أثارت صور الطيار الأردني الذي قبض عليه تنظيم “داعش” في محافظة الرقة شمال سوريا، والتي قالت إنها أسقطت طائرته التي كانت تقصف مواقعهم ضمن حملة التحالف الدولي ضد التنظيم في العراق وسوريا، صخباً في الشارع العربي بشكل عام، والسوري والأردني بشكل خاص.
“معاذ الكساسبة”، الطيار الأردني الذي يبلغ من العمر 26 عامًا كان قد أقلع بطائرته – التي تظهر خلفه في إحدى الصور التي نشرها على حسابه في الـ “فيسبوك” -، من إحدى القواعد في الأردن قبل أن تتحطم طائرته ويقبض عليه التنظيم، والذي كان أشبه بـ “الانتصار” للتنظيم الذي أسقط أولى الطائرات التابعة للتحالف.
التنظيم سارع بنشر صور القبض على الطيار على حساب “المكتب الإعلامي لولاية الرقة” التابع للتنظيم، ليقول إنه أسقط الطائرة بصاروخ حراري قبل أن يقبض على الملازم أول “معاذ الكساسبة”.
وفي أول رد فعل للقوات المسلحة الأردنية، قال بيان صادر عن القيادة العامة إنه “أثناء قيام عدد من طائرات سلاح الجو الملكي الأردني بمهمة عسكرية، ضد أوكار تنظيم داعش الإرهابي في منطقة الرقة السورية، سقطت إحدى طائراتنا وتم أخذ الطيار كرهينة من قبل تنظيم داعش الإرهابي”، وأضاف البيان: “من المعروف أن هذا التنظيم لا يخفي مخططاته الإرهابية، حيث قام بالكثير من العمليات الإجرامية من تدمير وقتل للأبرياء من المسلمين وغير المسلمين في سوريا والعراق، هذا ويحمّل الأردن التنظيم ومن يدعمه مسؤولية سلامة الطيار والحفاظ على حياته”.
عم الطيار “معاذ الكساسبة” قال في تصريح في ديوان العائلة في مسقط رأسه، إن معاذ أُسقطت طائرته بعد أن كان يطير على مستوى منخفض بلغ 400 قدمًا، حسب ما وجهت إليه الأوامر، كما أن الطيارين المرافقين له تحفظوا على قصف المكان الذي سقطت فيه طائرة معاذ، حفاظًا على حياته.
و”معاذ الكساسبة” هو طيار أردني تعود أصوله إلى مدينة “الكرك” جنوب الأردن، ولد هناك عام 1988 وأنهى دراسته الثانوية، ليلتحق فيما بعد بكلية الحسين الملكية للطيران الحربي عام 2006، ثم تخرج منها عام 2009 والتحق بصفوف سلاح الجو الملكي.
تزوح معاذ منذ 5 أشهر، وكان رُفع إلى رتبة “ملازم أول” قبل أن يتم اختياره ضمن الطيارين المشاركين في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، والذي تشارك فيه الأردن.
شقيق الطيار معاذ، “جواد الكساسبة” قال في مداخلة على “راديو الكل” إن معاذ يًنفذ أوامر عسكرية، وأنه مصل للفجر ومطيع للوالدين، وأنه دائمًا ما يحمل مصحفه في جيبه، راجياً “الدولة الإسلامية” الإفراج عن شقيقه
وقال المحلل العسكري الأردني”فايز الدويري” للقناة الأردنية “رؤيا” إن “التنظيم سيضع مطالب ذات سقف مرتفع على الجانب الأردني مقابل إطلاق سراح الكساسبة”، مضيفًا أن”التنظيم سيعمل على نقل الكساسبة من مكان لآخر أكثر من مرة في اليوم الواحد، وذلك من أجل تعقيد المهمة الاستخباراتية أمام السلطات الأردنية”.
هذا وكان النائب العام الأردني قد قرر حظر نشر أية صور أو أخبار يبثها تنظيم داعش تسيء للطيار “معاذ الكساسبة”، كما أنه حظر نشر أي “تحليلات عسكرية تخص القوات المسلحة بهذا الشأن، وتحت طائلة المسؤولية”.
وزارة الدفاع الأمريكية “بنتاغون” كانت قد قالت في وقت من مساء البارحة إن “هناك أدلة تشير إلى أن داعش لم تسقط الطائرة (الأردنية) كما تدعي المنظمة الإرهابية، في محيط مدينة الرقة، شمالي سوريا”.
في الوقت الذي دعت فيه القوات المسلحة الأردنية مختلف وسائل الإعلام إلى “عدم نشر أي معلومات تمس الأمن الوطني وأن تقف في خندق الوطن والتعامل بكل مسؤولية مع حادث سقوط الطائرة العسكرية الأردنية ومراعاة مشاعر ذوي الطيار”، جاء ذلك على لسان الناطق باسم القوات المسلحة الأردنية العقيد “ممدوح العامري”.
