“سوف تخسر كل قيمك الأخلاقية” تلك هي الجملة التي عبّر بها “يهودا شاؤول” عن نتائج الأساليب التي تتبعها إدارة جيش الاحتلال الإسرائيلي مع جنوده حتى يتخصلوا من أي شعور بالذنب أو أي تأنيب للضمير يحدث عند قيامهم بعملياتهم المتكررة تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والقدس.
و”يهودا شاؤول” مواطن إسرائيلي ومجند سابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، لكنه وبعد أن قضى فترة خدمته وخرج من الجيش أسس هو وزميلان له في مارس عام 2004 منظمة غير ربحية تحت اسم منظمة “كسر الصمت” وتولى هو مهام المدير التنفيذي للمنظمة.
تهتم تلك المنظمة بجمع شهادات من مجندين سابقين في جيش الاحتلال الإسرائيلي من أجل كشف الستار عن الأساليب المُتبعة في الجيش لتربية جنوده تربية جديدة ليصبح المجند قادرًا على القيام بكل المهام المُكلف بها دون أدنى إحساس بتأنيب للضمير ودون تفكير في عصيان الأوامر التي تأتيه.
وكانت من ضمن النجاحات القوية التي حققتها المنظمة هي أنها استطاعت جمع شهادات موثقة من 24 مجندًا سابقًا في الجيش في مايو عام 2011، وتتحدث تلك الشهادات جميعها عن اتخاذ جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي لأجساد المواطنين الفلسطينيين العُزّل كدروع بشرية لتحميهم من أي مصيدة أو هجوم من مسلحين.
ويقول شاؤول إنه – كجندي سابق في “جيش الدفاع” – من المؤكد أن كل قيمك الأخلاقية سوف تنهار بعد قضاء فترة معينة في الخدمة مع الجيش، ومع تكرار العمليات ضد الفلسطينيين سوف تخسر أي شعور داخلي يُحدثك عن عدم تنفيذ الأوامر.
وعن الخطوات التي يتّبعها الجيش من أجل الوصول بالجندي إلى تلك المرحلة، قال شاؤول “في بداية الأمر وعندما تكون في بداية خدمتك العسكرية فإنك تقوم باقتحام منازل لمواطنيين فلسطينيين منتصف الليل وتقوم بإيقاظ كل من في المنزل وترويعهم، عندها سيبدأ الأطفال في المنزل بالصراخ، ثم يتولد شعور داخلي بأن ما تفعله هذا ليس جيدًا”.
ويضيف شاؤول “ولكن لكونك جنديًا فإن العملية تتكرر كل يوم وليلة في منزل جديد، بعدها وبالتدريج سوف تنسى أي شعور بالأسى تجاه تلك العائلات الفلسطينية التي تُفسد عليها حياتها، ويكون ذلك التحول ببطء لكنه يصل إلى مكان عميق جدًا داخلك، فإنك مع الوقت تتجاوز بعض الخطوط التي كانت حمراء بالنسبة لك من قبل، لكن وبعد أن تتخطى خمسة من تلك الخطوط داخلك عليك أن تفهم أنك كسرت جانبًا كبيرًا من قيمك الأخلاقية”.
وفي حديثه عن الغارات التي كان جيش الاحتلال يشنها على قطاع غزة قال شاؤول إن من الجنون الذي يحدث في الجيش هو أنه عندما يُسقط قنابل تحذيرية على البيوت التي يريدون قصفها ليخرج الأهالي منها فإنهم بعد ذلك يقومون بقصف تلك البيوت حتى مع تأكدهم أن الأهالي لم يخرجوا على الرغم من أن تلك البيوت كانت في وسط القطاع مما يجعلها لا تمثل أي خطر مباشر على أمن إسرائيل.
المصدر: صباح التركية