أعلنت الأمم المتحدة قيام السلطات السودانية بأمر اثنين من كبار مسؤوليها في بعثتها المتواجدة في الخرطوم بمغادرة البلاد، دون إبداء أية أسباب.
المنظمة أوضحت أن المسؤولين هم المنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ الأردني “علي الزعتري” العامل هناك منذ عامين، والمديرة القطرية للبرنامج في السودان الهولندية “ايفون هيلي”، والعاملة منذ نحو عام في المنصب.
الأمم المتحدة احتجت على القرار، وهو ما جاء في شكل إدانة على لسان الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” للقرار كما دعا في بيان صادر عنه الحكومة السودانية إلى العدول فوراً عن القرار والتعاون الكامل مع جميع هيئات الأمم المتحدة الموجودة في البلاد، معتبراً أن “معاقبة موظفين أممين يقومان بواجباتهما وفقا لميثاق الأمم المتحدة، هو أمر غير مقبول”.
الطرد يأتي بعد أسابيع من تصريحات على لسان الزعتري نقلتها صحيفة نرويجية قال فيها أن “السودان بلد يعيش في أزمة إنسانية واقتصادية، وإن المجتمع فيه أصبح مرتبطا بالمساعدات الإنسانية، وإن المجتمع الدولي مضطر للتعامل مع الرئيس عمر البشير المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية”.
هذه التصريحات لم تمر بشكل سهل، بل وصفتها العديد من وسائل الإعلان السودان بـ”المسيئة للبلاد ورئيسها”، الأمر الذي نفاه الزعتري بأنه قال هذا الكلام.
وربما تكون هذه التصريحات القشة التي قصمت ظهر البعثة في البلاد، بعد خلافات قديمة جديدة بين الحكومة السودانية وقوة حفظ السلام الأممية الأفريقية المشتركة في دارفور (يوناميد)، والتي تصاعدت بعد تقارير بقيام القوات الحكومية باغتصاب أكثر من 200 امرأة وفتاة في قرية “تابت” في الإقليم غرب البلاد في 31 أكتوبر الماضي، ليبدأ بعد ذلك تصعيد مباشر شنته السلطات على البعثة، فأغلقت مركز حقوق الانسان التابع للبعثة، كما دعت البعثة لإعداد خطة للخروج من البلاد، وذلك بعد أيام من رفض السلطات طلب قوات حفظ السلام الثاني لزيارة القرية.
جاء ذلك كله بعد مرور شهر على دعوة الرئيس السوداني “عمر البشير” قوات حفظ السلام في البعثة المشتركة بين الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) للمغادرة ووصفها بأنها “عبء أمني”.
في ذلك الوقت، قال قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إنه من المستبعد أن ترضخ البعثة لطلب السودان بالرحيل، في الوقت الذي يزداد الوضع في السودان سوءاً، على حد تعبيره.
وكانت الحكومة السودانية قد طلبت في أبريل الماضي من رئيسة صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان الأميركية “باميلا ديلارغي” مغادرة البلاد متهمة إياها بالتدخل في الشؤون الداخلية السودانية.
وكان الصراع في إقليم دارفور غرب البلاد قد اندلع منذ عام 2003 عندما هاجمت عدد من القبائل المسلحة القوات الحكومية متهمة إياها بالتمييز ضدها، لتنتشر في عام 2007 بعثة السلام المشتركة.
وفي الوقت الذي تشتكي فيه معظم النظمات الدولية من قيود تفرضها عليها الحكومة السودانية، الأمر الذي يؤدي في معظم الأحيان إلى سحب تراخيص هذه المنظمات بحجة “تجاوز التفويض المسموح”، إلا أنه ما زال يعمل في السودان أكثر من 21 منظمة إنسانية أممية إلى جانب 104 منظمة أجنبية، تتركز غالبية أنشطتها في مناطق النزاعات.
وكانت السودان قد أعلنت مؤخراً عن خطة لـ “سودنة” العمل الإنساني ابتداء من عام 2015 المقبل عن طريق عقد شراكة مع الأمم المتحدة في ما يتعلق بتحديد وإيصال وتوزيع الاحتياجات الإنسانية.