“أخبرتني مرارا أنك تشعر بأن السعودية وطنك..وليست مجرد بلد تقيم فيه..وكنت تقولها باسما..من كل قلبك.. كان اعترافك الصادق ذاك قبل أن تختفي في العتمة.. وتكون في عهدة المباحث العامة.. بتهمة لا نعلمها حتى هذه اللحظة.. ولا أدري كيف ستعرّف مفردة “الوطن” بعد كل ما كان”
هكذا كتبت فاطمة الزهراء علي الشيخ، زوجة المعتقل الصومالي في سجون السعودية، والمعتقل تعسفيا منذ ما يقرب من ١٥٠ يوما: زكريا محمد علي
زكريا شاب صومالي يبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما، أتى إلى السعودية للعمل والاستقرار، قبل ١٤٦ يوما بالضبط، جاءت قوات الأمن السعودية لتعتقل زكريا بدون تهمة أو حتى بدون إبداء أسباب أو أمر اعتقال.
وعلى مدار الشهور الماضية لم يُسمح لزكريا باستقدام محام للدفاع عنه بل ولم يُبلغ حتى بأسباب اعتقاله، في حالة أخرى من حالات القمع الذي تمتلئ بها شبه الجزيرة العربية.
لا يمكن لأحد التكهن بأسباب اعتقال زكريا، لكن ما كتبه على صفحته الشخصية قبل اعتقاله يشير إلى شخص ناقد ومثقف، وربما هي تهمة في بعض الدول!
فكتب زكريا مرة منتقدا أنظمة التعليم والتنشئة العربية: “التحضر حالة إنسانية فكرية قبل أن يكون حالة مادية معرفية، ولذا قد يكون التخلف مروعا في مجتمع ما مع أن أفراده يحملون أعلى الشهادات الأكاديمية، وفي بيئاتنا العربية عادة ما يكمل الفرد جميع مراحل التعليم الأساسية ولكنه لا يكتسب سوى معلومات خالية من جوهر المعرفة أي: التفكير النقدي، فيصبح مجرد “ويكيبيديا” بشرية!”
ومما كتب زكريا أيضا: “لايزال الوعي السياسي السائد في المجتمعات العربية يعتقد أن مؤسسات الدولة لها الحق في أن تتصرف وكأن الشعب خلق لخدمتها والامتثال القسري لإرادتها، وهذا التصور البائس أفقد المجتمع الكثير من وظائفه الحيوية وموارده المادية والروحية في علاقته بالدولة التي تخضع بدورها لإرادة القوى الخارجية! وعلى الرغم من التغيرات الراهنة على الصعيد السياسي من خلال ما يسمى بـ”ثورات الربيع العربي” إلا أن صوت ميزان النقد الموضوعي لمسار الأحداث يؤكد على أن الإنسان العربي قد كافح من أجل القضاء على مستبد باسم الأرض ليخلق مستبدا باسم السماء!”
دشن بعض أصدقاء زكريا وزوجته صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك للمطالبة بالإفراج عن زكريا، ورغم مرور شهور على اعتقاله إلا أن أهله وذويه لم يستطيعوا التحصل على ما يفيدهم في قضية زكريا.
كتب أحد أصدقائه يقول “لا ندري ماذا يفعلون بك، ولا لماذا احتجزوك يا صديقنا العزيز، لكننا ندري أنه احتجاز غير قانوني، وعلى السعودية تحمل تبعات هذه الجريمة النكراء.”
وكتبت صديقته الجزائرية ليلى زيرق تقول “زكريا محمد علي، كل تهمته أنه “استخدم عقله” وفكر في زمن المغيبين”
بعد خمسة أشهر من الاعتقال يزال مصير زكريا مجهولا، وتستمر السلطات السعودية في مسيرتها في القمع والتنكيل، ليس بسبب تُهم وفي حالة زكريا ليس حتى بسبب كونه معارضا سياسيا وهو الصومالي، السبب فقط في اعتقال الدولة لزكريا: أن الدولة تستطيع أن تفعل ذلك