تنعقد في تونس، اليوم الأربعاء 31 ديسمبر/ كانون الأول لسنة 2014، تحت قُبة مجلس نواب الشعب جلسة مُمتازة دعا لها “محمد الناصر” رئيس البرلمان، وسيتم خلالها تنظيم مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الجديد المُنتخب “الباجي قائد السبسي” حسب ما ينص عليه الفصل 76 من الدستور التونسي بعد أن أعلنت الهيئة العليا المُستقلة للانتخابات عن النتائج النهائية أول أمس الإثنين.
وقد صرح عضو المكتب التنفيذي لنداء تونس “رافع بن عاشور” أن مراسم تسليم السلطة ستنطلق بأداء اليمين الدستورية أمام نُواب الشعب وضيوف المجلس من شخصيات وطنية وحقوقية وأيضًا بحضور رؤساء الحكومات السابقين ورئيس الدولة في الفترة الانتقالية “فؤاد المبزّع”، حيث سيُلقي السبسي كلمة ثُمّ يتوجه بعدها إلى قصر قرطاج حيث سيُقام بروتوكول تسليم السلطة بين الرئيس المُتخلّي المنصف المرزوقي وبين الرئيس المُنتخب، يليه جلسة عمل بين الإثنين ثمّ يُغادر الأول تاركًا للثّاني قصر قرطاج ومهمة رئاسة الجمهورية.
بعد الزوال، سيتوجه السبسي إلى مقبرة الشهداء بمنطقة اليسّجومي، وهو تقليد درجت عليه السلطة في تونس كعرفان ووفاء لشهداء الحركة الوطنية الذين كافحوا من أجل الاستقلال (خاصة شهداء مجزرة 9 أبريل) وباقي الشهداء الذين زفتهم البلاد سواء أثناء الحراك الديسمبري الذي أطلق شرارة الربيع العربي أو الشهيدين البراهمي وبلعيد وينضاف إليهم شهداء المؤسسة العسكرية والأمنية الذين ارتقوا خلال حرب تونس المتواصلة على الإرهاب.
ومن المُنتظرأن يتم تنظيم حفل تنصيب ضخم في قصر قرطاج خلال أسبوعين بحضور عدد كبير من رؤساء الدول ورؤساء البعثات الدبلوماسية وأيضًا بحضورالأمين العام للأمم المتحدة.
“محمد الباجي بن حسونة قائد السبسي”، المولود يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1926 (88 سنة)، نشأ في عائلة قريبة من البايات الحُسينيين ودرس في كلية الحقوق في باريس التي تخرج منها عام 1950 ليمتهن المحاماة بعد سنتين.
عاصر النّظامين: نظام بورقيبة الذي تقلّد فيه مناصب وُسطى وعُليا في الدولة كانت بدايتها كمدير لإدارة جهويّة في وزارة الداخلية وأهمها الإشراف على وزارات الدفاع والداخلية والخارجية، ونظام بن علي الذي ترأس فيه أول مجلس نواب انتصب إثر انقلاب 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987 بين 1990 و1991 ليغيب عن الشأن العام إلى حدود 27 فبراير/ آب عندما تم تعيينه رئيسًا للحكومة الانتقالية من طرف فؤاد المبزّع إثر استقالة محمد الغنوشي وحكومته.
في عهد حكومته، نظّمت الهيئة العليا المُستقلة للانتخابات انتخابات المجلس التأسيسي التي أفرزت اكتساحًا لحزب حركة النهضة المُحافظ، وبعد تسليمه مفاتيح قصر الحكومة بالقصبة أطلق مبادرة نداء تونس تمهيدًا لتأسيس حركة تحمل نفس الاسم دخل بها الانتخابات مُستمدًا دوافع وجوده من المردود المُتواضع الذي ظهرت به حكومة الترويكا، حركة جمّع فيها روافد أربعة كما عبّر دائمًا وهم: التجمعيون (أنصار النظام السابق)، اليساريون، النقابيون، ورجال الأعمال (توليفة صعبة في الاجتماع السياسي التّونسي) وقدمها كبديل نجح في أن يكسب 86 مقعدًا في البرلمان كأكبر كتلة برلمانية في مجلس نُواب الشعب ثمّ لينتصر هو في سباق الرئاسة كخامس رئيس للجمهورية في تونس منذ استقلالها وكخامس أكبر رئيس لدولة في العالم بعد العاهل السعودي والرئيس الزيمبابوي ونظيره الإيطالي وملكة بريطانيا.
من المُنتظر أن يُعلن السبسي استقالته من حزب نداء تونس قبل أداء القسم تاركًا رئاسته لمحمد الناصر وتاركًا أيضًا صراع مواقع وتموقع كان مُسيطرًا عليه بطريقة أو بأخرى خاصة وأنه (الحزب) لم يعقد مُؤتمره التأسيسي الأول ولم يُؤسس لأرضية صلبة تقف عليها الروافد الأربعة التي يصعُب تجانسها ويصعُب أن تتوحد لاختلاف مشاربها الفكرية.
إذن ينطلق السبسي منذ اليوم في أداء مهامه كرئيس للجمهورية تاركًا حزبه الذي أسسه أمام مصير مجهول خاصة مع الأخبار الرائجة حول وجود خلاف حاد في عدة مواضيع من بينها قرار السبسي بحرمان من وصلوا لقبة البرلمان من إمكانية الحصول على حقائب وزارية وأيضًا حول ترشيح رئيس للحكومة من خارج النّداء وهو ما يرفضه الشق اليساري الذي يدفع نحو ترشيح “الطيب البكّوش” الأمين العام لنداء تونس، وخاصة حول مسألة إشراك حركة النهضة في حكومة الوحدة الوطنيّة القادمة.
حيث ينص الفصل 89 من الدستور على أنه “في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يُكلِف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المُتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة”.