ترجمة من الألمانية وتحرير نون بوست
يتهدد الحكومة الألمانية جدل كبير سيثار حول مدى قانونية سماحها للجيش الألماني بالقيام بمهمة تدريبية شمال العراق، حيث أقرّت لجنة الأبحاث التابعة للبوندستاغ في منشور قانوني صدر بتاريخ 9 يناير أن التبرير القانوني للسماح بهذه المهمة ليس له أي سند دستوري، وأن الحجج التي قدمتها الحكومة مخالفة للدستور الألماني.
المنشور الصادر عن لجنة الأبحاث ذو الـ 15 صفحة والذي تحصلت صحيفة “شبيقل أونلاين” على نسخة منه يقوي نسبة الشك في هذا التفويض الذي تريد الحكومة مناقشته في البرلمان وإقراره، فالحكومة خططت لإرسال حوالي 100 مكون عسكري إلى شمال العراق ليقوموا بتدريب المقاتلين الأكراد دون أن يشاركوا في الحرب ضد تنظيم داعش، على أن تتكفل الوحدات الكردية بحمايتهم.
وسبب هذا المنشور قلقًا لدى الحكومة، فحسب القانون يجب أن تكون المهمات الخارجية التي تم إقرارها إلى حد الآن والتي تعتمد على الفصل 24 من الدستور الألماني، في إطار “نظام للأمن الجماعي المتبادل”، وهنا يضرب المحامون أمثلة لمهمات أُقِرّت من طرف الأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، ولكن فيما يخص العراق فإن العمليات تدار من قِبل تحالف هش ودون قرار دولي لذلك.
ورغم ذلك تعتمد الحكومة في مقترحها على الفصل 24 الذي يقول إن الجيش يتحرك “في إطار نظام للأمن الجماعي المتبادل” بمعنى الفقرة 2 من الفصل 24 من الدستور، وبالتالي فإن الجنود الألمان “سيمثلون طرفًا في عمل التنظيم الدولي على محاربة تنظيم داعش الإرهابي” وسيمتثلون لقرارات مجلس الأمن الدولي الدّاعي إلى “دعم الحكومة العراقية في محاربتها لداعش”.
التدخل ليس له أي سند دستوري
هذه القراءة التي تتبناها الحكومة مخالفة للدستور، ومن الواضح أن التدخل لن يكون في إطار قاعدة لل”أمن الجماعي”، فحتى قرار الأمم المتحدة رقم 2170 وبيان مجلس الأمن الدولي اللذان تستدل بهما الحكومة لا يكفيان للسماح بتفويض للتدخل العسكري ضد داعش في العراق، لأن التصريحات الرسمية (الموافقة) لا يمكن أن تعوض قرارًا أمميًا، وبالتالي ليس لهذا التدخل أي سند قانوني حسب الفصل 24.
منشور لجنة الأبحاث اقترح حلاً وسطًا كانت قد أشارت إليه وزيرة الدفاع أورسولا فن دير لاين (عن الحزب المسيحي الديمقراطي)، يتمثل في تبرير التدخل بالاعتماد على الفصل 87 أ، حيث يمكن للحكومة أن تعتمد على هذا الفصل إذا اعتبرنا أن إغاثة بلدان أجنبية نوع من “الحماية” الاستباقية لألمانيا، مع العلم أنه إلى حد الآن لم تجرب ألمانيا هذا الطريق.
وزيرا الخارجية والداخلية الألمانيان لم يقبلا الاعتماد على الفصل 87 أ عند الاستعداد لهذا المشروع، حيث أبدى وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير (عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني) تخوفه من أن هذا الطريق الجديد قد يفتح باب التدخلات في الخارج؛ مما يجعل برلين مطالبة بالتدخل في أي مكان تظهر فيه أزمة.
وإلى حد الآن لاتزال الحكومة واثقة بقانونية مشروعها، حيث أكدت وزيرة الدفاع فن دير لاين” أن الاعتماد على الفصل 24 أمر دستوري وأن الدوائر الدستورية، أي وزارة الداخلية ووزارة العدل، كان عليهما دراسة الوضعية القانونية لهذه الحالة بعمق أكبر.
وقبل أن يصوت البوندستاغ على المقترح الحكومي في شهر فبراير، يتوجب على الحكومة الألمانية أو حكومة إحدى المقاطعات أن تتحول إلى مدينة “كارلسروه” (مقر المحكمة الدستورية)، من أجل القيام بمراجعة قانونية مجرّدة.
المصدر: دير شبيغل