تقرير تليفزيوني بُثّ على القناة المغربية الأولى والثانية وصف ما حدث في مصر بـ “الانقلاب”، كان كفيلاً ببيان التحول في العلاقات المغربية المصرية، تحول أسال كثير من الحبر أخبارًا وتحليلاً خاصة مع الصمت الرسمي الذي رافق الأيام الأولى لهذا الحدث البارز في المنطقة.
بين التقارب الجزائري المصري واستفزازات الإعلام المصري المُنفلت والترويج لجبهة البوليساريو من طرف صحفيين مصريين، أجمعت التحليلات على أن الأمر لا يعدو إلا أن يكون تحذيرًا ناعمًا لنظام السيسي كي يتجنّب غضبة المملكة المغربية التي كانت من أول من بارك الانقلاب في مصر.
تفاعلاً مع هذا التوتر، قال السفير المصري الأسبق عبد الله الأشعل، للخليج أونلاين، إن انهيار العلاقات المصرية المغربية يعود إلى العديد من الأسباب، إلا أن السبب الأهم هو الإعلام، وذكّر الأشعل بموقف الإعلامية أماني الخياط بتصريحها السابق، من أن المغرب يتحصل على ثروته الأساسية من الدعارة، والتي سببت غضبًا عارمًا عند الشعب المغربي، قائلاً: “لم يحدث رد فعل رسمي من النظام الحالي، بالرغم من انتظار المغرب طويلاً لمعاقبة النظام المصري لإعلامه، إلا أنه لم يحدث”، وطلب الأشعل من السيسي اتخاذ موقف صارم وقوي، والعمل على عودة مصر إلى سابق عهدها التاريخي، والحفاظ على علاقاتها القومية العربية.
الرسالة يبدو أنها وصلت لنظام السيسي الذي حاول تطويق الأزمة عبر تحرك دبلوماسي قاده وزير الخارجية المصري سامح شكري، بزيارة الملك المغربي في قصره بفاس، وصرح للصحافة إثر الاستقبال الذي حظي به بأن “صاحب الجلالة الملك محمد السادس له رؤية واضحة وثاقبة فيما يتعلق بتوطيد العلاقات الثنائية القائمة بين المملكة المغربية وجمهورية مصر العربية”.
وقد أشار بيان للناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي، إلى التزام مصر بالوحدة الترابية المغربية، وبالحل الأممي لقضية الصحراء وتأييدها لقرارات مجلس الأمن حول مشروع الحكم الذّاتي.
على الجانب الآخر، أعلن الديوان الملكي أن الملك محمد السادس استقبل اليوم الجمعة 16 بالقصر الملكي بفاس، سامح شكري وزير الخارجية المصري، الذي نقل له رسالة أخوة ومودة وصداقة من أخيه فخامة عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، كما تمّ توجيه دعوة خطّية من الرئيس السيسي، للقيام بزيارة رسمية لمصر.
وقد أفاد وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، يوم الخميس بالرباط بوجود اتصالات جارية مع الجانب المصري لاستئصال الأسباب التي أدت إلى المس برموز المغرب وقضاياه الوطنية والحيوية، مُضيفًا “إننا نسير في اتّجاه إيجابي”.
إذن كلا البلدين يدفعان نحو حل للأزمة الأخيرة بينهما، مع مُبادرة النظام المصري الذي يبدو أنه يُريد أن يتحاشى مزيدًا من العزلة الدولية خاصة مع عجزه الداخلي في إيجاد أرضية سياسية واجتماعيّة صلبة وواثقة تسمح له بأن يحكم دولة في حجم مصر.