أصبح لا يخفى على أحد دور المليشيات الشيعية وتأثيرها في الصراع الدائر اليوم في العراق وسوريا على وجه التحديد؛ فلولا هذه المليشيات لما صمد بشار الأسد في سوريا إلى الآن، ولولاها أيضًا لأصبح لتنظيم الدولة مساحات أوسع من محافظات العراق خاصة بعد الهزيمة التي مني بها الجيش العراقي في 9 يونيو 2014 وانسحابه من الموصل.
تجاوز عدد هذه المليشيات الـ 40 مليشيا، تختلف في تشكيلها وتسليحها وأعدادها وحتى تنظيمها ومدى قدرتها على القتال.
تتصدر قائمة هذه المليشيات الأكثر تأثيرًا في العراق وسوريا:
فيلق بدر: الذي تأسس في طهران عام 1981 من قِبل المجلس الأعلى الإسلامي العراقي على يد محمد باقر الحكيم الذي اُغتيل في العراق عام 2003، ويتزعمه حاليًا هادي العامري، نائب في البرلمان ووزير النقل ومسؤول ملف ديالى الأمني وقائد عمليات الزحف على المحافظات، ويقدر عدد مقاتليه بـ 12 ألف مقاتلاً، انخرط معظمهم في مؤسسات الدولة الأمنية “وزارة الداخلية والدفاع وجهاز الاستخبارات”، وبالتالي يتحركون الآن بصفتهم الرسمية.
وبعد سقوط نينوى بيد قوات “تنظيم الدولة” تولى هادي العامري وبأمر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الإشراف على العمليات العسكرية في محافظة ديالى، وظهر العامري عدة مرات بمرافقة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وهما يخوضان المعارك ضد “تنظيم الدولة”، في حين يُتهمان بأنهما يعملان على إحداث تغير ديمغرافي في محافظة ديالى من خلال تهجير سكانها وحرق المساجد والبيوت.
جيش المهدي: تأسس في 2003 وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق، ويُعد الجناح المسلح للتيار الصدري، ويتزعمه مقتدى الصدر، ويقدر عدد أعضائه بـ 60 ألف شخصًا، اشتهر عنه سابقًا معاركه ضد القوات الأمريكية في محافظة النجف، وانتهت بتسليم أسلحته للجنة عراقية أمريكية، كذلك نشط في الأحداث الطائفية التي مر بها العراق عام 2006 واُتهم بأنه مارس القتل على الهوية، واستهدف الأئمة والخطباء والمساجد في بغداد وغيرها.
وفي حزيران 2014 عاد جيش المهدي إلى الواجهة ولكن باسم “سرايا السلام”، وأقام استعراض عسكري كبير في بغداد شارك فيه الآلاف وهم يحملون الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، والمفاجأة كانت بحمله لصواريخ “مقتدى واحد” والتي يُعتقد أنه تلقاها من إيران.
عصائب أهل الحق: أول تشكيل لها كان تحت اسم “المجاميع الخاصة” كفصيل منضوي تحت جيش المهدي، كان يقودها القيادي في التيار الصدري قيس الخزعلي، وفي عام 2006 عملت “المجاميع الخاصة” بشكل مستقل عن التيار الصدري – خاصة بعد قرار تجميده -، وفي عام 2007 انشق الخزعلي عن تياره الصدري مكون “عصائب أهل الحق” وتبعه في ذلك نحو 3000 من المقاتلين.
على إثر ذلك تأزمت العلاقة بين الخزعلي والصدر وطالب الأخير إيران بوقف تمويله بعد أن اتهمه بـ”ارتكاب جرائم طائفية”، وخاطبهم: “كفاني وكفا الصدر شر أعمالكم فلستم لي ولا لآبائي تنتمون”.
في عام 2011 أعلنت “العصائب” تخليها عن العمل المسلح والانضمام للعملية السياسة، وكان الخزعلي ذا حضوة عند رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، إلا أن “العصائب” عادت من جديد لتمارس نشاطها العسكري في بغداد وديالى على وجه الخصوص، وتمتاز “العصائب” بتسليح عال وإمكانيات مادية متفوقة تصل لخمسة ملايين دولارًا شهريًا بسبب – كما يرى مراقبون – قربها من قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وكما ذكر ذلك أيضًا رئيس أركان الجيش الأميركي راي أوديرنو.
يُقدر عدد أعضائها الآن بنحو 10.000 مقاتلاً يتوزعون بين العراق وسوريا، وتوصف بأنها من أشد الجماعات تشددًا على مخالفيها، ويضم هذا الفصيل أربعة تشكيلات عسكرية هي: كتائب الإمام علي، كتائب الإمام الكاظم، كتائب الإمام الهادي، وكتائب الإمام العسكري.
لواء أبو الفضل العباس: تأسس عام 2011 بالتزامن مع اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، وأعلن عن تأسيسه المرجع الشيعي قاسم الطائي ويقوده علاء الكعبي، وكان الهدف من تأسيسه هو مساعدة النظام السوري والدفاع عن مرقد السيدة زينب بدمشق وحمايته.
ركز عمله في بداية تأسيسه على سوريا، ولكن انسحب جزء كبير من مقاتليه إلى العراق للقتال ضد “تنظيم الدولة”، يضم هذا الفصيل المسلح مقاتلين يتميزون بدافع عقائدي ولهذا فإنهم خليط من عدة فصائل مثل التيار الصدري وعصائب أهل الحق وغيرهم.
