ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
تسعى الصين من خلال وعود باستثمار 250 مليار دولار خلال 10 سنوات إلى الزيادة من قدرتها على إغراء أمريكا اللاتينية التي أعلن قادتها أنهم سيمنحون الأولوية في التعاملات الخارجية في المستقبل للعملاق الأسيوي في مقابل الابتعاد عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يعتبر تحولاً جيوسياسيًا عالميًا شديد الأهمية.
وأقرّ البيان الختامي للمنتدى الوزاري المشترك الذي تم إمضاؤه يوم 9 يناير في بيكين من قِبل الصين ودول مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي (سيلاك) الـ 33، عقد شراكة استراتيجية ذات أهداف سياسية واقتصادية طموحة.
وقد عقد المؤتمر التأسيسي لمجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي في شهر ديسمبر 2011 في مدينة كاراكاس بعد دعم كبير من لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وهوغو تشافيز رئيسا البرازيل وفينزويلا السابقين.
وتضم المنظمة 590 مليون شخص هم سكان القارة الأمريكية، مع استثناء كندا والولايات المتحدة، الذين تم استثناءهم في إطار الرؤية السياسية التي تتبناها المنظمة.
وقد أطلق المنتدى الوزاري الذي عُقد في بيكين مشروع تعاون يدوم خمس سنوات (2015-2019) ويتركز حول قطاعات هامة مثل البنية التحتية والطاقة والصناعة والمناجم والفلاحة والابتكار والسياسات الاجتماعية.
أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، إثر افتتاح المنتدى، أن بلاده ستستثمر خلال العشر سنوات المقبلة ما قيمته 250 مليار دولار (210 مليار يورو) في دول أمريكا اللاتينية والكاريبي.
التكامل في المشاريع الإستراتيجية
أعلن جين بينغ، الذي قام بزيارتين للمنطقة منذ توليه منصبه منذ سنتين، عن رغبته في مضاعفة قيمة التعاون المشترك السنوي إلى 500 مليار دولار، أي ضعف الرقم الحالي، وذلك في إطار العمل على تحقيق التكامل بين الاقتصاد الصيني واقتصادات بلدان أمريكا اللاتينية.
تعتبر الصين من أكبر مستهلكي المواد الأولية والموارد الطاقية المتأتية من أمريكا اللاتينية، في حين تُصدِر المواد المصنعة وتمول المشاريع الصناعية ومشاريع البنية التحتية في معظم تلك البلدان.
وتشتري الصين، التي تعتبر ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، الصويا من الأرجنتين والبرازيل، في حين تشتري النحاس من تشيلي والبيرو، والبترول من فينزويلا، والعديد من المواد الأولية الأخرى من أجل تغطية مستحقات سكانها الذين يفوق عددهم 1.3 مليار نسمة.
كما تشارك الصين في مشاريع إستراتيجية مهمة، أكثرها إثارة للاهتمام هو انطلاق شركة صينية منذ شهر ديسمبر في ثقب ممر مائي في نيكاراغوا ينافس قناة بنما، في حين استثمرت رؤوس أموال صينية ضخمة في فينزويلا لاستغلال حزام النفط حول نهر “أورينوكو” والذي يُعتبر أكبر احتياطي من النفط الثقيل في العالم.
وما زاد من أهمية منتدى بيكين الوزاري، هو حضور شي جين بينغ رئيس الصين، نيكولاس مادورو رئيس فينزويلا، رفاييل كوريا رئيس الإكوادور، ولويس غوليرمو سوليس رئيس كوستاريكا، مع العلم أن مكان قمة مجموعة “سيلاك” السنوية سينتقل بنهاية شهر يناير من كوستاريكا إلى الإكوادور.
وشارك رئيس وزراء البهاما بياري كريستي في القمة باسم مجموعة دول الكاريبي الـ 15، كما شاركت منظمات إقليمية مثل البنك الإنتر-أمريكي للتنمية واللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي (سيبال) ومنظمات أخرى.
الولايات المتحدة لم تعد الشريك الاقتصادي الأول
أكد ممثلو دول أمريكا اللاتينية على أن منتدى بيكين رسم نموذجًا جديدًا ومهمًا من العلاقات الجنوبية-الجنوبية،وعلى ابتعاد دولهم عن الشراكات الاقتصادية التقليدية مع الولايات المتحدة الأمريكية، واتفقوا كذلك على أن تحتضن تشيلي منتدى الصين ومجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي الثاني في 2018.
ففي حين انشغلت واشنطن خلال العشرية الأخيرة بسياستها الداخلية وبالنزاعات الشرق أوسطية، زادت الصين من تأثيرها في أمريكا اللاتينية حتى أزاحت الولايات المتحدة من مكانها باعتبارها شريكًا رئيسيًا في المنطقة.
وعلى مستوى العمل المشترك، عبر رئيس الإكوادور رفاييل كوريا عن رغبته في تقوية التحالف بين بلده ودولة الصين، وأكد على حصوله على 7.53 مليار دولار عبر قروض أو عبر فتح خطوط ائتمان، في حين أعلن رئيس فينزويلا نيكولاس مادورو عن إبرام اتفاقيات جديدة مع الصين تصل قيمتها إلى أكثر من 20 مليار دولارًا من الاستثمار، وأعلن رئيس الدفاع الفينزويلي فلاديمير بادرينو لوباز عن “تعزيز العلاقات التقنية-العسكرية” مع بكين.
المصدر: لاتين ريبورترز