منذ الانقلاب العسكرى على الرئيس “محمد مرسي” في 3 يوليو، وتحالف دعم الشرعية هو المُعبر السياسي عن الحراك الثوري والفاعليات المناهضة للانقلاب، التحالف الذي تأسس فى ميدان رابعة من عدد من الأحزاب الإسلامية قبل أيام من إعلان وزير الدفاع انقلابه، تفكك بعد أكثر من عام على هذا التأسيس بانسحاب معظم مكوناته لسبب أو لآخر.
كان التحالف قد اختار مسيرة النضال الوطني السلمي للتعبير عن رفضه للانقلاب ومطالبته بعودة شرعية الانتخابات واحترام نتائج الديموقراطية ونجح في عدم الانجرار إلى العنف، لكن ماذا حقق التحالف وفيما أخفق؟
التحالف والحراك بقدر ما قدموا من التضحيات كانت لهم بعض المكاسب أهمها هي إيقاف هذا النظام المجرم عن إتمام السيطرة على الوطن ومقدراته بعد عام ونصف على انقلابه وهو ما قد يقلل من عمر النظام العسكري الجديد القديم في المستقبل، كما أن محاولات نزع الشرعية عن هذا النظام قد أرهقته سياسيًا واقتصاديًا؛ فالانقلاب الذي سعى إلى اكتساب الشرعية عبر انتخابات وهمية وترويج خليجي مازال فاشلاً في جذب الاستثمارات وإقناع العالم بسيطرته واستقرار الوضع؛ وهو ما يسبب له الكثير من الأزمات التي يحاول النظام تخطيها بإتمام المصالحة مع قطر ومحاولة إجراء الانتخابات البرلمانية قبل القمة الاقتصادية.
أيضًا إذا نظرنا إلى ما وصلت إليه شعبية القوى التي عبر عنها التحالف وأهمها الإخوان المسلمين فى 30/6 و3/7 من تدهور غير مسبوق وتمت مقارنتها بالوضع الآن بعد أقل من عامين على إعلان الانقلاب لوجدنا أن الجماعة استعادت الكثير من شعبيتها وفاعليتها في المشهد السياسي المصري.
كما أن تورط هذا النظام المجرم في عداء تام مع فئة الشباب وما تمثله من معاني التغيير والثورة وانعاكاسات ذلك ونتائجه فيما بعد، أمر ساهم فيه قوة وفاعلية الحراك المناهض للانقلاب خلال العام الماضي وخاصة حراك الطلاب في الجامعات.
إلا أن أبرز ما افتقده التحالف هو غياب رؤية واضحة لإسقاط هذا النظام وما بعد سقوطه أو على الأقل التجهيز للخطوة القادمة بعد استمرار التظاهر ضده؛ وهو ما أفقد التحالف فرص للتفاوض كان يمكن وقتها الخروج بمكاسب لم تصبح موجودة في حال تم التفاوض الآن أو مستقبلاً.
كما عانى التحالف من غياب القيادة السياسية التي تقود الجماهير أو تعبر عنها وتكون ممثلاً لها سواء في الداخل أو الخارج لظروف اعتقال معظم القادة السياسيين مبكرًا أو عدم صلاحية القادة الموجودين للقيام بهذا الدور.
ماذا بعد التحالف؟
حاول قادة المشهد المناهض للانقلاب إيجاد كيانات بديلة عن التحالف والسعي في اتفاقات وبيانات مشتركة مع قوى أخرى خاصة الغير إسلامية، فتأسس المجلس الثوري وانعقد مؤخرًا البرلمان الشرعي وصدر بيان القاهرة، وغيرها من المحاولات التي لم تنجح لا في جمع شمل قوى ثورة يناير مرة أخرى ولا في إضافة جديد إلى المشهد، بل بعض هذه المحاولات كانعقاد البرلمان – التي ربما لو جاءت فى وقت مبكر لأصبحت ذات جدوى – أفقدت المشهد الكثير من فاعليته وسحبت من رصيد الثقة فيمن يقودونه.
أمام هذه الصورة ومع اقتراب الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، يصبح من الصعب توقع الخطوة القادمة بعد تحالف دعم الشرعية الذي يجب الاعتراف بأن دوره انتهى وأن الغطاء السياسي للحراك يجب أن يأخذ شكلاً جديدًا وأن التأخر في هذه الخطوة وعدم إدراك هذه المشكلة يفقد مناهضي الانقلاب فرص ربما لا يسهل تعويضها.
التساؤل الأخير الذى أطرحه هو: أمام هذه الصورة لماذا لا يأخذ الشباب والطلاب زمام المبادرة ويتصدروا الحراك والمشهد بشكل عام ليكملوا مسيرة الثورة كما بدأها الشباب ويتجنبوا أخطاء التحالف؟، فهم أقدر على طرح وصياغة رؤى واضحة تلتف حولها قوى الثورة المختلفة وهم الأكثر تأثيرًا فى وجدان الشعب بمعظم فئاته، وهم فرسان الثورة والميادين على مدار الأربعة أعوام الماضية كما أن المستقبل لهم ﻻ لغيرهم.