وكانت مصادر حكومية أردنية قد كشفت أن الحكومة الأردنية بما فيه جهاز المخابرات قد بدؤوا اتصالات في محاولة للدخول في مفاوضات مباشرة مع التنظيم، في محاولة منهم للافراج عن الطيار الأسير.
هذه الاتصالات شملت كلا من قطر وتركيا، وشخصيات لديها اتصالات مع قيادات في تنظيم داعش، وأخرى من زعماء عشائر في العراق، إذ قال في ذلك وزير أردني لموقع “الجزيرة نت” دون الدخول في التفاصيل: “نعم هناك مفاوضات غير مباشرة تجري وراء الكواليس، ومستعدون للدخول في تسوية ما، كل ما يهمنا هو إطلاق سراح ابن الأردن معاذ الكساسبة، لكننا لا نستطيع الخوض في التفاصيل”.
وكان وكالة (أ ف ب) قد نقلت عن مصادر خاصة بها أن هنالك خلافات داخل التنظيم ما بين إعدام “معاذ” والمفاوضة به، في الوقت الذي يتوقع أن يفاوض التنظيم عن أسماء عديدة تقبع في السجون الأردنية؛ منهم “ساجدة الريشاوي”، التي شاركت في عمليات تفجير الفنادق الأردنية عام 2005، والتي لم ينفجر حزامها الناسف، و “زياد الكربولي”، المحسوب على تنظيم الدولة الأسلامية.
الشارع الأردني بمجمله تضامن مع الطيار “معاذ الكساسبة”، إذ عبّر المعظم عن حزنه وتعاطفه مع الطيار، متنميين عودته لأهله سالمًا، كما دعت الطائفة المسيحية في مسقط رأس معاذ إلى وقف مظاهر الأعياد في المحافظة واقتصارها على صلوات تدعو لفك أسره وعودته إلى أرض الوطن.
وتفاعل الشارع بشكل كبير على تويتر في هاشتاج #كلنا_معاذ و#معاذ_الكساسبة، البعض أظهر تعاطفاً بينما عبّر البعض عن التخبط الذي يصيب الشارع في حالة مثل حالة معاذ، فكتبوا:
https://www.facebook.com/Sahel.Batayneh/posts/10152913931121054
#كلنا_معاذ إن كان ثمّة مشاعر فهي مع والدته فقط. أما من يقتُل الأطفال ويقصفهم إرضاءاً لأمريكا وإسرائيل فلا يستحق منّا أية مشاعر إنسانية.
— د. كساب العتيبي (@Dr_Kassab) December 25, 2014
اعادك الله سالما غانما لأهلك ووطنك يا #معاذ #كلنا_معاذ pic.twitter.com/kn9gngUoO7
— #HayatFm حياة أف أم (@Hayat_Fm) December 25, 2014
هل حرب #داعش حربنا؟ وهل عواقب هذه الحرب يجب ان يتحملها شبابنا؟! .. أجيبينا يا حكومتنا
— Musa Al-Saket موسى_الساكت# (@MusaSaket) December 24, 2014
اخوتنا الاردنيين الله يطمن بالكم ويرد ابنكم لاهله سالم. هكذا معاناة وقسوة وموت من النظام وداعش هي التي دفعت السوريين للجوء اليكم#كلنا_معاذ
— Amr Alsarraj (@amr_alsarraj) December 24, 2014
#كلنا_معاذ
ويبقى السؤال الوجودي !
هو إيه اللي وداه هناك ؟؟— عبدالله الملا #قطر (@q6r) December 24, 2014
خميس مش متل أي خميس !
اول خميس وإبن من أبناء الاردن أسير
أول خميس و الشعب الاردني مهموم ومنكد !!
اللهم رده سالمآ غانمآ #كلنا_معاذ— Raghad (@Raghadkf) December 25, 2014
الشارع الأردني بدا مشتتًا ومتناقضًا في كثير من أقواله، البعض تحدث عن زج الطيارين الأردنيين في معركة وصفها بأنها “ليست معركتهم”، وأن الطيارين الأردنيين يتم التضحية بهم، في الوقت الذي حمّل آخرون الوضع السوري واللاجئين وبال ما يحل بهم، بينما فرق آخرون بين السوريين وبين ما يقوم به تنظيم داعش من أعمال وصفوها بـ “الإجرامية” أو “الإرهابية”.
أما مؤيدو التنظيم والمدافعون عنه فكتبوا على هاشتاجات متعددة، منها #الدولة_الإسلامية_تأسر_طيار_أردني، #أسر_طيار_أردني_في_ولاية_الرقة، وردًا على “كلنا معاذ” شارك مناصرو الدولة على #كلنا_بدنا_نذبح_معاذ، فكتبوا:
الشرعيان في #الدولة_الإسلامية سعد #الحنيطي وأبو سعد #العتيبي يعلقان على #أسر_طيار_أردني_في_ولاية_الرقة https://t.co/EaWU7l0n90#كلنا_معاذ
— عربي21 (@Arabi21News) December 24, 2014