تعهّد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس الإثنين، بمنح الأجهزة الأمنية مزيد من الصلاحيات التي تصل إلى الحدّ من حريات البريطانيين كردّة فعل على الهجمات الأخيرة على الحريات، في الوقت الذي يُنتظر فيه خضوع مشروع قرار الأمن ومكافحة الإرهاب الذي طرحته الحكومة للقراءة الثانية في مجلس اللوردات اليوم الثلاثاء.
وقال كاميرون: “إنّ هذه الهجمات الإرهابية هي هجمة على أسلوب حياتنا، ولذلك فإن الطريقة الوحيدة للرد عليها هي تغيير أسلوب حياتنا”، مضيفًا: “إننا سنمنح الأجهزة الأمنية كل ما تحتاجه بما في ذلك صلاحيات تجاوز حقنا في الخصوصية، الحق الذي لا يفهمه الإرهابيون”.
وأكد رئيس الوزراء أنه سيطرح “مشروع قرار بيانات الاتصالات” إذا تمت إعادة انتخابه في شهر مايو المقبل، مضيفًا أن ملايين البريطانيين عبّروا عن دعمهم لسكان باريس، لذلك من الأهمية بمكان الاستماع إلى الشعب البريطاني، ويُفضل أن يكون ذلك عبر معدات المراقبة التي تعمل 24 ساعة.
ما هو ميثاق التلصّص؟
تقدّمت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا مي، بمشروع قرار بيانات الاتصالات (الذي نعته نُقاد القرار بميثاق المُتلصّص) الذي سيسمح لمزودي خدمات الإنترنت وخدمات الهاتف المحمول بالاحتفاظ بسجلات (وليس محتوى) تصفح كل مستخدم للإنترنت بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي، مراسلات البريد الإلكتروني، المكالمات الصوتية، ألعاب الإنترنت، وخدمات رسائل الهاتف المحمول، وتخزين هذه السجلات لاثنا عشر شهرًا، ومن المتوقع أن تصل تكلفة تنفيذ هذا القرار إلى 1.8 مليار جنيه إسترليني.
وتشترط الحكومة البريطانية أصلاً على هذه الشركات الإبقاء على بيانات البريد الإلكتروني والاتصال وفقًا للوائح الاحتفاظ بالبيانات لعام 2014.
توقّعت وزيرة الداخلية أن يتم طرح مشروع القرار في الدورة التشريعية 2012-2013، إلا أنّه رُحِّل إلى الدورة التالية، وتمّ سنُّه على شكل قانون في عام 2014، وقد أدى سحب نائب رئيس الوزراء نيك كليغ، دعمه لمشروع القرار في أبريل 2013، إلى أن يحول حزبه (حزب الديمقراطيين الأحرار) دون طرح مشروع القرار في برلمان 2010-2015.
مشروع قرار الأمن ومكافحة الإرهاب
طرحت وزيرة الداخلية البريطانية “مشروع قرار الأمن ومكافحة الإرهاب” في أواخر نوفمبر 2014، قائلة: “نحن وسط صراع أجيال ضد أيديولوجية إرهابية مميتة، وهذه الصلاحيات ضرورية لمواكبة التهديدات الخطيرة جدًا والسريعة التغيّر التي نواجهها”، مضيفة: “في مجتمع حر ومفتوح، لا يُمكننا القضاء بشكل نهائي على تهديد الإرهاب، لكنّنا ينبغي أن نفعل كل ما بوسعنا بما يتماشى مع قيمنا المشتركة لتقليل المخاطر التي يمثّلها أعداؤنا”.
وقالت الوزيرة: “يشمل مشروع القرار مجموعة من الاقتراحات التي ستساعد في إبقائنا آمنين في أي وقت من أي خطر كبير من خلال ضمان امتلاكنا للصلاحيات التي نحتاجها للدفاع عن أنفسنا”.
يُفضِي مشروع القرار في حال نفاذه إلى منح الشرطة صلاحية مؤقتة للاستيلاء على جواز سفر أي مُسافر على الحدود في حال لزوم ذلك، وإيجاد إجراء استبعاد مؤقّت للتحكّم بعودة أي مواطن بريطاني يشتبه في تورطه بنشاط إرهابي خارج بريطانيا، وتعزيز أمن الحدود من خلال تشديد إجراءات أمن النقل المتعلقة ببيانات المسافرين وإجراءات التفتيش ووضع لوائح “منع سفر”.
كما سيقضي مشروع القرار بتوسيع إجراءات التفتيش ومكافحة الإرهاب، وتشمل وضع قيود مكانية أقوى وصلاحية اشتراط حضور الأفراد اجتماعات مع السلطات كجزء من عملها الإداري المستمر.
وفي إطار السعي إلى تعطيل تمدّد أنشطة المنظمات الإرهابية، سيوسع القرار صلاحيات التحقيق “شديدة الأهمية” بمطالبة مزودي خدمات الاتصالات باستعادة بيانات إضافية من أجل الوصول إلى عنوان IP لشخص محدد، كما يُعدّل القرار القانون الحالي لمنع شركات التأمين من دفع الفدية للإرهابيين (حيث تقدّم بعض شركات التأمين خدمة للتأمين ضدّ الخطف لدفع الفدية، وذلك للأفراد أو المؤسسات التي تعمل في مناطق شديدة الخطورة).
في نفس السياق، أثارت اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان في البرلمان البريطاني مخاوف من مشروع قرار مكافحة الإرهاب الذي طرحته الحكومة، استباقًا لقراءته الثانية في مجلس اللوردات اليوم الثلاثاء، وقالت اللجنة المكونة من أعضاء في مجلس العموم ونظرائهم إن منع عودة المشتبه بهم في قضايا الإرهاب من دول مثل سوريا من شأنه أن يشكل انتهاكًا لحقوق مواطنين بريطانيين، حتى إذا تمّ إنفاذ القرار بشكل مؤقت، وأضافت أن تضمين الجامعات في لائحة المؤسسات التي يتوجب عليها اتخاذ إجراءات صارمة إزاء التطرّف “من شأنه أن يؤثر على حرية التعبير والحرية الأكاديمية”.
ومن جانبه، قال وزير شؤون الهجرة والأمن جيمس بروكينشاير، إنّ الحكومة ستأخذ بعين الاعتبار تقرير اللجنة.