ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
كان الكوريون الجنوبيون أول مستهلك للدروس الليلية، ومنذ أكثر من عقد باتوا يدمنون الدروس على الإنترنت، حيث قُدرت قيمة المعاملات في “هاغوان” (نظام تعليمي خاص في كوريا الجنوبية) بحوالي 20 مليار دولارًا.
وهذه “الطقوس” أصبحت دارجة مثل قراءة كتاب قبل النوم: الساعة التاسعة والنصف ليلاً، يرن الهاتف مباشرة بعد الانتهاء من تنظيف الأسنان، إنه أستاذ الإنجليزية! هذه المكالمات الليلية والخمس دقائق اليومية من مادة الإنجليزية عبر الهاتف يعرفها تلاميذ التسعينات؛ ولكن كل هذا يحدث اليوم عبر الإنترنت، وعبر الدروس الليلية التي يُقدمها نظام الهاغوان.
دروس الرياضيات المصحوبة بالغناء
أشهر المدرسين اللامعين يُدعى “تشا كيل – يونغ”، هو أستاذ رياضيات ذو مستوى جيد جدًا، ويقول إنه “مهووس بحب الرياضيات”، حيث أرسى نظريات فعّالة ليستخرج منها استنتاجات ذات أهمية، كما لا يتردد في التسلق مثل “باتمان” من أجل أن يقرب الصورة لتلاميذه ويُسهل عليهم فهم معادلات من الدرجة الثانية، وذلك خلال تسجيل الدروس في إستوديوهات شركته “سافن آيدي” الشبيهة بمغارة علي بابا.
وفي تصريح لصحيفة واشنطن بوست، يقول تشا: “الأستاذ الجيد لا يقتصر على إعطاء دروس في مادة معينة، بل عليه أن يكون فنانًا متعدد الاختصاصات”، العاملون في مجال التعليم يتمتعون بصحة جيدة؛ لدرجة أنه من الصعب تقدير عمر “تشا كيل – يونغ” ذو الأنف الصغير والحاد وعظام الوجه البارزة.
https://www.youtube.com/watch?v=KL507r6r8ZQ
التعليق تحت الفيديو: الأستاذ، تشا، يغني هنا مع الفنانة الشهيرة، كلارا، ويحمل الاثنان لافتات تشجيعية لتلاميذ المعاهد متمنين فيها “حظًا موفقًا” للذين سيجتازون امتحانات البكالوريوس.
1 + 1 = 8 مليون
كم يكسب الأستاذ، تشا، من دروسه التي يقدمها عبر الإنترنت؟
إنه يتحصل على 39 دولارًا عن كل 20 ساعة من الدروس، علمًا وأن أكثر من 300 ألف طالبًا مسجلون عند شركته “سافن آيدي”، السيد تشا أكد لواشنطن بوست أن مداخيله في السنة الماضية بلغت 8 مليون دولارًا.
وتقيم شهرته كذلك ببعض الأنشطة الإضافية؛ الأستاذ تشا شارك في إشهار لبيع مادة “الجينسينغ الأحمر” التي يبدو أنها تزيد من قدرة الدماغ أثناء الامتحانات، محققًا أرباحًا غير عادية في بلد غلبت عليه التقاليد الكنفوشيوسية لمدة طويلة.
تقليد اتّخاذ أستاذ خاص وهاجس الحصول على تعليم يفتح أبواب النجاح أشياء تتقاسمها عائلات كثيرة، فمعظم العائلات الكورية تُسخِر ما لا يقل عن ثلث مداخيلها للدروس الليلية للأبناء، بالاضافة إلى أولياء أمور هم الأكثر التصاقًا بأبنائهم في العالم وأمهات كوريات يشبهن “الأمهات اليهوديات”، لطالما سُمّين بـ “بارام دي شيما” التي معناها الحرفي “التنانير الدوّامة”، واللواتي لا يترددن في الوقوف طويلاً أمام قاعات الأساتذة للحصول على أفضل الأماكن خلال الدروس الليلية.
“بابا أوي”
هذه النوعية من الدروس عبر الإنترنت ليست في متناول كل الفئات، ولكنها تبقى أقل ثمنًا من الدروس التقليدية، هذه إحدى النقاط الإيجابية للدروس عبر الإنترنت، وبما أن معركة التعليم تتطلب المال فإن بعض العائلات الكورية لا تتردد في الهجرة إلى الولايات المتحدة أو أستراليا أو إنجلترا أو حتى كندا من أجل ضمان تعليم أفضل للأجيال اللاحقة.
وعادة ما تهتم الأمهات بالأطفال في الخارج، في حين يُجبر الآباء الذين يُسّمون بـ “بابا أوي” على البقاء في البلد الأم من أجل السعي وراء لقمة العيش والقيام برحلات ذهاب وإياب موسمية بين كوريا والبلد الذي يدرس فيه أبناؤهم.
معركة التعليم تتطلب كذلك شبكات تواصل عديدة وهو ما توفره الإنترنت، وما يُعتبر مفتاحًا للدروس عبر الإنترنت التي تساهم بطريقة أو بأخرى في مساواة الحظوظ وجعل الوصول إلى أفضل الأساتذة مسارًا أكثر ديمقراطية.
قبل توفر الإنترنت لم يكن سهلاً على ساكني المقاطعة تصور أن بإمكانهم أن يبعثوا بأبنائهم لحضور الدروس الليلية في “غانغنام”، هذا الحي الذي يسكنه الأثرياء في “سيول” والذي أصبح مشهورًا بشكل كبير جدًا بفضل أغنية “غنغنام ستايل”، حيث يسكن الأستاذ تشا، وحيث توجد الإستوديوهات التي يُقدم منها دروسه دون أن يكلف التلاميذ عناء التنقل إلى هناك.