قال السفير الفخري لليونان في تركيا “بافلوز أبوستوليديس” إن الحكومة التركية كانت محقة في جزء كبير من رؤيتها حيال منابع الطاقة في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط، والمتمثل في دعوة رئيس الوزراء التركي “أحمد داوود أوغلو” لنظيره اليوناني إلى إيجاد صيغة لتقاسم الطاقة الكامنة في هذه المنطقة بطريقة تحفظ حق كل الدول التي تُطل سواحلها على شرق البحر الأبيض المتوسط.
وقد توتر العلاقات مؤخرًا بين البلدين الشقيقين المتخاصمين بعد قمة ثلاثية بين زعماء مصر واليونان وقبرص اليونانية لمّحوا خلالها إلى توجههم للتنقيب والاستفادة من الطاقة الكامنة في شرق الحوض بالشراكة مع إسرائيل دون إشراك تركيا، الأمر الذي علق عليه الأدميرال “بولينت بستان أوغلو” قائد القوات البحرية التركية الشهر الماضي قائلاً: “الحكومة فوضت القوات المسلحة لتطبق قواعد الاشتباك المعتمدة تجاه أي تجاوز من الأطراف المتنازعة على حق التنقيب على النفط والغاز في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ومن بينها قبرص اليونانية ومصر وإسرائيل”.
كما اعتبرت تركيا أن قيام حكومة قبرص اليونانية بمنح تراخيص للبحث والتنقيب عن النفط والغاز في سواحل الجزيرة لشركات إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية ونوبل إنرجي الأمريكية تعديًا على حقوق القبارصة الأتراك، وردت عليه عبر إرسال سفينة “خير الدين بارباروس باشا” للقيام بمسح جيولوجي وللبحث والتنقيب عن النفط بالقرب من سواحل جزيرة قبرص، مرفقة بسفن تابعة للقوات البحرية التركية لحمايتها.
وبعد ذلك التوتر بأيام توجه “أحمد داوود أوغلو” إلى العاصمة اليونانية أثينا، حيث التقى برئيس الوزراء اليوناني “أنطونيس ساماراس” وعرض عليه وجهة النظر التركية الهادفة لتصفير المشاكل بين البلدين والانتقال من العداء إلى التحالف عبر تقاسم احتياطيات النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، وكذلك إلى التشارك في بيع الغاز الروسي الذي عقدت تركيا صفقة ضخمة مع روسيا لاستيراده عبر أنابيب تمر عبر البحر الأسود وتصل إلى تركيا لتتجمع في نقطة تجميع على الحدود التركية اليونانية وتصدر فيما بعد صوب أوروبا عبر اليونان.
وإن كان من الصعب التوقع بنهاية الخلافات التركية اليونانية التاريخية المعقدة، فإنه من المعتقد أن تصل حكومة أحمد داوود أوغلو من خلال المفاوضات القائمة بين البلدين إلى صيغة اتفاق لحصر الخلاف ومنع تطوره ولفتح “صفحة جديدة من العلاقات التركية اليونانية”، حسب العبارة التي استخدمها أحمد داوود أوغلو خلال زيارته لليونان وخلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره اليوناني لتهنئته بعيد الميلاد، حيث قال: “عزمنا على فتح صفحة جديدة مع اليونان، التقاء أعضاء الحكومتين في اجتماع كمجلس التعاون رفيع المستوى يعد رسالة ونموذجًا كبيرًا للغاية لشعبي البلدين، ولأوروبا والعالم، وحتى الآن نسير بشكل ناجح ومصممون على الاستمرار بذات النجاح”.
وبلغ الخلاف التركي اليوناني أوجه في سنة 1974 عندما أمر “نجم الدين أربكان” الجيش التركي باجتياح نصف جزيرة قبرص ردًا على انقلاب عسكري عاشته الجزيرة بدعم من اليونانيين؛ مما أدى إلى تقسيم الجزيرة التي تمتلك موقعًا إستراتيجيًا بالغ الأهمية في البحر الأبيض المتوسط، ما بين القبارصة اليونانيين والأتراك وتحويل دولة قبرص إلى دولتين، قبرص اليونانية التابعة سياسيًا لدولة اليونان، وقبرص التركية التي تتبع بدورها لتركيا ويُشرف الجيش التركي على حمايتها.