اختار حزب نداء تونس الفائز بالانتخابات التشريعية والرئاسية في تونس أن يُكلف “الحبيب الصيد” بتشكيل أول حكومة غير “انتقالية” في تونس بعد الثورة، وذلك حسب الإجراءات التي ينُص عليها الدستور والتي تقضي بأن يقدم الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية (أي صاحب الأغلبية في البرلمان) اسم مرشحه لتشكيل الحكومة لرئيس الجمهورية المُنتخب مؤخرًا.
ويتميز الحبيب الصيد بأنه عمل في السلطة التنفيذية التونسية في عهد كل من الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وفي عهد الحكومة الانتقالية التي ترأسها الباجي قائد السبسي بعد فرار بن علي للملكة العربية السعودية، كما عمل في الحكومة الانتقالية التي ترأسها الأمين العام السابق لحزب حركة النهضة بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011.
ويُعتبر اختيار رئيس الوزراء من أصعب التحديات التي كانت تواجه حزب نداء تونس وتُقلِق كل المكونات المشاركة في العملية السياسية في تونس، وذلك نظرًا للبنية التي يقوم عليها حزب نداء تونس والتي تجمع عددًا كبيرًا من الشخصيات البارزة والمُنتمية لتيارات سياسية وأيديولوجية مختلفة منها من ينتمي للنظام زين العابدين بن علي ومن انتمى لنظام الحبيب بورقيبة، ومنها أيضًا من ينتمي للمدرسة اليسارية مثل الأمين العام للحزب “طيب البكوش” وكذلك شخصيات من مشارب أخرى.
وبعد وصول الباجي قائد السبسي لرئاسة الجمهورية وتسلم رئيس حزب نداء التونس الجديد “محمد الناصر” لرئاسة البرلمان، كان يُتوقع أن يُعطَى منصب رئيس الوزراء للطيب البكوش نظرًا لقربه لحزب الجبهة الشعبية اليسارية التي تحالفت مع حزب نداء تونس في أيام حكم الائتلاف الحكومي الذي ترأسته حركة النهضة، والتي دعا رئيسها أنصاره للتصويت بورقة بيضاء في الانتخابات الرئاسية أو للتصويت لصالح الباجي قائد السبسي؛ الأمر الذي فُهِم على أنه صفقة بين حزب نداء تونس والجبهة الشعبية (حلت رابعة في الانتخابات التشريعية) لتقاسم السلطة التنفيذية بشكل تكون فيه رئاسة الجمهورية للباجي قائد السبسي ورئاسة الوزراء للطيب البكوش المقرب من الجبهة.
وفور الإعلان عن تكليف الحبيب الصيد، صرح القيادي بالجبهة الشعبية “أحمد الصديق” لصحف محلية أن نداء تونس لم يتشاور مع الجبهة بخصوص التكليف وأنها علمت بتكليف الحبيب الصيد قبيل الإعلان عن ذلك رسميًا، مشيرًا إلى أن الجبهة ستُعلن موقفها من هذا التكليف في وقت لاحق، الأمر الذي فُسِر على أنه امتعاض من قبل قيادات الجبهة من تكليف الحبيب الصيد وخيبة أمل من عدم تكليف طيب البكوش.
وحول الأحزاب التي تشاور معها حزب نداء تونس قبل تكليف الحبيب الصيد، قال “محمد الناصر” رئيس حزب نداء تونس، خلال مؤتمر صحفي بقصر قرطاج بعد لقائه برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، أن التكليف جاء بعد التشاور بين الهيئة التأسيسية لنداء تونس والأحزاب المتعاونة معه وهي حزب الاتحاد الوطني الحر (ليبرالي) وحزب المبادرة (وسط) وآفاق تونس (ليبرالي) وتم الاتفاق على الشخصية المستقلة الحبيب الصيد.
ورغم أن الحبيب الصيد عمل لسنوات طويلة في وزارة الفلاحة في عهد زين العابدين بن علي، ثم لمدة 3 سنوات كمدير لديوان وزير الداخلية، فإنه قد حافظ على مكانه في قصر الحكومة في القصبة، فعمل وزيرًا للداخلية في عهد حكومة الباجي قائد السبسي ثم مستشارًا أمنيًا لدى الأمين العام السابق لحركة النهضة “حمادي الجبالي” خلال ترأسه للحكومة.
ولا يُعتقد أن تعترض حركة النهضة، ثاني أكثر حزب تمثيلاً في البرلمان، على تعيين الحبيب الصيد، خاصة وأن حزب نداء تونس امتنع عن تكليف أمينه العام “الطيب البكوش” الذي كانت الحركة معترضة على تكليفه.