف قصير في عمان.
قال طيار لطائرة خاصة، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ “ميدل إيست آي”: “إنهم [السعودية وقطر والبحرين] يعلمون بالتأكيد من أين جاءت الطائرة”.
وأخبر الطيار “ميدل إيست آي” أنه “شائع جدا” لشركات الطيران الخاصة أن تدير رحلات جوية سرية بين الدول التي تنكر علنا أن بينها علاقات، موضحا أن “مشغلي الطائرات يمكنهم الحصول على إعفاء خاص حسب أي نوع من الأشخاص يحملون معهم – ربما سياسي أو رجل أعمال مهم”.
“وقعنا العديد من الاتفاقات السرية – نحن نتعامل مع أشخاص ذوي سلطة عظيمة.يتم التنصت على الهواتف وكل الأشياء الشبيهة تحدث عندما تحلق مع هؤلاء الناس. المشغلين يجب أن يكونوا حذرين جدا”.
كانت لإسرائيل بعثات تجارية سابقة في دول الخليج، بما في ذلك قطر وسلطنة عمان، خلال التسيعينات، ومع ذلك تم إغلاقها بسبب هجمات الجيش الإسرائيلي الدامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في وقت سابق من هذا العام، في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية، فتحت إسرائيل حساب على تويتر للتواصل مع المواطنين الخليجيين. أخبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية جريدة “فاينانشال تايمز” أن حساب @IsraelintheGCC استخدم لفتح “حوار مع الناس” من دول الخليج.
علق المحللين على الأخبار عن الرحلات المنتظمة بين تل أبيب وأبو ظبي باقتراح أنها قدمت دليلا إضافيا على وجود علاقة جيدة ناتجة عن المصالح المشتركة.
قال كريستوفر ديفيدسون، المتخصص في سياسات الشرق الأوسط في جامعة “دورهام” في المملكة المتحدة: ” تضفي الرحلات المزيد من الوزن إلى السر العلني الآن أن عددا من دول الخليج، أبرزها الإمارات العربية المتحدة، تتعاون بنشاط مع إسرائيل، وخاصة في مجال الأمن عالي التكنولوجيا”.
“مهما كان ذلك غير مستساغ لكثير من المواطنين الخليج الأتقياء حسني النية في أعقاب المجازر هذا الصيف في غزة، فإن هذا بلا شك أحد أعراض انخفاض الثقة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل في ضامنهم الأمني المشترك أميركا”.
وأضاف ديفيدسون أن إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، ودول الخليج الأخرى ترى حاجة إلى “الوقوف صفا واحدا لأنها تواجه مستقبل مضطرب بشكل متزايد”.
كانت الولايات المتحدة لفترة طويلة حليفا حيويا لكل من إسرائيل ودول الخليج. بالنسبة لدول الخليج، مع ثرواتهم المبنية على الموارد، فقد استثمرت بكثافة في صناعة الأسلحة الأمريكية في صفقة “شيء مقابل شيء” للحصول على الحماية الدبلوماسية والأمنية.
وقد أعربت كل من إسرائيل وملكيات الخليج عن قلقهم من انفراج الولايات المتحدة مؤخرا في التعامل مع إيران، ويقال أنهم قلقين من أن يُتركوا عرضة للتهديدات الأمنية في فترة تتميز بالاضطرابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
المصدر: ميدل إيست آي – ترجمة راقب