في استمرار للتمدد والسيطرة أكثر على مؤسسات الدولة في اليمن، اقتحم مسلحون تابعون لجماعة “أنصار الله” المعروفة بـ “الحوثي” اليوم الخميس مكتب وزيرة الإعلام، نادية السقاف، في العاصمة صنعاء، والتي لم تكن موجودة في المكتب في تلك اللحظة.
المسلحون قاموا بتصوير عدة أوراق ومستندات من المكتب، وقالوا إنهم سيدوامون في مكتبها بدلاً منها.
وكان المسلحون قد طردوا نائب وزيرة الإعلام، فؤاد الحميري، ومنعوه من مزاولة عمله، كما منعوا كلاً من مدير مكتب الوزيرة، عبد الباسط القاعدي، ومدير مكتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، بكر الضبيان، من أداء مهامها.
وخلال الأيام الماضية سيطر مسلحو الحوثي على معظم المؤسسات الإعلامية الرسمية في البلاد بقوة السلاح، كما أنهم يصدرون صحيفة “الثورة” اليومية.
صحيفة الثورة تلك تصدر عن “مؤسسة الثورة” التي تُعتبر أكبر مؤسسات الحكومة الصحفية، وقالت وزارة الإعلام قبل البارحة إن رئيس مجلس إدارتها قدم استقالته تحت تهديد من جماعة الحوثي التي اقتحمت منزله في العاصمة صنعاء، لإجباره على هذه الخطوة.
وكان المسلحون قد اقتحموا المؤسسة قبل قرابة الشهر ونصف بدعوى وجود قضايا فساد، ثم قاموا بمنع رئيس مجلس إدارتها، فيصل مكرم، من الدخول.
ومع تمدد مسلحي الحوثي تسود الشارع حالة من عدم الاستقرار والعنف المرافق لتواجد السلاح بكثافة في الشارع مع سعي المسلحين للسيطرة على الدولة بشكل تام، الأمر الذي يبدو أنه يتم بتنسيق كامل مع رئيس الدولة، عبد ربه منصور هادي، والذي يصفه البعض بـ “مدير مكتب عبد الملك الحوثي” – زعيم المسلحين -، حسب ما جاء على لسان الناشطة اليمنية والحائزة على جائزة نوبل، توكل كرمان.
تمدد الحوثييين هذا أثار العدو الأول لهم (تنظيم القاعدة)، الذي رد بسلسلة من التفجيرات والاغتيالات في عدد من النقاط في البلاد، كان آخرها مقتل 15 من مسلحي الحوثي وتدمير عدة سيارات تابعة لهم البارحة في هجوم للتنظيم على مناطق بمحافظة البيضاء، وتفجير آخر في كلية للشرطة في العاصمة صنعاء راح ضحيته 37 قتيلاً وأكثر من 60 جريحًا.
وعلى ما يبدو فإن حالة الفلتان والصراع المتسارعة في الشارع سوف تستمر مع دخول 2015، إذ تستمر حملات الحوثيين ضد الشعب والقاعدة ومؤسسات الدولة، فيما ترد مجموعات القاعدة على الجيش والشرطة والشعب والحوثيين، مع تواصل هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية على مقارهم، دون أن تمس تلك الهجمات أيًا من مجموعات الحوثي، التي تقاتل بطبيعة الحال القوات الحكومية والشرطة في البلاد، ذات التهمة التي تلتصق بالقاعدة.
وتتأكد الشكوك يومًا إلى آخر عن استمرار الحوثيين في السيطرة على الدولة شيئًا فشيئًا في واحد من أسوأ السنياريوهات التي تواجهها دولة الربيع العربي الرابعة، التي يبدو أن مسارها الديمقراطي الهش تعطل، بعد معارك طاحنة ما بين الجيش والحوثيين من جهة، والجيش والقاعدة من جهة أخرى.
السلطات اليمنية تكاد تكون قد تلاشت مع أول دخول للحوثيين إلى العاصمة، في خرق كامل لاتفاق السلم والشراكة الوطنية، والذي وقعته الدولة مع الحوثيين بمشاركة الأطراف السياسية الأخرى، والذي بدا من اليوم الأول استسلام من جهة مؤسسات الدولة للمسلحين الذي كانوا يفرضون في تلك اللحظة قوتهم على الأرض.
واقتحام وزارة الإعلام وغيرها من المؤسسات الإعلامية وتعيين بعض الأشخاص ليس الفصل الأول ولا يبدو أنه الأخير في سلسلة التمدد، فقد فرضت الجماعة نفسها من قبل بتعيين بعض الأشخاص في مناصب عليا من الدولة بمباركة من الرئيس وقرار منه، منهم مستشارين سياسيين وأمنيين من الجماعة، فضلاً عن مدراء شركات للنفط والغاز وإعلاميين وأمنيين.