يضم “لواء أبو الفضل العباس” إلى جانب المقاتلين العراقيين القادمين من العراق، مقاتلين عراقيين كانوا مقيمين في سوريا، إضافة إلى مقاتلين من لبنان وسوريا وإيران.
بث هذا الفصيل فيديو يُظهر مقاتلوه يتنقلون بطريقة محترفة وبلباس موحد، ويتقنون القنص والقصف بمدفعية المورتر، وقذائف صاروخية من طراز “آر بي جي” ورافق ذلك إنشاد قصيدة عنوانها “يا زينب” بلهجة عراقية صافية.
ويضم الفصيل 12 تشكيلاً عسكريًا يطلق عليها أسماء أئمة الشيعة الاثنى عشر.
حزب الله العراقي: بدأ عمله منضويًا تحت كتائب “أبي الفضل العباس” وليس “لواء أبو الفضل العباس”، فالكتائب سبقت اللواء، وكانت تضم الكثير من فصائل المليشيات الحالية ولكن على شكل أفراد وقبل أن تتبلور الأشكال الحالية لها.
اتحدت عدد من المجاميع التي كانت منصهرة في كتائب أبي الفضل العباس “كتائب كربلاء، كتائب السجاد، وكتائب زيد بن علي” وشكلوا كتائب “حزب الله”.
قائد هذه المليشيا وأمينها العام واثق البطاط الذي قتل بتاريخ 22 ديسمبر 2014 في مدينة العظيم بمحافظة ديالى، في المعارك الدائرة هناك، والبطاط الذي ولد عام 1973 في منطقة الأهوار، عاش فترة طويلة في إيران وانخرط في تنظيمات قاتلت الجيش العراقي في عهد صدام حسين.
البطاط الذي كان يجاهر بارتباطه بالمخابرات الإيرانية، انضم إلى جيش المهدي وبقي فيه حتى 2006، ثم سافر إلى لبنان وشكّل هناك حزب الله العراقي المرتبط بالولي الفقيه في إيران، في إشارة إلى تكرار تجربة “حزب الله” اللبناني في العراق، كما أن دلالة لبنان جاءت من أن قائد حزب الله اللبناني عماد مغنية قد ساهم في تأسيس الجناح العسكري له، ويقدر أتباعه بنحو 40 ألف مقاتلاً.
استهدف “حزب الله” معكسر “ليبرتي” الذي يضم قوات منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة بنحو 50 صاروخًا، كما اتهم بقصف مناطق على الحدود السعودية وتنفيذ أعمال عسكرية ضد الكويت؛ مما أثار تساؤلات ومخاوف من امتلاكه قوة عسكرية كبيرة،
عشارك “حزب الله” في المعارك الجارية في سوريا وسيطر على طريق بغداد دمشق، إضافة إلى بعض الأماكن المهمة داخل سوريا.
يتحدث “حزب الله” عن أن مقاتليه استخدموا جميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة في معاركهم مثل الهاون ذو العيار الثقيل، الصواريخ ، القنص ، القاذفات، وصواريخ “سترله” المضادة للطائرات، وأن كوادره الهندسية استحدثت سلاح “أشتر” الذي يمتلك قدرة تدميرية وإحراقية عاليتين.
أدرجته الولايات المتحدة الأمريكية على قوائم الإرهاب عام 2009 .
الحشد الشعبي: التطور الأبرز الذي ظهر على الساحة العراقية في هذا الإطار العسكري المليشياوي هو “الحشد الشعبي” الذي تشكل في 13 يونيو 2014 بعد فتوى “الجهاد الكفائي” التي أطلقها المرجع الشيعي علي السيستاني، بعد سيطرة قوات “تنظيم الدولة” على محافظة نينوى.
اعتبرت كل الفصائل والأحزاب الشيعية “الحشد الشعبي” مؤسسة عليا ينضوي الجميع فيها، وأنها تمثل توجهًا شيعيًا مسلحًا، ولهذا فإن أعضاء “الحشد الشعبي” انقسموا إلى فئتين:
الأولى: هي الفصائل الكبيرة والمنظمة مثل كتائب “حزب الله وسرايا السلام ومنظمة بدر وغيرهم، وهؤلاء في معظمهم مدربين ويملكون خبرة قتالية متراكمة.
الثانية: هم من استجابوا “لنداء المرجعية” من الشباب وكبار السن، وهؤلاء في غالبهم لا يُجيدون القتال وليس لديهم خبرة عسكرية، ويعدون المحرقة الرئيسية في القتال مقابل “تنظيم الدولة”، ويقدر عدد مقاتلي الحشد الشعبي بين 350 – 400 ألف مقاتلاً.
غطاء رسمي
يُعد “الحشد الشعبي” تشكيلاً رسميًا بعد إصدار رئيس الوزراء، حيدر العبادي، قرارًا بتشكيل هيئة مستقلة له، وتضم هذه الهيئة (هيئة الحشد الشعبي) مديريات مختلفة تشكل عملها، كمديرية الاستخبارات والأمن والتدريب “تدريب سريع ثم الزج في العمليات العسكرية”، وتنسق مع القوات الحكومية في عملها وتحركاتها.
يتمتع أعضاء الحشد الشعبي برواتب شهرية وأجازات ورعاية صحية مساوية لما تتمتع به تشكيلات الجيش العراقي، وعوائل “شهداء الحشد” يتمتعون بامتيازات ومخصصات مماثلة “لشهداء” القوات المسلحة.