ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
تعتبر المائة يوم الأولى من ولاية السبسي مهمة جدًا في المرحلة الانتقالية التونسية التي تتوقف على 10 ملفات، فالتونسيون فخورون بما لديهم، فعلى الرغم من اختلافهم قد تمكنوا من الحفاظ على الطابع السلمي للانتقال الديمقراطي منذ يناير 2011.
بغض النظر عن هوية الرئيس الجديد ونتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، خاض التونسيون جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية التي ظلت حكرًا على الديمقراطية الغربية، وهذا الانتصار الجماعي يُخفي تحديات هامة وكبيرة للرئيس الجديد الذي يُجسد التاريخ السياسي التونسي ورئاسة الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية التي عُقدت مؤخرًا.
فبعيدًا على الانتخابات تواجه الباجي قائد السبسي الذي يبلغ 89 سنة عشر قضايا شائكة يقوم عليها مستقبله السياسي الشخصي والفترة الانتقالية للجمهورية التونسية الجديدة.
1- الكشف عن حقائق الاغتيالات السياسية لكل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولطفي نقض، التي حصلت في تونس في عهد الائتلاف الحكومي الثلاثي والتي رفعت من شعبية نداء تونس (لطفي نقض) والجبهة الشعبية (بلعيد والبراهمي)، وهذه الحقيقة التي قد تشمل أكثر من شخص ستكون مريحة جدًا بسبب الثقة في مختلف الأطراف السياسية بين التونسيين.
2- تحصّل الباجي قائد السبسي على 56% من الأصوات التي جعلته رئيسًا، وموهبته كخطيب مُقنع لم تعد كافية، فهو مطالب باتخاذ قرارات تبيّن قدرته على حماية الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمعارضيه، فحتى اليوم ظل الباجي قائد السبسي وفيًا لمعلمه وقائده الحبيب بورقيبة في الخطاب والتعبير ولكنه من الآن أصبح مطالبًا بتقديم ممارسات متطابقة مع قناعته الديمقراطية المزعومة.
3- أصبح ضروريًا على السبسي إعادة تأسيس الوحدة الوطنية خاصةً بعد التقسيم الجغرافي للأصوات خلال الانتخابات، وكذلك تفادي الخلافات السياسية الأخيرة الموروثة من النظام السياسي السابق، كما أنه مطالب بقطع الطريق أمام الانتهازيين والغير أكفاء خاصةً في السلطات المحلية وأن يبتعد عن اضطهاد السكان بحجة المصلحة العليا للأمة التي تسمح له بممارسة الإقصاء والتصفية لأولئك الذين يعارضونه.
4- جمع دعم جميع الأطراف السياسية للحكومة الجديدة، فهذا ليس ضمانًا للإدارة اليومية لشأن الدولة ولكن من أجل الشروع في الإصلاحات الهيكلية المنصوص عليها في الدستور، فتونس اليوم تعيش بترسانة من النصوص القانونية كثير منها متطابق مع الدستور وأخرى بحاجة للمراجعة وتواجه مشكلة وحيدة هي أن القوانين لا تنقح إلا بموافقة الثلثين، أيضًا الباجي مطالب بإيجاد توافق مع حزب حركة النهضة لتجنب ولاية مماثلة لحكم الترويكا ولضمان اتخاذ القرارات الهامة في الوقت المناسب من خلال مؤسسات قانونية وليس من خلال مواجهة شعبية.
5- على الرغم من فوزه بالرئاسية وحزبه بالتشريعية يجب على الباجي قائد السبسي إظهار عدم لهفة وتعطش حاشيته للحكم والسلطة، فهو مطالب بإرسال رسائل إيجابية تؤكد على أن الكفاءة قبل الانتماء، فخلال الأسابيع القليلة القادمة ستتجه الأنظار نحو المناصب العليا في الدولة (وزراء – كتاب دولة – سفراء…) دون أن ننسى أن هذه المناصب هي شرفية على الرغم من أهميتها ودون نسيان مناصب هامة لإدارة الشؤون العامة (الإدارة العامة – الإدارة المركزية – الرؤساء التنفيذيين للشركات…)، ففريق الباجي مطالب بالعمل بكل وضوح وموضوعية من أجل إدارة جديدة تتسم بالكفاءة والشفافية والمهنية.
6- مساعدة وإعانة 5 ملايين من التونسيين الذين لم يصوتوا والذين ينتمون للفئة المهمشة والذين يعيشون حالة يأس وانعدام ثقة ولم يتلقوا أي رسائل إيجابية من الطبقة السياسية في الجمهورية الأولى التي عادةً ما تتحدث باسمهم.
هو أيضًا مطالب بإيقاف العاملين خارج القانون (المهربين والإرهابيين) وخارج النظام (الاقتصاد الموازي والعاطلين عن العمل)، فتونس الشاملة تتطلب عدة سنوات من العمل ولكن يجب إعطاء إشارات قوية خلال الأشهر الأولى من هذه الولاية.
فالباجي الذي يستمد إلهامه من بورقيبة مطالب بالنسج على منواله في النجاح في سياسة تمكّن المواطن من الانتفاع بالخدمة الأساسية (صحة – تعليم – سكن..) ولكن يجب أن تنحصر هذه السياسة في مفهوم المواطنة وليس الإحسان للمقاتلين والأربعين لص.
7- يجب أن يقتصر على دوره كرئيس وأن يتصرف كرئيس دولة بلد سائر نحو الديمقراطية، فالباجي مطالب بحسن فهم المرحلة وترجمة ذلك في الواقع، فكل الأضواء مسلطة عليه من خلال تعيينه لرئيس الحكومة المقبلة واستقالته من نداء تونس وتعيينه كرئيس لتونس.
يجب عليه أن يتأقلم مع مختلف المراكز رغم اختلافاتها، بعبارات سهلة يجب عليه عدم تعيين رئيس حكومة لنفسه، والتشاور مع حزبه وخاصة الاتفاق أن يكون من دافعي الضرائب.
8- يجب أن يبدأ عملية الانتقال إلى نظام الحكم اللامركزي المنصوص عليه في الفصل السابع من دستور الجمهورية الثانية، رغم أنه غير معني مباشرةً بهذه المسألة فإنه يمكن استيعابها من خلال انتخابات محلية وجهوية حرة وشفافة، كما أنه مدعو إلى إصلاح الماضي وتحمّل جزء من المسؤولية، السبسي قد يبدأ ترؤسه للمجلس الوزاري بهذا الموضوع الحاسم في مستقبل تونس.
9- وضع إستراتيجية شاملة وواضحة لمكافحة الإرهاب مع ضمانات اقتصادية واجتماعية وثقافية، فتونس قريبة جدًا من إنشاء مركز مكافحة الإرهاب لرئاسة الجمهورية بالتعاون مع رئيس الحكومة لوضع إستراتيجيات عامة لمكافحة الإرهاب.
10- تحسين العلاقات الخارجية لتونس وإصلاح الأخطاء في السياسة الخارجية التي ارتكبها أسلافه.
المصدر: kapitalis.com